من هو العارف بالله وعلاماته؟.. عالم أزهري يحدد مواصفاته وأسراره
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
قال الدكتور السيد عبد الباري، العالم بالأزهر الشريف، إن العارف بالله سبحانه وتعالى يكون فى حالة استتار وليس تباهى بالبركات.
وأوضح “ عبد الباري” ، أن إيمان المقلد مقبول، ولكن يجب أن نتأمل في مفهوم إيمان العارف بالله عز وجل ، مشيرًا إلى أن أول درجات الولاية تتطلب أن يكون الإنسان عارفًا بالله، لأن العارف بالله يمتلك ميزات خاصة.
وأضاف أن العلاقة مع الله سبحانه وتعالى تتطلب خشية وتقوى، مستشهدًا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ"، فمن يعرف هذه الحقيقة يكون على دراية بحقيقة الله سبحانه وتعالى.
وتابع: حتى وإن كان مقصرًا في بعض الشعائر أو دخل في بعض المنهيات، إلا أنه يظل يتقي الله ويخافه جل جلاله، منوهًا بأن المسلمين يعرفون أن الله يحب التوبة والمغفرة، وأن الله سبحانه وتعالى يحب العبد اللحوح في الدعاء.
على دراية بحقيقة اللهوأشار إلى أن هذه المعرفة تأتي من الفهم الحقيقي لربهم، وهو ما يتجلى من خلال أسماء الله الحسنى، وتطرق إلى أهمية توعية الناس بما يجب وما يجوز وما يستحيل في حق الله سبحانه وتعالى.
وأكد أن هذه المعرفة تجعلهم يدخلون في طاعة الله في حالة من الانكسار والاستتار، مستدلاً بسيدنا إبراهيم النخعي رضي الله عنه وأرضاه، الذي كان يقرأ القرآن ويغطي نفسه إذا دخل عليه أحد، فهذا الأمر بينه وبين ربه، دون الحاجة لإثارة ضجة حوله.
ونبه إلى أن الذكر من شعائر الإسلام ويجب أن يكون خفيًا بين العبد وربه، مستشهدًا بقوله تعالى: "وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ"، مشددًا على أهمية هذا النوع من الذكر في حياة المسلم.
من هو العارف باللهورد أن العارف بالله لا يطالب و لا يخاصم ولا يعاتب ولا يرى له على أحد فضلاً ولا يرى له على أحد حقاً .
- العارف بالله من أَنِسَ بالله فأوحشه عن الخلق وافتقر إليه فأغناه عنهم وذل فأعزه فيهم وتواضع له فرفعه بينهم واستغنى بالله فأحوجهم إليه .قال صلى الله عليه وسلم :{أنا أعرفكم بالله وأشدكم خشية}
- العارف يتلون بألوان العبودية فهو من عبودية وإلى عبودية في حين أنه مقيم على معبود واحد لا ينتقل إلى غيره ولذلك فهو ابن وقته همه عمارة وقته بالطاعات لأنها كل حياته الباقية
- العارف بالله كالسحاب يظل كل شيء و كالمطر يسقي ما يحب وما لا يحب أي أن خيره واصل إلى الجميع
- العارف بالله لا يأسف على فائت ولا يفرح بما هو آت لأنه ينظر إلى الأشياء بالفناء والزوال لأنها في الحقيقة كالظلال و الخيال .
- العارف بالله لا يعصي الله حتى ولو كتب لذلك كتاب الأمان من النار حملته معرفته للقيام بحق العبودية والشكر وذلك لعظيم أمر الله عنده
- العارف بالله قلبه مرآه فإذا نظر فيه رؤى الإيمان بالله واليوم الأخر والجنة والنار....... وهذا لصفاء ونقاء سريرته وطهارتها .
- العارف بالله صابر محتسب راض بقضاء الله فبذلك "يحلو مذاق المر عنده " لما رضي بالقدر مع علمه بالمصلحة بعد يقينه بالحكمة وثقته بحسن التدبير قال تعالى:{ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون }
- العارف بالله : تضيق عليه الدنيا بسعتها حيث أنه يضيق عليه كل مكان لا يجد فيه مطلبه ( هو ذكر الله ) وهذه في بداية المعرفة. اما من عرف الله اتسع عليه كل ضيق لأنه ليس في قلبه ساكن إلا الله ( أي هانت عليه الدنيا بما فيها وبمن فيها إلا فيما يرضي الله لأنه ليس في قلبه إلا الله ، بل حتى الابتلاء قد يجد فيه السعادة لأنه يقربه من الله ) وهذا في نهاية المعرفة ، ولا تنافي أو تناقض بين الحالتين .
معرفة الله تعالى على لها ثلاثة أركان وهى :-- الهيْبة، والحياء، والأُنس.
