شهدت العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، توترات متزايدة في الآونة الأخيرة، حيث قام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون باستعراض القدرات النووية لبلاده بشكل لافت. ويعكس هذا الاستعراض توجهات جديدة في السياسة العسكرية لكوريا الشمالية، مما حدا ببعض المراقبين للتساؤل هل سيدفع ذلك واشنطن إلى إعادة تقييم استراتيجياتها تجاه هذه الدولة؟.

ويقول الدكتور جون ميريل، خبير الشأن الكوري، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إن مشكلة كوريا الشمالية تفاقمت بشكل مفاجئ الشهر الماضي، عندما كشف زعيمها كيم جونغ أون عن منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم، قادرة على إنتاج يورانيوم عالي التخصيب يستخدم في تصنيع الرؤوس الحربية النووية.

كما استأنفت بيونغ يانغ اختباراتها للصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، حيث أطلقت صاروخ كروز استراتيجي جديد وصاروخاً باليستياً برأس حربي كبير للغاية.

Acknowledging North Korea’s nuclear status is not a policy rethink. It is a long overdue recognition that U.S.-stated goals and rhetoric are unrealistic and counterproductive.
| ⁦@TheNatlInterest⁩ https://t.co/opd45v4g40

— Shahriyar Gourgi (@ShahriyarGourgi) October 21, 2024

ولم يتم الكشف عن موقع منشأة التخصيب الجديدة، لكن البعض تكهن بأنها بالقرب من مجمع كوريا الشمالية النووي في يونجبيون. ونشرت وكالة الأنباء المركزية الكورية صوراً لكيم وهو يمشي بين صفوف من أجهزة الطرد المركزي، التي تستخدم في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب المستخدم في إنتاج الأسلحة.

وتتفاوت التقديرات، لكن بعض المحللين يعتقدون أن كوريا الشمالية قد تتمكن من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع ما يصل إلى 200 سلاح نووي بحلول عام 2027. ويضاف إنتاج المنشأة الجديدة لأجهزة الطرد المركزي إلى هذا العدد.

وخلال زيارته لمنشأة التخصيب، دعا كيم إلى توسع هائل في القدرة النووية للبلاد. ويبدو أن أجهزة الطرد المركزي تتمتع بتصميم جديد وأكثر كفاءة، ما يستلزم مراجعة التقديرات المتعلقة بالقدرة النووية لكوريا الشمالية. ولا يزال غير واضح متى بدأ تشغيل منشأة التخصيب الجديدة، لكنها تبدو حديثة نسبياً.

وزار كيم جونغ أون منشأة التخصيب يوم الجمعة 11 سبتمبر (أيلول) الماضي. وكان فريق من الأكاديميين الأمريكيين بقيادة سيجفريد هيكر من جامعة ستانفورد قد زار المنشأة في عام 2010.

وبعد فترة وجيزة من زيارة كيم، أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية بأن بيونغ يانغ أطلقت صاروخين جديدين باتجاه بحر اليابان، أحدهما كان صاروخ "هواسونجفو11- دا5-ر4"، والآخر كان صاروخ كروز مطور.

وكان الصاروخ الأول مصمماً لحمل رأس حربي تقليدي كبير للغاية، بينما وصف الصاروخ الثاني بأنه "استراتيجي"، وهي كلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الرأس الحربي النووي.

وأشرف كيم جونغ أون شخصياً على كلا الاختبارين. وعلى عكس المرات السابقة، لم تكن ابنته برفقته، حيث ظهرت معه كثيراً في المناسبات العسكرية. وخلال اختبارات الصواريخ، نقل عن كيم قوله إن الوضع الدولي الحالي يتطلب من بيونغ يانغ إعطاء الأولوية للقوة العسكرية.

وبعد تجارب الصواريخ والأسلحة النووية، زادت هذه الصور من دعم الجمهور الكوري الجنوبي لسياسة "الكمون النووي"، أي تطوير القدرة التكنولوجية التي تسمح بالاقتراب من امتلاك الأسلحة النووية دون إنتاجها فعلياً.

ووفقاً لاستطلاعات الرأي، فإن أكثر من 70% من الكوريين الجنوبيين يدعمون توسيع القدرات النووية دون الإنتاج الفعلي، على الأرجح لتجنب خلق مشاكل مع الولايات المتحدة.

ويقول ميريل إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تبدو عاجزة عن تطوير أي استراتيجية جديدة تجاه كوريا الشمالية.

ويوجه الرئيس السابق دونالد ترامب إشارات ودية نحو كيم جونغ أون، قائلاً إنه يستطيع حل المشكلة النووية لكوريا الشمالية عبر بضع مكالمات هاتفية.

ومع ذلك، من غير الواضح ما هي استراتيجية ترامب. وفي المقابل، تكرر نائبة الرئيس كامالا هاريس نفس نقاط الحديث التي يتبناها البيت الأبيض تحت قيادة بايدن، وهي في حملتها الانتخابية قبل وقت قريب من الانتخابات الرئاسية.

وهناك إجماع متزايد بين المتخصصين في السياسات في واشنطن، حول ضرورة أن تعيد الإدارة الأمريكية المقبلة التفكير في أهدافها الأساسية بشأن كوريا الشمالية.

ويقول العديد من الخبراء في العاصمة واشنطن إن المطالبة بنزع السلاح النووي كشرط مسبق أمريكي حالت دون إمكانية إبرام اتفاقيات للحد من التسلح أو التصعيد. ويمكن أن تكون هناك صفقات واتفاقيات مهمة على الطاولة تتعلق بالصواريخ ومنع الانتشار ووقف أو تقليص برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، وغيرها من الأهداف.

