أطلق معامل التأثير والاستشهادات المرجعية للمجلات العلمية العربية "آرسيف Arcif" نتائج تقريره السنوي التاسع لعام 2024، بعد مراجعة وفحص الأبحاث العربية المنشورة في المجلات الأكاديمية والبحثية العربية، البالغ عددها 850 ألف بحث، والتي رُصدت ووثقت في تقارير معامل "آرسيف" السنوية.

وقال رئيس مبادرة معامل التأثير "آرسيف Arcif" الأستاذ الدكتور سامي الخزندار، وهي إحدى مبادرات قاعدة بيانات "معرفة"، إن "نتائج تقرير آرسيف 2024 تعكس تطورًا ملحوظًا في حجم وجودة الإنتاج والنشر العلمي العربي، رغم ضعف الحوافز الأكاديمية".

وبين الدكتور الخزندار، خلال لقاء إطلاق النتائج السنوية، أن "تقرير 2024 يعكس إدراكًا واسعًا، واهتماما متزايدًا، وسط الجماعة العلمية العربية، بضرورة الاعتماد على البحث والنشر العلمي باللغة العربية".

وأشار إلى أن "البحث والنشر العلمي ضرورة عربية لإنتاج المعرفة والتكنولوجيا بدلا من الاعتماد على استيرادها"، "وهو ما يستدعي الثقة بالعقل العربي ودعم جهود الباحثين العلمية"، برأيه.

وفحصت فرق "آرسيف" العلمية 5 آلاف مجلة علمية وبحثية تصدر باللغة العربية عن ما يقارب 1500 هيئة علمية وبحثية، فاستطاعت 1201 مجلة علمية النجاح في تحقيق الـ32 معيارًا المعتمدة لدى "آرسيف"، والمتوافقة مع المعايير العالمية لمعاملات التأثير الدولية، والصادرة من 19 دولة عربية (باستثناء الصومال، وجيبوتي، وجزر القمر)، ومن 9 دول أجنبية هي: بريطانيا، وتركيا، وأميركا، وماليزيا، وبلجيكا، والهند، وهولندا، وإيران، وباكستان، تصدر فيها مجلات علمية باللغة العربية.

وشمل تقرير "آرسيف 2024" مراجعة بيانات ونتائج 311 ألف مؤلف عربي، حصرت أبحاثهم في 850 ألف مقالة علمية، أظهرت أن ما يزيد على 85 ألف مؤلف عربي جرى الاستشهاد بإنتاجهم العلمي والأكاديمي.

وعلى صعيد نتائج حجم الإنتاج العلمي من المجلات العلمية، أظهر تقرير "آرسيف 2024″، الذي يعتمد المعايير المتبعة عالميا، أن الجزائر نالت المرتبة الأولى والحصة الأكبر من المجلات المعتمدة، التي اجتازت المعايير بنجاح، وذلك بـ447 مجلة، تلتها مصر بـ300 مجلة، فالعراق ثالثا بـ159 مجلة، بينما جاءت السعودية بالمرتبة الرابعة بـ65 مجلة، وحلّ الأردن خامسًا بـ38 مجلة.

وتفرّدت جمهورية مصر بالمرتبة الأولى عربيا على صعيد نتائج معامل التأثير "آرسيف" العام الذي يقارن بين جميع المجلات العلمية العربية من مختلف التخصصات، وتلتها دولة قطر في المرتبة الثانية، ثم السعودية وفلسطين.

وعلى مؤشر عدد المؤلفين المستشهد بهم، حلّت الجزائر أولا بـ21 ألفا و455 مؤلّفًا، وتلتها العراق ثانيا بـ17 ألفا و420 مؤلفا، ثم مصر بـ15 ألفا و206 مؤلفين، والسعودية بـ8 آلاف و324 مؤلفا، وأخيرا الأردن بـ5 آلاف و123 مؤلفا.

