حرب إيرانية ولكن ضحاياها فلسطينيون ولبنانيون
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
آخر تحديث: 22 أكتوبر 2024 - 9:56 صبقلم: فاروق يوسف عرضت إيران على لسان رئيس مجلس نوابها محمد باقر قاليباف على فرنسا التفاوض لإيقاف الحرب في لبنان. في الوقت نفسه عارضت على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي حل الدولتين منحازة إلى حل الدولة الواحدة.يمكن أن يُقال إن إيران تعرف بما لا تعرف. وهو قول فيه شيء من الحقيقة.
غير أن ما تعرفه إيران هو أن العرب تراجعت صلتهم بالقضية الفلسطينية. لم يكن ذلك التراجع قرارا عربيا بل صنعته الظروف التاريخية التي كان لإيران دور كبير في تشكيلها. من جانب آخر تسمح إيران لنفسها بالتجاوز على السيادة اللبنانية. ذلك صحيح. ولكن لبنان ومنذ زمن طويل هو بلد من غير سيادة. كانت إيران تتدخل دائما في شؤونه، حتى أنها اختارت له ذات مرة رئيسا وليس بقاؤه اليوم من غير رئيس إلا قرار إيراني. أما حكاية الدولة أو الدولتين فقد كان أولى بالفلسطينيين أن يكونوا روّاتها لو أنهم أمسكوا بالمبادرة حين أعلن ياسر عرفات من الجزائر ولادة الدولة الفلسطينية عام 1988. أما حين فشل مشروع عرفات في بناء سلطة فلسطينية مستقلة بناء على اتفاق أوسلو الذي فك ارتباط العرب بقضيتهم المركزية فقد كانت الفوضى هي البديل.لم تتسلل إيران إلى المسألة الفلسطينية خفية وإن فعلت ذلك بالتدريج، خطوة خطوة. وما كان لذلك التسلل أن يكتمل إلا بعد أن تمكنت تنظيمات الإسلام السياسي من التمدد والهيمنة على المجتمعات في العالم العربي قبل أن تكون لها اليد العليا في عدد من الدول بتأييد من الولايات المتحدة بشكل خاص والغرب عموما. كان انهيار الدولة في العراق فعلا أميركيا مقصودا ومخططا له ولم يكن لإيران أن تستفيد من ذلك الانهيار إلا بإرادة أميركية. اعترف الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أثناء حملة جمع الأصوات لكمالا هاريس أن إيران كانت دائما ضرورية بالنسبة إلى الولايات المتحدة بدءا من تعاونها في غزو العراق. حين اختفت دولة العراق الوطنية وحل محلها حكم الميليشيات فقدت المنطقة السد المنيع الذي كان يقف أمام إيران ويحول دون أن تعلن عن أطماعها في مصادرة القرار السياسي في عدد من الدول العربية التي لم تعد بعد أن سقط العراق سوى هياكل منخورة لا تمثل شعبها وقد صارت عاجزة عن حمايته من التنظيمات المسلحة التي تمكّنت من الإمساك بكل ما تبقى من مفاصلها. مهدت إيران لقيام الدول الفاشلة من خلال انتشار ميليشياتها التي دعّمتها بالمال والسلاح. أما في غزة فإن فشل مشروع السلطة الفلسطينية قد عزز فرصة حركة حماس في فرض شرعية في مجال جيوسياسي تركته منظمة التحرير فارغا ولم تتمكن من ملئه بعد أن تمكن منها اليأس بسبب المماطلة الإسرائيلية التي أفرغت اتفاق أوسلو من محتواه وحوّلته إلى فضيحة. ولم يكن مستغربا أن ينتقل تنظيم ديني تابع لجماعة الإخوان المسلمين مثل حركة حماس إلى الحضن الإيراني. خسر الفلسطينيون كل أوراقهم السياسية وفي الوقت نفسه اكتفى العرب بإصدار البيانات من خلال مؤسسة الجامعة العربية بعد أن أدركوا أن تدخلهم لم يعد مُرحّبا به فلسطينيا. ذلك ما فعله اللبنانيون بأنفسهم بعد سنوات حين خضعوا للهيمنة السياسية لممثلي