عربي21:
2024-10-22@15:48:45 GMT

هل أخطأ الفلسطينيون لأنّهم قاوموا مستعمريهم؟!

تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT

تذكر بعض المصادر الفلسطينية، أنّ الفلسطينيين خسروا في الشهور الستة الأولى من الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939)، قبل توقفها المؤقت، 3 آلاف شهيد من المجاهدين، و8 آلاف بين جريح وشهيد من المدنيين. المصادر ذاتها، تذكر أنّ خسائر الفلسطينيين بلغت مع انتهاء الثورة، 8 آلاف شهيد من المجاهدين، و18 ألف جريح منهم، و15 ألف شهيد وجريح من المدنيين.



وقد شمل قمع الانتداب البريطاني للثورة نسف أحياء كاملة في المدن مثل اللد وجنين، والقرى (كان هناك قرار بريطاني بنسف مدينة يافا بالكامل بذريعة الرغبة في إعادة بنائها)، ومن القرى التي نسفت أحياء منها: كوكب الهوا وشعب والبروة وطمرة في شمالي فلسطين، وبلعا وفولة وعصيرة الشمالية وطلوزة وزيتا وبرقة وبيت دجن ودير شرف في وسط فلسطين، والقباب في القدس، والدوايمة والشيوخ وحلحول في الخليل، وذلك علاوة على اعتقال الآلاف، وإحراق المزارع، وقطع الأشجار، وإتلاف المؤن، وإهلاك الماشية والدواجن، ونهب البيوت والمحال وممتلكات الفلسطينيين. وبلغ الأمر بالإنجليز إعدام من يجدون في حوزته ولو طلقة رصاص واحدة، وبالفعل أُعدم ثلاثة شبان في طولكرم لمجرد امتلاكهم بضع طلقات من الرصاص.

يمكن تخيّل الإنهاك الذي أصاب المجتمع الفلسطيني (والذي هو مجتمع صغير أصلا قليل العدد) مع نهاية الثورة؛ وبحيث يمكن القول، وبقطع النظر عن الأرقام الدقيقة بخصوص خسائر الفلسطينيين، إنّ بريطانيا أوقعت نكبة هائلة بالفلسطينيين مع العام 1939 مهّدت للنكبة الكبرى عام 1948. ولا يمكن القول إنّ هذه الثورة انتصرت، أو أفضت إلى انتهاء الانتداب البريطاني، أو قطعت الطريق على الاستعمار الصهيوني، ومع أنّنا نملك اليوم الترف الكامل لإعادة التقييم التاريخيّ لثورة الفلسطينيين تلك، بعض من يبدي شفقة زائفة على الثمن الفادح المدفوع في قطاع غزّة اليوم، كان هو ذاته من يعيّر الفلسطينيين أنّ ما دفعوه أقلّ مما دفعته أمم وشعوب أخرىونقد الكثير ممّا رافقها من ممارسات وخطابات، فلا يمكن القول إنّ الفلسطينيين أخطؤوا في ثورتهم، أو كان عليهم الامتناع عنها، أو كان عليهم ألا يكونوا شعبا حيّا، وأن يختلفوا عن كلّ أمّة قاومت مستعمريها؛ بألا يقاوموا هم مستعمريهم.

ومن نافلة القولّ إنّ بعض من يبدي شفقة زائفة على الثمن الفادح المدفوع في قطاع غزّة اليوم، كان هو ذاته من يعيّر الفلسطينيين أنّ ما دفعوه أقلّ مما دفعته أمم وشعوب أخرى. (لا نقول إنّ كل من يحصر خطابه في الثمن المدفوع اليوم هو كذلك، ولذلك قلنا "بعض").