العلامة الأولى: تعظيم الله سبحانه وتعالى
العلامة الثانية: سكينة القلب
العلامة الثالثة: محو العلائق... ( عدم تعلق القلب بشيء )
العلامة الرابعة: التبرَّؤ والتفويض ( تفويض الامر لله سبحانه )
العلامة الخامسة: شدة الخوف
العلامة السادسة: ضيق الدنيــا بسعتها
العلامة السابعة: صفاء العيش وطيب الحيــــــاة
العلامة الثامنة: الحيـــــاء
العلامة التاسعة: تتبدى عليه أنوار الصفــات
العلامة العاشرة: جمع الشمل والهم
العلامة الحادية عشر: المبادرة للطـــاعـــات
العلامة الثانية عشر: لذة التعبُّد
العلامة الثالثة عشر: دوام الثنــاء والمحاسبة
العلامة الرابعة عشر: التخلُّص من حظ النفس
وأخيرًا: الأنس والوحشة
قال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) . وقال تعالى ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ . وقال تعالى ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العارف بالله الله سبحانه وتعالى العارف بالله
إقرأ أيضاً:
“فليصمه”
فليصمه، جاءت بصيغة الأمر، “فل” للترغيب والحث على القيام به، الفاء سببيه أي أداء السبب للقيام بالفعل بعدها، اللام للتوجيه، يصمه فعل مضارع، أي من شهد شهر رمضان في زمن المضارع لزمه الصوم، توجيه ممن خلق، أي لا مناص من صومه، وهناك ثواب وعقاب يترتب على الممتثل والمتقاعس، طبعاً شهر أنزل فيه القرآن، أي على كل مخلوق آدمي أن يعرف أنه عندما خُلق لابد له من موجه لحركته كي لا يزيغ عن المراد من خلقه، ولذا كان القرآن هو الدستور الذي فيه التوجيهات من الموجه الله سبحانه لهذه الأمة، ولذا لاشك أن من أهمل التوجيهات سيهمل نفسه حتماً، ونظراً لعظمة القرآن الكريم كلام الله جاء في حالة زمنية عظيمة ألا وهي شهر رمضان، إذاً يجب أن يفهم هكذا، رمضان يتعظم بعظم القرآن الذي هو عظيم من عظمة العظيم قائله سبحانه قال تعالى :”لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس” صدق الله العظيم، خاشعاً أي ذليل منصاع، متصدعاً أي “متخشخش / غير متماسك”، من عظمة القرآن الذي حقق فيه خشية الله، أي خوف شديد وحيطة وحذر، سبحان الله هذا شعور من جبل فيه حجار صماء، فكيف بمخلوق من لحم ودم ؟!، لذا بما أن القرآن الكريم هو التوجيه من الموجه سبحانه، لذا فنزول هذه التوجيهات في شهر رمضان يدل على أن شهر رمضان المبارك هو أعظم توجيه وجهه الله وحث عليه في كتابه القرآن والدليل اختياره سبحانه نزول كلامه وكتابه في هذا الشهر شهر الصوم، وبذا أمر الصوم في شهر رمضان المبارك ليس بالأمر الهين اللين الذي ممكن أن يتعداه كل آدمي شهد الشهر، ومن هذا نفهم مدى أهمية الالتزام والامتثال للأمر الإلهي “فليصمه”.
يجب أن نفهم بمختصر مفيد، أنه ومازال الموجه سبحانه هو الخالق والرازق وهو المعطي والمانع والنافع والضار، إذاً أيش عاد بقى لك أيها الإنسان حتى تتذمر، وهل أمرك بيدك ؟! وهل أنت أعرف من الله “وحاشى لله” بمصلحتك وأفيد لك؟!، مجرد وساوس وكبر وغرور نفسها التي أخرجت إبليس اللعين من رحمة الله وطرد من الجنة، لذا حري بك يا ابن آدم أن تعرف أن الله هو المتحكم في ما خلق وعليك أن تخشع وتتصدع أعظم من الجبال كونك لا شيء أمام جبروت الله ومقته وغضبه “والعياذ بالله” في حال لو عصيت، معادلة صحيحة واحد اثنين لا ثالث لهما، وبذا عليك التأمل في قوله تعالى :”هل من خالق غير الله يرزقكم” صدق الله العظيم، ومن هذا نعرف أن ومازال الأمر هكذا، فعلينا السمع والطاعة، فنصوم رمضان إيماناً واحتساباً كي نظفر برحمته ورضوانه، فهو الخالق وأعلم بما خلق وما ينفعك لتنتفع وما يضرك لتبتعد، ما شاء الله التسليم لله فيه نجاة وقوة ومنعة وعنفوان ومطمئنينة ورضى، فمتى أرضاك الله فما يسخطك ومتى أعطك الله فمن يمنعك ومتى ومتى ومتى، وعلى هذا فقس أي المصلحة يا ابن آدم أنت حري بكسبها، إنها تجارة مع الله يا هذا.
رمضان المبارك عاده إلا أبتدأ، وحتماً سيمر وقته بما يحمله من أجور وخير وبركات والحصيف من قدره حق التقدير وقدر رحمة الله التي نشرت في شهر كهذا على غيره من الشهور وأتم شهره على الوجه الذي يرضي الله، لو أحد من التجار قال لك لو دفعت قيمة هذه السلعة التي هي بألف ساحسب ألفك هذا بسبعين ألفاً وأشتري ماشئت من السلع من المحل بهذا المبلغ مقابل دفعك في سلعة قيمتها الألف، ماذا سيكون موقفك أمام التاجر ؟!، أسئل نفسك أيها المؤمن هذا السؤال وستجد كم ستكون خسارتك فيما لو قصرت في شهر رمضان المبارك أو ربحك فيما لو أستغليت كل لحظة من لحظات هذا الشهر من “تزودوا فإن خير الزاد التقوى”.. شهر مبارك وكل عام وأنتم بخير.
،،ولله عاقبة الأمور،،