قطاعيا، تصدرت الجزائر مجال الآداب والعلوم الإنسانية (المتداخلة التخصصات) الذي يضم 252 مجلة، بـ"مجلة التمكين الاجتماعي" التي تصدرها جامعة عمار ثليجي الأغواط، وجاءت السعودية ثانيا، بينما حققت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثالثة، ثم الأردن رابعا، وفلسطين خامسا.

وتصدرت فلسطين مجال العلوم الاقتصادية والمالية وإدارة الأعمال الذي يضم 174 مجلة، بـ"مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الاقتصادية والإدارية" التي تصدرها الجامعة الإسلامية بغزة، لتحتل مصر المراتب الثانية والثالثة والخامسة، ودولة الكويت المرتبة الرابعة.

وفي مجال العلوم الاجتماعية (المتداخلة التخصصات) الذي يضم 147 مجلة، صعدت مصر إلى المرتبة الأولى بمجلة "دراسات في الخدمة الاجتماعية" التي تصدرها جامعة حلوان، تلتها السعودية في المرتبة الثانية، ثم الجزائر ثالثا، لتعود مصر وتنال المرتبتين الرابعة والخامسة أيضا.

ورغم حصول فلسطين، في مجال العلوم التربوية الذي يضم 127 مجلة، على المرتبة الأولى بـ"المجلة الفلسطينية للتعليم المفتوح والتعلم الإلكتروني" الصادرة عن جامعة القدس المفتوحة، فإن مصر استحوذت على المراتب الثانية والثالثة والرابعة والخامسة على التوالي.

وفي مجال القانون الذي يضم 114 مجلة، حصلت الجزائر على المرتبة الأولى بـ"مجلة الدراسات والبحوث القانونية"، الصادرة عن مخبر الدراسات والبحوث في القانون والأسرة والتنمية الإدارية في جامعة محمد بوضياف-المسيلة، وتلتها الكويت في المرتبة الثانية، أما الجزائر فحققت المراتب الثالثة والرابعة والخامسة.

تصدر مصر وليبيا والجزائر وفلسطين

كما حصلت مصر على المرتبة الأولى في مجال الدراسات الإسلامية الذي يضم 91 مجلة، بـ"مجلة البحوث الفقهية والقانونية" الصادرة عن جامعة الأزهر، لتعقبها لبنان ثانيا، ثم الأردن والسعودية والإمارات في المراتب الثالثة والرابعة والخامسة على التوالي.

ونالت مصر المرتبة الأولى في مجال العلوم السياسية الذي يضم 67 مجلة؛ بمجلة "كلية الاقتصاد والعلوم السياسية" الصادرة عن جامعة القاهرة، وكذلك الثالثة والرابعة، بينما جاءت الجزائر في المرتبتين الثانية والخامسة.

وحصدت مصر المراتب الثلاث الأولى في مجال الإعلام والاتصال الذي يضم 28 مجلة، وكانت المرتبة الأولى بـ"مجلة البحوث الإعلامية" الصادرة عن جامعة الأزهر.

كما تصدرت مصر المرتبتين الأولى والثالثة في مجال علم المكتبات والمعلومات الذي يضم 18 مجلة، بـ"المجلة العلمية للمكتبات والوثائق والمعلومات الصادرة عن جامعة القاهرة، والثانية كانت من نصيب الأردن.

ونالت ليبيا المرتبة الأولى في مجال الفنون الذي يضم 17 مجلة، بمجلة "كلية الفنون والإعلام" الصادرة عن جامعة مصراتة، تلتها مصر في المرتبتين الثانية والثالثة.

وعلى صعيد مؤشر الاستشهاد الفوري Immediacy Index، فقد نجحت فيه 590 مجلة عربية، وهو مؤشر يعكس حجم المتابعة والتأثير الفوري للمجلة، من خلال رصد حجم الاستشهادات التي حققتها مقالات المجلة فور صدورها، ونشر المقالات المستشهدة بها خلال السنة التي نشرت فيها المجلة.

