علماء: قصة حب الإنسان مع الخبز والكربوهيدرات أقدم مما كنا نظن
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
تشكّل الكربوهيدرات جزءا أساسيا من النظام الغذائي للإنسان، فهي موجودة في الخبز والأرز والمعكرونة والحلويات وغيرها من الأطعمة التي نستمتع بها يوميا، لكن ما السبب وراء هذا الانجذاب القوي للكربوهيدرات؟ هل هو مجرد تفضيل ذوقي أم إن هناك عوامل علمية وتطورية تقف وراء ذلك؟
الوقود الأساسيتُعَد الكربوهيدرات المصدر الرئيسي للطاقة في جسم الإنسان، وعند تناولها، تتحول إلى جلوكوز يُستخدم كوقود للخلايا، مما يدعم الوظائف الحيوية مثل الحركة والتفكير وحتى عملية التنفس.
من منظور تطوري، كان أسلافنا البدائيون يعيشون في بيئات قاسية، حيث كان الطعام نادرا، في حين كانت الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات توفر مصدرا سريعا وفعّالا للطاقة، مما يزيد فرص البقاء على قيد الحياة. هذا التفضيل الطبيعي للكربوهيدرات قد تم ترسيخه عبر الأجيال من خلال التطور الجيني.
استهلاك النشويات وتحويلها إلى سكريات بسيطة كان له دور حاسم في توفير الطاقة اللازمة لنمو الدماغ (الجزيرة)تشير الدراسات الحديثة إلى أن تفضيل البشر للكربوهيدرات يعود إلى آلاف السنين، قبل ظهور الإنسان العاقل (Homo sapiens) بوقت طويل.
كشفت دراسة نُشرت في مجلة "ساينس" كشفت عن تطور جين "إيه إم واي 1" AMY1، المسؤول عن إنتاج إنزيم الأميلاز الذي يساعد في هضم النشويات. هذا التوسع في نسخ الجين حدث قبل ظهور الزراعة بآلاف السنين، مما يشير إلى أن البشر طوروا القدرة على الاستفادة من النشويات خلال فترات الصيد والجمع.
ووفق شبكة سي إن إن، يقول خبير الأنثروبولوجيا تايلور هيرميس "امتلاك نسخ متعددة من جين الأميلاز مكّن الصيادين والجامعين من استغلال الأطعمة الغنية بالنشويات مثل الدرنات والبذور، مما زاد فرص البقاء على قيد الحياة".
الدماغ والكربوهيدرات: علاقة تطورية وثيقةيعتقد العديد من العلماء أن الكربوهيدرات، وليس البروتينات وحدها، كانت المصدر الأساسي للطاقة الذي ساهم في تطور حجم الدماغ البشري، وتشير الدراسات إلى أن استهلاك النشويات وتحويلها إلى سكريات بسيطة كان له دور حاسم في توفير الطاقة اللازمة لنمو الدماغ.
وتقول أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة هارفارد كريستينا وارينر "زيادة نسخ جين الأميلاز عززت قدرة الإنسان على تحليل النشويات وتحويلها إلى طاقة، مما دعم التطور السريع للدماغ".
الكربوهيدرات وليس البروتينات وحدها كانت المصدر الأساسي للطاقة الذي ساهم في تطور حجم الدماغ البشري (شترستوك) تتبع الجينات عبر الزمنوفقا لدراسة نُشرت في مجلة "نيتشر ريفيوز جينيتكس" (Nature Reviews Genetics) عام 2022، فإن دراسة التنوع الجيني عبر الزمن تساعد في فهم التحولات الغذائية المهمة في تاريخ الإنسان.
مع تحول البشر إلى الزراعة قبل حوالي 10 آلاف سنة، ازداد استهلاك النشويات بشكل كبير، وهذا التغيير أدى إلى زيادة عدد نسخ جين AMY1 في البشر المعاصرين، حيث أصبحوا يعتمدون بشكل أكبر على الأطعمة النشوية كمصدر رئيسي للطاقة.
الكربوهيدرات والمزاج: السعادة في المذاقالكربوهيدرات لا تؤثر فقط على الجسم بل تمتد تأثيراتها إلى الدماغ أيضا، فعند تناول الكربوهيدرات يزيد مستوى السيروتونين، مما يساهم في تحسين المزاج والشعور بالراحة، وهذا التأثير البيوكيميائي قد يفسر سبب انجذابنا الطبيعي إلى الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات.
تشير الأبحاث العلمية إلى أن حب الإنسان للكربوهيدرات هو نتيجة تفاعل معقد بين العوامل الجينية والتطورية والبيوكيميائية، وقد لعبت قدرة البشر القدامى على هضم النشويات واستغلالها كمصدر أساسي للطاقة دورا محوريا في تطور الدماغ وفي البقاء على قيد الحياة، فهذه العوامل تساعدنا على تقدير دور الكربوهيدرات في تاريخنا التطوري، والتعامل بشكل أفضل مع اختياراتنا الغذائية اليوم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
45 عاما في الأسر.. نائل البرغوثي أقدم فلسطيني في سجون الاحتلال
دخل الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي، اليوم الأربعاء، عامه الـ45 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهي أطول مجموع مدة اعتقال داخل سجون الاحتلال في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة.
