الهدهد لأئمة الصومال: الأخذ بظواهر النصوص دون فهمها أهم أسباب التطرف الفكري
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
قال د. إبراهيم الهدهد، المستشار العلمي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، رئيس جامعة الأزهر السابق، إن هناك من يظن أن التمسك بظواهر النصوص إنما هو زيادة في التقوى والاتباع، ويرى خطأ من يخالفه، ويعتقد أنه صاحب بدعة، ويظن نفسه أكثر اتباعا للنبي، وحرصا على السنة ممن يخالفه، وهذا خطأ كبير، أدى إلى ظهور جماعات متطرفة متشددة، تكفر كل من يخالفها.
وأكد المستشار العلمي للمنظمة، أنه لا بد للمجتهد من معرفة العلة الباعثة على الحكم، وهذا يسلتزم ضرورة امتلاك أدوات العلم، للتمكن من الفهم الصحيح للدين، موضحاً أن أحد أسباب الترويج للمفاهيم الخاطئة، هو وجود من يفتقد إلى معرفة هذه العلوم، ويأخذ بظواهر النصوص، ويجعلها على غير مرداها، فأصبح هؤلاء يبدعون ويكفرون غيرهم، مدعين التمسك بالكتاب والسنة.
جاء ذلك خلال محاضرة: "تصحيح المفاهيم المغلوطة"، ضمن فعاليات دورة: "تفكيك الفكر المتطرف"، والتي تعقدها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالقاهرة، بالتعاون مع أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى، لعدد من أئمة ودعاة الصومال.
واستعرض د.الهدهد خلال المحاضرة، أمثلة للفهم الخاطئ، وتفسير النصوص على غير مرادها وحقيقتها، نتيجة للجهل، والضيق في الفكر، وعدم التمكن من اللغة، وغيرها من الأسباب، موضحا، أن من يقف عند اللفظ دون الفهم والبحث في دلالات اللغة ومعانيها، فقد ضل وأخطأ، وهذا يؤدي إلى التشدد والفهم الخاطئ، فالتمكن من اللغة العربية أحد أدوات الفهم الصحيح.
وفي الختام، طالب المتدربين أن يكونوا على حذر تام من هؤلاء المدعين، الذين يريدون نشر فكرهم الهدام، الذي يفسح المجال لنشر الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: منظمة خريجي الأزهر
إقرأ أيضاً:
المشروع الفكري للسيد يسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ذكرى المفكر الكبير السيد يسين، من المهم إلقاء نظرة على مدرسته الفكرية والتي تعد واحدة من الاتجاهات التي ساهمت في إثراء الفكر العربي الحديث بخصوصيتها واختلافها، والتي شكلت منهج نوعي يحمل قدر كبير من الملامح الفكرية لمشروع السيد يسين.
إن أبرز خصائص المشروع الفكري للسيد يسين تتمثل في كونه قام على التحليل الاجتماعي والسياسي؛ حيث كان السيد ياسين مهتمًا بشكل خاص بتفسير التغيرات الاجتماعية والسياسية في العالم، وبخاصة في الشرق الأوسط والعالم العربي، وبحث كيف تؤثر هذه التغيرات على بنية المجتمع، علاوة على تعقيدات وتحولات النظام العالمي وموازين القوى المختلفة، كما أنه أولى مساحة كبيرة لضرورة التحديث والتطوير في المجالات المختلفة مثل التعليم، والاقتصاد، والسياسة.
ولقد اعتمد منهج السيد يسين على العقلانية والحداثة؛ حيث كان من المدافعين عن الفكر العقلاني والحديث، وكان ممنًا بأن الفكر العربي يحتاج إلى تحول جوهري من التقليدية إلى التفكير النقدي الذي يعتمد على العقلانية والمنهجية العلمية.
