الصراع في الشرق الأوسط يطغى على الانتخابات الأمريكية
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
قبل أسبوعين من موعد الاقتراع الرئاسي في الولايات المتحدة، تلوح أزمة الشرق الأوسط في الأفق خلال السباق نحو البيت الأبيض، مع سعي أحد المرشحين جاهداً لإيجاد الكلمات المناسبة للتنقل بين التيارات المتقاطعة، بينما يطلق الآخر تصريحات جريئة مفادها أن الصراع القديم يمكن تصحيحه بسرعة.
ووفق تقرير لوكالة "أسوشييتد برس"، كانت نائبة الرئيس كامالا هاريس تحاول جاهدة - ولكن ليس دائماً بنجاح - تحقيق التوازن بين الحديث عن الدعم القوي لإسرائيل، والإدانات القاسية للخسائر في الأرواح بين المدنيين الفلسطينيين، وغيرهم من المحاصرين في حروب إسرائيل ضد حماس في غزة، وحزب الله في لبنان.
ومن جانبه، أصر الرئيس السابق دونالد ترامب على أن كل هذا لم يكن ليحدث في عهده، وأنه قادر على التخلص من كل هذا إذا انتخب.
ويسعى كلاً منهما إلى كسب أصوات الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين والناخبين اليهود، وخاصة في ولايات ميشيغان وبنسلفانيا المتأرجحة.
Harris forced to confront Middle East crisis she's tried to avoid on campaign trail https://t.co/pUxgKvrSb6
— The Washington Times (@WashTimes) October 17, 2024 بين الثناء والانتقادوخلال عطلة نهاية الأسبوع، تعرضت هاريس للثناء والانتقادات على نحو متناوب بسبب تعليقاتها حول متظاهر مؤيد للفلسطينيين، والتي تم التقاطها في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع.
واعتبر البعض أن ملاحظة هاريس بأن مخاوف المتظاهر "حقيقية"، هي تعبير عن موافقتها على وصفه لسلوك إسرائيل بأنه "إبادة جماعية". ما أثار إدانة حادة من السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، مايكل أورين.
ولكن حملة هاريس، قالت إنه "في حين أن نائبة الرئيس تتفق بشكل عام بشأن محنة المدنيين في غزة، فإنها لم تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية ولن تتهمها".
وانقلبت الديناميكيات مرة أخرى، عندما قالت هاريس للصحافيين إن "القصة الأولى والأكثر مأساوية في الصراع، كانت الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي".
وكان هذا بمثابة استفزاز لأولئك الذين يشعرون، بأنها لا تعطي وزناً مناسباً لمقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني في غزة.
وفي الوقت نفسه، شارك ترامب في الأيام الأخيرة في مقابلات مع قنوات عديدة، حيث وعد بإحلال السلام وقال إن "الأمور ستتحسن بشكل جيد للغاية في لبنان".
وفي منشور على موقعه على وسائل التواصل الاجتماعي، أمس الإثنين، توقع أن رئاسة هاريس لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور في الشرق الأوسط.
وأضاف "إذا حصلت كامالا على 4 سنوات أخرى، فإن الشرق الأوسط سوف يحترق على مدى العقود المقبلة، وسينطلق أطفالكم إلى الحرب، وربما نشهد حرباً عالمية ثالثة، ولكن هذا الأمر لن يحدث أبداً أثناء عهدتي واستلامي للسلطة".
إحباط الحلفاءوذكرت الوكالة، أن موقف هاريس محرج بشكل خاص لأنها بصفتها نائبة للرئيس مرتبطة بقرارات السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن، حتى مع محاولتها إظهار نبرة أكثر تعاطفاً مع جميع الأطراف.
وأوضحت أن مساعدي هاريس وحلفاءها يشعرون بالإحباط أيضاً، مما يرون أنه يمنح ترامب إلى حد كبير تصريحاً غير متوقع، بشأن بعض تصريحاته المتعلقة بالسياسة الخارجية.
وقال جيمس زغبي، مؤسس ورئيس المعهد العربي الأمريكي، الذي أيد هاريس: "إنها مواجهة بين المدرسة التي تتسم بالحرص الشديد والمدرسة التي تتسم بالتفاخر. وهذا يصبح عائقاً في هذه المراحل المتأخرة عندما تقدم هاريس كل هذه المبادرات".
وأضاف "عندما يحين موعد دفع الفاتورة، سوف يرحلون خاليي الوفاض، ولكن بحلول ذلك الوقت سوف يكون الأوان قد فات".
تحولات سياسيةوتنذر الانقسامات السياسية على مسار الحملة الانتخابية، بتداعيات كبيرة محتملة بعد يوم الانتخابات، حيث تراقب القوى في المنطقة، وخاصة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، عن كثب النتيجة وإمكانية حدوث أي تحولات في السياسة الخارجية الأمريكية.
