تفاصيل جديدة عن حادثة سقوط الطائرة العسكرية شمال دارفور غرب السودان
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
السودان – كشفت مواقع إعلام سودانية نقلا عن مصادر محلية مطلعة، معلومات جديدة حول الطائرة العسكرية التي سقطت بدارفور شمال غرب السودان بعد انتشار تقارير تحتوي على معلومات غير دقيقة بوقت سابق.
وأظهرت معلومات واردة وفق موقع “أخبار السودان” أن طائرة الشحن التي سقطت في منطقة المالحة بولاية شمال دارفور – شمال غربي السودان يوم أمس الاثنين، تابعة للجيش السوداني، وقد أسفرت الحادثة عن مقتل ثلاثة من أفرادها، وذلك خلافا لما تم تداوله سابقا.
ولفت موقع أخبار السودان (sudanakhbar) إلى إعلان الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع في بيان رسمي بأن قواتها تمكنت من استعادة الصندوق الأسود للطائرة بشكل سليم، بالإضافة إلى الحصول على وثائق ومعلومات هامة تتعلق بالطائرة والمهام الموكلة إليها من قبل الجيش السوداني.
بدوره أكد الناشط المتخصص في أخبار الحرب محمد خليفة المعروف باسم خال الغلابة في منشور له على صفحته في (فيسبوك). بأن هناك ثلاثة سودانيين (من الجيش السوداني) كانوا على متن الطائرة موردا أسمائهم.
وأكد أن الطائرة تتبع للجيش السوداني، وهي من نوع يوشن، وكان يقودها طيارون من شرق أوروبا. وقد أقلعت من بورتسودان متوجهة إلى الفاشر في مهمة إمداد جوي للفرقة السادسة مشاة، وتحمل أسلحة وذخائر وأدوية.
وذكر أن الطائرة أنجزت مهمتها بنجاح وتمكنت من تنفيذ الإسقاط بشكل سليم، لكن أثناء عودتها بدأت تشتعل وسقطت. وأشار إلى أن هناك احتمالا لوجود عطل فني أو أنها تعرضت للاستهداف، لكنه اعتبر ذلك احتمالا ضئيلا.
وجرى نشر بيانات لطاقم الطائرة العسكرية المنكوبة مع الإشارة إلى أن أحدهم روسي من قرغيزستان.
لكن بيانا من مطار ماناس وفق وكالة “تاس” نفى ذلك مؤكدا: “إن وثائق مطار ماناس الدولي OJSC، التي تم العثور عليها أثناء تحطم طائرة في السودان، مملوكة لموظف في شركة Airline Transport Incorporation FZC، فيكتور غرانوف مواطن روسي ولم يكن موظفا في مطار ماناس نفسه”.
وأضافت الخدمة الصحفية أن مطار ماناس يصدر تصاريح مرور للمنظمات المتعاونة معها بموجب شروط الاتفاقية. وبذلك يمكن للمتخصصين القيام بواجباتهم في العمل دون عائق بسبب حرية الوصول إلى المطار.
وبحسب ممثلي ماناس، فإن الطائرة التي تم إسقاطها مملوكة لشركة مصرية New Way Cargo Airlines. وأكدت الخدمة الصحفية للمطار أن الطائرة Il-76 لا علاقة لها بشركة Airline Transport Incorporation FZC من أوش.
ولفتت الخدمة الصحفية للمطار إلى أن شركة “New Way Cargo Airlines” مسجلة في قرغيزستان، وشهادة المشغل لنقل البضائع صالحة حتى 16 يونيو 2025.
المصدر: مواقع سودانية + تاس
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
الرزيقات بين فرية التحريض وسندان الوطن الجريح
دكتور الوليد آدم مادبو
“لا يمكن إرساء سلم أهلي ما لم يُعاد الاعتبار للأنماط المحلية في إدارة التوازنات القَبَلية، وما لم تتوقف الدولة عن فرض صيغها العسكرية على مجتمعاتٍ لم تُخلق للحرب بل للتعايش." — (دارفور المستوطنة الأخيرة، 2012)
تتعالى في الأفق أصواتٌ نشاز، تروج لمزاعم لا تخلو من خبث، مفادها أن نظارة الرزيقات قد ارتضت لنفسها دور المتآمر على الوطن، وأنها انضوت تحت جناح الفوضى، تارة باسم القَبَلية، وتارة أخرى بدعوى التحالف مع الدعم السريع. هذه السردية التي يروّج لها بعض أبواق النظام البائد، لا تسعى إلى الحقيقة، بل تهدف إلى شيطنة كل من لم يخضع لمنطقهم الأمني القديم، أو يمتثل لسلطتهم الرمزية المتهالكة.
