عمل محمد في متجره الصغير في المدينة السياحية القريبة من بحيرة الحبانية وسط العراق لسنوات، لكنه لم يشهد عاما مثل 2023، إذ طال الجفاف الذي يضرب العراق البحيرة وأثّر سلبا على جذب السياح. 

في أكثر أيام شهر أغسطس حرا، لم يكن المكان الذي يضم شققا سياحية وفندقا، يهدأ في الماضي، خصوصا في أيام عطلة نهاية الأسبوع.

 

لكن يوم الجمعة هذا لم يأتِ سوى عدد قليل من الزبائن إلى متجر محمد. أما الشاطئ الذي ازدادت مساحته مع تراجع منسوب المياه، فبدا خاليا.

ولم يعد المكان سوى ظل لما كان عليه في الماضي، حينما كان واحدا من أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط، بعد تأسيسه عام 1979. 

العراق.. الأهوار التاريخية تعاني من الجفاف وحضارة كاملة تتلاشى تعاني الأهوار التاريخية في جنوب العراق من الجفاف، في وقت تتلاشى فيه حضارة كاملة، ويشتكي المزارعون ومربو الحيوانات من قلة المياه، وفقا لتقرير مطول لوكالة فرانس برس.

يروي محمد من أمام دكانه الذي يبيع فيه المرطبات والمياه وملابس ومعدّات السباحة لسياح لم يأتوا هذا العام، لوكالة فرانس برس، قائلا: "خلال العامين الماضيين، كان هناك عمل وحركة، لكن الآن لا توجد مياه. هذا عام جفاف". 

ويضيف الشاب البالغ من العمر 35 عاما، والذي فضل عدم إعطاء اسمه كاملا، أنه "بسبب قلة المياه، توقف العمل وتوقفت الحركة، فلا يأتي أحد"، معتبرا أنه "إذا عادت المياه، يعود الناس". 

وبالفعل، فإن مياه البحيرة التي تبعد نحو ساعة ونصف بالسيارة عن بغداد، تراجعت عشرات الأمتار.  

المنطقة كانت نقطة جذب سياحي سابقا

ويوضح مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار، جمال سمير، أن "البحيرة تحتوى الآن على 500 مليون متر مكعب من المياه" فقط، مقابل "قدرة استيعابية قصوى هي 3,3 مليار متر مكعب"، مضيفا أنه في عام 2020، كانت البحيرة ممتلئة إلى حدها الأقصى.

"المتنفس الوحيد"

بعد الظهر، خلت المدينة السياحية في الحبانية تماما إلا من بضعة كلاب شاردة ونوارس حلقت فوق ما تبقى منها. ووُضعت مظلات متفرقة على الشاطئ، بينما بدت الشقق السياحية المحيطة خالية. 

قبيل غروب الشمس ومع تراجع درجات الحرارة قليلا، افترشت عائلات قليلة الأرض الموحلة، من بينهم من جاء من مدينة الفلوجة المجاورة، وآخرون من بغداد.

استمع البعض إلى الموسيقى، فيما طها آخرون اللحم والدجاج على الفحم، ودخنوا النرجيلة، ولعب الأطفال في بقعة واحدة لا تزال المياه جارية فيها. أما في مواقع أخرى، فالمياه ضحلة وموحلة، ولا تصلح للسباحة. 

جاء قاسم لفتة من مدينة الفلوجة المجاورة إلى البحيرة لقضاء وقت مع عائلته وأولاده. 

الجفاف يضرب بحيرة الحبانية في العراق

ويقول الرجل البالغ من العمر 45 عاما والذي يعمل تاجرا: "في السابق كنا نأتي إلى هنا، وكان الوضع أفضل. كانت المياه أعلى، ووضع المكان أفضل، لكن هذه السنة هي الأسوأ، بسبب قلة المياه وانخفاض مستوى البحيرة". 

وناشد الدولة "أن تهتم بالمكان"، مشيرا إلى أنه "المتنفس الوحيد ليس فقط لأهل الأنبار، بل للمحافظات الجنوبية وبغداد أيضا". 

عام الجفاف الرابع

ويعود هذا الوضع المأساوي لواقع أن العراق يعيش عامه الرابع من الجفاف، ويعد من الدول الخمس الأكثر تأثرا ببعض تداعيات التغير المناخي، وفق الأمم المتحدة. 

وفي زيارة إلى العراق الأسبوع الماضي، حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، من أن "ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة، هو بمثابة إنذار للعالم أجمع".

مسؤول أممي: الجفاف والحرارة المرتفعة في العراق "إنذارٌ" للعالم أجمع حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الأربعاء من أن ما يواجهه العراق من ارتفاع في درجات الحرارة وجفاف هو بمثابة "إنذار" للعالم أجمع، وذلك في ختام زيارته إلى هذا البلد الذي يعدّ من الأكثر عرضة لبعض آثار التغير المناخي.  