وحققت فلسطين المرتبة الأولى في المؤشر الفوري، من خلال "المجلة الفلسطينية للتعليم المفتوح والتعلم الإلكتروني" الصادرة عن جامعة القدس المفتوحة، تلتها مصر في المرتبتين الثانية والرابعة، وحققت قطر المرتبة الثالثة.

ويتيح "آرسيف" نتائج تقرير 2024، عبر بوابته الإلكترونية، وذلك على موقعه الإلكتروني.

وستصدر، للمرة الأولى، نسخة رقمية لهذا التقرير بصيغة PDF، ستكون متاحة للباحثين والمهتمين، وصناع القرار والسياسات في مجال البحث والنشر العلمي العربي قبل نهاية هذا العام.

ومن الجدير بالذكر أن معامل التأثير "آرسيف" يخضع لمجلس الإشراف والتنسيق الذي يتكون من ممثلين لجهات عربية ودولية، هي: مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية ببيروت، ولجنة الأمم المتحدة لغرب آسيا -الإسكوا، وقاعدة بيانات "معرفة"، فضلا عن لجنة علمية من خبراء وأكاديميين ذوي سمعة علمية رائدة من عدة دول عربية.

ويُعدّ معامل "آرسيف"، الذي نقل الإنتاج العلمي العربي من حيز غير مرئي إلى إنتاج معترف به عالميا، أداة منهجية لقياس الأهمية النسبية للأبحاث والمجلات العلمية ومقارنتها في مجال حقلها المعرفي وحجم تأثيرها العلمي، ويستخرج وفـق معادلات معيارية صارمة تستند إلى مقاييس عالمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المرتبة الأولى فی الثالثة والرابعة الأولى فی مجال والنشر العلمی معامل التأثیر العلمی العربی مجال العلوم الذی یضم

إقرأ أيضاً:

مصطفى حجازي.. عالم النفس الذي فكك هدر الإنسان العربي وقهرِه

في مارس/آذار الماضي، وفي حواره مع الجزيرة نت، شدد عالم النفس والمفكر اللبناني الدكتور مصطفى حجازي -في سياق حديثه عن طوفان الأقصى- على أن علماء الاجتماع العرب وسواهم لا يدرسون الشعب الفلسطيني من الداخل وصولا إلى اكتشاف قواه الحية الكامنة، مضيفا أن هؤلاء العلماء "يلامسون سطح الواقع الفلسطيني وينخرطون هم والمثقفون في دراسة الفكر الغربي وقضاياه وأطروحاته وكأنها اليقين العلمي الكوني، مع أن هذا الفكر قد تم تطويره لفهم واقع الإنسان الغربي".

وبعد أشهر من ذلك، وتحديدا مساء الأحد 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024، رحل حجازي عن عالمنا عن عمر يناهز 88 عاما بعد مسار حافل كرّس فيه أبحاثه لبحث ودراسة القضايا الكبرى في المجتمعات العربية، على غرار قضايا الاستبداد والقهر والهدر والبطالة، من خلال مشروع فكري وظف فيه علم النفس في خدمة قضايا التنمية الإنسانية، انطلاقا من خصائص وديناميات الإنسان العربي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل تتغلب الفرنكوفونية على انحسارها في ديارها بالتوسع خارجا؟list 2 of 2فكر ونقدend of list المولد والمسار الأكاديمي

رأى الراحل مصطفى حجازي النور في مدينة صيدا عام 1936، وتدرّج في دراسته إلى أن نال إجازة جامعية في علم النفس من جامعة عين شمس المصرية عام 1960، ثم سافر إلى بريطانيا، حيث اطلع على مؤسسات رعاية الطفولة والناشئة.

وفي سنة 1965 حصل حجازي على دبلوم علم الجريمة العيادي من جامعة ليون الفرنسية، ثمّ على الدكتوراه سنة 1967 في علم النفس من الجامعة ذاتها. وبعد سنة من ذلك اعتُمد خبيرا نفسانيا في محاكم ومراكز رعاية الأحداث في لبنان، وهو النشاط الذي مارسه إلى غاية نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، وقاده إلى التنقل بين مؤسسات لبنانية وعربية معنيّة بتدريب العاملين برعاية الطفولة في سوريا والبحرين والكويت والعراق وقطر، كما شغل حتى رحيله منصب الرئاسة الفخرية للمركز اللبناني للعلوم النفسية والاجتماعية- نفسانيون.

