هل يغير استهداف شبكة حزب الله المالية مسار الحرب؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
تساءلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، عما إذا كانت الحرب الحالية في شمال إسرائيل ستمتد إلى العام المقبل، أم أن المرحلة الجديدة من الضربات الإسرائيلية ستغير قواعد اللعبة.
وتناولت جيروزاليم بوست في تحليل تحت عنوان "هل تؤدي الضربات الإسرائيلية على الشبكة المالية لحزب الله إلى تغيير مسار الحرب؟"، دعوات الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، إلى اللبنانيين لمغادرة المناطق القريبة من عشرات المؤسسات المالية التي يريدها تنظيم "حزب الله" اللبناني.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أنه نفذ سلسلة من الضربات على عشرات المرافق والمواقع التي يستخدمها حزب الله لتمويل أنشطته المسلحة ضد إسرائيل، وأبرز هذه الأهداف مؤسسة "القرض الحسن"، التي يقول إنها تمول بشكل مباشر أنشطة حزب الله التي تشمل شراء الأسلحة والمدفوعات لعناصر الجناح العسكري في التنظيم، كما أن التنظيم يُخزن مليارات الدولارات في مختلف فروع تلك المؤسسة.
ما هي أنواع المسيرات التي يستخدمها حزب الله؟https://t.co/UVjx9kc6bf pic.twitter.com/eFvPKlat3d
— 24.ae (@20fourMedia) October 15, 2024 التهرب من العقوباتوتقول الصحيفة إن ضرب هذه المباني والمنشآت يبعث برسالة إلى المجتمع الشيعي في لبنان، بأن حزب الله لا يستطيع حماية الأموال المودعة في مؤسساته، موضحة أن مؤسسة "القرض الحسن" هي واحدة من العديد من المؤسسات الموازية التي يديرها التنظيم، والتي تعمل في الأساس كدولة داخل الدولة في لبنان، حيث أنشأها التنظيم لعزل نفسه عن العقوبات وتوسيع قبضته على لبنان.
وأشارت الصحيفة إلى أن تلك المؤسسة تدعم أيضاً حركة "أمل" المتحالفة أيضاً مع حزب الله، متسائلة عما إذا كان المواطنون الذين وثقوا بمثل هذه المؤسسات ويرون انهيارها بسبب قصف الجيش الإسرائيلي، سيبتعدون عن حزب الله أم لا؟
وأضافت جيروزاليم بوست أن قصف البنوك واستهداف ثروات المواطنين في لبنان قد يظهر أن كل ما قام به حزب الله لبناء الدولة أصبح الآن بلا معنى، لأن حزب الله نفسه غير قادر على الدفاع عن لبنان، مشيرة إلى أن الدولة اللبنانية عند مفترق طرق جديد لأنها ربما تحصل على فرصة للتدخل بعد إضعاف مؤسسات النظام الموازي مثل القرض الحسن، بمساعدة المواطنين المتضررين.
مراحل الحربوتقول الصحيفة إن إسرائيل شنت حربها على حزب الله على مراحل، بدءاً من الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) حتى 17 سبتمبر (أيلول) والتي أطلقت عليها الصحيفة اسم "مرحلة الحرب الزائفة"، حيث هاجم فيها حزب الله إسرائيل يومياً، ولكن استهدفت الهجمات في الغالب مواقع للجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود والمستوطنات التي تم إخلاءها بسبب التهديدات.
وعندما تكبد حزب الله خسائر بسبب هجوم "البيجرز"، بالإضافة إلى الضربات التي شنها الجيش الإسرائيلي على قيادة حزب الله خلال الأسبوعين الأخيرين من سبتمبر (أيلول)، واغتيال زعيم التنظيم، حسن نصرالله، وبدء الجيش الإسرائيلي في عملية سهام الشمال في 23 سبتمبر (أيلول)، انتقلت الحرب إلى مراحل جديدة.
وأوضحت الصحيفة أن المرحلة الحالية هي مرحلة ضرب مؤسسات حزب الله، وهذا من شأنه أن يقطع ميزانيته العمومية ويؤدي إلى إفلاس التنظيم، مستطردة: "لكن حزب الله لا يحتاج إلى هذا القدر من المال لمواصلة عمله، فإيران تدعم حزب الله بالأموال من إيران وكذلك بالأموال والنفط في سوريا، وهو ما يساعد في تمويل حزب الله".
