"الأركانة العالمية للشعر": قاسم حداد علامة مضيئة عربياً وإنسانياً
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
فاز الشّاعر البحريني القدير قاسم حداد بجائزة "الأركانة العالمية للشّعر" التي يقدمها بيت الشعر في المغرب ومؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل.
واعتبرت لجنة التحكيم، قاسم حداد "علامة مضيئة في سجل الشعر العربي والإنساني"، مبينة أن مسيرته الإبداعية الممتدة منذ سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم، أثمرت أكثر من 40 ديوانًا وكتابًا.
ولفتت اللجنة إلى حضور حداد الفعّال في الحياة الثقافية والأدبية، وإنجازاته العديدة في المشهد الثقافي، مثل مشاركته في تأسيس "أسرة الأدباء والكتاب في البحرين" عام 1969، أيضا دوره الرئيس في إنشاء موقع "جهة الشعر".
وتطرقت اللجنة كذلك، إلى العديد من التجارب الإبداعية، التي خاضها الشاعر بالمشاركة مع كتّاب وشعراء وفنانين، اقتسم معهم رحلة الذهاب إلى الشعر بأعناق محرّرة.
وقريباً سيُعلن بيت الشعر في المغرب، عن موعد تنظيم حفل جائزة الأركانة العالمية للشعر، والتي دأبت الجائزة على تنظيمه بالمكتبة الوطنية في مدينة الرباط.
يذكر أن الجائزة انطلقت سنة 2002، وتُعتبر جائزة للصّداقة الشّعرية، يُقدّمها المغاربة لشاعرٍ يتميّز بتجربة فريدة في الحقل الشّعري الإنساني، ويدافع عن قيم الاختلاف والحرية والسلم، وتم منحها لعددٍ من الشعراء الكبار، مثل بي داو، محمد السرغيني، محمود درويش، سعدي يوسف، أنطونيو غامونيدا، إيف بونفوا، نونو جوديس، محمد بنطلحة، محمدين خواد، وديع سعادة، تشارلز سيميك، محمد الأشعري، جوزيبي كونتي.
ولد قاسم حداد في عام 1948م - المحرّق، البحرين، وهو شاعر معاصر ترجمت أشعاره إلى عدد من اللغات الأجنبية، وفي عام 1969 شارك بتأسيس أسرة الأدباء والكتاب في البحرين، وشغل عدداً من المناصب القيادية فيها، كما عمل على رئاسة تحرير مجلة كلمات التي صدرت عام 1987، ويعتبر حداد من الأعضاء المؤسسين لفرقة مسرح أوال.
تلقّى حداد تعليمه في مدارس المحرق، وأكمل دراسته حتى السنة الثانية ثانوي بمدارس البحرين، ثم التحق بالعمل في المكتبة العامة، ولاحقاً تعرض للاعتقال السياسي بين عام 1973 وعام 1980، وفيما بعد التحق بالعمل في إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام عام 1980، ونشر مقال أسبوعي عنوانه "وقت للكتابة" في عدة صحف عربية منذ الثمانينات، وفي نهاية عام 1997، حصل على إجازة التفرغ للعمل الأدبي من طرف وزارة الإعلام.
كما تمت ترجمت أشعاره إلى عدة لغات أجنبية، من بينها كتاب "علاج المسافة" الذي ترجم إلى اللغة الإيطالية، وعملت الجامعة الأمريكية في القاهرة على مشروع ترجمة أعمال قاسم حداد، الذي أطلق على شبكة الإنترنت موقع (جهة الشعر) عام 1996، لكن الموقع توقف في مارس 2018 بسبب عدم توفر الدعم الكافي للمشروع.
ونال حداد جائزة المنتدى الثقافي اللبناني في باريس عام 2000، وجائزة سلطان العويس الثقافية عن حقل الشعر لدورة 2000 – 2001، وفي عام 2017 حصل على جائزتين هما أبو القاسم الشابي للإبداع الأدبي، وجائزة محمد الثبيتي الشعرية في دورتها الثالثة في السعودية، أما في عام 2020 فقد حصل على جائزة ملتقى القاهرة الدولي الخامس للشعر العربي.
كما تمكن من الحصول على 4 منح للإقامات الأدبية في ألمانيا، بين عامي 2008 و 2015، أنجز خلالها كتاب "طرفة بن الوردة" وبعض المشاريع الكبيرة المؤجلة، كما كتب مجموعات شعرية ونثرية عديدة، منها "أيها الفحم يا سيدي".
ويجد المتابع لتجربة قاسم حداد الشعرية؛ أنها تنقسم لعدة مراحل، الأولى تنعكس في مجموعاته الشعرية التالية، "البشارة" 1970، "خروج رأس الحسين من المدن الخائنة" 1972، "الدم الثاني" 1975، وفي هذه المجموعات يعلو الحس الخطابي والغنائية التي تدين الواقع وترفضه، وتدعو إلى المقاومة والتحريض على الثورة، ويعتمد فيها الشاعر على التلميح بالأساطير وإيحاءاتها: سيزيف وشهرزاد وعنترة، ويوظف أيضا بعض الرموز النّضالية التي وقفت في وجه الاستعمار وناضلت من أجل الحرية: جيفارا، فيتنام، فلسطين.
وتتجسد المرحلة الثانية في مجموعتيه "قلب الحب" 1980، و"القيامة" 1980، حيث يبدو التغيّر في وعي الشاعر بالذات والعالم واللغة مشكّلًا ما يشبه القطيعة مع منجزه السابق، ففي هذه المرحلة تحول عالم الذات إلى مدار الاستكشاف، وتحولت الأنا الذاتية إلى أنا جمعية موضوعية، وأصبحت اللغة أكثر غنىً وقدرة على تجاوز ذاتها، وتظل مجموعاته الشعرية الصادرة حتى عام 1991 تدور في هذا الفضاء.