أما على المستوى الأكاديمي، فقد عمل حجازي أستاذا لعلم النفس بالجامعة اللبنانية منذ 1983، ثم أستاذا للصحة الذهنية في جامعة البحرين بين عامي 1990 و2006، ليُعين بعدها أستاذا زائزا في كلية الطب بجامعة الخليج العربي، قبل تفرغه للبحث والكتابة بداية من عام 2008.

كتاب "ثقافة الطفل العربي بين التغريب والأصالة" (1993) (الجزيرة)

وأثرى حجازي مكتبة علم النفس العربية بعدة مؤلفات، من بينها "ثقافة الطفل العربي بين التغريب والأصالة" (1993)، "المسؤولية المدنية للخبير القضائي: دراسة مقارنة بين القانون الفرنسي والمصري والكويتي في ضوء آراء الفقه وأحداث أحكام القضاء" (1998)، "علم النفس والعولمة: رؤى مستقبلية في التربية والتنمية" (2001)، "الشباب الخليجي والمستقبل: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية" (2008)، "علم النفس والعولمة: رؤى مستقبلية في التربية والتنمية" (2010)، "إطلاق طاقات الحياة: قراءات في علم النفس الإيجابي" (2011)، "العصبيات وآفاتها: هدر الأوطان واستلاب الإنسان" (2019)، "اللقاء: كيف يكشفنا لأنفسنا ويفتحنا على العالم" (2021).

كما أنه ترجم كتابَي "الكلام أو الموت" لمصطفى صفوان، و"معجم مصطلحات التحليل النفسي" للكاتبين جان لابلانش وج .ب. بونتاليس إلى اللغة العربية.

وقد عبّر مصطفى حجازي في أبحاثه عن الهموم الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات العربية، حيث درس وحلل سيكولوجية القهر والهدر في الوطن العربي في كتابَيه "التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور" (1981)، و"الإنسان المهدور" (2006)، وهما من أشهر مؤلفاته.

كتاب "التخلف الاجتماعي.. مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور" لمصطفى حجازي (الجزيرة) علم النفس في خدمة التنمية

كرّس مصطفى حجازي أبحاثه لبحث ودراسة القضايا الكبرى في المجتمعات العربية على غرار قضايا الاستبداد والقهر والهدر والبطالة والفقر، فملأ بذلك فراغا هائلا على المستوى العربي، وأحدث قفزة نوعية في مجال علم التحليل النفساني الاجتماعي، من خلال مشروع فكري وظف فيه علم النفس في خدمة قضايا التنمية الإنسانية.

"من أسباب تجنب علماء النفس العرب بحث القضايا الكبرى والشائكة في مجتمعاتهم -حسب حجازي- تعاظم نظام المحظورات، وهو النظام الذي يحرّم أي مقاربة تحاول الكشف عن أمراضنا الاجتماعية بسبب حاجته لإيثار السلامة "في عالم لا حصانة فيه لمن يقدم معلومات كاشفة عنه".

إذ كان قد انتبه إلى أن علم النفس الغربي قطع أشواطا مهمة وحقق اكتشافات بالغة الأثر على مستوى فهم تكوين الإنسان الغربي ودراسة قواه ودوافعه ودينامية سلوكه وتوجهاته، بينما اكتفى نظيره العربي -في أغلب الحالات- باستيراد هذه المعطيات وتطبيقها على المجتمع العربي، مؤكدا أن علم النفس في الوطن العربي لا يزال مقصرا في تناول هذه القضايا وظل رهين التبعية لعلم النفس الغربي الذي نشأ وتطور لخدمة احتياجات المجتمع الصناعي في الغرب، مهملا بذلك خصائص وديناميات الإنسان العربي.