جيروزاليم بوست: إيران تدعم "حرب الأخطبوط" ضد إسرائيلhttps://t.co/DAlhAGz6El pic.twitter.com/3YryBhA43o
— 24.ae (@20fourMedia) October 11, 2024 إجبار حزب اللهوتساءلت الصحيفة: "هل يشعر أنصار حزب الله بأن التنظيم خذلهم؟ وهل يطالبونه بالتنازل وقبول وقف إطلاق النار؟"، مشيرة إلى أن المسؤولين الغربيين يريدون وقف إطلاق النار، ولكن من غير المرجح أن يوافق حزب الله على قرار الأمم المتحدة رقم 1701 وينسحب من الحدود إن لم تنسحب إسرائيل، ولذلك لابد من إجبار التنظيم على مغادرة المرتفعات التي يسيطر عليها بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
واختتمت الصحيفة تحليلها قائلة "إن الجيش الإسرائيلي يقوم بهذه العملية ببطء، والسؤال الآن هو ما إذا كانت هذه الحرب ستمتد إلى العام المقبل أم أن المرحلة الجديدة من الضربات سوف تغير قواعد اللعبة؟"
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الهجوم الإيراني على إسرائيل حزب الله الجیش الإسرائیلی جیروزالیم بوست حزب الله
إقرأ أيضاً:
شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
القدس المحتلة- في كل عام، يحمل المهندس سليمان فحماوي ذاكرته المثقلة بالحنين والوجع، ويسير على خُطا قريته المهجرة "أم الزينات" الواقعة على سفوح جبال الكرمل في قضاء حيفا، والتي اضطر لمغادرتها قسرا كباقي مئات آلاف الفلسطينيين، تاركا خلفه طفولته وذكرياته لتصبح جزءا من تاريخ النكبة الذي لا ينفك يعيد نفسه.
سليمان، اللاجئ في وطنه، عاش فصول النكبة الفلسطينية متنقلا بين بلدات الكرمل والساحل، قبل أن يستقر به الحال في بلدة أم الفحم، على تخوم حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.
واليوم، وفي الذكرى الـ77 للنكبة، وبعد عقود من التهجير، يقف كعضو ومتحدث باسم "لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين" بالداخل الفلسطيني، محاولًا الحفاظ على ذاكرة القرى التي طمست معالمها، وفي مقدمتها قرية "كفر سبت" المهجرة، في قضاء طبريا في الجليل شمالي فلسطين.
منذ تأسيس "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" عام 1997، اعتاد سليمان ورفاقه تنظيم مسيرة العودة السنوية إلى القرى المهجّرة، بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، حيث أصبحت المسيرات ذات رمزية تقول للعالم "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وتعيد للأذهان قصص البيوت المهدومة والأرواح التي لا تزال معلقة بأطلال قراها.
"هذا العام كان مختلفا" يقول فحماوي للجزيرة نت بنبرة يغلب عليها الأسى، فبدلا من التحضير المعتاد للمسيرة الـ28 نحو "كفر سبت"، اصطدمت الجمعية بسلسلة من الشروط التعجيزية التي وضعتها الشرطة الإسرائيلية، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار صعب "سحب طلب التصريح".
يوضح فحماوي "كما كل عام، قدمنا طلبا للحصول على التصاريح، لكن الشرطة هذه المرة وضعت شروطًا غير مسبوقة، كان أولها عدم رفع العلم الفلسطيني، ذلك العلم الذي لطالما خفقت به القلوب قبل الأيادي، كما اشترطت الحصول على موافقة المجلس الإقليمي في الجليل الغربي، الذي تقع القرية ضمن نفوذه، إضافة إلى تحديد عدد المشاركين بـ700 شخص فقط".
إعلان"بالنسبة لنا، العلم الفلسطيني خط أحمر" يؤكد سليمان، ويتساءل "كيف لمسيرة تحمل اسم العودة أن تقام دون علمنا، ودون مشاركة الآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني الذين يحملون هم القضية؟".
وبين تهديدات الشرطة بالاقتحام، والوعيد بقمع المسيرة حال تجاوز الشروط، وجدت الجمعية نفسها أمام مفترق طرق، ويقول فحماوي "خلال المفاوضات، لمسنا نوايا مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين من أطفال ونساء وشباب".
