في زمن الحرب.. أدوية محتجزة داخل صيدليات مقفلة
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
قد يكون إقفال الصيدليات في المناطق والقرى التي يستهدفها العدو الإسرائيلي، من أكثر الأمور التي تسبّب القلق في خضمّ هذه الحرب التي يعيشها لبنان. فاللبنانيون لا يزالون حتى الساعة، يعيشون "تروما" انقطاع الأدوية خلال الأزمة الإقتصادية الحادة التي انطلقت عام 2019، لتأتي حرب اليوم وتتسبب بمشكلة جديدة في القطاع الدوائي، خاصة وأن المواطنين عموماً بأمسّ الحاجة دوماً لأي حبّة دواء قد يجدونها، لخوفهم من إعادة سيناريو الإنقطاع.
هذا الهاجس حملناه لنقيب الصيادلة في لبنان، د.جو سلّوم، الذي أكّد أن الأرقام حتى الساعة مخيفة، متحدثاً عن أن مئات الصيدليات أقفلت في مناطق الجنوب، الضاحية الجنوبية والبقاع إثر الحرب والنزوح من اخطر نحو المناطق الأكثر أماناً، فضلاً عن 300 صيدلية تضررت أو تدمّرت بسبب الهجمات العنيفة.
وفي هذا الإطار، لفت سلّومَ في حديث لـ"لبنان 24" إلى أن النقابة تحرّكت عبر صفحة إلكترونية أنشأتها للقيام بإحصاء عدد الصيدليات المتضررة ومعرفة عدد الصيادلة النازحين لمساعدتهم من خلال تأمين تعويضات لهم من اتحاد الصيادلة العرب والفرنكوفوني ضمن ميزانية محددة من قبل النقابة.
وعدا عن الأثر السلبي الذي يصيب أصحاب الصيدليات بشكل مباشر، شدد سلّوم على أن هناك تأثيرا سلبيا على مخزون الدواء إذ كانت الصيدليات تحتوي على كمية من الكبرى من الأدوية، يجب اخراجها.
واعتبر أن أي جهة مخوّلة لأداء هذه المهمّة، بشرط اخراج الأدوية بطريقة آمنة ومن دون إلحاق أي ضرر بالصيدلي أثناء إتمام عملية الاخراج بانتظار أي ردّ بهذا الخصوص.
وشدد سلوم على أن التواصل قائم مع الصيادلة الذي أصبحوا اليوم عاطلين عن العمل وبشكل يوميّ بهدف مساعدتهم بما تيسّر وحتى من الممكن محاولة تأمين فرصة عمل لهم.
وفي ظلّ العدد الكبير للنازحين، اعتبر سلّوم أن المشكلة كبيرة جداً وحقيقية والحلول ليست متاحة بين أيدينا في الوقت الراهن، نافيًا ما أثير عن سرقة أدوية من الصيدليات المقفلة.
وأضاف: "أخذنا موافقة مبدئية من وزارة الصحة أن تبيع الصيدليات الادوية لبعضها البعض، ولا توزّع مجاناً على النازحين لأن الادوية ملك الصيدلي الذي يعيش من مبيعها وتضرر اليوم كثيراً بسبب الإقفال.
واعتبر سلوم أن الهاجس الأساسي هو تأمين الدواء للمرضى في كل لبنان، كذلك انتشار مرض الكوليرا بين النازحين وخطورته، بالإضافة إلى أن وضع الصيادلة المأسوي نظراً لكونهم باتوا عاطلين عن العمل.
وفي حين تطوع عدد من الصيادلة لمساعدة النازحين عبر تقديم الإرشادات لهم في مراكز الإيواء وخارجها، كشف سلوم أنه سيكون له لقاء مع المعنيين لمتابعة موضوع المراكز بشكل أدق.
وفي هذا الإطار، أعلن سلوم أن صيادلة قاموا بمبادرة ذاتية بمنح عدد من النازحين في مراكز الإيواء أدوية يحتاجونها فضلاً عن استقدام أدوية من النقابات في الخارج عبر وزارة الصحة.
يحتاج الكثير من اللبنانيين للأدوية المحتجزة هباءً داخل الصيدليات المقفلة قسراً في المناطق التي تعتبر هدفاً بالنسبة للعدوان الإسرائيلي. فهل يتمّ الإفراج عنها كي يستفيد منها المواطنون في خضمّ هذه الأزمة المفتوحة؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ما الذي تحقق من أهداف نتنياهو بعد 15 شهرا من الحرب؟
على مدار 15 شهرا، لم يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تكرار أهدافه من الحرب على قطاع غزة، التي كان في مقدمتها إنهاء الوجود العسكري والسياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وإلى جانب القضاء على حماس، وضع نتنياهو هدفين رئيسيين آخرين، هما استعادة الأسرى بالقوة ومنع أي تهديد مستقبلي لإسرائيل يمكن أن يخرج من غزة.
ووفقا لتقرير أعده صهيب العصا للجزيرة، فقد كان القضاء على حماس عسكريا وسلطويا يعني أن الحركة لن تكون موجودة في اللحظة التي سيتم فيها الإعلان عن وقف إطلاق النار، في حين كان الهدف الإستراتيجي ألا يصبح القطاع مصدر تهديد للأبد.
وبين هذين الهدفين، كان هدف استعادة الأسرى حاضرا دائما، خاصة أن هؤلاء هم الذين يفترض أن الحرب قد اندلعت من أجلهم بالدرجة الأولى.