ومن أسباب تجنب علماء النفس العرب بحث القضايا الكبرى والشائكة في مجتمعاتهم -حسب حجازي- تعاظم نظام المحظورات، وهو النظام الذي يحرّم أي مقاربة تحاول الكشف عن أمراضنا الاجتماعية بسبب حاجته لإيثار السلامة "في عالم لا حصانة فيه لمن يقدم معلومات كاشفة عنه".

تفكيك التخلف الاجتماعي

لقي كتاب "التخلف الاجتماعي.. مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور" منذ صدوره سنة 1981 إشادة كبيرة، وظل منذ ذلك الحين محافظا على راهنيته، فتوالت طبعاته إلى الآن بمعدل طبعة واحدة كل سنتين.

وقد حاول مصطفى حجازي في هذا الكتاب، من خلال منهجية تقوم على الملاحظة والتحليل النفسي والاجتماعي للظواهر المعيشة، دراسة التكوين النفسي والتكوين الذهني للإنسان المتخلف، والأساليب التي يواجه بها مأزقه الوجودي، مستعرضا أبرز ملامح بنية التخلف الاجتماعي وما تولده من سيكولوجية خاصة عند الإنسان المقهور. فحسب الكاتب، يتلخص وجود الإنسان المتخلف في وضعية مأزقية جراء القهر المفروض عليه، ويحاول مجابهتها في سلوكه وتوجهاته وقيمه ومواقفه ليحفظ لنفسه بعض التوازن النفسي الذي لا يمكنه العيش بدونه.

حجازي استعرض في كتابه أساليب مواجهة الإنسان للقهر، إما بالتمسك بالتقاليد أو اللجوء للعنف (رويترز)

كما رصد مصطفى حجازي الأساليب الدفاعية التي يواجه بها الإنسان المقهور ما يتعرض له من قهر. ومن بين أبرز هذه الأساليب انكفاؤه على الذات من خلال التمسك بالتقاليد والرجوع إلى الماضي المجيد وتماهيه مع المتسلط، بالإضافة إلى السيطرة الخرافية على مصيره (الأولياء، الجن، العفاريت السحر، الحسد، تأويل الأحلام، قراءة الطالع…) ثم اللجوء إلى العنف، وهو ما تناوله حجازي بالشرح والتحليل، مبينا مظاهره وأشكاله، وذلك باعتباره أسلوبا يسجل حضوره بقوة في المجتمعات المقهورة، دون أن يغفل وضعية المرأة في هذه المجتمعات وأوجه وملامح القهر المفروض عليها، والوسائل التي تواجه بها هذا القهر.

ويؤكد حجازي أن هذه الخصائص النفسية التي تميز شخصية الإنسان المتخلف وأساليبه الدفاعية "تشكل في الكثير من الحالات عقبات جدية في وجه التغيير الاجتماعي، وتكون كوابح هامة لمشاريع التنمية"، مشددا على أهمية اكتشاف هذه الخصائص والوعي بها كشرط أساسي إذا أردنا لمشاريع التغيير والتطوير في مجتمعنا العربي أن تنطلق من أسس صلبة، وأن تؤتي المخططات التنموية التي نرسمها بعض أكلها.

في دراسة الإنسان المقهور، ركز حجازي على الخصائص النفسية للقهر، وعلى الآليات الدفاعية التي يلجأ إليها الإنسان المقهور لمجابهة مأزق الوجود غير القابل للاحتمال. وانصب البحث أساسا على الخصائص النفسية للإنسان المقهور ودفاعاته، بدون الخوض في قوى التسلط التي تفرض هذا القهر

هدر الإنسان

في دراسة الإنسان المقهور، ركز حجازي على الخصائص النفسية للقهر، وعلى الآليات الدفاعية التي يلجأ إليها الإنسان المقهور لمجابهة مأزق الوجود غير القابل للاحتمال. وانصب البحث أساسا على الخصائص النفسية للإنسان المقهور ودفاعاته، بدون الخوض في قوى التسلط التي تفرض هذا القهر.