أما المخزون المائي في العراق، فهو "الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي"، كما قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال، في وقت سابق لفرانس برس.

"بركة راكدة"

في الحبانية، ساهم تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انخفاض المنسوب، المتأثر أيضا بتراجع نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويعبر في سوريا ويغذي البحيرة.

وبحسب مدير الموارد المائية في الأنبار، فإن تراجع منسوب البحيرة ونهر الفرات يعود إلى "قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا"، ولذلك اضطرت الوزارة "إلى سحب المياه من بحيرة الحبانية لتعزيز الحصص المائية في محافظات الوسط والجنوب".

وتقول السلطات العراقية إن "السدود التي تبنيها الجارتان تركيا وإيران تعد سببا رئيسيا في تراجع منسوب نهري دجلة والفرات على الأراضي العراقية". 

أزمة المياه في العراق.. مهد الحضارة يتحول إلى "صحراء قاحلة" ألقى تقرير للصحفية في نيويورك تايمز، أليسا روبنز، الضوء على مشاهد مرعبة، وحزينة، من العراق، حيث تنسحب المياه من الأراضي التي كانت يوما ما مغطاة بها، وينزح السكان نحو ما تبقى من مخزونات مائية قليلة.

من جانبه، لاحظ صداع محمد، الذي يعمل في إدارة المنتجع منذ 25 عاما، أنه "منذ أكثر من عام، بدأت البحيرة بالانخفاض". 

بينما يقول صالح، وهو مدير قسم التدقيق والرقابة الداخلية في المدينة السياحية، أنه "لا يمكن المقارنة" مع السنوات السابقة، مضيفا: "في مثل هذه الأوقات، تكون الحبانية ممتلئة، سواء السكن أو الشاطئ". 

ويتابع: "حاليا، أصبح ارتياد السياح للحبانية ضعيف جدا جدا".

وفي عام 2020، وعلى الرغم من الحجر الصحي المرتبط بجائحة كورونا، سجلت الشقق السياحية 9 آلاف حجز، لكنها حاليا لم تتجاوز 3 آلاف منذ مطلع العام، وفق المسؤول. 

ويختتم الرجل حديثه بحسرة: "البحيرة أصبحت عبارة عن بركة ماء راكدة، لا تصلح لا للشرب ولا للسباحة". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: درجات الحرارة فی العراق

إقرأ أيضاً:

مجموعات عراقية مسلحة تدافع عن قاض متهم بدعم النفوذ الإيراني في العراق

نشر الخبير العراقي في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة في العراق وسوريا٬ أمير الكعبي٬ تحليلا سياسيا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى٬ يتناول مساعدة أربع مليشيات شيعية عراقية مسلحة مدرجة على قوائم الإرهاب لدى الولايات المتحدة٬ لرئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي، فائق زيدان٬ الذي يتهمه نواب بالكونغرس بالمساعدة في بسط النفوذ الإيراني في العراق.

في 27 حزيران/يونيو الماضي، نشر عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري عن ولاية فلوريدا، مايكل والتز منشور على منصة "إكس"، مفاده أن رئيس "مجلس القضاء الأعلى العراقي" هو محور المؤامرة التي تحيكها إيران لإعادة العراق إلى تبعيتها.

Faiq Zidan, President of the Iraqi Supreme Judicial Council, is at the center of Iran’s plot to turn Iraq into a client state.

The first step in dismantling the Ayatollah’s network of control is to clearly name who is doing his bidding.https://t.co/rbSiufASd5 — Rep. Mike Waltz (@michaelgwaltz) June 27, 2024
وأضاف "لتفكيك شبكة التحكم التي يسيطر عليها آية الله، يجب أولاً ذكر أسماء الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ تعليماته".

وجاءت تعليقات والتز بعد موافقة "مجلس النواب الأمريكي" على ميزانية المساعدات الخارجية السنوية التي وضعتها وزارة الخارجية الأمريكية، وقد أجرى والتز تعديلاً عليها معتبراً أن "مجلس القضاء الأعلى في العراق٬ بقيادة القاضي فائق زيدان هو من أدوات النفوذ الإيراني.


وألقى التحليل بالضوء على المليشيات الشيعية العراقية المسلحة التي توطأ الطريق لزيدان بحسب الباحث.

كتائب سيد الشهداء
 كان أبو آلاء الولائي٬ قائد مليشيا "كتائب سيد الشهداء"٬ والمدرج هو وجماعته على قائمة واشنطن للإرهاب، قد أصدر بياناً رد فيه على منتقدي رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي٬ جاء فيه: "القضاء العراقي من دعائم الدولة وأركانها الراسخة، التي بُذلت لأجل تثبيتها أطهر الدماء وأقدس التضحيات فلا نسمح بالإساءة إليه أو التدخل في عمله أو إخضاعه أو إضعافه بأي شكل من الأشكل".
pic.twitter.com/nPGPRyAzbg — ابو الاء الولائي (@aboalaa_alwalae) June 30, 2024
وأكد الولائي: "نؤكد أن التطاول على رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور فائق زيدان، هو أمر مرفوض٬ ونعدّه تعدياً سافراً على السيادة العراقية".