ومع ذلك، فإن الاعتراف بوضع كوريا الشمالية النووي ليس إعادة تفكير في السياسات، بل هو إدراك متأخر للغاية بأن الأهداف والتصريحات الأمريكية غير واقعية وتأتي بنتائج عكسية.

ففي عام 2007، قال الرئيس الكوري الجنوبي السابق كيم داي جونغ لمجموعة رفيعة المستوى من المسؤولين الاستخباراتيين والدبلوماسيين والأكاديميين في واشنطن، إن "الولايات المتحدة أهدرت 7 سنوات منذ أن عكست إدارة بوش سياسة الولايات المتحدة، وتخلت عن الدبلوماسية واعتمدت فقط على الإكراه والعقوبات".

وأضاف أن إعادة التفكير المطلوبة يجب أن تشكك في الافتراضات الأساسية وأن تقيم بصدق الخيارات الواقعية المتاحة الآن. وكان يجب أن يكون هذا من ضمن المسؤوليات اليومية لأجهزة الاستخبارات. وإذا أتيحت لها القيادة والمرونة للقيام بوظائفها، فربما كانت ستخرج الآن بأفكار قابلة للتنفيذ يمكن للفريق الجديد أخذها في الاعتبار.

ويقول ميريل إن أي إدارة جديدة تسعى للنجاح في شمال شرق آسيا يمكن أن تبدأ بالاستماع إلى المفاوض الذي لعب دوراً كبيراً في آخر اتفاق ناجح، وهو إطار العمل المتفق عليه لعام 1994.

وأشار المحلل الاستراتيجي روبرت جالوتشي إلى أن "الخطوات المسبقة قد تكون إنهاء نظام العقوبات الذي فقد فعاليته، وإعادة النظر الجادة في تدريباتنا العسكرية لتجنب الاستفزازات غير الضرورية"، مع ملاحظة الحاجة إلى أن تجعل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية هدفاً طويل الأمد.

ويرى ميريل أن هذه نصيحة سليمة من شخص لديه خبرة ذات صلة كبيرة الآن. وينبغي على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تأخذ هذه النصيحة بعين الاعتبار، وأن تجري إعادة تقييم موثوقة لافتراضاتها ومصالحها وأهدافها تجاه شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية كوريا الشمالية رامب الانتخابات الرئاسية الانتخابات الأمريكية ترامب كوريا الشمالية الولایات المتحدة لکوریا الشمالیة کوریا الشمالیة کیم جونغ أون

إقرأ أيضاً:

أول رد من كوريا الشمالية حول حقيقة إرسالها قوات إلى روسيا

نفت كوريا الشمالية إرسال قوات إلى روسيا لمؤازرتها في الحرب ضد أوكرانيا، فيما وصف ممثل لبيونج يانج لدى الأمم المتحدة إعلان سيول في هذا الصدد بأنه "شائعة لا أساس لها".

ووفقا وكالة الصحافة الفرنسية "فرانس برس"، قال ممثل لكوريا الشمالية في جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة عقدت مساء الاثنين في نيويورك: "في ما يتعلق بما يسمى التعاون العسكري مع روسيا، فإن وفدي لا يشعر بالحاجة إلى التعليق على هذه الشائعات النمطية التي لا أساس لها".

وأضاف أن ما أعلنته سيول يهدف إلى "تشويه صورة جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وتقويض العلاقات المشروعة والودية وروابط التعاون بين دولتين ذات سيادة".

كانت كوريا الجنوبية استدعت الاثنين السفير الروسي في سيول للمطالبة بانسحاب «فوري» للجنود الذين أرسلتهم، بحسب قول سيول، بيونج يانج لدعم موسكو في حربها ضد أوكرانيا، وفق ما أفادت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية.

وقالت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية الجمعة الماضي، إن نحو 1500 جندي من القوات الخاصة الكورية الشمالية موجودون في روسيا للتأقلم مع الوضع قبل التوجه قريبا إلى الجبهة متوقعة إرسال إجمالي 12 ألف جندي.

ونشر الجهاز الوطني للاستخبارات الكورية الجنوبية في تقريره صورا مفصلة عبر الأقمار الاصطناعية تظهر، بحسب قوله، أول انتشار لهؤلاء الجنود.

وذكرت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء الثلاثاء نقلا عن مصدر حكومي أن سيول تفكر في إرسال وفد إلى أوكرانيا يضم عسكريين من الاستخبارات لمراقبة انتشار القوات الكورية الشمالية.

مقالات مشابهة

  • تحليل :هل يدفع الاستعراض النووي لزعيم كوريا الشمالية واشنطن لإعادة حساباتها؟
  • كوريا الشمالية تستنكر تهديدات سيول وكييف حول استخدام الأسلحة النووية
  • أول رد من كوريا الشمالية حول حقيقة إرسالها قوات إلى روسيا
  • زيلينسكي يطالب برد قوي على تدخل كوريا الشمالية في الحرب
  • كوريا الشمالية تعتبر الآلية الجديدة لمراقبة العقوبات «غير قانونية»
  • سول: كوريا الشمالية تطلق نحو 20 بالون قمامة نحو الجنوب
  • أميركا: لا تأكيد على إرسال كوريا الشمالية قوات إلى روسيا
  • واشنطن: لا تأكيدات بشأن إرسال كوريا الشمالية قوات إلى روسيا
  • وزير الدفاع الأمريكي: لا يمكننا تأكيد التقارير بشأن وجود قوات من كوريا الشمالية في روسيا