صحيفة البلاد:
2025-07-03@04:41:58 GMT

اغتنام الفرص في زمن الكساد الاقتصادي

تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT

اغتنام الفرص في زمن الكساد الاقتصادي

في أمسية اجتماعية، استمعتُ إلى رجل أعمال يُحذّر من مغبة بدء أي مشروع تجاري في ظلّ التراجع الاقتصادي العالمي الحالي، مُجادلًا بأنّ الوقت غير مناسب، بل ذهب إلى حدّ القول بأنّها طريقة مُؤكّدة لخسارة المال. وحثّ أصحاب الأعمال الحاليين على خفض التكاليف بكلّ الوسائل المُتاحة.
لكنّني لم أستطع منع نفسي من مُخالفتي له.

فأنا أؤمن بأنّ الظروف الصعبة هي التي تُختبر فيها قدرات الإنسان الحقيقية. فلا يُمكنك استخراج اللؤلؤ دون الغوص في أعماق المياه المُظلمة. وبالمثل، غالبًا ما تظهر الفرص الحقيقية في ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية. ففي مثل هذه الأوقات، يرتقي المُفكّرون المُبدعون وروّاد الأعمال المُصمّمون، إلى مستوى التحدّي. ويُثبت التاريخ أنّ بعضًا من أنجح الشركات قد وُلدت في لحظات الأزمات.
لنأخذ شركة مايكروسوفت كمثال. ففي خضمّ ركود عام 1975، لم ينتظر بيل غيتس وبول آلن اقتصادًا مثاليًا لتحقيق رؤيتهما. لقد كانت لديهما فكرة جريئة، وعزيمة لا تلين على تنفيذها، بغضّ النظر عن التحديات الاقتصادية. ولم تنجُ هذه الشركات فحسب، بل ازدهرت ونمت لتصبح شركات عالمية عملاقة. لماذا؟ لأنّ مؤسّسيها أدركوا أنّ فترات الانكماش الاقتصادي لا تقضي على الفرص، بل تُبرزها لأولئك الذين هم على استعداد للتكيّف.
وهناك قصّة نجاح أخرى رائعة، هي قصّة والت ديزني. ففي عام 1929، مع بداية الكساد الكبير، واجه ديزني صعوبات مالية كبيرة. ومع ذلك، ورغم هذه النكسات، مضى قدمًا وأصدر فيلم “سنو وايت والأقزام السبعة” في عام 1937. وكان أوّل فيلم رسوم مُتحرّكة طويل، وحقّق نجاحًا هائلًا، وأحدث ثورة في صناعة السينما، وأثبت أنّ الإبداع والمرونة يُمكن أن يتغلّبا على أحلك الفترات الاقتصادية.
إنّ بدء مشروع تجاري خلال فترة الانكماش الاقتصادي لا يتعلق بانتظار الظروف المثالية، بل يتعلق باكتشاف الإمكانات حيث يرى الآخرون المشاكل. فرائد الأعمال الشابّ ذو الرؤية الثاقبة، يستطيع تحديد الفجوات التي تُخلّفها الشركات الأخرى في السوق عندما تُقلّل من تكاليفها، أو تُسرّح موظّفيها، أو تُخفّض خدماتها. وبدلًا من أن تُثبّطه حالة الاقتصاد المُتقلّص، يرى رائد الأعمال المُغامر فُرصة سانحة – سواءً كانت في تلبية احتياجات جديدة للمستهلكين، أو في انخفاض تكاليف التشغيل، أو حتى في الوصول إلى المواهب مع ازدياد التنافسية في سوق العمل.
لننظر إلى شركتي Airbnb و Uber، اللتين ظهرا بعد الأزمة المالية عام 2008. فقد احتاج الناس إلى خيارات أكثر توفيرًا للإقامة والنقل. فاستفادت Airbnb من المساحات غير المُستغلة، بينما استغلّت Uber الرغبة المُتزايدة في التنقل المُرن والمُتاح. وبذلك، بنت الشركتان إمبراطوريتين تُقدّران بمليارات الدولارات من خلال الاستجابة لاحتياجات المُستهلكين المُتغيّرة في وقت كان يعتقد فيه الكثيرون أنّ إطلاق مشروع تجاري أمرًا محفوفًا بالمخاطر.
ولا يقتصر الأمر على عمالقة التكنولوجيا فحسب، فشركة Trader Joe’s، سلسلة متاجر البقالة الشهيرة، تأسّست عام 1958 خلال فترة ركود اقتصادي. وما بدا كمتجر صغير، نما في النهاية ليُصبح سلسلة على مُستوى البلاد من خلال تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار مُعقولة، وهو ما لاقى استحسان المُستهلك الذي يُدرك أهمّية التكلفة في ذلك الوقت. ولم يكن نجاح Trader Joe’s مجرّد نتيجة للتوقيت الجيّد فحسب، بل كان أيضًا بسبب فهم احتياجات العملاء خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة وتقديم تجربة تسوّق فريدة من نوعها.

