ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي بلغة الإشارة للصم وضعاف السمع، تحت عنوان " ولقد كرمنا بني آدم"، وحاضرت فيه د. منى عاشور الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية وعضو المنظمة العربية لمترجمي لغة الإشارة، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.
وأوضحت د. منى عاشور، أن الله- سبحانه وتعالى- لم يخلق شيئا عبثًا، فلقد خلق الله تعالى، الليل والنهار والثلج والنار والحلو والمر وأيضًا خلق من الناس القوي والضعيف والغني والفقير والصحيح والعليل، وهذا التنوع من حكمة الله تعالى لأن الدنيا دار اختبار والآخرة هي دار القرار قال تعالى﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾، فلقد ابتلى الله – سبحانه وتعالى – بعض الناس وسلبهم بعض النعم ليختبرهم، هل سيصبرون أم لا؟ فهي رسالة من الله تعالى إلى كل صحيح هل سيحمد الله تعالى على نعمة العافية أم لا؟ وأيضًا كيف سيتعامل مع المبتلَى؟ وما هي الخدمات التي سيقدمها له؟، فكل الخلق عند الله سواسية ووجب تكريمهم كما كرمهم الحق – تبارك وتعالى - فالتكريم عام لكل بني آدم دون التمييز بين الصحيح أو الأصم والسامع ، ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾.
وأضافت الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية: لقد اهتم الشرع بذوي الهمم، لما روي أن سَعْد رَضِيَ اللَّهُ عنْه رأى أنَّ له فَضْلًا علَى مَن دُونَهُ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ؟" رواه البخاري في صحيحه، في هذا الحديث يروي مصعب بن سعد أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رأى أن له فضلا على من دونه من الضعفاء؛ لقوته وشجاعته في الغزوات، فذكّره النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من دونه من الضعفاء عليه، وأن الله يرزقهم وينصرهم بسبب دعائهم، فإذا كان القوي ينصر الله به المسلمين بشجاعته وقوته في محاربة الأعداء؛ فإنه تعالى ينصر المسلمين أيضا بدعاء ضعفائهم وتذللهم لله تعالى؛ وذلك أن عبادة الضعفاء ودعاءهم أشد إخلاصًا، وأكثر خشوعًا؛ لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها وصفاء ضمائرهم، فكان همهم واحدًا، وقد أراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول حض سعد رضي الله عنه على التواضع، ونفي الكبر والزهو عن قلوب المؤمنين؛ حتى لا يحتقر أحدٌ أحدًا من المسلمين.
وتابعت: وعلى الرغم من أن الإسلام تكلم عن حق ذوي الهمم وحث عليه وحذر من تجاوزه وأيضًا القانون المصري قد وضع عقوبة للتنمر، إلا أننا نرى في مجتمعنا العديد من الصم يتعرضون للتنمر والأذى وسلب حقوقهم ولو علم الناس قدر ذوي الهمم عند الله، لتنافسوا على خدمتهم والقرب منهم، ولو علم المبتلَى ماذا أعد الله تعالى له من نعيم بسبب هذه الإعاقة لبكوا من شدة الفرح، فعن جابر رضي الله عنه قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَوَدُّ أَهلُ العَافِيَةِ يَومَ القِيَامَةِ حِينَ يُعطَى أَهلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَو أَنَّ جُلُودَهُم كَانَت قُرِّضَت فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ"- رواه الترمذي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لغة الإشارة للصم وضعاف السمع الجامع الازهر مجمع البحوث الاسلامية ذوى الهمم الله تعالى ى الله
إقرأ أيضاً:
الجامع الأزهر: أعداؤنا يريدون شبابنا بلا هوية حتى يسهل عليهم النيل من أوطاننا
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني لمجمع البحوث الإسلامية ودار موضوعها حول "التمسك بالوحي".
التسامح في الإسلام.. ندوة لـ”خريجي الأزهر” بتشاد الاثنين.. انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للعلوم الأساسية بكلية العلوم جامعة الأزهر
قال الدكتور محمود الهواري: إننا نعيش في زمن من التناقضات والصراعات التي تتعرض لها قيمنا الإسلامية السمحة بسبب حرب مستعرة يقف خلفها أعداء هذا الدين الحنيف، من أجل إصابة الجسد المسلم في أخطر جزء وأهمه وهم الشباب الذين يمثلون عماد حضارتنا ونهضتنا الإسلامية، وهو ما يستوجب منا التأمل في المعاني التي جاء بها الوحي الكريم، لنوقظ قلوب الأمة من الغفلة التي تحاول أن تجرها للتراجع عن دورها ومكانتها العظيمة، لأن التمسك بالوحي والتبصر بما يحمله من معان هو دليل على الثبات على الحق في زمن علا فيه صوت الباطل وتبجح في وجه مجتمعاتنا.
