في مهمة للعدالة.. النيابة العامة تقود حملات تفتيشية لضمان حقوق النزلاء بمركز الإصلاح
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
شهدت الفترة الماضية، وتحديدًا تحت قيادة المستشار محمد شوقي كنائب عام، تنفيذ حملات تفتيش مفاجئة على مراكز الإصلاح والتأهيل في جميع أنحاء الجمهورية، بهدف التأكد من التزام هذه المراكز بالقوانين وضمان صحة وسلامة النزلاء فيها.
على مدى الأشهر الماضية، قامت النيابة العامة بزيارة تفتيشية لعدة مراكز، منها« مراكز إصلاح وتأهيل في أخميم بسوهاج، ووادي النطرون، والعاشر من رمضان، وبرج العرب، بالإضافة إلى مركز الوادي الجديد».
النائب العام لم يكتفِ فقط بإرسال فرق النيابة، بل في يوم 7 سبتمبر، قام المستشار محمد شوقي بنفسه، بمرافقة فريق من النيابة العامة، بزيارة تفقدية لمركز إصلاح وتأهيل بدر، والتحقق من أوضاع النزلاء وظروفهم المعيشية.
خلال الزيارة، تفقد العنابر واستمع لشكاوى النزلاء، حيث أجرى مراجعة لدفتر الشكاوى واطلع على الحالات التي سبق أن قدمت شكاوى للتأكد من حل مشكلاتهم.
في كل زيارات التفتيش، حرص أعضاء النيابة على التأكد من نظافة العنابر وتجهيزها بما يناسب أعداد النزلاء وضمان خصوصيتهم، ولدى استماعهم للنزلاء حول أحوالهم، أكد الجميع تمتعهم بحقوقهم الكاملة التي يكفلها الدستور والقانون.
ولم تقتصر الجولات على العنابر فقط، بل شملت المرافق الصحية مثل المركز الطبي وعيادة الأسنان وصيدلية المركز، كما تفقد الفريق أماكن التريض، وأماكن الزيارة، ومنطقة التأهيل، وحتى مكتبة الاطلاع وفصول محو الأمية والملاعب الرياضية، كما تم فحص جودة الطعام ومدى التزام المراكز بالشروط الصحية لضمان تقديم غذاء آمن وصحي للنزلاء.
حق النيابة العامة في التفتيش على مراكز الإصلاح والتأهيلنصت المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية على "لكل من أعضاء النيابة العامة ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية والاستئنافية زيارة السجون العامة والمركزية الموجودة فى دوائر اختصاصهم والتأكد من عدم وجود محبوس بصفة غير قانونية ولهم أن يطّلعوا على دفاتر السجن وعلى أوامر القبض والحبس وأن يأخذوا صوراً منها وأن يتّصلوا بأي محبوس ويسمعوا منه أي شكوى يريد أن يُبديها لهم وعلى مدير وموظفي السجون أن يُقدّموا لهم كل مساعدة لحصولهم على المعلومات التي يطلبونها".
فيما نصت المادة 43 على أنه لكل مسجون الحق فى أن يُقدّم فى أى وقت لمأمور السجن شكوى كتابة أو شفهياً ويطلب منه تبليغها للنيابة العامة وعلى المأمور قبولها وتبليغها فى الحال بعد إثباتها فى سجل يُعد لذلك فى السجن.
ولكل من علم بوجود محبوس بصفة غير قانونية أو فى محل غير مخصص للحبس أن يُخطِر أحد أعضاء النيابة العامة وعليه بمجرد علمه أن ينتقل فوراً إلى المحل الموجود به المحبوس وأن يقوم بإجراء التحقيق وأن يأمر بالإفراج عن المحبوس بصفة غير قانونية وعليه أن يُحرر محضراً بذلك".
اقرأ أيضاًاحتفالًا بذكرى نصر أكتوبر.. زيارة استثنائية لجميع النزلاء بمراكز الإصلاح والتأهيل
احتفالا بذكرى المولد النبوي.. زيارة استثنائية لجميع النزلاء بمراكز الإصلاح والتأهيل
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: النائب العام مراكز الإصلاح والتأهيل المستشار محمد شوقي تفتيش السجون مراکز الإصلاح والتأهیل النیابة العامة
إقرأ أيضاً:
الأطفال ذوو الإعاقة.. مأساة صامتة بدوامة حرب لبنان
من أحد مراكز الإيواء المزدحمة ببيروت، وبصوت متعب، تروي فاطمة عبر الهاتف، وهي أم لطفل يبلغ من العمر سبع سنوات يعاني من الشلل الدماغي، محاولاتها المستمرّة من أجل تلبية احتياجات ابنها في ظل ظروف قاسية.
تتحدّث فاطمة بحزن لموقع "الحرّة" عن رحلتها بعد نزوحها من الضاحية الجنوبيّة نتيجة النزاع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله فتقول: "لم أكن أتصوّر أنّ ابني سيعيش في مكان يفتقر لكلّ شيء. لا خدمات طبية، لا خصوصيّة، ولا حتى إحساس بالأمان. حياتنا باتت مجرّد صراع يومي لتأمين الأساسيات".
ولكن مأساة فاطمة ليست الوحيدة. أم محمد، التي نزحت من الجنوب مع طفلتها البالغة من العمر خمس سنوات والمصابة بشلل نصفي، تصف معاناتها أيضًا: "لا أستطيع حملها طوال الوقت، والمركز ليس مهيأ لاستقبال أطفال بمثل حالتها. بالكاد نجد الماء والكهرباء، فما بالك بالخدمات الطبية؟".
