مؤيد الزعبي

كثيراً ما يخطر في بالنا تساؤل مهم حول السيارات ذاتية القيادة؛ هل سنأمن أن نضع أطفالنا بداخلها ونرسلهم لمدارسهم أو العودة بهم للبيت أو حتى اصطحابهم في مشاويرهم وتنقلاتهم، في الحقيقة أجد أن الإجابة ليست سهلة خصوصاً وأننا لا نأمن عليهم وهم مع سائق بشري متهور قد يعرض حياتهم للخطر.

وقد اخترت أن أطرح هذا التساؤل لاتفاقنا الضمني كبشر أن حياة أطفالنا قد تكون مهمة أكثر من حياتنا وبطبيعة الحال الإجابة على هذا الأمر ستشمل الإجابة على الكثير من التساؤلات المشابهة، فقبل أن تقرأ هذا الطرح أطلب منك عزيزي القارئ أن توجه لنفسك هذا السؤال؛ هل ستأمن على أطفالك في السيارات ذاتية القيادة؟، وهل تثق بالتكنولوجيا لتسلمها أرواح أغلى ما تملك؟ فبرأيي أننا لنصل لمرحلة نأمن فيها على أرواح أطفالنا ونسائنا وحتى حياة أنفسنا وموظفينا وعمالنا داخل السيارات ذاتية القيادة يجب أن نطور المنظومة التكنولوجية المرتبطة بالسيارات وليس فقط السيارات، هنا سنناقش ونتناقش.

في البداية دعني أعرفك أننا الآن ما زلنا في عصر ما قبل السيارات ذاتية القيادة وإن بدأنا نشاهدها هنا وهناك، فحتى الآن لم تصل لا سياراتنا ولا طرقنا ولا حتى قوانيننا التنظيمية لمرحلة تستوعب هذا التغيير الجذري في عملية تنقلنا، ودعني أعود بك للوراء قليلاً لنعرف أين تكمن مشكلتنا الحقيقية؛ فعندما دخلت القطارات ذاتية القيادة الخدمة منذ سنوات لم تكن مشكلة الأمان مشكلة حقيقية بالنسبة لنا وإن كانت موجودة بشكل ما، وذلك لأنَّ مسار القطارات محدد وواضح ونقاط توقفه أيضاً محددة، والأهم أن القطارات لا تتفاعل من البيئة المُحيطة بشكل كبير مثل السيارات، فالسيارات تتعامل مع متغيرات كثيرة قد تطرأ في بيئتها المحيطة من حركة السير وتفاعلها مع السيارات الأخرى ومع المشاة والطرح وإشارات المرور وأيضاً في تعاملها مع الحوادث أو معيقات الطرق الطارئة مثل زحمة السير أو الكوارث الطبيعية التي قد تعطل منظومة الطرق، كل هذه المتغيرات وغيرها العشرات هي ما تربك عملية الوصول للسيارات ذاتية القيادة، فإن نأمن على أطفالنا بداخلها من عدمه يعتمد بشكل كبير على كيفية تصميمنا لمستقبل السيارات والطرق.

من ناحية السيارات؛ فالتطورات تمضي على قدم وساق من استخدام حساسات لمنع التصادم وتحديد المسار والاتجاهات، وتزويد السيارات بتكنولوجيا قراءة لمحيطها وتدريبها للتعامل مع هذه المتغيرات، أما بالنسبة للطرق فحتى الآن لم نجد تغييرات جذرية لتسهل من عملية الوصول لسيارات ذاتية القيادة، فلم نجد حتى الآن إشارات مرور أو إشارات مرورية أو تحذيرية تفاعلية تتفاعل مع السيارات ذاتية القيادة لترسل لها إشارات وتنبيهات أو حتى أوامر، ولم نجد حواجز الطرقات أو حتى "أسفلت" مزودة بتقنيات ذكية قادرة على التعريف بنفسها ومتغيراتها لتسهل على السيارات ذاتية القيادة التعامل معها، ولم نجد دخول أنظمة ذكاء اصطناعي شمولية لإدارة حركة السير والتنقل داخل المدن وعندما أتحدث عن أنظمة شمولية أقصد وجود نظام يحرك جميع السيارات ذاتية القيادة داخل المدن ويدير عملية تحركها وتوقفها وحتى عملية تفاعلها مع بعضها البعض، وفي هذه النقطة تحديداً أجد أن الشركات المصنعة للسيارات لم تزود سياراتها بنظام قادر على التواصل مع السيارات الأخرى ذاتية القيادة من حولها لتعرفها بنفسها ومسارها وسرعتها وما يستجد أمامها من حركة الطريق، كل هذه الأشياء مازلنا لم نصل لها حتى الآن.