كان للفلسطينيين العديد من المحطّات الكفاحية المسلّحة والشعبية الأقرب للطابع السلمي أو للعصيان المدني، وقاتلوا من داخل بلادهم ومن خارجها، ولكنهم لم يحرّروا بلادهم ولم يحقّقوا انتصارهم ولم يحرزوا إنجازا سياسيّا واضحا لا يحتمل الالتباس، لكن هل يمكن القول إنّ الشعب الفلسطيني كان مخطئا في نضالاته تلك، لأنّ نتيجتها كانت دائما قدرة العدوّ على احتوائها، وكسرها؟ وهل مقاومات الشعوب سوى سلسلة من حلقات الإرادة المتجددة وصولا للحظة الانتصار، التي لا بدّ وأن تُسبَق دائما بالعديد من الانكسارات؟! هل ثمّة مقاومة استعمار في التاريخ شذّت عن هذه الحقيقة؟!

سيُقال بالتأكيد من بعض من لا يكاد يقول شيئا في هذا الوقت سوى نقد عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر؛ إنّ الموقف ليس من مبدأ النضال ولا من مبدأ المقاومة المسلحة حتى، ولكن من الحسابات الخاطئة التي تقف خلف تلك العملية، لا سيما وأنّ الثمن المدفوع بعدها من الشعب الفلسطيني المظلوم في غزّة خسارة ضخمة لها مفاعيل عميقة لصالح العدوّ، ولكن بعض من يتذرّع بذلك، هو يقيّم الأمر من جهة النصر والهزيمة، فما دمنا قد هُزمنا فلا بدّ وأنّ القرار كان خاطئا، وذلك لأنّ نتيجة العملية، لو كانت بنحو مختلف، أي لو استدعت تداعيات أكثر خلخلة للعدو وأكثر إفادة للمقاومة والشعب الفلسطيني، لربما نفس ذلك البعض لم يمنح الخسائر الفلسطينية ما تستحقه من الاعتبار! ومثل هذا التصوّر حتما يعود على النضالات كلّها بالإدانة لأنّها لم تُنجِز انتصارا للفلسطينيين (هذا والحرب ما تزال قائمة!).

ليست قضيتنا هي رفض الوقوف النقدي مع عملية السابع من أكتوبر، مع أنّ العملية صارت في ذمّة التاريخ، وسؤال الوقت الآن هو "ما العمل؟"، إذ نقد عملية السابع من أكتوبر بالإلحاح الذي يبدو من بعضهم في هذا التوقيت بالذات، لا يفعل شيئا أكثر من التشويش على إمكانات الإجابة على "ما العمل؟"، دون أن يطرح أيّ مثقف منشغل فقط بنقد عملية السابع من أكتوبر وأصحابها؛ على نفسه سؤالا ناقدا حول عجزه عن مقاربة الحدث القائم الآن ببعديه (الملحمي من جهة المقاومة الأسطورية، والمأساوي من جهة الكارثة الواقعة على الشعب الفلسطيني في غزّة)، من أيّ زاوية أخرى، ودون أن يبيّن الفائدة المرجوّة من دورانه حول الفكرة ذاتها، التي حُفِظت عنه.

بالتأكيد نحن لا نناقش هنا من ينتقد السابع من أكتوبر من موقع العداء للشعب الفلسطيني أو العداء لحركة حماس أو الانحياز للعدوّ، وإنّما ذلك الذي تتحكّم فيه مشاعر صادقة تجاه الكارثة الكبرى التي وقعت بالفلسطينيين في غزّة وما يمكن أن ينبني عليها من إنجاز إسرائيليّ لاحق، ولكنّه والحالة هذه لا يقول شيئا أكثر ممّا هو معروف، سوى مبالغته في اتهام مخالفيه أنّهم لا يقيمون وزنا للكارثة الإنسانية الحاصلة. وهذا اتهام أخلاقيّ ظالم، لأنّه بدوره يتجاهل زوايا النظر المتعددة للحرب، ويتجاهل أنّ التقدير الحقيقي للخسارة العظيمة في غزّة لا يكون فقط بمجرد وصفها أو تحميل عملية السابع من أكتوبر المسؤولية عنها، بل من صور تقدير تلك الخسارة هي نصرة كلّ من وقعت عليه الإبادة والحرب الإسرائيلية بما في ذلك أصحاب السابع من أكتوبر، فبالنظر الأخلاقي الصرف، هل تكون نصرة الفلسطينيين بشتم بعض من تقع عليهم الإبادة، وعزل ذلك البعض عن بقية الشعب المظلوم؟!