وأوضح الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني، أن هناك فهما قاصرا في التعامل مع الوحي الشريف، فهناك من يظن أن التمسك بالوحي هو أن يمسك بالمصحف المنزه في يده أو في جيبه، وهو أمر طيب لكن المقصود بالآية الشريفة {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، أن يتمسك الإنسان المسلم بالمعاني والتشريعات التي نقلها إلينا الوحي الكريم لتكون لنا دستورا يقينا الوقوع في العثرات، كما أن التمسك بالوحي تتسع له كل جنبات الحياة الإنساني في بيعها وشرائها، وفي كل أمر في كبيرها وصغيرها، فلم يترك الوحي شيئا من حياة الناس مع بعضهم البعض إلا ووضع له ضابطا يضبطه بما يناسب كل زمان ومكان، ولم يدع الوحي صغيرة ولا كبيرة بين الإنسان ونفسه التي بين جنبيه إلا وضبطها على وجهها الأكمل، وهو دليل على أن هذ الدين دين شامل لكل شيء.
وبين خطيب الجامع الأزهر أن الإنسان المتعلق بالوحي حقيقة من خلال تطبيق معاني الوحي في كل شيء في حياته، وظاهرًا من خلال حرصه على قراءة القرآن الكريم والخشوع فيه وأن يجعل لنفسه وردا منه، هو ذلك الإنسان المفلح في الدنيا والآخرة لأنه أخذ بأسباب النجاح والفلاح، وأننا في هذه الأيام في حاجة ماسة إلى أن نوقظ هذا الإنسان بداخلنا لأننا نعيش في مرحلة غزو فكري وأخلاقي وقيمي في كل نواحي الحياة، ولا ننجو من أخطاء هذا الغزو إلا من خلال تمسكنا بالقيم والمعاني النبيلة التي جاء بها الوحي الكريم، وإلا فسوف تقع مجتمعاتنا فريسة لسماسرة المجون والانحراف الذين يسعون لمكاسبهم الشخصية على حساب أشلا ء المجتمعات.
وأكد الهواري أنه لا يمكن لمجتمع واع أن تضعف أخلاقه أو أن تضيع قيمه، لأنه مجتمع لديه مناعة تحصنه ضد الانحطاط، وهو ما كان سببًا في الحضارة التي بناها المسلمون الأوائل بفضل تمسكهم بتعاليم الشرع وتوجيهاته، فكانت أمة نافعة لنفسها مفيدة لغيرها، وما تكالبت عليها الأمم إلا بسبب ما أحدثته من تقدم ورقي، وما ضعفت واستسلمت إلا نتيجة لتقصير أبنائها في التمسك بالمعاني والقيم التي جاء بها الوحي الكريم، فإذا كنا نريد الرقي والحضارة فعلينا بمنهج القرآن وتعاليمه، وإلا سنظل ننزلق إلى مؤخرة الأمم.
وفي ختام الخطبة حذر الهواري الشباب من أن يقعوا فريسة لمخططات قراصنة المجتمعات، التي يقف خلفها أعداء أمتنا من أجل أن يفقدونا هويتنا، لنكون أمة بلا هدف، لذلك يسعون إلى بث الأفكار الغريبة والمنحطة في مجتمعاتنا وأن يصير شبابنا مقلدًا لأفكار منحرفة، ليجهزوا على قيمنا، يريدون شبابنا أن يتخلى عن عفته وعن حيائه ليتمكنوا من ديننا، يريدون شبابنا أن يكون خائنا حتى يسهل عليهم النيل من أوطاننا، يريدون شبابنا متشككا في عظمة أمته من أجل أن يسهل عليهم غزونا، يريدون شبابنا جاهلا بثقافته متنكرا لتراثه لنصبح أمة بلا هوية، ولن نسمح لهم بسرقة مستقبلنا ولكن علينا جميعا أن نتمسك بالوحي القرآني.