تجويع وتدمير واعتقال
ولتحقيق هذه الأهداف، حاصرت إسرائيل القطاع تماما ومنعت دخول الدواء والغذاء والوقود إليه، وألقت على سكانه أطنانا من المتفجرات حتى أحالته جحيما.
وخلال عمليات التدمير الممنهجة، اعتقلت قوات الاحتلال آلاف الفلسطينيين من داخل المؤسسات التعليمية أو الطبية أو الخدمية التي دخلتها، ودفعت مليوني إنسان للنزوح مرات عديدة.
إعلانوقتلت إسرائيل -بقرار سياسي- أكثر من 46 ألف إنسان وأخفت ما يصل إلى 10 آلاف آخرين، أملا في تحقيق أهداف نتنياهو وحكومته المتطرفة ومن انضم لمجلس حربه من الساسة الإسرائيليين.
لكن دولة الاحتلال بدأت تستفيق من الصدمة والغضب بعد مرور 8 أشهر من أطول حروبها، فانسحب رئيس الأركان السابق بيني غانتس والقائد السابق في الجيش غادي آيزنكوت من مجلس الحرب بعد أسابيع من الخلافات والتهديدات المتبادلة.
واتهم الرجلان نتنياهو بعدم امتلاك إستراتيجية عسكرية وسياسية لمسار الحرب، وقد نزلا إلى جوار المعارضة في الشارع يطالبونه بالتوصل إلى اتفاق يعيد الأسرى.
كما توترت علاقات نتنياهو مع حلفائه الغربيين على وقع إيغاله غير المبرر في الدم الفلسطيني دون الوصول إلى أي من أهداف الحرب. وتأزمت علاقته مع واشنطن بعد مراوغته أكثر من مرة في المفاوضات بوضع شروط جديدة.
وقبل ذلك وبعده، لم يستمع نتنياهو لتحذيرات الرئيس الأميركي السابق جو بايدن من احتلال مدينة رفح جنوب القطاع والتوغل في محور فيلادلفيا على الحدود الفلسطينية المصرية.
وقد تجاوز نتنياهو كل ذلك، ولم يترك صورة تشير إلى استمراره في الحرب إلا التقطها، فدخل قطاع غزة مع جنوده وأعلن أنه لن يتراجع عن القتال حتى يحقق أهدافه الثلاثة التي وضعها.
ومع كل توغل في غزة، كانت إسرائيل تخسر مزيدا من الجنود، ومع كل محاولة لتحرير الأسرى كان يقتل عددا منهم.
نتنياهو في محور نتساريم بقطاع غزة (إعلام الجيش الاسرائيلي) فشل في استعادة الأسرىولم تنجح إسرائيل في استعادة أي من أسراها إلا مرة واحدة عندما استعادت 4 من بين 250 أسيرا، وقتلت وأصابت في سبيل ذلك مئات المدنيين الفلسطينيين في مخيم النصيرات بعد 8 أشهر من القتال، ووقفت العملية كلها على حافة الفشل.
ولم يكن كل ذلك كافيا لوقف التظاهر في الشارع الاسرائيلي، حيث أكد المحتشدون مرارا قناعتهم بعدم قدرة نتنياهو على تحقيق أهداف الحرب وتحديدا إعادة الأسرى أحياء دون صفقة مع حماس.
إعلانومع استمرار الحرب، بدأ خصوم نتنياهو السياسيون يتهمونه بالتهرب من عقد صفقة تبادل أسرى، حفاظا على مستقبله السياسي. وقال غانتس وآيزنكوت إن الحرب فشلت في تحقيق أهدافها.
وقال زعيم المعارضة يائير لبيد إن النجاح الوحيد الذي يمكن للحرب تحقيقه هو التوصل لصفقة تعيد الأسرى أحياء. بينما واصل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير (استقال احتجاجا على وقف القتال) ووزير المالية بتسلئيل سموترتيش تمسكهما بأن الحرب حققت إنجازات هامة، وأن مواصلتها مهمة جدا لتحقيق بقية الأهداف.
وظل الانقسام السياسي سيد المشهد في إسرائيل حتى منتصف الشهر الجاري عندما تم الإعلان عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، بعد مفاوضات مضنية تعثرت شهورا بسبب تعنت نتنياهو.
ومنح الاتفاق أملا في توقف للحرب وانسحاب للقوات الإسرائيلية من القطاع والدفع بمزيد من المساعدات للسكان الذين سمح للنازحين منهم بالعودة إلى ديارهم.
لكن الاتفاق الذي تم إعلانه كان مع حركة حماس التي تعهد نتنياهو باجتثاثها تماما، وقد نص على استعادة من تبقى من الأسرى الإسرائيليين الأحياء مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين قدامى في سجون الاحتلال.
وتمثل بنود الاتفاق كل ما تمسكت به المقاومة طوال شهور الحرب، وقالت إنه سيكون السبيل الوحيد لوقف الحرب وإعادة الأسرى.
ويوضح الاتفاق دون لبس أن إسرائيل عقدت صفقة مع حماس في النهاية ولم تسترجع أسراها دون الثمن الذي طلبته الحركة في أول الحرب. وقبل هذا وذاك، لم تسلم المقاومة سلاحها كما كان نتنياهو يريد رغم ما لحق بها من خسارة في العدد والعتاد.