إيران. بشكل أو بآخر فإن توجيه اللوم للعرب بسبب غيابهم عن حربي غزة ولبنان فيه الكثير من الافتراء والخبث وتزييف الحقائق والاستهداف المقصود. ذلك لأنهم كانوا دائما مستبعدين من قرارات الحرب التي تتخذها حماس في غزة في حين أن إيران كانت حاضرة فيها برضا الحركة بدليل رسائل الشكر التي كان يوجهها إسماعيل هنية إلى علي خامنئي كما أنهم وقد انسحبوا من لبنان بعد أن شعروا أن سيادته قد سُلمت إلى إيران لم يكونوا على علم بما تخطط له الميليشيا الإيرانية المهيمنة عليه. غير مرة حاولت إيران أن تبرئ نفسها من مسؤولية الحرب في غزة ولبنان غير أنها تعود لتعترف بأنها لا تزال تملك الأوراق التي تعتقد أنها تجعل منها طرفا في مفاوضات، من شأنها أن تورط المجتمع الدولي في الاعتراف بسيادتها على المنطقة. وهو ما لا يمكن أن يحدث. بعد ما حدث في حربي غزة ولبنان من وقائع لم تكن متوقعة بات من المستحيل على إيران أن تستعيد دورها السابق. ليس لأن القيادات العسكرية في الجانبين طواها الموت وحسب بل وأيضا لأن عليها أن تدفع ثمن ما خسرته غزة ولبنان من أرواح بريئة ذهبت ضحية لما اعتبرته جزءا من مشروعها التوسعي.مؤلم أن نقول إن إيران خسرت الحرب وضحايا تلك الحرب كلهم فلسطينيون ولبنانيون. ولكنها لم تنته بعد ولا بد أن تدفع إيران ثمنها على الرغم من أن أميركا لا تريد ذلك.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: غزة ولبنان بعد أن
إقرأ أيضاً:
ناشطة إيرانية حاصلة على نوبل: نظام الملالي ينهار من الداخل
تعمّقت مجلة "لوبس" ضمن تقرير خاص بُمشاركة عدد من الكُتّاب والمحللين السياسيين الفرنسيين، في مضمون الحوار الحصري الذي أجرته مع الناشطة الإيرانية نرجس محمدي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والذي أكدت فيه أنّ النظام الإيراني سيسقط لأنّه ينهار من الداخل، وأنّ بلادها لن تتمكّن من البقاء تحت سلطته.
وجاء التقرير بمناسبة مرور نحو عامين ونصف على انطلاق حركة المرأة والحياة والحرية في إيران، حيث استغلّت محمدي إطلاق سراحها المؤقت، ورغم مخاوف إعادة سجنها وزيادة عقوبتها، لتُندد بالقمع "الاستبدادي"، وتُشيد بشجاعة الإيرانيين، ولتؤكد أنّها مُقتنعة بأنّ "الديمقراطية في متناول اليد" في وقت لم يبدو فيه نظام الملالي هشّاً إلى هذا الحدّ من قبل.
تغييروأوضحت الناشطة الإيرانية للمجلة الفرنسية "لا أقول إنّ الانتقال سيكون سهلاً، لكنني أعلم أنّه سيحدث، لأنّ الإيرانيين قد تجاوزوا مرحلة الجمهورية الإسلامية في عقولهم. وهذا التغيير لا رجعة فيه. والأحداث الداخلية التي عاشها الإيرانيون خلال السنوات الأخيرة تدلّ على أنّ الإيرانيين مُستعدّون لتطبيق مبادئ الديمقراطية في بلادهم".
ومن جهته شدّد الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي ديمتري كرير، على تصريحات وتوقّعات محمدي، مؤكداً أنّ الاحتجاجات الداخلية والعقوبات الأمريكية والأزمة الاقتصادية والمعيشية غير المسبوقة جعلت سلطة الملالي في إيران تتزعزع بشكل متزايد.
كما أنّ سقوط حليفها الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وعودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، ساهم أيضاً في استمرارية ضعف الجمهورية الإسلامية، وربما انهيارها بأسرع من المتوقع.