أيضاً هناك نقطة مُهمة أنَّ القوانين المنظمة لإدارة حركة السير من أنظمة ترخيص ومخالفات وحتى تأمين لم تؤسس على أساس وجود سيارات ذاتية القيادة، فالسيارة بالنسبة لنا هيكل معدني يقوده بشر، أما في قادم الأيام فالمعادلة ستختلف سيكون هيكلا معدنيا مزودا بتكنولوجيا تقوده، وهذه التكنولوجيا صناعة شركات يجب أن تتحمل المسؤولية تجاه ما تصنعه ويجب أن تخضعه لاختبارات دقيقة قبل أن يدخل أسواقنا.

كما قلت لك سابقاً إننا بحاجة لتطوير المنظومة بأكملها من تطوير للطرق وللمشاة وللإشارات والتنبيهات وصولاً لمنظمة التحكم الكلي، وأيضاً تطوير السيارات لتكون أكثر أماناً مع ظروف قد تتغير أو تتبدل بين الفينة والأخرى، وثم يُستجد بها ما لا يمكن تصوره، وأيضاً يجب على الشركات المصنعة أن تبدأ بالتفكير بالسيارات ذاتية القيادة التي تتمتع بخصائص مناسبة للأطفال أو للعوائل طالما أننا سنستخدمها بدون وجود سائق في قادم الأيام، من توفير أدوات مراقبة داخل السيارات لموقعها وللصور بداخلها ولنظامها العام، وأيضاً تطوير نظام التحكم عن بعد لنتحكم بسياراتنا حال وقوف طارئ ما أو تغيير في خطط السير الخاصة بنا، أو التدخل حال وجود خلل في أحد الأنظمة داخل السيارة، فالإجابة على تساؤل طرحنا اليوم لا يعتمد على وجود السيارات والأنظمة والقوانين بل يعتمد في قدرتنا على تطوير المنظومة بأكملها وجعلها منسجمة مع بعضها البعض، حينها سوف أجيبك عزيزي القارئ هل نأمل على أطفالنا أم لا؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ندوة ذاتية عن التراث المادي واللامادي في كلية الآثار بالفيوم| صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظمت كلية الآثار فى جامعة الفيوم، اليوم  الثلاثاء ندوة ذاتية حول "التراث المادى واللامادى ودوره فى بناء الإنسان تحت شعار "بداية بناء الإنسان خطوة نحو بناء المجتمع"حاضرت خلالها الطالبة مرام عادل جابر بالفرقة الرابعة قسم ترميم بالكلية.
شهد الندوة الدكتور محمد كمال خلاف عميد كلية الآثار والدكتور عبد الرحمن السروجى وكيل كلية الآثار لشئون التعليم والطلاب والدكتورة رشا طه منسق الأنشطة بالكلية، والدكتورة نيفين كمال مدير مركز حضارة وتراث الفيوم بجامعة الفيوم، وأقيمت تحت رعاية الدكتور ياسر مجدى حتاتة رئيس الجامعة والدكتور عاصم العيسوى نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على قطاع التعليم والطلاب بالجامعة.
كما شهد  الندوة لجنة التحكيم فى جامعة الفيوم برئاسة الدكتور وائل طوبار منسق عام الأنشطة الطلابية فى الجامعة والدكتور بيومى طاحون الأستاذ بكلية دار العلوم، والدكتور محمد كمال أستاذ بكلية الآداب، والدكتورة مى مواهب نائب وحدة مناهضة العنف ضد المرأة بالجامعة والأـستاذ بكلية العلوم.
كما حضرها سيد الشورة مدير عام اثار الفيوم السابق وأشرف صبحى رزق الله مدير عام آثار الفيوم وأمانى سعد مدير عام كلية الآثار، وشارك فى الاشراف على الندوة فريق رعاية الشباب فى الكلية سامح عبد الرحمن رئيس قسم رعاية الشباب وألفت احمد ومروة اخصائية رعاية الشباب  قاسم اخصائية رعاية الشباب.
تناولت الطالبة مرام عادل أهمية التراث المادى واللامادى والذى هو أساس هويتنا المصرية وشملت عناصر الندوة مفهوم التراث وانواعه، والصناعت والحرف اليدوية، وإحصائيات العاملين بالحرف اليدوية، والمعارض والفعاليات، واستراتيجيات الحفاظ على التراث المادى.
واكدت ان التراث المادى ينقسم الى تراث منقول مثل التماثيل واللقى الاثرية وثابت مثل المعابد والمقابر والاهرامات وغيرها، والتراث اللامادى مثل العادات والتقاليد والاداب واللغات ومهارات الحرف اليدوية والالعاب مثل التحطيب وان الفيوم تتوارث العيديد  من الحرف اليدوية مثل صناعة الفخار والتى لا تزال قائمة فى قريتى النزلة وتونس وصناعة الخوص والجريد فى قريتى الاعلام والعجميين وصناعة الجلود فى حى المدابغ فى مدينة الفيوم .
وتحدثت عن اهمية الحرف اليدوية وعلاقتها بالاقتصاد وانها تساهم فى الحد من البطالة، وان اصحاب الحرف اليدوية المسجلين 20 الف بينما الغير مسجلين يصل عددهم الى 2,5 مليون مواطن.