وفي كتابه "الإنسان المهدور"، عمل حجازي على استكمال الصورة "من خلال البحث في ألوان الهدر ووكالاته والقوى التي تفرضه لحساب مصالحها ونفوذها وسلطانها". كما تطرق -من خلال دراسة تحليلية نفسية واجتماعية- إلى "الاستبداد وما يتوسله من آليات وتلاعبات الفرض والإخضاع والتخويف، وصولا إلى خلق حالة الإعجاب بالمستبد والتعلق الانفعالي به، بل والذوبان في كيانه".

حجازي يرى أن الهدر يجعل من الإنسان أداة لخدمة أغراض الاستبداد فيضحَّى به في الحروب باعتباره الوقود الذي يغذي اشتعالها (الجزيرة)

ويتجلى هدر الإنسان العربي من قبل ثالوث الحصار والقمقمة (الاستبداد، العصبيات، الأصوليات) -حسب حجازي- "من خلال التعامل معه ليس باعتباره إنسانا له كيان وقيمة، وإنما باعتباره أداة، أو عقبة ومصدرَ تهديد، أو عبئا وحملا زائدا".

ويؤكد صاحب حصار الثقافة في هذه الدراسة أن الهدر يتفاوت "بين انعدام الاعتراف بإنسانية الإنسان كحد أقصى، وبين استبعاده وإهماله والاستغناء عن فكره وطاقاته باعتباره عبئا، أو كيانا فائضا عن الحاجة" كما هو الشأن -مثلا- في تعامل الأنظمة التي تستأثر بخيرات الوطن، وترى في جحافل الجماهير المغبونة والمحرومة عبئا على رفاه المَحظيين.

"الناس أداة المستبد يزج بهم في الحروب، أو يستخدمهم للترويج لعظمته وعلو شأنه، في مختلف عمليات التبجيل والتطبيل والتزمير والإشادة بقدراته الخارقة، أو أعطياته ومكرماته"

ويضيف حجازي أن الهدر قد يتخذ طابع تحويل الإنسان إلى أداة لخدمة أغراض الاستبداد يضحَّى به في حروب النفوذ باعتباره الوقود الذي يغذي اشتعالها، أو هو الأداة التي تُبجّل وتُطبل لسلطان المستبد وتخدم أغراض همينته وتوسع سطوة نفوذه. فالناس -على حد قوله- "أداة المستبد يزج بهم في الحروب، أو يستخدمهم للترويج لعظمته وعلو شأنه، في مختلف عمليات التبجيل والتطبيل والتزمير والإشادة بقدراته الخارقة، أو أعطياته ومكرماته"، بينما قد يتخذ الهدر أحيانا طابعا ذاتيا كما يشاهد في الحالات المرضية التي ينخرط فيها المريض في عملية تدمير ذاتي.

مقالات مشابهة

  • مصطفى حجازي.. عالم النفس الذي فكك هدر الإنسان العربي وقهرِه
  • خلال مؤتمر QS العربي 2024 .. رئيس جامعة عمان الأهلية يؤكد أهمية تنظيم الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي
  • صندوق النقد العربي يتوقع تراجع التضخم بالدول العربية المستوردة للنفط عام 2024
  • تقرير أمريكي:العراق من أكثر البلدان تخلفا في الابتكار والتصنيع والبحث العلمي والتطوير
  • سياسة واقتصاد بني سويف تحصد المرتبة الثالثة عربيا والثانية محليا في مجال العلوم السياسية
  • مجلة اقتصاد بني سويف تحصد المرتبة الثالثة عربيا والثانية محلياً في مجال العلوم السياسية
  • وزيرة التنمية المحلية: أسيوط احتلت المرتبة الأولى في استرداد أراضي أملاك الدولة
  • منال عوض: أسيوط احتلت المرتبة الأولى في استرداد أراضي أملاك الدولة بالموجة الـ24
  • توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي ذمار والحديدة في مجال البحث العلمي