صديق منذ زمن الطفولة البريئة يمتلك كل ما يمكن أن يقال عنه بأنه أسباب السعادة الدنيوية من منصب اجتماعي ووظيفة مرموقة وحياة عائلية مستقرة وكثير من زخرف الحياة الدنيا، دعاني فـي يوم إلى لقاء خارج إطار كل الرسميات المتعارف عليها والتي باتت تؤطر حياته من كل جانب، أسرّ لي بأنه لا يجد المتعة والسعادة والشغف فـي حياته رغما عن كل ما يمتلكه وما يحيط به من ترف الحياة شاكيا لي بأن حياته صارت رتيبة وضيقة ولا يجد بها طعم السعادة.
قد يكون هذا المشهد عابرا ويمر على الكثيرين من أمثالي وأمثالكم من أن الناس باتوا لا يجدون للسعادة طعما رغم امتلاكهم لكل مقوماتها المادية على الأقل وتبدو حياتهم من بعيد بأنها مثالية كاملة لا ينقصها شيء، وهذا ما بات يعرف اليوم بمصطلح «السعادة المدجنة» أي السعادة التي تبدو مثالية من الخارج لكنها فـي الواقع سعادة مؤقتة زائلة لا يلبث صاحبها أن يعود إلى حالة اللا سعادة طلبا لشيء آخر يجلب له الفرح والسرور، فالسعادة المدجنة غالبا ما تكون مرتبطة بامتلاك الأشياء المادية وليست بالأشياء الحقيقية التي يأتي معها الاستقرار النفسي حتى وإن كانت تلك الأشياء ليس لها قيمة مادية.الامتلاء والامتلاك هي ظاهرة مرادفة لهذا العصر وهي ما يدجن السعادة ويقلل من قيمتها ووقتها، فالامتلاء بمفهومه العام يعني الشي الممتلئ الفائض عن الحد وقد يكون الامتلاء نتيجة للامتلاك أي امتلاك كل شيء لدرجة تصل إلى حد الشبع والتخمة بحيث لا يشعر صاحبها بأي طعم لذيذ آخر عند حصول الامتلاء، وهذا ما يحدث فـي مفهوم السعادة المؤقتة التي تصاحب امتلاك الشيء المادي ثم العودة إلى اللا سعادة أو إن صحت تسميتها بالتعاسة فور أن يذهب بريق ذلك الامتلاك، فـيمكن أن يكون لدى الفرد كثير من مقومات السعادة المادية من المال والجاه والغنى والمنصب والأشياء المادية الأخرى ولكنه يظل يشعر بالفراغ وعدم السعادة من داخله. فالامتلاء أو الامتلاك لا يعني أن الإنسان ممتلئ من الداخل ويشعر بالسعادة بل قد يكون ذلك مجرد واجهة خداعة يحاول صاحبها أن يخدع بها نفسه والآخرين من حوله.
السعي وراء المثالية الزائدة والظهور بمظهر الكمال فـي كل شيء فـي الحياة هي ما يؤدي إلى فقدان جوهر السعادة فنمط الحياة الحديثة هو ما أفقد الناس السعادة والفرح والسرور، ومحاولة مجاراة الآخرين والتشبه بهم ومقارنة الذات بهم من دون مراعاة للفروقات الفردية والاجتماعية والنفسية والمالية هي ما يجر إلى الوقوع فـي شباك السعي الحثيث وراء محاكاة الآخرين والتشبه بهم بغية الحصول على السعادة التي هي فـي نظر الكثيرين مادية أكثر منها روحية.
قد يكون مفهوم السعادة مطاطا يحتمل الكثير من التعريفات والأوصاف لكنه كما قال عنه البعض بأنه ذلك الشعور بالفرح والرضا الداخلي عن النفس وعن الحياة بعيدا عن المقاييس المادية مدججا ومحصنا بسلام داخلي قوي ينبع من أعماق النفس يمنح الفرد طمأنينة وهدوءا وهذا ما يمكن تمييزه بين السعادة الحقيقية عن تلك المدجنة، التي ترتبط بالمظاهر دون الجوهر.
