حمد الناصري

 

في مدينة شنغهاي في أقصى الشرق في دولة الصين عقد الاجتماع الأول للرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية يوم 27 سبتمبر، وحضر حفل الافتتاح نائب وزير الخارجية الصيني "دنغ لي" الذي ألقى كلمة، أكد فيها عمق وعراقة العلاقات العربية الصينية وأن تأسيس الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية يأتي انعكاسًا لتطور تلك العلاقات الودية التقليدية بين الصين والدول العربية وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، والمصالح المشتركة وتوسيع التعاون بين الجانبين، فضلاً عن كونها مبادرة هامة لمواجهة التحديات بشكل مشترك وخلق مستقبل أفضل.

ومن المؤمل أن تركز الرابطة على الأهداف الخمسة المتمثلة في خدمة التنمية ودعم التعاون وتعزيز السلام والدعوة إلى العدالة وتوسيع التبادلات وتقديم دعم فكري قوي لتنمية العلاقات الصينية العربية والتعاون في "الجنوب العالمي" في العصر الجديد.

وقد شارك في الاجتماع التأسيسي ممثلو ما يقرب من 40 مؤسسة فكرية من الصين و19 دولة عربية وجامعة الدول العربية، كما حضر الاجتماع بعض سفراء الدول العربية في الصين.

وأشاد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية في الحفل الختامي، وممثلون عرب آخرون بالإنجازات التنموية التي حققتها الصين معبرين عن تطلعهم إلى تعميق التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات والعمل معًا لتطوير وتمتين تلك العلاقات لمصلحة كل الأطراف.

وكان من أبرز محاور هذا المحفل، التمسك بالإصلاح والابتكار وتعزيز الانفتاح والتعاون عالي المستوى بين الصين والدول العربية وتعزيز بناء الرابطة وتدعيم التواصل الحضاري وتقارب الشعوب، والدفع لوقف إطلاق النار في غزة وتحقيق الحل الشامل والعادل والدائم لهذه القضية. وقد ألقى الأستاذ حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية العُمانية كلمة شكر فيها القائمين على الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية، مشِيدًا بدورهم البناء وجهودهم المضنية لتنظيم هذا الاجتماع، مؤكدًا أن الرابطة ستسهم في تحقيق جملة من الأهداف والغايات الطموحة، التي تعزز أواصر التعاون بين البلدان العربية وجمهورية الصين الشعبية الصديقة. ومؤكدًا على الرغبة الصادقة في بلورة علاقات ثقافية وفكرية نوعية بين الدول العربية والصين، بهدف استعادة التواصل الحضاري، الذي بدأ قبل عدة قرون، منذ أن أرسى العرب الأوائل سفنهم على الشواطئ الصينية، ومن بينهم البحار العُماني أبو عبيدة عبدالله بن القاسم، وأسهموا في وضع الأساسات المتينة للعلاقات الثنائية المزدهرة في جميع المجالات".

وكدأب العُماني والعربي الأصيل ذكَّر الأستاذ حاتم الطائي الحضور بما يجري في غزة مِن مأساة إنسانية تفرض على كل الشعوب أن تُسلط الضوء على ما يشهده القطاع من عدوان غاشم ومجازر كارثية تسببت في عدد هائل من الضحايا والمصابين؛ حيث تجاوز عدد الشهداء حاجز الـ42 ألف إنسان، جلهم من الأطفال والنساء، وأصِيب عشرات الآلاف بجروح بالغة، وتعرض العديد منهم لِبتر أطراف وعاهات مستديمة، كما يقبع أكثر من 15 ألف فلسطيني في سجون إسرائيل دون محاكمات تتوافر فيها أدنى مقومات العدالة، ويتعرضون فيها لأبشع الممارسات غير الإنسانية، إضافة الى تعرضهم إلى عمليات ممنهجة من التنكيل والتعذيب وثقتها المنظمات الحقوقية والدولية والأممية، وأدانتها مفوضية حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وبرهن عليها كذلك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

وقد شدد الأستاذ الطائي في كلمته على ضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإنهاء هذه الحرب العبثية، التي لا تستهدف سوى المدنيين، وتدمير البنية التحتية المدنية بالكامل في قطاع غزة، الذي يعاني في الأساس منذ أكثر من عقد من حصار خانق تسبب في تحويل حياة المواطنين الفلسطينيين إلى جحيم، بينما يمارس الطرف الإسرائيلي إجرامه بكل حرية دون محاسبة أو عِقاب، متجاهلًا تمامًا كل القوانين والأعراف الدولية، ومواثيق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني.

ومن جانب آخر أكد د. ون قاو رئيس مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية في كلمته بالمناسبة: "الصين دولة سلمية والشعب الصيني يتشارك مع الشعب العربي في مفهوم السلام".

