كيف تحوّلت الممرات الآمنة شمال غزة إلى مصيدة إسرائيلية لاستهداف النازحين؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
حدّد جيش الاحتلال الإسرائيلي، عدد من الممرّات التي وصفها بـ"الآمنة" كي يعبر من خلالها النازحين الفلسطينيين ممّن غادروا مراكز الإيواء شمال قطاع غزة، غير أنها لم تكن كذلك، حيث طالها سيف التهديدات، وكانت محفوفة بالأهوال والموت والمخاطر.
تحوّلت الممرات التي تمتد من شمال إلى جنوب قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة وتطهير عرقي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 يوما، إلى ما بات يُعرف بـ"مصيدة" استهدف خلالها الإحتلال للفلسطينيين من بينهم نساء وأطفال.
النازحون الذين سلكوا هذه المسارات مشيا على الأقدام، على الرغم من أنهم يتضورون جوعا وعطشا، إثر قطع إمدادات الطعام والمياه عنهم منذ بدء شنّ الإبادة عليهم، قبل أسابيع، إلا أنهم تعرضوا لمخاطر استهداف الاحتلال الإسرائيلي ما خلّف عدد من الشهداء والمصابين منهم.
وكشف عدد من النازحين في حديثهم لوكالة "الأناضول" أن "الواقع أثبت كذب جيش الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بـ:المسارات الآمنة"، موضحين أنهم تعرضوا وهم يسيرون خلالها لاستهداف مباشر.
وفي السياق نفسه، كان المكتب الإعلامي الحكومي ووزارة الداخلية بغزة، قد حذّر أكثر من مرة، من أن جيش الاحتلال ينفذ عمليات إعدام بحق المواطنين في طريق انتقالهم لمناطق الجنوب عبر الممرات آمنة المزعومة، كذلك يتم استهداف أماكن النزوح.
وبتاريخ 6 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوق على مخيم وبلدة جباليا وعدد من المناطق الواسعة شمال القطاع المحاصر، فيما اجتاح هذه المناطق بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها"، بينما يقول الفلسطينيون إن الاحتلال الإسرائيلي يرغب في احتلال المنطقة وتهجيرهم.
"قلة الحيلة"
ويقول ياسر حمد، وهو واحد من الواصلين مدينة غزة، نازحا من مخيم جباليا برفقة عائلته المكونة من 11 فردا، بعد رحلة طويلة إنهم: "قطعوا مسافة 10 كيلومترات سيرا على الأقدام".
ويتابع حمد الذي بدت عليه مشاعر الحزن والقهر: "على مدار 17 يوما رفضت عائلتي وغيرها من آلاف الأسر شمال قطاع غزة أوامر النزوح الإسرائيلية، إلى أن فرض علينا الأمر وخرجنا مجبرين من مراكز الإيواء في جباليا".
ويروي كيف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أرسل صباح الاثنين الماضي طائرة مسيرة ثبتوا عليها مكبرا للصوت، إلى مركز الإيواء الذي كانوا يقيمون به، وأخطرهم بـ"ضرورة الخروج والاتجاه جنوبا عبر مسار محدد وآمن".
وأبرز أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أوهم النازحين بالأمان وأوعز لهم بمغادرة المكان. وبعد لحظات، استجاب النازحون وبدأوا بالتجهيز والتجمع في ساحة المركز الرئيسية حتى باغتتهم قذيفة مدفعية سقطت فوق رؤوسهم ما تسبّب باستشهاد عدد منهم وإصابة آخرين، بحسب حمد.
ويتابع: "من بين الشهداء كان نجلي أحمد، الذي لم أتمكن من وداعه أو احتضانه للمرة الأخيرة أو حتى تكفينه ودفنه كما يجب"، ويوضح الرجل المكلوم أن حمل جثة أحمد واصطحابها معه كان سيكلفه حياته بعد تهديدات الجنود بعدم الالتفات أو الاقتراب منه.
واسترسل: "خرجنا من المكان تاركين خلفنا جثثا ومصابين يطلبون النجدة دون أن نتمكن من إسعافهم"، مردفا: "في الطريق شعرت بقهر لا يطاق وكنت أبكي بحرقة شديدة على العجز وقلة الحيلة التي وصلنا إليها".