واكدت ان التراث المادى واللامادى يساهم فى تعزيز الهوية الثقافية والانتماء الوطنى والقيم الاخلاقية بالاضافة الى التماسك الاجتماعى وخلق فرص عمل، واهمية وجود استراتيجية لحفظ التراث من خلال انشاء قاعدة بيانات وحفظ ودراسة هذا التراث ونشر الابحاث المتعلقة به .
وقد انهت محاضرتها بعدة توصيات من اهمها الحفاظ على الهوية المصرية بشتى الطرق وتطوير انظمة  مساندة ودائمة للتسويق الاليكترونى والاهتمام والتركيز على تقنيات التشكيل اليدوي وتبسيطها لتسهيل تعلم الاجيال الجديدة وإعادة احياء حرف تراثية وتحسين جودتها ودعم النشاط الاقتصادى القائم على الصناعات اليدوية واستمرار الدورات التدريبية للحرفيين والشباب .
واكد الدكتور وائل طوبار ان الندوات الذاتية هى نموذج تتفرد به جامعة الفيوم من بين الجامعات المصرية، وان موضوع الندوات مرتبط دائما باتجاهات الدولة وكانت مبادرة بداية التى اطلقها رئيس الجمهورية هى مناسبة لان تكون هذه الندوات مواكبه لهذه المبادرة.

كما اثنى على العرض المقدم من الطالبة مرام عادل جابر وقدم التحية لفريق العمل المشارك فى الندوة وهم عمر محمود كمال وياسمين احمد حمدى "التقارير" واميرة حسن عادل ومارى شحاتة ميلاد "دعايه" واحمد هشام وشهاب محمد مدكور وولاء رجب رمضان ويارا ايمن مصطفى وكريمان محمد "تنظيم".
وتحدث الدكتور محمد كمال عميد الكلية عن اهمية هذه الندوات وان الكلية حصلت فى العام الماضى على المركز الاول على مستوى الجامعة , واثنى على فريق العمل فى الندوة بقيادة الدكتور عبد الرحمن السروجى وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب.

واعلن ان الكلية تتبنى عدة مشروعات لتنمية المهارات الاساسية للطلاب، ولكلية الآثار دور هام وحيوي في إحياء الحرف التقليدية واليدوية التراثية من خلال خريجيها والذين يكتسبون المعارف والمهارات الخاصة بتقنيات الحرف الأثرية والتراثية أثناء دراستهم بالكلية.
اقيمت  الندوة فى قاعة المسكوكات بالدور الاول فى مبنى الكلية, واقيم  على هامش الندوة معرض للمنسوجات ومنتجات الحرف اليدوية والتراثية من اعمال جمعية المصرى الاصيل لتنمية المجتمع باشراف ايمان حسن الشاعر المدير التنفيذى للجمعية والتى ذكرت ان الجمعية تساهم فى ايجاد فرص عمل للمرأة والشباب والاسرة بالكامل، واضافت ان الجمعية لها اربعة فروع فى قرى الحسينية والصعايدة والونايسة وابو عويس فى مركز إطسا.

مقالات مشابهة

  • ندوة ذاتية عن التراث المادي واللامادي في كلية الآثار بالفيوم| صور
  • ندوة ذاتية عن التراث بكلية الآثار بالفيوم
  • ندوة ذاتية بكلية الألسن بجامعة الفيوم
  • ندوة ذاتية عن التراث المادى واللامادى فى كلية الاثار بالفيوم
  • عبداللطيف: إعادة هيكلة المرحلة الثانوية لإتاحة الفرصة للمعلم لتقديم عملية تعليمية جيدة داخل الفصل
  • الكشف عن مخطط انقلاب من داخل الجماعة الحوثية بصنعاء.. ومحلل سياسي يدعو الرئيس العليمي لحل مجلس القيادة والتوجه لصنعاء!
  • عملية إخماده متواصلة.. نشوب حريق داخل مرأب مسكن بميلة
  • عاجل - قيادة آمنة في كل مكان: احصل على رخصة القيادة الدولية 1446 الآن عبر منصة أبشر!
  • تسريب خطط إسرائيلية للهجوم على إيران من داخل الاستخبارات الأميركية.. ما القصة؟