وذكر الوزير المفوض بسفارة سلطنة عُمان في بكين علي بن خلفان الحسني، أن مشاركة سلطنة عُمان في هذا الاجتماع يؤكد عمق ومتانة هذه العلاقات الثنائية بين البلدين، وقال: "إن سعي دولنا العربية إلى تعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط، وتثميننا الجهود الصينية وتقديرنا العالي للمبادرة الصينية للسلام في الشرق الأوسط، والتي أثمرت توقيع اتفاق المصالحة التاريخية بين الفصائل الفلسطينية، إلى جانب الجهود الدبلوماسية الطيبة للصين في مجلس الأمن، وحرص الدولة الصينية على اتخاذ ودعم القرارات التي من شأنها وقف الحرب والعدوان على غزة، ولذلك أجدد التأكيد على أهمية إرساء أسس السلام في العالم، من أجل أن ينعم الإنسان بالكرامة والعيش الآمن، وعلى المنظمات الدولية الأممية، تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، في حفظ الأمن ودعم الاستقرار حول العالم، حتى لا نجد عالمنا يتراجع إلى فترات ما قبل الحضارة، وتنتشر البربرية في أرجاء المعمورة".

خلاصة القول.. إنَّ الصين دولة عظمى وثاني أكبر وأهم اقتصاد عالمي، وهي شريك مُهم لدولنا العربية في كل المجالات وعلاقتنا بها تتنامى وتزداد تنوعًا وتطورًا وعمقًا؛ سواءً اقتصاديًا أو سياسيا أو ثقافيًا وإعلاميًا وفي مجال التعليم والصحة. وأعتقدُ أنَّ الرغبة في تطوير تلك العلاقة تكمن في نفوس كل الأطراف، وكما تدعم الصين قضايا العرب وعلى رأسها قضية فلسطين؛ فدول مجلس التعاون وأغلب الدول العربية تدعم وحدة الصين وسيادتها على كل أراضيها.

ومن هذا المنطلق، نحث دولنا العربية عامة ودول المنطقة خاصة على تعزيز التعاون الثنائي مع الصين والاستناد على مبادرتها لحل قضية العرب جميعًا؛ فلسطين، وإقامة شراكات استراتيجية وزيادة الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة والزراعة والاستثمار في الأمن الغذائي وتطوير آليات الصناعة الحديثة في شتى المجالات، وخاصة الابتكار والتكنولوجيا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بوتين خلال لقائه شي: التحالف الروسي مع الصين نموذج للعالم

(CNN)-- قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إن تحالف بلاده مع الصين "نموذج لكيفية بناء العلاقات بين الدول"، بعد لقائه بنظيره الصيني، شي جينبينغ في قمة البريكس في مدينة قازان.

والتقى بوتين وشي، الثلاثاء، خلال القمة في المدينة الواقعة جنوب غرب روسيا، وهي المرة الثالثة التي يلتقي فيها الزعيمان خلال العام الحالي.

وفي بيان بعد اجتماعهما الثنائي، قال بوتين: "على مدى السنوات الـ75 الماضية، وصلت العلاقات الروسية - الصينية إلى مستوى الشراكة الشاملة والتواصل الاستراتيجي".

وأضاف فلاديمير بوتين: "يمكننا أن نقول بثقة تامة إنها أصبحت نموذجا لكيفية بناء العلاقات بين الدول في العالم الحديث".

وكانت الشراكة الوثيقة بين بوتين وشي بمثابة موازنة للغرب منذ أن غزت موسكو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، مما أدى بشكل أساسي لإنهاء علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة ودول حلف "الناتو".

وبعد اجتماع، الثلاثاء، قال شي إن العلاقات الروسية - الصينية صمدت أمام اختبارات غير مسبوقة على مدى السنوات العشر الماضية، لكن التقلبات في العالم لا يمكن أن تهزها.

وتُعقد القمة خلال الفترة من الثلاثاء إلى الخميس، والتي تعد بمثابة تذكير بنفوذ روسيا المتبقي على أجزاء من العالم. وسيحضرها زعيما الهند وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى رؤساء وممثلي الدول المدعوة، إيران ومصر والإمارات العربية المتحدة.

وكان من المتوقع أن ينضم للقمة الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا لكنه ألغى رحلته بعد تعرضه لإصابة في بلاده.

مقالات مشابهة

  • بوتين خلال لقائه شي: التحالف الروسي مع الصين نموذج للعالم
  • انطلاق أعمال الاجتماع الطارئ للجامعة العربية بطلب من فلسطين
  • رئيسة منتدى بريكس: الرابطة قادرة على المشاركة في حل النزاعات الكبرى
  • مشاركة عُمانية في مؤتمر الحضارتين الصينية والعربية في شنغهاي
  • رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفد مدينة ينجتان الصينية لبحث التعاون المشترك
  • رئيس الطيران المدني: حريصون على تعزيز التعاون مع الدول في مجالات النقل الجوي
  • مندوب فلسطين بالجامعة العربية: اجتماع طارئ للمندوبين لوقف المجازر الإسرائيلية
  • لتعزيز التعاون والتدريبات المشتركة.. الجامعة العربية تعمل على توحيد المصطلحات العسكرية العربية
  • الجامعة العربية: توحيد المصطلحات العسكرية دوره بالغ في تعزيز فرص التعاون المشترك