"خداع ومكر إسرائيلي"
عائلة شتات وصلت مركز إيواء غرب مدينة غزة، بعد أن مرّت برحلة نزوح مفجعة أصيب خلالها 3 من أبنائها إثر قذيفة مدفعية استهدفت ممر النزوح الذي كان مليئا بالنازحين.
تقول أسمهان شتات، والدة الأطفال الثلاثة المصابين، إن الجيش أمرهم بالخروج من مركز الإيواء عبر المسار الذي ادعوا أنه آمن. موضحة: "فاجأنا الاحتلال خلال التزامنا السير عبر المسار الآمن بالقصف، فأصيب 3 من أبنائي بجروح طفيفة إثر قذيفة مدفعية سقطت على بعد أمتار من مكان سيرنا".
وتابعت بأن عددا من النازحين أيضا أصيبوا بجراح مختلفة بشظايا القذيفة، وأن النازحين تمكنوا من نقل الإصابات بعربة يجرها حيوان لنقطة طبية داخل أحد مراكز الإيواء.
وتقول شتات، في وصفها المسار الآمن: "هذا المسار خطة خداع ومكر ممنهجة وواضحة من جيش الاحتلال الإسرائيلي هدفها قتل الفلسطينيين عبر استهدافهم بكل الطرق". مبرزة أنها نزحت رفقة عائلتها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع نحو 7 مرات، متابعة: "لا نعلم متى يتوقف هذا الإجرام الإسرائيلي بحقنا".
وطالبت شتات، العالم بـ"التدخل لوقف المذبحة الإسرائيلية بحق شمال قطاع غزة ولوقف خطة التهجير التي يحاول الاحتلال تطبيقها دون النظر للقوانين الدولية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية النازحين غزة غزة النازحين شمال غزة الممرات الامنة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال الإسرائیلی قطاع غزة عدد من
إقرأ أيضاً:
فيلادلفيا.. محور الموت الذي يمنع أهالي رفح من العودة
غزة- منذ نزوحها قسرا قبل 10 شهور، لم تتمكن الفلسطينية هدية أبو عبيد من العودة لمدينتها رفح، حيث لا تزال إسرائيل تسيطر على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الممتد بين قطاع غزة ومصر.
ويفرض جيش الاحتلال بقوة النيران وعمليات التوغل المستمرة حدودا غير ثابتة لما توصف بـ"المناطق الحمراء" في رفح، صغرى مدن القطاع، ويستهدف كل من يحاول الاقتراب منها بعمق يصل لنحو كيلومترين اثنين.
وخلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل، قتل الاحتلال نحو 50 فلسطينيا أثناء محاولتهم العودة لمنازلهم في رفح.
هذه المخاطر تمنع أبو عبيد (55 عاما)، والغالبية من حوالي 300 ألف نسمة من سكان رفح، من العودة إليها، ولا يزال أكثرهم يقيمون في خيام بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس.
وتقول أبو عبيد، التي تقيم بخيمة مع أسرتها المكونة من 5 أفراد، للجزيرة نت "كل النازحين رجعوا إلى غزة والشمال ولكل المناطق، إلا نحن سكان رفح"، وتتساءل "فهمونا يا ناس، هل رفح خارج الاتفاق؟".
وتنتشر على حسابات سكان المدينة على منصات التواصل الاجتماعي تساؤلات كثيرة حول واقع رفح، وسط غضب كبير لعدم قدرتهم على العودة إليها.
إعلانوتعلم هدية أن منزلها في "مخيم يبنا" للاجئين الملاصق للحدود مع مصر قد دُمر كليا، وتقول "الاحتلال مسح المنطقة عن الوجود، ولكني أريد العودة لبيتي والعيش فوق أنقاضه، ليس هناك أجمل من رفح ولا أطيب من أهلها".
واحتضنت رفح، بعد الحرب، أكثر من مليون نازح لجؤوا إليها من مدينة خان يونس ومناطق شمال القطاع، ونزحوا عنها جميعا مع أهلها عشية اجتياح المدينة في 6 مايو/أيار الماضي.
وردا على سؤال حول توقعها بالعودة لرفح؟ قالت أبو عبيد "لا عودة دون انسحاب الاحتلال من الحدود، من حاول العودة قتلوه".