صحيحٌ أنّ الشركات تواجه تحدّيات أكبر خلال فترات الركود؛ فقد يصعب الحصول على التمويل، وقد ينخفض إنفاق المستهلكين. لكن هذا لا يعني استحالة النجاح، بل يعني أنّ على روّاد الأعمال أن يكونوا أكثر مرونة، وأكثر قدرة على ابتكار الحلول، وأكثر استعدادًا لتحمّل المخاطر المحسوبة. فالإبداع يزدهر تحت الضغط. وبامتلاك العقلية والمهارات المناسبة، يمكن لأيّ شخص أن يجد طريقةً لتحويل الأزمة إلى فرصة.

عند بدء مشروع تجاري في أوقات عدم اليقين، يكمن المفتاح في الصمود. ستكون فترات الانكماش الاقتصادي دائمًا جزءًا من الدورة، لكنّ روّاد الأعمال الذين يُبقون أعينهم على الأفق، ويتكيّفون مع المشهد المُتغيّر، ويُحافظون على دافعهم الذي لا يلين، سيجدون أنّه لا يوجد شيء اسمه الوقت “المناسب” – فقط المنظور الصحيح.
وللنجاح في مناخ اليوم، يجب أن يكون روّاد الأعمال قادرين على حلّ المشكلات، والتكيّف مع الظروف، ومُستعدّين لتقبّل التحدّيات الجديدة.

سيظلّ الاقتصاد العالمي دائمًا في حالة تقلّب، لكنّ أولئك الذين لديهم الشجاعة للعمل في أوقات عدم اليقين، هم من سيكتبون قصص نجاحهم بأنفسهم.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: مشروع تجاری اد الأعمال

إقرأ أيضاً:

تِـــقَن من ولاية نزوى نموذج لريادة الأعمال الرقمية الشابة

في زمن تتسارع فيه التقنيات وتتغير أدوات السوق، برز الشاب العُماني محمد بن خليفة بن خميس البوسعيدي، مؤسس شركة "تِقَن للتسويق الرقمي" في قلب ولاية نزوى، وبين مزيج التاريخ والحداثة قرر أن يصنع فرقًا؛ روى لنا قصة تحوّل حلمه إلى شركة رائدة في القطاع الرقمي، انطلقت من ولاية نزوى لتخدم مؤسسات على امتداد سلطنة عُمان.

يقول محمد بن خليفة البوسعيدي انطلقت الفكرة من إيماني بأن المستقبل رقمي، وأن على رواد الأعمال تبنّي أدوات العصر حيث بدأت الرحلة من حاضنة الأعمال بولاية نزوى التابعة لهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة في بدايات العام 2024 وكنت مؤمنًا أن التسويق الرقمي سيكون العنصر الفاصل في نجاح العلامات التجارية الحديثة، لكن في بداياتي، لم يكن هذا المفهوم مقبولًا على نطاق واسع.

