تركنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة، ونهانا عن كل ما يعرضنا لغضب الله سبحانه وتعالى.

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن من أعظم النعم التى لا تعد ولا تحصى، والتي هى تاج عظيم على رؤوس الأصحاء لا يعرف قدرها إلا المرضى، ولا يعدلها شيء، فإذا أردت أن تعرف قدر نعمة الله عليك وعافيته بك فاذهب إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي لترى العجب والعجاب وهنا ستعلم جيداً أن نعمة “العافية” لا يعدلها شيء.

واستشهدوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، عن العباس رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله ﷺ، فقلت: يا رسول الله؛ علمني شيئا أدعو به، فقال ﷺ: «سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ» ثم أتيته مرة أخرى، فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أدعو به، قال: فقال« يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ؛ سَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ». [أخرجه أحمد]

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، ولما علمت عائشة رضي الله عنها أفضلية سؤال الله العافية قالت: لو علمت أي ليلة ليلة القدر لكان أكثر دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية.

وروى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) رواه ابن ماجه.

نعمة العافية 

روى العباسُ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: (سَلْ اللَّهَ الْعَافِيَةَ) فَمَكَثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ، فَقَالَ لِي: (يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ سَلْ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) رواه الترمذي.

تأملوا فِي أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ بِالدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ بَعْدَ تَكْرِيرِ الْعَبَّاسِ سُؤَالَهُ بِأَنْ يُعَلِّمَهُ شَيْئًا يَسْأَلُ اللَّهَ بِهِ، فهذا دَلِيلٌ جَلِيٌّ بِأَنَّ الدُّعَاءَ بِالْعَافِيَةِ لا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ مِنْ الأَدْعِيَةِ وَلا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكَلامِ الَّذِي يُدْعَى بِهِ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.

والعافية من أذكار الصباح والمساء، على الإنسان أن يرددها صباحا ومساءا، ويسأل الله دوام النعم وحفظها من الزوال.

دعاء العافية أغلى من الياقوت 

((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ استُرْ عَوْرَاتي، وآمِنْ رَوْعَاتي، اللَّهمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَينِ يَدَيَّ، ومِنْ خَلْفي، وَعن يَميني، وعن شِمالي، ومِن فَوْقِي، وأعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحتي)).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نعمة العافية العفو والعافية صلى الله علیه وسلم ال ع اف ی ة رسول الله ن ی ا و ال ول الله ف ی الد ل الله

إقرأ أيضاً:

اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي

كثيرة هي الكتب التي كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبخاصة من المعاصرين، واختلفت كتاباتهم بحسب توجه الكاتب واهتمامه الفكري، وهناك شريحة قليلة من الكتاب أصدروا أكثر من كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء عن سيرته أو سنته، فرأينا خالد محمد خالد رحمه الله يكتب أكثر من كتاب، فقد كتب: (إنسانيات محمد) و(عشرة أيام في حياة الرسول) و(لقاء مع الرسول) و(كما تحدث الرسول)، وكتب الشيخ محمد الغزالي كذلك: (فقه السيرة) و(فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء) وغيرها، كما كتب شيخنا القرضاوي أكثر من كتاب، فكتب (الرسول والعلم) و(السنة النبوية مصدرا للمعرفة والحضارة) و(محمد رحمة الله للعالمين).

لكن هناك عالما معاصرا ولا يزال حيا، بارك الله في جهوده، كتب عدة كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم، تناول عدة زوايا مهمة، في كتب مختلفة، تتسم بالجدة والقوة، وبالعاطفة الأدبية، وهو العالم الجليل الدكتور عبد الوهاب الطريري، فكتب هذه الكتب: قصص نبوية، الحياة النبوية، أماكن نبوية، كأنك معه، القبر المقدس، واليوم النبوي.

كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.وأتناول في مقال اليوم كتابه: (اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو كتاب نفيس غاية النفاسة في مادته، وفي إحاطته بالموضوع، وفي زاوية النظر، وكنا قد قرأنا كتاب: (عشرة أيام في حياة الرسول) لخالد محمد خالد، وهو لا يقصد باليوم بالمعنى الزمني، ولكنه بالمعنى التاريخي، فقد يكون يوما بمعنى حادثة، كيوم أحد مثلا، وقرأنا لعبد الوهاب حمودة كتابه: (ساعات حرجة في حياة الرسول).

فكرة كتاب (اليوم النبوي):

ويأتي كتاب الطريري في هذه الشريحة من هذا التناول، فهي تعيش مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ساعات يومه، منذ الاستيقاظ، وحتى النوم، ولم يكتف بذكر اليوم التفصيلي لحياته، بل مر باليوم السنوي، واليوم الشهري، بما كان يفعله في أيام ثابتة في الأسبوع، كيوم الجمعة، وأيام ثابتة في الشهر، وفي السنة، كأيام العيد، فهو أشبه بأخذ مشهد أفقي متكامل لبرنامج النبي صلى الله عليه وسلم اليومي، حيث إن كثيرا من كتب السيرة يعرضها حسب المسار التاريخي، فتقدم كتاريخ حياة، لكن الطريري تناولها من حيث ممارسة الحياة، والحاجة ماسة للمنهجين بلا شك، ولكن التنوع يفيد ويزيد الإيمان إيمانا برسوله، ومعرفة بحياته.