وأوضحت هيئة الأسرى، ونادي الأسير، واجه الأسير البرغوثي البالغ من العمر (67 عاماً) من بلدة كوبر شمال غرب رام الله، الاعتقال منذ عام 1978، وقضى منها 34 عاماً بشكل متواصل، وتحرر عام 2011 ضمن صفقة "التبادل"، إلا أن الاحتلال أعاد اعتقاله ضمن حملة اعتقالات واسعة عام 2014، طالت العشرات من المحررين في الصفقة، وأعاد الاحتلال بحقه حكمه السابق، وهو المؤبد و(18) عاماً بذريعة وجود (ملف سري).
يُشار إلى أن ذكرى اعتقاله هذه تأتي في وقت هو الأكثر دموية بحق الشعب الفلسطيني، مع استمرار الاحتلال في تنفيذ إبادته الجماعية الممنهجة بحق شعبنا في غزة، وكذلك بحق الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعسكراته، الذين يتعرضون لوجه من أوجه الإبادة.
وقالا: “منذ السابع من أكتوبر يتعرض أسرانا وقادة الحركة الأسيرة، ومنهم القائد البرغوثي، لعمليات تنكيل وعزل وسلب وتعذيب واعتداءات غير مسبوقة بكثافتها، فقد تعمدت منظومة السجون ترسيخ كل ما تملك من أدوات لاستهداف أسرانا، وسلب حقوقهم، وما تمكنوا من تحقيقه بالدم والتضحية، وقد تعرض القائد البرغوثي إلى جانب رفاقه، لعمليات نقل وتنكيل متكررة، ووفقًا لآخر المعطيات فإن القائد البرغوثي يقبع اليوم في سجن (شطة)”.
وأكدا أن كل هذه الإجراءات والسياسات التي صعّد الاحتلال ممارستها منذ بدء جريمة حرب الإبادة المستمرة، لم تكن وليدة اليوم، بل شكلت نهجًا وامتدادًا لسياساته القمعية والانتقامية منذ احتلاله لأرضنا، وتعرض مئات الآلاف من أبناء شعبنا لعمليات اعتقال وتنكيل وتعذيب.
وفيما يلي أبرز المحطات في حياة القائد نائل البرغوثي المعروف بـ(أبو النور):
▪ وُلد الأسير البرغوثي في بلدة كوبر في 23 أكتوبر عام 1957، واعتُقل للمرة الأولى عام 1978، وحُكم عليه بالسجن المؤبد و18 عاماً، وعلى مدار 34 عاماً قضاها بشكل متواصل، رفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنه، رغم عقد العديد من صفقات التبادل، والإفراجات التي تمت في إطار المفاوضات.
▪️ في الثامن عشر من أكتوبر عام 2011، ضمن صفقة "التبادل" أُفرج عنه إلى جانب المئات من الأسرى، وكان من ضمنهم رفيق دربه المحرر فخري البرغوثي، وتزوج بعد الإفراج عنه من المحررة أمان نافع.
▪️ وفي الثامن عشر من يونيو 2014، أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله مجدداً، وأصدرت بحقه حكماً مدته 30 شهراً، وبعد قضائه مدة محكوميته، أعادت حكمه السابق، وهو المؤبد و18 عاماً بذريعة وجود “ملف سري”، إلى جانب العشرات من محرري صفقة "التبادل"، الذين أُعيدت إليهم أحكامهم السابقة، وأغلبيتهم يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد.
▪️ وفي عام 2018، قتلت قوات الاحتلال ابن أخيه صالح البرغوثي، واعتقلت شقيقه عاصم، ومجموعة كبيرة من أفراد عائلته، وهدمت منزلين للعائلة، ضمن سياسة العقاب الجماعي، وخلال العام الجاري اعتقل الاحتلال زوجته أمان نافع، التي أفرج عنها بعد أن أمضت 3 أشهر رهن الاعتقال الإداري، وشقيقته الوحيدة حنان البرغوثي المعتقلة إدارياً حتى اليوم.
▪️ وخلال عام 2021 واجه البرغوثي محطة صعبة في حياته تُضاف إلى العشرات من المحطات السابقة، وذلك بفقدان شقيقه ورفيق دربه عمر البرغوثي (أبو عاصف)، إذ حرمه الاحتلال مجددًا من وداع أحد أحبائه، كما فقد سابقًا والديه وحرمه كذلك من وداعهما.
▪️يشار إلى أنه منذ أكثر من 6 سنوات شرع محاميه بمسار قانوني تمثل، في تقديم عدة استئنافات والتماسات ضد قرار إعادة حكمه السابق، وحتى الآن لم يصدر قرار.
وجه الأسير البرغوثي على مدار سنوات اعتقاله الماضية العديد من الرسائل نستذكر منها:
"إن محاولات الاحتلال لقتل إنسانيتنا لن تزيدنا إلا إنسانية".
"لو أن هناك عالما حرّا كما يدّعون، لما بقيت في الأسر حتى اليوم".