تايمز: هكذا تخوض إسرائيل وإيران حرب الجواسيس
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
قالت صحيفة تايمز إن إيران تعلمت دروسا في التجسس من وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) في محاولتها رشوة إسرائيليين ضعفاء لخيانة بلادهم، ودفعت مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية في صورة عملات مشفرة لإسرائيليين لالتقاط صور لمواقع عسكرية حساسة.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم جورج غريلز من تل أبيب- أن هناك أدلة متزايدة على عملية تجسس ناجحة من جانب طهران، حيث تم استطلاع قاعدة نيفاتيم الجوية التي ضربتها صواريخ باليستية إيرانية هذا الشهر من قبل جواسيس إيرانيين مزعومين، وكذلك قاعدة جولاني التدريبية التي قُتل فيها 4 جنود في هجوم بطائرة مسيرة لحزب الله، وبطاريات دفاعات القبة الحديدية الجوية في البلاد.
وقد اعتقلت تل أبيب 7 إسرائيليين يهود من مدينة حيفا، بينهم منشق عن الجيش وقاصران، بعد تحقيق أجرته الشاباك، ووكالة الاستخبارات المحلية والشرطة الإسرائيلية، وكان بعضهم يتجسسون منذ عامين، وفقا للمدعين العامين.
وقد سلطت هذه الاعتقالات الضوء على تكثيف حرب التجسس في الشرق الأوسط، حيث جندت طهران عشرات العملاء من المشردين ومدمني المخدرات والمجرمين -حسب الصحيفة- وبالفعل سربت وثائق أميركية سرية للغاية تحتوي على تفاصيل تدريبات عسكرية إسرائيلية على ضربات انتقامية، إلى قناة تيليغرام مؤيدة لإيران، في أخطر خرق أمني حتى الآن.
وفي الأسبوع الماضي قبض على رجل يُدعى فلاديمير فاركوفسكي (35 عاما) في تل أبيب بعد أن حصل على سلاح لقتل عالم إسرائيلي مقابل 100 ألف دولار من قبل مشغليه الإيرانيين، كما اعتقل فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاما) وشريكته آنا بيرنشتاين (18 عاما) قبل أيام، بتهمة الحصول على 20 دولارا مقابل كل قطعة من كتابات الغرافيتي المناهضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفي الشهر الماضي، تورط رجل الأعمال الإسرائيلي موتي مامان (72 عاما) في قضية أكثر خطورة، حيث اتهم بالسفر إلى إيران مطالبا بمليون دولار للمساعدة في اغتيال نتنياهو.
ويبدو أن طهران -حسب تايمز- بعرضها مبالغ ضخمة من المال على الخونة المحتملين، تعلمت من الانقلابات الاستخباراتية الأخيرة للموساد الذي اشتهر بذلك، وقد تفاخر رئيسه السابق يوسي كوهين بكشف عملية سرقة في عام 2018 لاختراق أرشيف الأسلحة النووية الإيرانية التي نفذها 20 عميلا لم يكن أي منهم إسرائيليا.
وقال بني سبتي (52 عاما)، وهو يهودي فارسي، إنه "من الطبيعي جدا أن يذهب إيرانيون يعانون إلى الموساد أو وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويبيعونهم بعض المعلومات، أو يلتقطون صورة لجار قد يكون عالما أو قائدا في الحرس الثوري الإيراني".
وتشمل نجاحات الموساد الشهيرة في إيران -حسب بني سبتي- إعدام عالم نووي إيراني باستخدام مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد، وإصابة شبكة الكمبيوتر النووية الإيرانية بالبرمجيات الخبيثة، واغتيال إسماعيل هنية زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في وقت سابق من هذا العام.
وكان التجسس الإسرائيلي في طهران واسع النطاق لدرجة أن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد اشتكى هذا الشهر من أن رئيس مكافحة التجسس في البلاد المسؤول عن استئصال الجواسيس، تم الكشف عن أنه في مرحلة ما كان عميلا مزدوجا للموساد.
وغالبا ما تحاول طهران -حسب مراسل تايمز- إجبار أعضاء أقليتها اليهودية على القيام بعمليات سرية ونفسية ضد إسرائيل، وفي العام الماضي احتجز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي شاباك يهوديا إيرانيا كان يزور عائلته في إسرائيل، ورحله إلى إيران بعد أن وجد أنه يهرّب معدات مراقبة داخل علبة مناديل.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إيران تتجه نحو إلغاء الانتخابات الرئاسية.. مقترح برلماني في طهران يسلط الضوء على مفهوم الديمقراطية الدينية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اقترح عضو بارز في البرلمان الإيراني (مجلس الشورى) استبدال النظام الانتخابي الرئاسي الحالي في إيران بنظام يتم فيه تعيين الرئيس مباشرة من قبل المرشد الأعلى، في خطوة من شأنها أن تلغي الانتخابات الرئاسية العامة بالكامل.
وفي مقابلة مع موقع "دیدبان ایران" (مراقب إيران)، دافع عثمان سالاري، نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان، عن اقتراحه، مؤكدًا أن هذا النظام "لا يتعارض مع الديمقراطية الدينية".
يُذكر أن النظام السياسي في إيران يعتمد على نموذج من الديمقراطية المقيدة، حيث يقتصر اختيار المرشحين على من توافق عليهم مجلس صيانة الدستور، الذي يهيمن عليه التيار المحافظ.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه الأحزاب السياسية قيودًا صارمة، فيما تخضع وسائل الإعلام للرقابة الحكومية المباشرة أو غير المباشرة.