لا أتمنى أن تفارقنا السعادة رغم كل ما يحدث فـي العالم من نكبات وكوارث ومآسٍ مضاف إليها محاكاة وتقليد للآخرين بغية استجداء بعض من أطراف السعادة الزائفة المغلفة بأوهام النجاح المادي أو المعنوي، أتمنى أن ننعم بالسعادة الحقيقية، فهي تلك التي تتسلل إلى قلوبنا برغم الصعاب، تنمو من أبسط اللحظات، وتتغذى على السلام الداخلي فـي ذواتنا.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
صور| كيف حوّل شاب ممراً في تاروت إلى وجهة سياحية رمضانية؟
تحوّل ممر بسيط في تاروت، بفضل مبادرة فردية استمرت ثماني سنوات، إلى معلم سياحي يزدان بالفوانيس والزينة الرمضانية، ويُحيي التراث السعودي الأصيل، جاذبًا الزوار من داخل المملكة وخارجها.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); بدأت قصة ”ممر السعادة“، كما كشف صاحب المبادرة محمد عبدالغني، قبل ثماني سنوات كمشروع متواضع مستوحى من تشجيع الزوار الذين أبدوا إعجابهم بجهوده في زراعة الأشجار حول منزله.
أخبار متعلقة تعديل فترات العمل في سوق الدمام المركزي للخضار خلال رمضاننائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية “مقتدر”هذا التشجيع دفع عبدالغني إلى تطوير الفكرة تدريجيًا، مضيفًا أسقفًا خشبية ومنحوتات فنية من أعماله الخاصة، ليتحول الممر الذي يمتد على مسافة 50 مترًا إلى لوحة فنية تعكس حب الأهالي للبيئة. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تزين الممر بستين فانوسًا احتفالًا بشهر رمضان المبارك الممر شهد تفاعلًا كبيرًا من الزوار var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
انتشر صور ممر السعادة
وانتشرت صور ”ممر السعادة“ على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أسهم في زيادة شعبيته وتحويله إلى وجهة سياحية.
وأكد عبدالغني أن الممر شهد تفاعلًا كبيرًا من الزوار، وخاصة الأطفال الذين استمتعوا بأجوائه الفريدة، مشيرًا إلى أن هذا التفاعل لم يقتصر على الزوار من داخل المملكة، بل امتد ليشمل زوارًا من خارجها.
وأضاف أن الجيران وأهالي المنطقة كان لهم دور كبير في إنجاح المبادرة، حيث ساهموا في أعمال الزراعة والسقي، بالإضافة إلى تجهيزات الإضاءة التي تضفي على الممر سحرًا خاصًا في الليل.
وفي هذا العام، تزين الممر بستين فانوسًا احتفالًا بشهر رمضان المبارك، ويقدم عبدالغني وفريقه للزوار القهوة والشاي والحلويات في أجواء رمضانية تراثية. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تزين الممر بستين فانوسًا احتفالًا بشهر رمضان المبارك انتشرت صور ”ممر السعادة“ على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي تزين الممر بستين فانوسًا احتفالًا بشهر رمضان المبارك انتشرت صور ”ممر السعادة“ على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت صور ”ممر السعادة“ على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت صور ”ممر السعادة“ على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
ممر السعادة يحيي العادات القديمة
ولا تقتصر مبادرة ”ممر السعادة“ على الجانب الجمالي فقط، بل تمتد لتشمل إحياء العادات والتقاليد القديمة، مثل الديوانيات التي تجمع الأهل والجيران، وتقديم الأكلات الرمضانية الشعبية كالسمبوسة والهريسة واللقيمات، مما يضفي على الممر لمسة من الحنين إلى الماضي.
ويطمح عبدالغني، الذي يعمل في مجال الترميم التراثي، إلى توسيع نطاق المبادرة لتشمل منطقة الديرة التراثية بأكملها، وتحويلها إلى ممرات تراثية، بالتعاون مع الجهات الحكومية، مؤكدًا رغبته في جعل منطقة الديرة الاثرية أكثر جمالًا وجاذبية، وامتداد ”ممر السعادة“ ليشمل البلدة بأكملها.