كارثة وقتلبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، ينطلق الانسحاب التدريجي من محور "فيلادلفيا" بداية من اليوم الـ42 للمرحلة الأولى منه، وتستكمل إسرائيل انسحابها، على طول المحور الممتد 14 كيلومترا بين الحدود المصرية والفلسطينية، بحلول اليوم الـ50 من الاتفاق.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد نددت بخرق الاحتلال للاتفاق، وبعدم التزامه بالجدول الزمني للانسحاب من المحور.
وقالت، في بيان لها الاثنين الماضي، "لم يلتزم الاحتلال بالخفض التدريجي لقواته خلال المرحلة الأولى، وبالانسحاب بالموعد المحدد، وكان المفترض اكتمال الانسحاب في اليوم الـ50 للاتفاق، الذي يصادف التاسع من مارس/آذار الجاري".
وتعاني رفح، حسب وصف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، من "كارثة إنسانية متجددة، إذ حولت الحرب الإسرائيلية معظم أحيائها إلى ركام، ورغم وقف إطلاق النار لا يزال الاحتلال يواصل هجماته العسكرية، ويسيطر على نحو 60% من المدينة، سواء عبر تمركز الآليات أو السيطرة النارية، ويستهدف المدنيين العزل بالقصف وإطلاق النار، ما يوقع يوميا مزيدا من الشهداء والجرحى".
ومنذ سريان الاتفاق، قتلت إسرائيل -وفق توثيق هيئات محلية ودولية- 150 فلسطينيا، وجرحت زهاء 605 آخرين، على مستوى القطاع، بمعدل 3 شهداء يوميا، ثلثهم من سكان رفح.
من جانبه، يقول المواطن فادي داوود للجزيرة نت إن أقارب وأصدقاء له استشهدوا وأصيبوا أثناء محاولتهم الوصول لـ"حي البرازيل" المتاخم للحدود مع مصر جنوب شرقي رفح، لتفقد ما تبقى من منازلهم في الحي المدمر كليا.
إعلانورغم قساوة النزوح، يفضل داوود (31 عاما) المتزوج حديثا، والذي يقيم مع زوجته الحامل بخيمة في خان يونس، البقاء مع أسرته على "المغامرة بالعودة إلى رفح".
ومنذ اندلاع الحرب، نزح داوود 5 مرات، ويقول "الحياة قاسية في الخيمة، خاصة وأن زوجتي حامل بابننا الأول، ونفتقد للخصوصية والاحتياجات الأساسية".
وأعلنت بلدية رفح، أمس الخميس، عن التوقف التام لخدمات فتح الشوارع وترحيل الركام، فيما أصبحت مولدات آبار المياه مهددة بالتوقف الكلي بسبب نفاد الوقود واستمرار إغلاق الاحتلال للمعابر منذ الثاني من مارس/آذار الجاري، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة السكان.
وحذر أحمد الصوفي رئيس بلدية رفح من أن المدينة تعيش أوضاعا مأساوية غير مسبوقة، حيث يواجه عشرات الآلاف من السكان خطر العطش وانتشار الأوبئة مع تصاعد أزمة المياه، مع شلل تام للخدمات البلدية الأساسية وتدمير البنية التحتية.
وأكد أن البلدية بذلت كل الجهود الممكنة للحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات رغم الدمار الكبير، إلا أن نفاد السولار يهدد بتوقف تشغيل آبار المياه بالكامل، مما يفاقم معاناة السكان المحاصرين الذين يعتمدون على هذه "المصادر المحدودة" في ظل الحصار الخانق.
وتحولت رفح لمدينة "منكوبة" حسب صافي، بسبب الحرب والتشريد، وتواجه الآن خطرا مضاعفا بحرمانها من أبسط مقومات الحياة، وأكد أن عدم إيجاد حلول عاجلة قد يؤدي إلى كارثة لا يمكن تداركها.
ويتمركز وجود أعداد محدودة من سكان المدينة حاليا بمناطق وأحياء تقع في الجهة الشمالية منها، بعيدة نسبيا عن الحدود الفلسطينية المصرية، غير أنهم يواجهون مخاطر ويكابدون معاناة يومية شديدة لتحصيل المياه وشؤون الحياة الأساسية.
إعلانويقول حذيفة عبد الله، الذي عاد مع أسرته قبل نحو شهر للإقامة بمنزله المدمر جزئيا في حي الجنينة شمال رفح، "للأسف يوميا يصلنا الرصاص، اليوم قذيفة مباشرة أصابت المنزل، ولا أحد يتحدث عن وضع رفح وما تتعرض له".