وأضاف سالاري أن المرشد الأعلى هو الرئيس الحقيقي للحكومة، وبالتالي لا يوجد مانع من أن يقوم بتعيين رئيس السلطة التنفيذية بنفسه.
دعوات سابقة لإلغاء الانتخابات الرئاسية
سبق أن طرحت عدة وسائل إعلام إيرانية وشخصيات سياسية مقترحات لاستبدال الانتخابات العامة للرئاسة بنظام برلماني يتم فيه اختيار الرئيس من قبل أعضاء البرلمان، بدلاً من انتخابه من قبل الشعب.
يُذكر أن الثقة العامة في منصب الرئاسة وفي النظام الانتخابي الإيراني شهدت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الـ15 الماضية، حيث أصبح من الواضح أن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطات محدودة جدًا فيما يتعلق بالقرارات الكبرى للدولة.
ووفقًا لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (ايسنا )، التي تملكها الحكومة، فقد تمت مناقشة إلغاء الانتخابات الرئاسية لصالح نظام برلماني في يناير 2022، حيث نشرت الوكالة تقريرًا حلل فيه إيجابيات وسلبيات كل من النظامين، مستندةً إلى آراء عالم السياسة الإيراني البارز حسین بشیریه.
في تقريرها، أوضحت ايسنا أن "في النظام الرئاسي، يتم انتخاب كل من البرلمان والرئيس من قبل الشعب لفترات محددة، ولا يمكن للبرلمان إقالة الرئيس، لكنه يمتلك صلاحية مساءلته. وعلى الجانب الآخر، لا يمتلك الرئيس سلطة حل البرلمان."
أما فيما يتعلق بالنظام البرلماني، فقد أوضحت الوكالة أن "في هذا النظام، يستطيع البرلمان عزل رئيس الحكومة (عادةً رئيس الوزراء) من خلال سحب الثقة منه، كما يملك رئيس الوزراء سلطة حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة." كما أشار التقرير إلى أن الفصل بين السلطات الثلاث يكون أوضح في النظام البرلماني.
الصراع بين الرئاسة والمرشد الأعلى
تأتي هذه الدعوات لتغيير النظام السياسي في إيران نتيجة للصراع المستمر بين منصب المرشد الأعلى ومنصب رئيس الجمهورية منذ تأسيس الجمهورية عام 1979.
وقد تفاقم هذا الصراع تدريجيًا بعد تولي المرشد الأعلى علي خامنئي المنصب، حيث سعى إلى احتكار السلطة بشكل كامل.
وفي حديثه لموقع "دیدبان ایران"، أشار سالاري إلى أن "جميع الرؤساء الإيرانيين منذ عام 1989 قد وُجهت إليهم اتهامات بـ'الانحراف'، وانتهى الأمر بالمرشد الأعلى إلى النأي بنفسه عن كل منهم قبل نهاية ولايته."
وأضاف أن هؤلاء الرؤساء حصلوا في البداية على موافقة خامنئي، إلا أنهم لاحقًا انتهجوا سياسات سياسية واقتصادية واجتماعية لم تكن تتماشى مع توجهاته، مما أدى إلى تعقيد عملية اتخاذ القرار، لا سيما في القضايا الاقتصادية والسياسات الخارجية.
ووفقًا لسالاري، فإن تعيين الرئيس مباشرةً من قبل خامنئي "لا يزال ديمقراطيًا" لأن المرشد الأعلى نفسه قد تم انتخابه بشكل غير مباشر من قبل الشعب.
ومع ذلك، فإن هذا الادعاء يظل مثيرًا للجدل، حيث إن انتخاب خامنئي من قبل مجلس خبراء القيادة كان محل انتقادات واسعة، خاصةً بسبب التأثير القوي الذي مارسه أكبر هاشمي رفسنجاني، نائب رئيس المجلس آنذاك، لضمان انتخاب خامنئي، كما يظهر في مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت.
هل يتحول الاقتراح إلى واقع؟
في عام 2011، أعرب خامنئي عن دعمه لفكرة انتخاب الرئيس من قبل البرلمان، لكنه لم يتابع تنفيذها، رغم إعادة مناقشة الفكرة عدة مرات منذ ذلك الحين.
إلا أن اقتراح سالاري مختلف تمامًا، حيث ينص على أن اختيار الرئيس سيكون بيد المرشد الأعلى مباشرةً، مما يجعله أكثر شموليةً في تقليص السلطة التنفيذية.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يتم اعتماد هذا النظام رسميًا، حيث يفضل خامنئي على ما يبدو الإبقاء على منصب الرئيس كواجهة يمكن تحميله المسؤولية عن المشكلات السياسية والاقتصادية، بدلاً من أن يتحملها بنفسه.
ويبدو أن النظام الإيراني يتجه تدريجيًا نحو مزيد من المركزية في صنع القرار، حيث تتزايد الدعوات لإلغاء الانتخابات الرئاسية، سواءً عبر الانتقال إلى نظام برلماني، أو عبر تعيين الرئيس مباشرةً من قبل المرشد الأعلى.
ومع ذلك، فإن أي خطوة من هذا القبيل قد تواجه رفضًا شعبيًا واسعًا، خاصةً في ظل تراجع الثقة العامة في النظام السياسي، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية داخل إيران.