وأظهر استطلاع رأي جديد، أجرته وكالة "أسوشيتد برس"، ومؤسسة "نورك"، أن ترامب وهاريس لا يتمتعان بميزة سياسية واضحة فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط.
وقال حوالي 4 من كل 10 ناخبين مسجلين، إن ترامب سيبلي بلاءً أفضل، وقالت نسبة مماثلة نفس الشيء عن هاريس. فيما أعرب حوالي 2 من كل 10 أن أياً من المرشحين لن يبلي بلاءً أفضل.
هاريس وترامب يسرعان وتيرة حملتهما قبل أسبوعين من الانتخابات - موقع 24سرع المرشحان الرئاسيان، الديمقراطية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب، وتيرة حملتهما الانتخابية، سعياً لكسب أصوات الناخبين المترددين، وذلك قبل أسبوعين من موعد الاقتراع الرئاسي في الولايات المتحدة.ولكن هناك بعض علامات الضعف في موقف هاريس داخل حزبها فيما يتصل بهذه القضية. إذ يرى نحو ثلثي الناخبين الديمقراطيين فقط أن هاريس ستكون المرشحة الأفضل للتعامل مع الوضع في الشرق الأوسط.
ومن بين الجمهوريين، يرى نحو 8 من كل 10 أن ترامب سيكون أفضل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة ترامب أصوات الناخبين هاريس الانتخابات الأمريكية عام على حرب غزة ترامب كامالا هاريس فی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
مشروع تقسيم “سوريا”
يمانيون../
شكل الانتداب الفرنسي نموذجاً تاريخياً لتقسيم سوريا على أسس طائفية وإثنية بكونه أول تطبيق فعلي لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” في نسخته القديمة “اتفاقية سايكس بيكو”. التحديات الحالية التي تمر بها سوريا تعيد إلى الأذهان هذا النموذج، وإمكانية العودة له مع تعديلات معينة في سياق المشروع الأمريكي الإسرائيلي الجديد للتقسيم.
عاد الحديث مجدداً عن “الشرق الأوسط الجديد” منذ بداية طوفان الأقصى على لسان نتنياهو، إذ وجد الكيان الصهيوني في حدث طوفان الأقصى مبرراً لإطلاق العنان لهذا المشروع التدميري، وحشد الدعم الأمريكي والغربي الأوربي له.
سوريا بتعددها العرقي والديني والطائفي هي بيئة ملائمة لإعادة إطلاق هذا المشروع، ومن ثم توسيعه ليشمل دولاً أُخرى بما يتناسب مع الواقع المحلي لكل دولة؛ فمع إنهيار نظام بشار الأسد في سوريا، هناك مساع جدية لإعادة تشكيل “الشرق الأوسط”.
التقسيم الفرنسي لسوريا إبان الانتداب
شهدت سوريا عقب إعلان قيام المملكة العربية السورية عام 1920م تطورات سياسية وعسكرية أفضت إلى تقويض السيادة السورية لصالح الانتداب الفرنسي. بعد معركة ميسلون واستشهاد وزير الحربية يوسف العظمة، فرضت فرنسا سيطرتها على سوريا وأقرت سلسلة من المراسيم لتقسيمها إلى كيانات طائفية وإثنية مستقلة، كان أبرزها:
دولة دمشق (1920-1925): تضم دمشق وحمص وحماة وأجزاء من وادي العاصي، لكنها فقدت أقضيتها الساحلية (بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع) لصالح دولة لبنان الكبير.
دولة حلب (1920-1925): شملت مناطق الشمال السوري وشرق الفرات، واحتوت على تنوع إثني من عرب وأرمن وكرد ومسيحيين.
دولة العلويين (1920-1936): مركزها اللاذقية، وضمّت مناطق العلويين والإسماعيليين.
دولة جبل الدروز (1921-1936): شملت السويداء ذات الأغلبية الدرزية.
دولة لبنان الكبير (1920-1926): تأسست كياناً مستقلاً يضم المناطق ذات الأغلبية المسيحية وبعض المناطق السنية.
لواء الإسكندرون: أُُعلِن أنه منطقة مستقلة لاحقاً، وأُلحق بتركيا في 1939م وهو أرض تاريخية سورية.
اعتمدت فرنسا في هذا التقسيم على مبدأ “فرِّق تسد” الذي طبقه الانجليز، مبررة بأن سوريا غير قابلة للحكم الموحد بسبب تنوعها الطائفي والإثني، ما أسهم في تعميق الانقسامات الداخلية وتهيئة الأرضية لصراعات مستقبلية، ورغم أن لبنان جزء صغير من سوريا فقد قامت فرنسا بتشكيل نظام سياسي لبناني على أسس طائفية ودينية.