وفي مشهد تتداخل فيه الوطنية بالمسؤولية الأخلاقية، اجتمعت كافة الأطر السياسية والحزبية والحقوقية في الداخل الفلسطيني، ليصدر القرار الأصعب (سحب الطلب)، لخصها فحماوي بقوله "نقطة دم طفل تساوي العالم"، مضيفا "لن نسمح بأن تتحول مسيرتنا إلى ساحة قمع جديدة، اخترنا العقل على العاطفة، لكن شوقنا للعودة لا يلغيه انسحاب مؤقت".
قبل نحو 30 عاما، لم تكن مسيرات العودة جزءا من المشهد الوطني الفلسطيني، وكانت قضية القرى المهجرة تعيش في طي النسيان، مطموسة في ذاكرة مغيبة، تكاد تمحى بفعل الإهمال والسياسات الإسرائيلية المتعمدة، يقول فحماوي، ويضيف "لكن هذا الواقع بدأ يتغير تدريجيا مع انطلاق المبادرات الشعبية، وعلى رأسها مسيرة العودة".
وعلى مدى هذه العقود الثلاثة، شارك مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني -وخاصة من فلسطينيي الداخل- في مسيرات العودة، التي تحوّلت إلى محطة وطنية سنوية ثابتة، تحمل رسائل سياسية وشعبية عميقة، وتؤكد على حق العودة بوصفه حقا فرديا وجماعيا غير قابل للتنازل أو التفاوض.
ورغم قرار سحب طلب التصريح لمسيرة العودة الـ28، لا يتوقف التساؤل لدى أدهم جبارين، رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، وابن عائلة لاجئة من قرية اللجون المهجرة عن "ماذا يعني أن يمنع لاجئ فلسطيني من العودة، ولو ليوم واحد، إلى قريته التي طُرد منها؟ وماذا يعني أن يجرم رفع العلم الفلسطيني؟"
إعلان"هذه ليست النهاية" يؤكد جبارين للجزيرة نت، ويقول "نحن مستمرون، فحق العودة ليس مناسبة، بل حياة كاملة نعيشها يوميا"، مضيفا "رغم القيود والتهديدات، تبقى مسيرة العودة أكثر من مجرد حدث سنوي، هي ذاكرة حية تورَّث للأجيال، ورسالة واضحة بأن القرى المهجرة ستظل حاضرة في القلوب والعقول، حتى يتحقق حلم العودة.
ويؤكد جبارين أن قرار سحب الطلب "لم يكن تراجعا، بل خطوة واعية اتخذت من منطلق المسؤولية الوطنية، بعد أن اتضح خلال مفاوضات الجمعية مع الشرطة الإسرائيلية وجود نية مبيتة للترهيب والترويع، وحتى تهديد ضمني بإمكانية قمع المسيرة بالقوة، وربما ارتكاب مجزرة بحق المشاركين".
ويقول "نرى ما يجري من حرب إبادة في غزة، وعمليات التهجير في الضفة الغربية، وما لمسناه من سلوك الشرطة يعكس تحضيرات لتنفيذ سيناريو مشابه في الداخل، حيث بات استهدافنا على خلفية إحياء المناسبات الوطنية مسألة وقت لا أكثر".
لكن رغم المنع، لم تتوقف الفعاليات، فالجمعية أطلقت برنامج زيارات موسعًا إلى أكثر من 40 قرية مهجّرة، بمرافقة مرشدين مختصين، لتتحوّل ذكرى النكبة من فعالية مركزية واحدة إلى عشرات الجولات والأنشطة الميدانية.
ويختم جبارين حديثه للجزيرة نت بالقول إن "مسيرة العودة ليست مجرد تظاهرة، بل رسالة متجددة وتذكير سنوي بالنكبة، وتجذير للوعي الوطني، وانتقال للذاكرة من جيل إلى آخر، ورسالة واضحة بأن لا حق يضيع ما دام هناك من يطالب به".
ويضيف أنها "أيضا رد مباشر على المقولة الصهيونية الشهيرة: الكبار يموتون والصغار ينسون، فالصغار لم ينسوا، بل باتوا في مقدمة الحشود، يحملون الراية، ويرددون أسماء القرى التي هُجرت، وكأنها ولدت من جديد على ألسنتهم".