فقد تناول الطريري اليوم النبوي، إذ غاص في بطون كتب السنة والسيرة، ليجمع صورة متكاملة عن يومه، منذ الاسيتقاظ، وكيف يكون نومه، واستيقاظه، ثم صلاته لكل فروض اليوم، ومجلسه في بيته وبين الناس كيف كان، وكيف ضحاه وقيلولته، ومشيه في بساتين المدينة، وكيف يمضي وقته في الليل، سواء على مستوى أمسياته الليلية، أو قيامه الليل مناجيا ربه، وكيف كان يمضي إغفاء السحر.

أما عن أيام الأسبوع، فتناول هديه يوم الجمعة، منذ الاستعداد لصلاتها، وحتى انتهاء خطبتها، ويومي الاثنين والخميس، وكيف كان يتعامل معهما، والاثنين يوم ولد فيه صلى الله عليه وسلم، ثم أيام العام، كيوم العيد، وعاشوراء، وعرفة، وشهر رمضان وأيامه ولياليه، وكيف كان يحيي ليال خاصة من العام؟

وأشد يوم عاشه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يوما ثقيلا، وكيف مرت عليه هذه الأيام، كيوم حصار الشعب، أو يوم عام الحزن، ويوم الأحزاب. وعن أسعد يوم عاشه كذلك، وفي أشد يوم وأسعد يوم، فهو النبي العابد الراضي بقضاء ربه، المسلم به، وفي فرحه فهو فرح في إطار الشكر للوهاب سبحانه وتعالى.

وقفات مع اليوم النبوي:

كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.

فلم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.

يلفت نظرك في اليوم النبوي، من حيث عبادته، كيف استطاع أن يمارس كل هذا الكم من الأذكار، من الصباح إلى المساء، والسنن الرواتب قبل وبعد الصلاة، فضلا عن أداء الفرائض، وهو الذي غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر، ومع ذلك فهو أكثر الناس استغفارا، وأكثر الناس مداومة على حقوق إخوانه، من العيادة والزيارة والمعاونة والدعاء لهم، والعمل على حل مشكلاتهم، في توازن عجيب، يعطي صورة ملهمة ومهمة عن التوازن في حياة المسلم كيف تكون، بالنظر إلى يوم النبي صلى الله عليه وسلم.

لم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.قد تشعر بأن يوم النبي متكرر، فأذكار الصباح والصلوات كما هي، مكررة كل يوم، في الصباح والمساء، ولكنك لا تشعر بذلك حينما تقرأ عنها في حياة ويوم النبي صلى الله عليه وسلم، بل تشعر بأنها رغم أنها مزدحمة بالأعمال، ولكنها ليست متوترة ولا مرتبكة، فلا تجد اضطرابا ولا توترا، ولا تجد رتابة تورث الملل، بل هي تجدد دائم في العلاقة بالله، والعلاقة بالناس، فهي تجمع بين التنظيم الدقيق، والتجدد المستمر، رغم ديمومة ما يقام من أعمال، لكنك تشعر دوما بالتنوع.

اليوم النبوي بكل أعماله ذو دلالة بينة وواضحة على نبوته، فإن وقائع حياته حين تتأملها مشهدا مشهدا، لا يمكن أن يراها أحد إلا علم أن هذا حال نبي مرسل من الله، يتنزل عليه وحيه، ليس بمتقول في دعواه، ولا طالب حظ لنفسه، وهذا ما أدركه القدامى والمعاصرين، من أهل الإنصاف، لأنها تقدم صورة صادقة لهذا النبي الكريم في يومه، بكل ما يحمله يومه من آلام وآمال، ومن حزن وفرح، ومن كل ما ينشد الإنسان معرفته بتفاصيل دقيقة لا مجاملة فيها، ولا تصنع، فصلى الله على رسولنا الكريم في يومه، وفي كل يوم عاشه، وفي كل يوم كان وسيكون قدوة للعالمين، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • فجر رمضان.. النبي أوصى بعمل بين الأذانين والتوقف بسماع الثاني
  • 4 ركعات في النصف من رمضان.. أوصى بها النبي تغفر الذنوب وتفك الكرب وتمنحك 6 عطايا
  • ما فضل ثواب تفطير الصائمين في رمضان؟ «الإفتاء» تجيب
  • أفضل أعمال الجمعة الثانية من رمضان.. اغتنمها بـ 10 أمور
  • في محاضرته الرمضانية الثالثة عشرة.. قائد الثورة : ما جاء من الله رحمة وهداية لما فيه الخير في الدنيا والآخرة
  • اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي
  • أحاديث عن ليلة القدر
  • شخصيات إسلامية.. أبو بكر الصديق
  • أفضل دعاء عند الإفطار في رمضان.. النبي أوصى الصائمين بـ4 أدعية
  • ارتباط السماء بالأرض في رمضان