هذه قصص مئات العائلات التي هربت من أهوال الحرب، لتجد نفسها في مراكز إيواء تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسيّة على حدّ تعبيرها، خاصة للأطفال ذوي الإعاقة الذين يحتاجون لرعاية خاصة. تقول فاطمة: "أحيانًا أشعر أنني تركت الحرب لأدخل حربًا أخرى، حرب البقاء".
هذه المآسي اليوميّة تسلط الضوء على واقعٍ مرير تواجهه الأسر النازحة، حيث يصبح الأطفال ذوو الإعاقة الضحايا الأكثر تهميشًا في ظل غياب الدعم الطبي والاجتماعي الضروري.
وفقًا لمصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية لموقع "الحرة"، فإن "الجهود تُبذل لتأمين مساحات خاصة للأطفال ذوي الإعاقة في مراكز الإيواء، خصوصًا أولئك الذين يعانون من حالات خاصة".
ويشير المصدر إلى أن الوزارة "تعمل على توفير غرف مهيأة لهذه الفئة لضمان بيئة تشبه بيئتهم المعتادة. ولكن يبقى التحدي الأكبر في استدامة هذا الدعم وسط الموارد المحدودة والتحديات الاقتصادية".
المبادرات الحكومية والتمويل الدولي
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية، فيكتور حجار في وقت سابق أنّ "الوزارة بدأت بتنفيذ سلسلة من المساعدات المالية المخصصة لحاملي بطاقات الإعاقة، سواء كانوا نازحين أم لا، وتشمل هذه المساعدات: مساعدة مالية طارئة بقيمة 100 دولار لحاملي بطاقات الإعاقة، تمويل شهري بقيمة 40 دولارًا للأطفال ذوي الإعاقة بين 0-14 سنة، بدعم من اليونيسف بالإضافة إلى تمديد الدعم للشباب ذوي الإعاقة بين 15-30 سنة، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وهولندا".
ورغم هذه الجهود، يشير المحامي شربل شواح في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "الاستجابة القانونية والمالية الحالية لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة"، ويضيف "أن القوانين اللبنانية، مثل القانون رقم 220/2000، تضمن حقوق هذه الفئة، لكنها تفتقر إلى آليات تنفيذ فعّالة، خاصة في ظل النزاعات".
وأكد شواح أن "الإصلاحات مطلوبة لضمان حماية الأطفال ذوي الإعاقة في لبنان، يجب اتخاذ خطوات ملموسة على المستويات القانونية والاجتماعية، منها: تعديل القوانين لتشمل احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة في النزاعات. إنشاء مراكز متخصصة توفر خدمات شاملة لهذه الفئة. تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية لزيادة التمويل والدعم ونشر الوعي حول حقوق الأطفال ذوي الإعاقة لضمان وصول الأسر إلى الدعم اللازم".
الأطر القانونية: بين النظرية والواقع
على المستوى القانوني، وبحسب شواح، "يتمتّع الأطفال ذوو الإعاقة بحماية مضمونة في الدستور اللبناني والقوانين المحلية، بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة".
لكن "تطبيق هذه القوانين يواجه عوائق كبيرة، منها: ضعف الموارد المخصّصة لتنفيذ القوانين، التمييز في الوصول إلى الخدمات، ونقص الوعي القانوني لدى الأسر، مما يحدّ من قدرتها على المطالبة بحقوقها"، وفق المتحدث الذي يؤكد أن "المجتمع المدني والمبادرات المجتمعية تلعب دورًا أساسيًا في تأمين بيئة حاضنة لذوي الاحتياجات الخاصة".
مبادرات إنسانية
يروي سامر لموقع "الحرة"، وهو والد طفل مصاب بالتوحّد نزح من بعلبك إلى دير الأحمر، تفاصيل معاناته اليومية مع ابنه مجد. ويوضح أنّ "المدرسة التي تحوّلت إلى مركز إيواء تفتقر إلى البنية التحتيّة المناسبة لاحتياجات الأطفال ذوي التوحد"، فيقول: "لا يوجد مكان مخصّص لابني. صراخه المستمرّ يزعج الآخرين، وأنا أشعر بالعجز التام عن مساعدته".
في ظل هذه الظروف، برزت مبادرة إنسانية تحمل اسم "آدم"، أطلقها الدكتور علي زبيب، بهدف دعم الأطفال النازحين المصابين بطيف التوحد. المبادرة تسعى إلى توفير بيئة تعليميّة وتأهيليّة تلبي احتياجاتهم الخاصة، مع التركيز على تدريب الأهل وتمكينهم من التعامل مع تحديات أطفالهم بشكل أفضل.
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يوضح زبيب أنّ "المبادرة تهدف إلى تخفيف الأعباء النفسيّة والاجتماعيّة على الأطفال وأسرهم، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بضرورة تأمين دعم مادي وإستراتيجي أكبر لضمان استمراريتها وتوسيع نطاق خدماتها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأطفال المتضرّرين".
وبينما تزداد معاناة الأطفال ذوي الإعاقة في لبنان بسبب النزاع، يبقى الحل في تكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظّمات الدوليّة لضمان وصول هذه الفئة إلى حقوقها الأساسيّة.
قصّة مجد ومبادرة "آدم" تمثّلان أملًا صغيرًا وسط واقع صعب، لكنهما تذكراننا بأنّ حماية حقوق الأطفال ليست مجرد التزام قانوني، بل واجب إنساني يجب أن نسعى إلى تحقيقه.