كتائب حزب الله
أما مليشيا "كتائب حزب الله" المصنفة على قائمة الإرهاب الأمريكية، والتي قتلت ثلاثة جنود أمريكيين في 28 كانون الثاني/يناير 2024 للدفاع عن زيدان. فسارعت إلى إصدار بياناً يدعمون فيه زيدان جاء فيه: "ندين بأشد العبارات ما صدر عن أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي تجاه السلطة القضائية العراقية، وتحديداً رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور فائق زيدان، وهذا ما يؤكد أن مثل هذه التصريحات المدفوعة الثمن٬ لا قيمة لها في بلدنا الرافض لسياسة واشنطن العدوانية".

حركة النجباء
قام قائد المجلس السياسي في "حركة النجباء"٬ علي الأسدي٬ والمدرجة في قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، بنشر تغريدة جاء فيها: "اليوم، لا بدّ أن نسأل السياسيين العراقيين الذين يعدّون الاحتلال الأمريكي شريكاً سياسياً: كيف لكم أن تثقوا وتروجوا لشريك يوجّه كل يوم إهانة إلى الدولة وأركانها؟ وهذا الامتهان والتقليل من الشأن العراقي على الصعد كافة، وآخره ما يتداول من مقترح من قبل النائب الأمريكي (مايك والتز) إلى الكونغرس والذي يقضي بتنصيف السيد فائق زيدان ومجلس القضاء الأعلى كأدوات لإيران!"
pic.twitter.com/Xbk7gsBuz7 — الشيخ علي الاسدي (@Ali_1AlAsadi) June 29, 2024
عصائب أهل الحق
وفي السياق نفسه، صدر بيان عن رئيس كتلة "الصادقون" النيابية، حبيب الحلاوي، وهي الجبهة السياسية لمليشيا "عصائب أهل الحق" المدرجة على قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، جاء فيه: "تصريحات النائب الأمريكي مايك ولتز تجاه رئيس مجلس القضاء الأعلى "لا يسمن ولا يغني من جوع" وتعتبر خرقاً للأعراف الدبلوماسية الدولية وتدخلاً في شؤون العراق الداخلية ونحن في السلطة التشريعية نرفض هذه التدخلات المستفزة والقضاء العراقي خط أحمر ولا نسمح بالتجاوزات التي تطال القاضي فائق زيدان وعلى الخارجية العراقية إصدار بيان استنكار وحفظ هيبة السلطة القضائية في العراق".


ووفقا للباحث فإن هذه التصريحات تكشف بمجملها الكثير عن عقلية الميليشيات العراقية المدعومة من إيران.

فأولا، "تميل الميليشيات إلى اتهام والتز بأنه تلقى أموالاً مقابل موقفه تجاه زيدان، وذلك ربما لأن جماعات مثل "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله" تفرط في استغلال النواب العراقيين للقيام بهجمات مدفوعة الأجر"، حسب التقرير.

وتابع: "ثانيا، تفترض هذه الجماعات أن انتقاد زيدان يأتي من منطلق سياسي وبالنيابة عن طرف ثالث، وهم الأكراد في هذه الحالة، وذلك مجدداً لأن بيع المواقف البرلمانية وشراءها وتوجيهها نحو أفراد أمر مألوف في العراق اليوم".

مقالات مشابهة

  • اختبار بسيط لمعرفة مدى حاجة جسدك لتناول الماء.. «النتيجة مفاجأة»
  • مغامرات لعبة “ماجك”، و”ميني بمپر كارز”.. «مدينة الصين».. وجهة سياحية في «سيتي ووك»
  • قطع المياه عن 11 قرية بالمنوفية غدا..لهذا السبب
  • مجموعات عراقية مسلحة تدافع عن قاض متهم بدعم النفوذ الإيراني في العراق
  • لغز «بحيرة الموتى» يحير العلماء.. العثور على 500 قطعة من الهياكل العظمية
  • مصر تحقق أعلى إيرادات سياحية خلال النصف الأول من 2024 رغم التوترات في المنطقة
  • مقاربة معرفية لحكم الروائي عبد العزيز بركة ساكن على قحت وتقدم
  • وزيرة الثقافة: مهرجان العلمين أصبح وجهة سياحية هامة لآلاف السائحين من مصر والعالم
  • الصيف الحار.. والسياحة
  • عين دربات.. وجهة سياحية ذات مناظر ساحرة بمحافظة ظفار