كتب طوني عيسى في" الجمهورية": في لبنان، حافظت الجبهة طوال 11 شهراً على مقدار من الهدوءتحت سقف حرب الاستنزاف التي فرضها «حزب الله ». وعندمانضجت الظروف، وسّعت إسرائيل حربها على لبنان، حيث بدأتعلى ما يبدو تكرار سيناريو غزة.
ففي 17 أيلول الفائت، أطلق الإسرائيليون عمليتهم العسكرية ضدّ«حزب الله »، بدءاً بضربات «البايجر » واللاسلكي والتصفياتالصادمة والسريعة الوتيرة على مستوى الكوادر والقيادات العليا،ووصلوا إلى السيد حسن نصرالله بعد 10 أيام، وهم يلاحقون الكوادر على كل مساحة لبنان، وخصوصاً في البقاع والضاحيةالجنوبية.
ممنهج لمستودعات السلاح والصواريخ والذخائر، حتى داخلالأراضي السورية، وفي المعابر والأنفاق. ونتيجة لهذه الضربات،أظهر «الحزب » إرباكاً في المواجهة لأيام، لكنه سرعان ما استعادجزءاً من قدراته ومرونته على 3 مستويات:
-1 عودة قيادته الموقتة إلى المناورة السياسية، من خلال ما يعلنهالشيخ نعيم قاسم، حول وقف النار ومدى القبول بالقرار 1701 .
-2 إثبات القدرة على إيلام إسرائيل في حرب الشوارع التيتخوضها في الكيلومترات الأولى شمال الخط الأزرق.
-3 تحسن الأداء في مجال استخدام الصواريخ الموجّهة، ما أوقعبالداخل الإسرائيلي والمواقع العسكرية هناك خسائر جسيمة.
ويبدو المشهد اللبناني الحالي شبيهاً إلى حدّ بعيد بمشهد غزة: تصفية القيادات وضرب المستودعات والأنفاق وقطع الإمداداتوالتهجير بعد التدمير. لكن الأشدّ خطراً هو أيضاً تنفيذ ما يشبه«خطة الجنرالات » الغزّية في جنوب لبنان، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي إنشاء منطقة بعمق 5 كيلومترات مهدّمة ومحروقةوخالية من السكان تماماً، وفيها ستقوم إسرائيل بفرض قوانينها،فتطلق النار على «كل شيء يتحرك ،» على غرار ما ستفعل فيالمناطق المشابهة في غزة.
هذا التشابه في الواقع الميداني يوازيه تشابه في الواقعالسياسي الداخلي بين لبنان وفلسطين، حيث هناك انشقاق أهليحادّ حول مفاهيم «المقاومة » وأساليب عملها ومشروعية حيازتهاللسلاح وإمساكها بقرار الحرب والسلم على حساب السلطة المركزية. إذاً، بناءً على هذه المعطيات، يمكن استشراف المرحلةالآتية من حرب لبنان. وكما فقدت «حماس » نفوذها في غزة، حيثباتت إسرائيل تسيطر عسكرياً، بالاجتياحات البرية حيناًوبالغارات الخاطفة أحياناً، فالسيناريو مرشح للتكرار في لبنان. وفي الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، على الأرجح ستتكرّسالمناطق المحروقة والعازلة في لبنان، بعد أن تعلن إسرائيلانتصارها عسكرياً وسياسياً هنا، على غرار انتصارها في غزة.
وستكون لذلك انعكاسات سياسية عميقة في كل دول الشرقالأوسط، خصوصاً إذا نجحت إسرائيل في جرّ الولايات المتحدةإلى ساحة الحرب، كي تقاتل عنها على جبهة إيران. وهذا الأمرمرجح، أياً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية.
فهل سينقذ لبنان رأسه بالاستجابة إلى كل متطلبات الشرعيةالدولية؟ ثمة من يخشى أن يكون الأوان قد فات على تجنّب الكارثة،وأن يكون لبنان متجهاً إلى المصير الذي انتهت إليه غزة، فيغضون أسابيع أو أشهر قليلة، إذ لا يبدو أحد قادراً على مساعدته لإنقاذ نفسه.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تصعيد خطير على الحدود.. لبنان يشكو إسرائيل في مجلس الأمن
في ظل التصعيد المستمر على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، قدم لبنان شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، متهمًا إياها بخرق القرار 1701 وانتهاك السيادة اللبنانية عبر عمليات عسكرية متكررة.
جاء ذلك وسط توتر متزايد، حيث قام الجيش اللبناني بقطع طريق رئيسي لمنع تقدم قوة إسرائيلية مؤلفة من 6 آليات عسكرية، في خطوة تعكس حجم التحديات الأمنية التي تواجه لبنان.
شكوى لبنانية لمجلس الأمنقدمت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، عبر بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ردًا على الخروقات الإسرائيلية المستمرة. وأكدت الوزارة في بيانها أن إسرائيل تواصل انتهاك القرار 1701، الصادر عن مجلس الأمن عام 2006، والذي ينص على وقف العمليات العدائية بين الجانبين، فضلًا عن التزام إسرائيل بعدم خرق الحدود اللبنانية.
وأشارت الشكوى إلى:
استمرار الاعتداءات الإسرائيلية البرية والجوية منذ دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024.تدمير المنازل والأحياء السكنية اللبنانية، مما أدى إلى مقتل 24 مدنيًا وإصابة أكثر من 124 آخرين.عمليات اختطاف مواطنين لبنانيين، بينهم جنود في الجيش اللبناني، واستهداف المدنيين العائدين إلى قراهم الحدودية.استهداف الجيش اللبناني والمراسلين الصحفيين خلال تغطيتهم للأحداث على الحدود.إزالة إسرائيل لـ5 علامات حدودية محددة على الخط الأزرق، في خرق واضح للقرار 1701.وأكدت الخارجية اللبنانية في بيانها:
رفض لبنان لهذه الاعتداءات والخروقات الممنهجة، محذرة من أي محاولة إسرائيلية لإعادة ترسيم العلامات الحدودية بشكل أحادي.مطالبة مجلس الأمن والدول الراعية لترتيبات وقف الأعمال العدائية باتخاذ موقف حازم تجاه هذه الانتهاكات والعمل على إلزام إسرائيل باحترام التزاماتها الدولية.الدعوة إلى تعزيز دعم الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل لضمان حماية السيادة اللبنانية وسلامة المواطنين اللبنانيين.تحركات الجيش اللبناني على الحدودبالتزامن مع الشكوى اللبنانية، قام الجيش اللبناني بقطع الطريق الرئيسي الذي يربط بين كفر حمام وراشيا الفخار لمنع تقدم قوة إسرائيلية تضم 6 آليات عسكرية، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
تفاصيل الحادثة:
اجتازت القوة الإسرائيلية الخط الحدودي في محور مزارع شبعا.تقدمت نحو بلدة كفرشوبا، ثم اتجهت إلى محيط بلدة كفر حمام.إطلاق رشقات نارية مكثفة خلال التقدم العسكري.القوة الإسرائيلية انسحبت بعد ساعتين من التوتر العسكري على الحدود.وتعكس هذه التطورات التصعيد الخطير على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، حيث تتزايد المخاوف من تدهور الأوضاع الأمنية، خصوصًا مع استمرار إسرائيل في خرق القرار 1701 وعدم الالتزام بوقف الأعمال العدائية.
وبينما يطالب لبنان بتدخل دولي فاعل لإجبار إسرائيل على احترام سيادته، تبقى الأوضاع مفتوحة على مزيد من التوترات، ما لم يتم فرض التزامات واضحة تضمن حماية الأمن اللبناني.