بالنسبة للمرحلة الثالثة من تجربة قاسم حداد، نجده يتجه نحو مغامرة البحث الجمالي مستخدماً تقنيات وأساليب على رأسها المغامرة مع اللغة واستدعاء الأصوات والرموز والأقنعة، وقد تجسدت بداية هذه المرحلة مع إصداره "شظايا" الذي يشتمل على قصيدة واحدة طويلة تعتمد على تقنية الصدمة والتوتر الجمالي مستفيدة أيضا من غنائية الشعر العربي.
وفي مرحلة رابعة تتجسد تجربة حداد في مشاركته تجارب إبداعية مع أصدقاء من فنون تعبيرية أخرى، مثل: نص "الجواشن" مع الروائي البحريني أمين صالح، و"أخبارمجنون ليلى" مع الرسام العراقي ضياء العزاوي، ثم مع الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة، وتجربة وجوه مع الفنان التشكيلي البحريني إبراهيم بو سعد والموسيقار خالد الشيخ والشاعر أدونيس والمسرحي البحريني عبد الله يوسف، ثم تجربة المستحيل الأزرق مع الفوتوغرافي السعودي صالح العزاز، كما دخل في مشروعين مشتركين هما طرفة بن الوردة وأيها الفحم يا سيدي مع ابنته الفوتوغرافية طفول حداد وابنه الموسيقي محمد حداد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية البحرين فی عام
إقرأ أيضاً:
إيران التي عرفتها من كتاب “الاتحادية والباستور"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وضع الدكتور محمد محسن أبو النور بين أيدينا وثيقة فكرية مهمة تؤرخ لحقب متتابعة للحالة التي بدت عليها العلاقات المصرية الإيرانية منذ شاه إيران محمد رضا بهلوي حتى الآن، ووضع لها عنوانًا جذابًا باسم "الاتحادية والباستور" ثم عنوانًا شارحًا يقول "العلاقات المصرية – الإيرانية من عبد الناصر إلى بزشكيان". وعلى الرغم من أن بزشكيان وهو الرئيس الإيراني الحالي لم تمر على توليه المسؤولية فترة طويلة، إلا أنه بات ثاني رئيس يزور مصر بعد أحمدي نجاد، إذ حضر إلى القاهرة وشارك في قمة الدول الثماني النامية وكان في الصف الأول بجوار الرئيس السيسي في الصورة التذكارية للقمة، وهو أمر له دلالته، وله ما بعده.
لقد عرفت إيران من الدكتور أبو النور، الذي هاتفته في مساء الثامن من مايو من عام 2018 اتساءل عما يفعله الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب، وهو التوقيت الذي انسحب فيه ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم "الاتفاق النووي". كنت وقتها محررًا سياسيًا لا أعلم الكثير عن الصراع المرتقب بين واشنطن وطهران، وتساءلت عن قصة "نووي إيران" وشيعيتها وعلاقاتنا معها، ففوجئت به يدرجني ضمن مشروعه الخاص "الغرفة الإيرانية" وذراعها الإعلامي والسياسي والبحثي "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية" ومن وقتها بدأت أتحسس خطواتي تجاه ذلك الملف المعقد، حتى حصلت على درجة الماجستير في ذلك الملف وبدأت أتحسس خطواتي تجاه الدكتوراه، وأدركت مدى حساسية ما نبحث فيه وعنه.
وفي كل الأحوال فإن كتاب "الاتحادية والباستور" لا يعد مجرد تأريخ لما كانت عليه حالة العلاقات المصرية الإيرانية في السابق، سواء منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي مرورًا بفترة الخميني وما تلاه من رئاسات لإيران، بل إن الكتاب يبدو من محتواه أنه يضع أجندة لما يجب أن يكون عليه شكل العلاقات بين البلدين، مستندًا إلى تاريخ البلدين العريق وجغرافيتها الممتدة، وجيوشهما المنظمة التي تضرب بأصالتها وقدمها في عمق التاريخ.
يحفل الكتاب بالكثير من الأحاديث التي أجراها أبو النور مع المسؤولين المهمين على مستوى الملف الإيراني، ومع زوجة شاه إيران الإمبراطورة فرح ديبا، التي كنت شاهدًا على أحد لقاءاتها معه، فضلًا عن أحاديث وتحليلات عميقة وتفنيدًا كثيرًا لما ذكره الصحفي المصري الأسطورة الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتاباته عن إيران، وهو ما يؤكد على ضرورة أن يحوذ كل باحث في الشؤون الإيرانية لهذا الكتاب الذي تقع بين دفتيه إجابات مستفيضة لكثير من علامات الاستفهام التي تشغل الكثيرين من المتخصصين أو غير المتخصصين، خاصة بعدما شاهد العالم كله صواريخ إيران وهي تعبر الشرق الأوسط كله إلى عمق تل أبيب في صراع متشابك بين قوى إقليمية عقدت المشهد السياسي منذ ما بعد السابع من أكتوبر من عام 2023.
لكن أبرز ما في الكتاب أنه يجيب ضمنيًا عن سؤال طالما شغل بال الكثيرين: "ماذا يعكر صفو العلاقات بين القاهرة وطهران على مر الزمن؟ ويضعنا أمام تفاصيل لأعقد الملفات السياسية والعقائدية على الإطلاق، ويجيب عليها بكل سلاسة ووضوح كأننا نعيش مع شخصيات الحدث.