بقطع عن النظر عن سؤال التوقيت وقيمة النقد الراهن لحدث صار في ذمّة التاريخ وباتت المسؤولية الواجبة الآن في محاولة المساهمة في تحسين الموقف لصالح الفلسطينيين، هي في كون النقد يتحوّل إلى إدانة، فنقد الحسابات السياسية التي وقفت خلف السابع من أكتوبر شيء، وإدانة أصحاب السابع من أكتوبر شيء آخر، لا سيما مع تحوّل الإدانة إلى موقف ضمنيّ يحرم هؤلاء من حقهم في التعاطف
المشكلة هنا، وبقطع عن النظر عن سؤال التوقيت وقيمة النقد الراهن لحدث صار في ذمّة التاريخ وباتت المسؤولية الواجبة الآن في محاولة المساهمة في تحسين الموقف لصالح الفلسطينيين، هي في كون النقد يتحوّل إلى إدانة، فنقد الحسابات السياسية التي وقفت خلف السابع من أكتوبر شيء، وإدانة أصحاب السابع من أكتوبر شيء آخر، لا سيما مع تحوّل الإدانة إلى موقف ضمنيّ يحرم هؤلاء من حقهم في التعاطف؛ وهم الذين يقاومون الإبادة الواقعة عليهم وعلى بقية أبناء شعبهم.

البعض يفعل ذلك بنحو صريح حينما يجعل بعض من تقع عليه الإبادة مسؤولا عن الإبادة الواقعة على البقية من شعبه من الساخطين المكلومين، وهو فعل تحريضيّ رخيص، مارسه نتنياهو وغالانت صراحة، ومن غير المفهوم أن تكون نصرة الملاحقين بالإبادة بالاتفاق مع نتنياهو وغالانت في تحريضهم أهل غزّة على المقاومين من بينهم!

وينبغي أن تكون هذه المسألة واضحة (أي عدم تحويل النقد إلى إدانة)، وبما يغني عن تكرار الكثير ممّا قلناه عن كون الإبادة عقيدة إسرائيلية لا يتحمّل المسؤولية عنها إلا الإسرائيليون، وكذلك ينبغي أن تكون الأمثلة التاريخية من الممارسة الإسرائيلية نفسها كافية لتبيان أن مستويات العنف الاستعماري متعلقة بإرادة المستعمِر لا بمن يقاومه، وإلا لما قاوم أحد مستعمره، لأنّ المستعمر، أيّ مستعمر، يعمل دائما على جعل كلفة مقاومته أثقل على الشعب الذي يقاومه من كلفة وجود الاستعمار واستمراره.

القضية هنا أنّ النقد الذي يدين المقاوم، لا الذي يراجع حساباته (وبقطع النظر عن مسألة التوقيت)، ويربط عنف العدوّ حتميّا بفعل المقاوم؛ هو يفترض حقيقة أخرى للعدوّ غير عقيدة الإبادة، وغير سياسة رفع كلفة المقاومة، وكما أنّه يبرّئ العدو من هذه العقيدة، فإنّ مآل تصوّره هذا هو الكفّ عن مقاومة العدوّ.

x.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة النقدي غزة الاحتلال المقاومة النقد طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عملیة السابع من أکتوبر الشعب الفلسطینی ر الفلسطینیین یمکن القول ة التاریخ النظر عن فی غز ة بعض من

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الأميركي من كييف: بوتين أخطأ.. وروسيا لن تنتصر أبدا

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الاثنين، إن الولايات المتحدة لا تسعى إلى الحرب مع روسيا، وحتى مع  تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "المتهورة والخطيرة للغاية بشأن الحرب النووية سنواصل التصرف بمسؤولية" وفق تعبيره.

وأضاف أوستن أن بلاده ستتمسك بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي وستدافع عن كل شبر من أراضيه، خلال خطاب ألقاه في الأكاديمية الدبلوماسية في العاصمة الأوكرانية كييف التي زارها الاثنين، دون إعلان مسبَق.