????la liberté par la Democratiehttps://t.co/1ZibUOhifZ
— Lena ???????????????? LIBRE ???????????????????? (@Lenamaddie18) February 27, 2025 نظام فاسدسيسيل بريور، مديرة التحرير لمجلة "لوبس"، علّقت على الحوار الخاص الذي أجرته مجلّتها مع محمدي، بالقول "نعم، الحرية هي معركة، وهذا ما تُذكّرنا به المرأة الاستثنائية التي نُبرزها في عناوين الأخبار هذا الأسبوع، لنضالها الدؤوب من أجل الديمقراطية وحرية المرأة في إيران".
وذكرت بريور أنّه تم سجن الناشطة الإيرانية في بلادها بشكل مستمر تقريباً منذ عام 2015، وأُطلق سراحها لأسباب طبية بشكل مؤقت، من دون أن تعرف لماذا أو متى سيقوم نظام الملالي بوضع حدّ لحريتها الهشّة. ورغم كل شيء، فقد اختارت أن تواصل بلا هوادة إيصال رسالتها الثورية، دون خوف من الأعمال الانتقامية التي من المؤكد أنها ستلحق بها.
وفي المقابلة الطويلة التي أجرتها، أعربت نرجس محمدي عن قناعتها بأنّ الإيرانيين يريدون الديمقراطية بشدة، وأنّ الجمهورية الإسلامية، التي أضعفها سقوط الأسد في سوريا وتراجع حزب الله اللبناني، ليست أكثر من نظام فاسد سيسقط عاجلاً أم آجلاً.
وتحدثت أيضاً عن الأمل الهائل الذي جلبته حركة "المرأة والحياة والحرية" إلى بلدها، كما أنّها تشنّ حملة من أجل الاعتراف بـِ "الفصل العنصري على أساس الجنس" في إيران، باعتباره جريمة دولية.
#HGGSP "La Rép islamique d'Iran tombera". Narges Mohammadi, prix Nobel Paix en 2023 a profité d’une libération prov pour accorder un gd entretien @Le_NouvelObs sur sa situation, pays et espoirs, alors que le régime des mollahs n’a jamais semblé si fragilehttps://t.co/CDSatEX5Rq.
— So Crate (@FenelonSo) February 27, 2025 حرية مؤقتةوذكرت "لوبس" في تقريرها الخاص وتقديمها للمُقابلة الحصرية، أنّه تمّ اعتقال نرجس محمدي للمرّة الأولى من قبل النظام الإيراني بسبب "ارتدائها لباساً برتقالياً بسيطاً"، وكانت تبلغ من العمر حينها 19 عاماً. ومنذ ذلك الحين، واصلت هذه المهندسة الحاصلة على شهادة في الفيزياء حملتها ضدّ عقوبة الإعدام والفصل العنصري بين الجنسين في إيران. وهو نضال من أجل حقوق الإنسان أدّى إلى سجنها ثلاث عشرة مرة، وتعرّضها للضرب، ووضعها في الحبس الانفرادي أربع مرات، وحرمانها لمدة عشر سنوات من طفليها التوأم، اللذين يعيشان الآن في فرنسا مع والدهما، المُعارض المنفي تقي رحماني.
ورغم ذلك، لكن لم ينجح أحد في إسكات محمدي، أو إرغامها على التخلّي عن القتال في بلدها. ومع اندلاع الانتفاضة الشعبية في سبتمر (أيلول) 2022 أثناء احتجازها في سجن إيفين سيئ السمعة بالقرب من طهران، أثبتت نفسها كشخصية بارزة في مقاومة الجمهورية الإسلامية.
“Je pense que le plus dur pour moi était de ne pas pouvoir voir Ali et Kiana. Durant les dix années où j’étais en prison, je n’ai pas pu entendre la voix de mes enfants pendant cinq ans, car l’administration de la prison m’en empêchait.”https://t.co/KcbSSgRIr0
— Narges Mohammadi | نرگس محمدی (@nargesfnd) March 1, 2025وكانت الناشطة الإيرانية لا تزال في السجن عندما مُنحت جائزة نوبل للسلام لشجاعتها في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وخرجت بأعجوبة في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بفضل إجازة طبية نادرة. واستغلت هذه الحرية المؤقتة لتُصعّد من تصريحاتها ضدّ النظام الإيراني، وهو ما قد يُؤدّي إلى زيادة عقوبتها، بينما يبقى محكوم عليها بالسجن لمدة 12 عاماً.