وفي ظل معطيات العولمة والمشروعات المختلفة اقليميًا ودوليًا، من تهديدات الحركات المسلحة وبروز الفاعلين من غير الدول وتراجع دور الدولة، كان اهتمام السيد يسين وحمله هموم التمسك بالهوية الوطنية؛ فعلى الرغم من دعوته للتحديث، لكن السيد ياسين كان مهتمًا بالحفاظ على الهوية الثقافية العربية والإسلامية، وكان يرى في التحديث أنه يجب أن يتم بما يتناسب مع الثقافة العربية، وليس تقليدًا أعمى للغرب.
إن السيد يسين في مشروعه الفكري كان منحازًا أيضًا لقضايا الإصلاح السياسي والاجتماعي في العالم العربي والذي رأى أنه يجب أن يشمل كل جوانب الحياة، من السياسة إلى التعليم والاقتصاد، وكان يدعو إلى ديمقراطية حقيقية لا تقتصر على الشكل، بل تشمل العدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية الفاعلة.
كما أعطى السيد يسين جزءًا كبيرًا من اهتمامه بالمشروع الثقافي، وقدم رؤية ثقافية فريدة للمجتمع المصري والمؤسسات المعنية عالجت جملة من قضايا ومسائل الثقافة والهوية، بما يمكن اعتباره من الذين ساهموا في إحياء الفكر النقدي في الثقافة العربية من خلال اهتمامه بالأدب والفن والفلسفة.
ولقد اهتم السيد يسين أيضًا بضرورة تجديد الفكر الديني في العالم العربي؛ حيث كان يعتقد أن هناك حاجة لإعادة تفسير النصوص الدينية بما يتماشى مع مستجدات العصر، خاصة في مسائل مثل حقوق الإنسان والمساواة، وكان يهدف إلى تحرير الدين من التفسيرات الضيقة والمتعصبة التي قد تشوه معانيه الأصلية.
ولقد رأى السيد يسين أن تحقيق هذا المشروع لا بد وأن يكون قائمًا على دور ملهم للتعليم في عملية الإصلاح الحقيقي، وباعتباره أداة رئيسية للتغيير الاجتماعي؛ وأنه يجب أن يكون معتمدًا على الفكر النقدي والعقلاني، بعيدًا عن التلقين والتقليد.
ولقد اهتم السيد يسين بأهمية المواطنة والهوية الثقافية، لكنه لم يتعارض مع ضبط العلاقة مع الغرب، والتي كانت في رؤيته تحتاج لإعادة تقييم؛ بحيث يجب التعامل مع الغرب بشكل واقعي وبعيد عن العاطفة، بحيث يتم الاستفادة من الإنجازات العلمية والتكنولوجية دون أن يؤدي ذلك إلى التفريط في القيم والمبادئ الثقافية الخاصة بالهوية العربية.
ولقد كان السيد يسين حريصًا طوال الوقت على تحديث مشروعه الفكري من خلال الاطلاع على باكورة الإنتاج البحثي العالمي والاشتباك مع النظريات الكبرى وأطروحات كبار المفكرين، ولقد أتيحت لنا الفرصة في لقاء الثلاثاء من كل أسبوع في المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة بمثابة عصف ذهني ونقاش علمي ممتع لتلاميذ السيد يسين الذي كان حريصًا على التواصل مع الأجيال ونقل الخبرات كسبيل للاستمرارية والبناء المعرفي.
من المهم في ذكرى المفكر الكبير السيد يسين، أن نلقي الضوء على مشروعه الفكري ومؤلفاته، ولقد كنت حريصًا بشكل شخصي على مشاركة ابني، رغم صغر سنه، في اختيار أحد مؤلفات الأستاذ السيد يسين للمشاركة في عرضه ضمن عدة إصدارات بمسابقة مشروع "تحدي القراءة العربي" الذي تشرف عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، لأن هؤلاء المفكرين هم الطريق وهم المنارة التي يجب أن نتقفى أثرها في هذا الزمن التائه.