احتمالات تقسيم سوريا في سياق مشروع
“الشرق الأوسط الجديد”
في ظل الحرب الدائرة في سوريا عقب الاحتجاجات الشعبية المستمرة عام 2011م حتى دخول الجماعات المسلحة دمشق وسقوط النظام السوري ديسمبر 2024م بِيَدِ الجمعات المسلحة المتطرفة، ظهرت مخاوف جدية بشأن احتمالات تقسيم سوريا ليكون ذلك جزءاً من مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي يهدف إلى إعادة رسم الحدود وفقاً لتوازنات طائفية وإثنية تخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني قبل أي دولة أخرى.
التقسيم الفعلي لسوريا إلى دول مستقلة سيؤدي إلى مزيد من الصراعات والتوترات في المنطقة، خاصة مع وجود مصالح دولية وإقليمية متضاربة، بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيبة السكانية المتنوعة في سوريا تجعل من الصعب رسم حدود واضحة بين الطوائف والعرقيات المختلفة، وبينما يمكن تصور تقسيم سوريا نظرياً، فإن تطبيقه على أرض الواقع يواجه تحديات كبيرة، لكنه يظل ممكناً.
العوامل الداعمة لاحتمال التقسيم في الوقت الراهن هي السيطرة التركية على الشمال السوري، والتوسع الصهيوني نحو القنيطرة، ومساعي الصهاينة إقامةَ دولة درزية، ووجود القوات الأمريكية وحلفائها شرق الفرات، الذي يدعم الإدارة الذاتية الكردية، وبقاء القاعدة العسكرية الروسية في الساحل السوري. كما أن من شأن ممارسات الجماعات المتطرفة -بنزعتها الإرهابية- أن تخلق أزمة طائفية وتعزز العصبيات الدينية والعرقية والمذهبية، فقد ظهرت في الأيام الأخيرة مضايقات للمسيحيين واعتداء على قبورهم، ومحاولة اقتحام مقام السيدة زينب، ومداهمات منازل العلويين والمسيحين. وإن كانت هذه الممارسات حتى الآن ليست على نطاق واسع إلا أن الاستمرار فيها سوف يدفع مشروع التقسيم قُدماً.
فإذا ما اختفت الدولة الوطنية المركزية -التي تضمن مصالح الجميع- سوف تعود المجتمعات المحلية إلى الهويات الخاصة تتعصب حولها لحماية نفسها.
قد يتم التوصل إلى حدود الدويلات عبر المفاوضات بين الفصائل المختلفة الممثلة للعرقيات والطوائف والمذاهب لتحديد الحدود وتقاسم الموارد، ومن المحتمل أن تستمر الصراعات لفترة طويلة حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي.
وسيترتب على تقسيمٍ كهذا صراعاتٌ جديدة بين هذه الكيانات على الحدود والموارد، وستظل القوى الإقليمية والدولية حاضرة في الساحة السورية لضمان مصالحها. التقسيم هذا سيعني نسف الهوية الوطنية السورية والدولة السورية المستقلة، التي برزت إلى الوجود عقب رحيل المستعمر الفرنسي في العام 1947م.
خارطة سوريا الجديدة
افتراض وقوع حرب أهلية طويلة الأمد في سوريا مدعومة بتدخلات خارجية قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية والديمغرافية، حيث يمكن أن تظهر عدة كيانات أو دول جديدة تستند إلى التوازنات الطائفية، والعرقية، والسياسية. بناءً على الوضع الحالي والتوترات المعروفة. يمكن تخيل سيناريوهات التقسيم على النحو الآتي:
دولة علوية في الساحل:
تشمل مناطق الساحل السوري (اللاذقية وطرطوس) وتمتد إلى أجزاء من حمص وحماة، غالبية سكانها علويون، وقد تستفيد من الدعم الروسي أو الإيراني لحمايتها بكونها كياناً منفصلاً.
دولة كردية شمال شرق سوريا:
تمتد على المناطق ذات الغالبية الكردية، مثل الحسكة والقامشلي، وصولاً إلى الحدود العراقية والتركية. تتمتع بدعم غربي، خاصة من الولايات المتحدة، على غرار إقليم كردستان العراق.
دولة سنّية في الشمال والوسط:
تشمل المناطق ذات الأغلبية السنية مثل حلب وإدلب وجزء من دير الزور والرقة، وقد تكون مدعومة من تركيا وبعض الدول الخليجية، مع نفوذ قوي للفصائل الإسلامية المتطرفة.
دولة درزية جنوب سوريا:
تتركز في السويداء وجزء من ريف درعا، تتمتع بتوازن عرقي وديني معتمد على حماية خارجية من “إسرائيل”.
دمشق وريفها قد تكون منطقة حكم خاص أو عاصمة رمزية، تخضع لسيطرة جهة دولية أو قوة محلية متعددة الأطراف للحفاظ على أهميتها الدينية والتاريخية.
موقع أنصار الله – أنس القاضي