ويضيف محمد من أكبر التحديات كان تقبّل السوق المحلي للتسويق الرقمي؛ كثير من الزبائن كانوا مترددين في الاستثمار فيه، ولم يكن من السهل إقناعهم بالنتائج المستقبلية لكن بالإصرار والتجربة، استطعت تقديم نتائج ملموسة غيّرت هذا التصوّر؛ حيث تطورت "تِقَن" من شخص واحد إلى شركة معتمدة؟ مضيفاً: بدأت وحدي، أصمّم وأطوّر وأقدّم الاستشارات وأول مشروع كان تصميم هوية بصرية لمقهى في نزوى، ثم توسعت لتسويق مكتب سفر وسياحة، وهكذا بدأت الثقة تكبر وخلال عام، شكّلنا فريقًا متكاملًا، متخصصًا في التصميم، التصوير، التسويق، وبدأنا نحظى بثقة مؤسسات صغيرة وكبيرة، وأبرمنا شراكات مع جهات حكومية.

وعمّا يميز "تِقَن" في السوق المزدحم قال هي ثلاث قيم أساسية: الابتكار، الجودة، والالتزام؛ حيث نستخدم التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي ونقدّم خدمات متكاملة تبدأ من بناء الهوية وتنتهي بإدارة الحملات الرقمية كما نلتزم بالمواعيد ونتعامل مع العميل كشريك؛ نحن ندمج بين التقنية والإبداع، ونؤمن أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع كفاءة التسويق كما نركّز على الجودة، الالتزام بالمواعيد، والتواصل الإنساني مع العميل؛ لهذا أصبحنا نُعرف بالجودة والابتكار.

وأضاف: اليوم نحن شركة تسويق رقمي عُمانية لديها حضور في عدة محافظات؛ إذ نقدّم أكثر من 22 خدمة في التسويق تغطي كل الجوانب من الهوية البصرية إلى الحملات الرقمية ونطمح أن نصبح مرجعًا وطنيًا في هذا المجال؛ ونعتبر أن كل مشروع نخوضه هو قصة نجاح جديدة وهدفنا أن نبني علامات تجارية تُروى وتُحفظ.

واختتم حديثه بالقول: نحن في "تِقَن" نؤمن أن كل زبون هو شريك في النجاح؛ نرى في كل مشروع فرصة للإبداع؛ وعدنا هو أن نكون خلف الزبون في كل خطوة، لنصنع معًا علامة تجارية لا تُنسى فنحن لا نروّج فقط، بل نبني علامات تُحكى قصصها فكل زبون شريك في نجاحنا، وكل مشروع فرصة نُبدع فيها؛ وكلمة شكر نوجهها لإدارة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمحافظة الداخلية الداعم الرئيس لنا والمساند لأعمالنا وأنشطتنا.

مقالات مشابهة

  • طرحُ مناقصة تنفيذ مشروع تصريف المياه السطحية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالروضة
  • استيتية لشباب ايل : العمل المهني والتقني أحد أهم مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي لخلق فرص عمل للشباب الأردني
  • حسن الخطيب: فرص استثمارية متميزة أمام دوائر الأعمال التشيكية
  • جهود قطاع الأمن الاقتصادي خلال يوم
  • توزيع 52 مشروعًا للتمكين الاقتصادي للأسر الأولى بالرعاية بالأقصر
  • "الشؤون الإسلامية" تنفذ 2700 فرصة تطوعية خلال موسم الحج 1446هـ 
  • رئيس الوزراء يبحث مع الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سبل التعاون
  • اجتماع لجنة الشراكة الأردنية البريطانية يعزز التعاون الاقتصادي
  • تِـــقَن من ولاية نزوى نموذج لريادة الأعمال الرقمية الشابة
  • الصناعات التحويلية غير البترولية تتصدر النمو الاقتصادي في مصر بنسبة 1.9% خلال الربع الثالث