بل قد يمتد الكيد وتوُظَّف الشائعات لتشويه الرموز، فتزعم هروب ناظر الرزيقات، السيد محمود موسى إبراهيم موسى مادبو. وهي شائعة لا تليق إلا بمن يجهل التاريخ أو يتعمد تزويره، فالهروب ليس من شيم من رسخوا في الأرض وتوارثوا حمل الأمانة جيلاً بعد جيل، بل هو من طبائع القيادات الطارئة على التاريخ، التي لا أصل لها ولا جذر في وجدان الناس.
نعم، قد يخطئ الإنسان فيقول ما لا يجوز قوله أو يفعل ما يجوز فعله تحت وطأة المشاعر واستعارة العواطف، لكنه متى ما استعاد توازنه النفسي والذهني فيلزمه الرجوع إلى الحق وإلى جادة الطريق، “ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح، وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون”. صدق الله العظيم
إن نظارة الرزيقات، بامتدادها التاريخي العريق، لم تكن يوماً أداة في يد الطغيان، بل لطالما قاومت محاولات اختطافها وتوظيفها في مشاريع استئصالية، بدأت بإعلان “الجهاد” على الجنوبيين، وانتهت بمجازر الإبادة في دارفور. رفض آل مادبو الانخراط في تلك الحروب العبثية، ووقفوا، بقدر استطاعتهم، سدّاً أمام تفكيك النسيج الاجتماعي، لكن مواجهة دولة تستقوي بأجهزتها الإعلامية واستخباراتها العسكرية، لم تكن بالأمر الهيّن. الجنوبيون وأبناء دارفور، ممن خبروا الحقائق على الأرض، يدركون تمامًا هذا العجز البنيوي لا الأخلاقي.
لقد ترك رحيل الناظر سعيد محمود موسى مادبو (1931-2016)، عليه رحمة الله، فراغاً استغله الطامعون لإعادة هندسة الخارطة القَبَلية وفق أجندة المركز النخبوي، الذي لم يرَ في أهل دارفور سوى وقودٍ لحروبه، وخزاناً بشرياً لأجهزته القمعية. ولكن حين اندلعت الحرب الأخيرة، لم يعد أمام الكيان العربي في دارفور وكردفان خيارٌ سوى الدفاع عن نفسه، بعد أن أصبح هدفاً ماثلاً، لا في الدعم السريع وحده، بل في استهداف البوادي والهوية والانتماء.
غير أن الردّ على الظلم لا يجب أن يتحول إلى حقد، ولا ينبغي أن يُختزل في سرديات ثأرية. *إن ما نحن فيه ليس خلاف قبائل ولا تصارع أجنحة، بل أزمة دولة انهارت بنيتها، وتمزقت سلطتها، واستُلب قرارها من النخب الأمنية التي تقمصت دور “الضحية” بينما هي من صنعت الكارثة الحالية*. إن الحل ليس في تخوين المكونات، بل في رد الاعتبار للمهمشين، وفي المصالحة الوطنية الشاملة التي تعترف بالألم، وتُرسي دعائم عدالة لا تُقصي أحداً.
الوطن اليوم ليس بحاجة إلى مزيد من الجراح، بل إلى ضمادات صادقة، تُفرق بين الفاعل والمفعول به، بين من أجّج النيران ومن اجتهد في إطفائها، حتى وإن لم يملك إلا صوته. فالرزيقات، كغيرهم من مكونات السودان، لا يمكن عزلهم ولا تخوينهم، بل يجب إشراكهم في نحت المشروع الوطني الجديد. وإلا، فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة، نُعيد إنتاج الخراب نفسه بأسماء مختلفة، حتى تضيع البلاد بين شهوة السلطة، وعجز المصالحة.
إن الرزيقات، كما بقية نظارات السودان، ليسوا أعداءً لهذا الوطن، بل جزءٌ أصيل من نسيجه. إذا أردنا أن نستعيد السودان، فعلينا أن نُحسن الإصغاء لاختلافاتنا، ونحتكم لصوت الحكمة لا خطاب الكراهية. أما إذا أصرّ البعض على تعمية البصائر، والاكتفاء بلعب دور الضحية، فستغرق سفينة الوطن، وسيصعب حينها العثور على من ينقذنا من الغرق.
ختاماً، هذا المقال لا يبرّئ أحداً من تبعات الحرب، ولا ينفي تورّط أفراد من أي جهة في أفعال مدانة، لكنه يرفض منطق وصم الجماعات وشيطنتها بالجملة. إنه نداء للتعقّل لا للتبرئة، للإنصاف لا للتخندق، للإنقاذ لا للإدانة. *السودان لا يُبنى على خطاب الكراهية ولا على توزيع الذنوب وفق خرائط الهوية، بل على اعتراف صادق بالمسؤولية الجماعية*، ومصالحة تبدأ من الاعتراف بالألم وتؤسس لوطن لا يظلم فيه أحد ولا يُستثنى منه أحد.
April 26, 2025
auwaab@gmail.com