وأكد أن الولايات المتحدة "ستقدم لأوكرانيا كل ما تحتاجه للقتال من أجل بقائها وأمنها"، مردفاً "لقد أخطأ بوتين حين تصوّر أنه سينتصر، وأوكرانيا ستستسلم وديمقراطياتنا ستستسلم وأن العالم الحر سيتراجع".

"فالحرب لم تسر بالطريقة التي خطط لها الكرملين وموسكو لن تنتصر أبداً في أوكرانيا"، تابع أوستن.

وقال الوزير الأميركي، الذي التقى خلال زيارته نظيره رستم معروف، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي: "بعد 970 يوماً من الحرب، لم يحقق بوتين هدفا واحدا من أهدافه الإستراتيجية ودفعت روسيا ثمناً باهظاً لحماقة بوتين".

أوستن يصل إلى أوكرانيا في زيارة غير معلنة وصل وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، صباح الإثنين، إلى العاصمة، كييف، في زيارة غير معلنة مسبقا، وذلك لإظهار الدعم لأوكرانيا قبيل الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة، حسبما ذكرت وكالة "رويترز".

ومنذ فبراير 2022، وفقاً للأمم المتحدة، قتلت القوات الروسية أكثر من 11000 مدني أوكراني بينهم 600 طفل.

ولفت أوستن إلى أن المسيّرات التي تنتجها المصانع الأوكرانية اليوم من الأفضل في العالم، مثنياً على "شجاعة" الجنود الأوكرانيين ومهاراتهم.

في الوقت ذاته، أقرّ وزير الدفاع الأميركي بأن "مستقبل أوروبا على المحك وقوة حلف شمال الأطلسي على المحك وأمن الولايات المتحدة على المحك".

وعبر حسابه على منصة إكس، قال أوستن إنه أكد لزيلنسكي: "ما زلنا ملتزمين بدعم كفاح أوكرانيا من أجل السيادة في وقت حرج من الحرب. تقف الولايات المتحدة بحزم مع أوكرانيا في حربها ضد العدوان الروسي".

It was an honor to meet with President @ZelenskyyUa in Kyiv today. We remain committed to supporting Ukraine’s fight for sovereignty at a critical time in the war. The United States stands firmly with Ukraine in its fight against Russian aggression. pic.twitter.com/e75Q7kcU1O

— Secretary of Defense Lloyd J. Austin III (@SecDef) October 21, 2024

وتأتي زيارة أوستن لإظهار الدعم الأميركي ودعم المجتمع الدولي لأوكرانيا في حربها مع روسيا، بحسب ما أوضح عبر منشور في إكس.

وقال إنها المرة الرابعة التي يزور أوكرانيا وزيرا للدفاع، معلناً من هناك عن حزمة أسلحة جديدة بقيمة 400 مليون دولار، منها ذخائر إضافية ومدرعات وأسلحة مضادة للدبابات.

وبيّن أوستن في اجتماعه مع زيلنسكي "يسعدني أن أعلن اليوم التعهد بحزمة بقيمة 400 مليون دولار لتزويد قواتكم بذخائر إضافية ومدرعات وأسلحة مضادة للدبابات من سلطة السحب الرئاسية".

مقالات مشابهة

  • نيكاراغوا ترفض تصريحات إسرائيل التي تتهمها بأنها "قاعدة للإرهاب"
  • وزير الدفاع الأميركي من كييف: بوتين أخطأ.. وروسيا لن تنتصر أبدا
  • في عيد ميلادها.. انتحار ناجية إسرائيلية من هجوم السابع من أكتوبر
  • ما الذي نعرفه عن مؤسسة القرض الحسن التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي في لبنان؟
  • ما الذي نعرفه عن مؤسسة القرض الحسن التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي بلبنان؟
  • ألبانيز للجزيرة: الإبادة التي تمارسها إسرائيل بغزة أكدت نهاية النظام العالمي
  • ما هي ‘مفاجأة أكتوبر التي يخشاها جميع رؤساء أميركا في الشهر الأخير قبل الانتخابات؟
  • بينهم 165 طفلاً.. 759 شهيداً في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023
  • نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدعو لمقاطعة مجموعة MBC