تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة دقيقة وخطيرة للغاية، وتقطع بأحداث متسارعة نحو المجهول الذي فرضته حيثيات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والتي أفضت إلى حروب ودمار وتدمير وتهجير.
فغزة مدمرة ولا تزال تدك حتى اللحظة بعد أن دُمر 70% من مبانيها وتهجير قرابة مليوني نازح، ولبنان تُضرب بالصواريخ والمسيّرات التي بدأت بالضاحية الجنوبية ثم توغلت حتى شملت أغلب مناطقها وخرّبت الكثير من بنيتها ومؤسساتها ونزوح الكثير من سكانها، وسورية قد تكون هدفاً هي الأخرى، وبالتالي فاليمن والعراق ليستا استثناء في هذه الحرب الطاحنة والتي يبدو أن ليس لها نهاية قريبة بحسب معطيات الوعود الإسرائيلية بضرب مواقع ومنشآت حيوية في إيران وقد باتت قريبة، ما يعني أن العالم اليوم أمام مواجهة خطيرة بين قوتين إقليميتين (إيران وإسرائيل)، فإن خرجت عن السيطرة فذلك نذير بتداعيات أكبر وأشمل على المنطقة.مع أي دعوة لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، يجري الحديث عن القرار 1701 وضرورة العودة إليه وتطبيقه، وهذا القرار ليس وليد هذه الحرب؛ ففي 11 أغسطس (آب) 2006 تبنى مجلس الأمن بالإجماع استحداث قرار 1701 الذي وضع حداً لحرب سُميت بحرب تموز ودامت 34 يوماً، وتتضمن العناصر الرئيسية للقرار الذي يتألف من 19 فقرة دعوة مجلس الأمن إلى وقف كامل للأعمال العدائية بين الطرفين، ووقف إطلاق نار دائم وحل طويل الأجل يقوم على ترتيبات أمنية بإنشاء منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة أي «منطقة عازلة»، وكان حلاً عادلاً بوجود قوات اليونيفيل الدولية وصداً لأي انتهاكات من كلا الطرفين، ومع التصعيد الأخير وعدم الالتزام من قبل حزب الله بالتراجع إلى ما بعد الليطاني يبدو أن أمريكا اليوم تسعى لتعديل القرار 1701 بإصدار ملحق يتضمن بنوداً وإضافات جديدة حتماً لن تخدم الجانب اللبناني بقدر ضمانات أمنية للجانب الإسرائيلي سوى في انتخاب رئيس لجمهورية لبنان، في الوقت الذي تتذرع فيه الحكومة اللبنانية «حتى اليوم» بصعوبة إجراء انتخاب رئيس جديد قبل وقف تام لإطلاق النار!
قبل السابع من أكتوبر كانت منطقتنا على موعد مع سلام شامل وننتظر نتائج جهود دولية تتقدمها السعودية وأمريكا لطرح مبادرة شاملة للسلام تحفظ الحق الفلسطيني وتسهم في نشر الاستقرار في المنطقة، وكان هذا الأمر واقعاً ويسير بخطى ثابتة وحقيقية، ولكن الأمور تغيرت وتبدلت رأساً على عقب بعد ذلك التاريخ المرتبط بالأحداث الدامية في غزة التي يبدو أنها كانت مخططة لوقف وتراجع جهود السلام ونزع أي أمل لبسط الهدوء في المنطقة بعبثية يبدو أيضاً أنها انقلبت بشكل عكسي على المُخطط وأدواته وأذرعته. وهذا يجعلنا في تساؤل دائم: أليست خيارات السلام قيمة تترجم للكرامة وحقن الدماء وحفظ الأرواح والأوطان، أم أن الاستسلام للواقع المرير والمستقبل الذي يبدو أكثر مرارة هو أمر حتمي لجميع الميليشيات التي جرّت المنطقة والشعوب لهذا الأسى والتشتت؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله عام على حرب غزة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
سعيد سلام: أوكرانيا ترفض سلام الاستسلام وتسعى لضمانات أوروبية
قال سعيد سلام، مدير مركز فيجين للدراسات، إن أوكرانيا باتت تعوّل في هذه المرحلة بشكل أكبر على دعم أوروبا، في ظل تراجع الموقف الأمريكي وتوجهات الإدارة الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب مضيفًا: "الموقف الأوكراني واضح تمامًا، سواء على لسان المسئولين أو الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وحتى الشارع الأوكراني. الجميع يريد السلام، لكن ليس أي سلام، بل سلام عادل ومستدام، وليس سلامًا مفروضًا بالقوة من قبل الولايات المتحدة أو الطرف الروسي ".
وأوضح سلام، خلال مداخلة ببرنامج "ملف اليوم"، وتقدمه الإعلامية داليا أبو عميرة، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن الحديث عن "التنازلات المؤلمة" التي يروج لها البعض يعني عمليًا السماح لروسيا بالسيطرة على 20% من الأراضي الأوكرانية وثرواتها، وهو ما ترفضه كييف تمامًا، مضيفًا: "لو كانت أوكرانيا تسعى للاستسلام، لذهبت إلى موسكو لتوقيع وثيقة استسلام، وليس إلى واشنطن أو أوروبا للبحث عن دعم وضمانات".
وأشار إلى أن الخلاف الرئيسي اليوم يتمثل في اختلاف مفهوم السلام؛ حيث تراه واشنطن مجرد وقف لإطلاق النار، بينما تصر أوكرانيا على سلام كامل وشامل بضمانات أمنية تحول دون أي عدوان روسي مستقبلي.
وفيما يتعلق بانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أكد سلام أن كييف ما زالت تعتبر هذا الخيار وسيلة أساسية للحصول على المظلة الأمنية اللازمة لحماية أراضيها وحدودها، رغم تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي الأخيرة التي أغلقت الباب أمام هذا المسار في الوقت الراهن.
واختتم قائلًا: "الخيارات أمام أوكرانيا الآن تتركز على تعزيز الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي، للحفاظ على الأمن والاستقرار في القارة، ومنع روسيا من تهديد أي دولة أوروبية مستقبلًا".