في عصر السرعة والتكنولوجيا، يبدو أن العالم قد تحول إلى مسرح ضخم، حيث يتنافس الجميع على الأضواء. في خضم هذا الصخب، قد يتضاءل الاهتمام بمشاعر الآخرين، وقد يصبح عدم الاكتراث سمة بارزة في العلاقات الإنسانية. لكن ماذا يعني ذلك حقًا؟ وكيف يمكن أن يؤثر على حياتنا اليومية؟
في عالم مليء بالمشتتات، أصبح الانشغال الذاتي هو المُشغِل الخفي.
ولكن هل شعرت يومًا أنك تتحدث إلى شخص وكأنه “روبوت”؟ عدم الاكتراث بمشاعر الآخرين، يمكن أن يجعلنا نتحول إلى “روبوتات لا عاطفية”، حيث نردّ على المواقف بشكل آلي، دون التفكير في تأثير كلماتنا، أو أفعالنا، والتي من شأنها تدمير الآخرين، وهذا التحول لا يؤثر فقط على العلاقات الشخصية، بل يمكن أن يمتد إلى بيئات العمل، حيث يصبح التواصل البشري، مجرد إجراءات روتينية، ممّا يؤدي إلى بيئة عمل غير صحية أيضاً.
بلا شك أن التعاطف، هو السلاح السري، والأمل الذي يمكن أن يعيد الحياة إلى العلاقات الإنسانية. عندما نبدأ في ممارسة التعاطف، نبدأ في رؤية العالم من منظور الآخرين. يمكن أن يكون ذلك بسيطًا مثل الاستماع بصدق، أو تقديم الدعم في الأوقات الصعبة. التعاطف لا يعزِّز فقط الروابط الاجتماعية، بل يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على صحتنا النفسية أيضًا، وذلك بسبب وجود تأثير الانعكاس.
يجب أن نكون واعين لتأثير عدم الاكتراث بمشاعر الآخرين. إن أصل العلاقات الإنسانية، تُبنى من خلال التعاطف والاحترام، وحينما نبدأ في رؤية الآخرين، كأفراد لهم قصصهم وتجاربهم.
في عالم مليء بالتحدّيات، يمكن أن يكون التعاطف هو الجسر الذي يربط بيننا، ويعيد لنا سمات إنسانيتنا.
لنكن أكثر إنسانية، ولنبدأ في بناء عالم يتسم بالاحترام والتفاهم.
fatimah_nahar@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
بائع حلوى في شبرا.. من يكون أبو لمعة الحقيقي؟
من منا لا يعرف شخصية أبو لمعة، ذلك الرجل الطيب القلب الذي اشتهر بحكاياته الخيالية وطريقة سرده المميزة؟ لكن هل تساءلت يوماً من هو الشخص الحقيقي الذي ألهم الفنان محمد أحمد المصري لتجسيد هذه الشخصية؟
القصة الحقيقية وراء شخصية أبو لمعة كشفها العدد رقم 297 من مجلة الكواكب، الصادر في 9 أبريل من عام 1957، إذ رصد كواليس مثيرة عن الرجل الذي عاش في حي شبرا، وعمل بائعاً للحلوى، وأصبح فيما بعد مصدر إلهام لأحد أشهر الفنانين الكوميديين في مصر.
محمد أحمد المصري الشهير بـ«أبو لمعة» كشف عن الشخص الحقيقي الذي استوحى منه الشخصية التي اشتهر بها في فرقة ساعة لقلبك، قائلًا: «اسمه الحقيقى حسن منتصر أبو لمعة، وُلد في سنة ما قبل أن يبدأ القرن العشرين، يوم أن تعرفت عليه كنت طالبا بالمعهد العالي للتربية للمعلمين، وكان هو بائع حلوى يدفع أمامه عربة أنيقة كبيرة في أعلاها كلوب يصدر عنه ضوء وهاج، بينما أقراص الحلوى تصطف أمامه على العربة في أناقة وترتيب، وهو يختار زاوية في حي شبرا لا يعرف غيرها، ويبدأ عمله من التاسعة مساء ولا يبرح مكانه قبل الثالثة من الصباح»
ويمضي «المصري» ليصف أبو لمعة الحقيقي ويقول: «لم يكن في فمه سنة واحدة ولا ضرس واحد، كان هزيل الجسد، محدوب الظهر، أبيض شعر الرأس، يتحدث في حلاوة وفي تناسق وفي براعة، كنت أخرج في الليل لأقضي بين ساعات الاستذكار دقائق رياضية للترويح عن النفس فألتقيه، كان ضعيفا ومن رواياته تتخيله أسدا غنضفرا، وكان هزيلا ومن حكاياته تعتقد أنه شمشون الجبار، وكان فقيرا ومن فشرات تمسحه بالعظماء تظن أنه عزيز قوم لم يذل».
فشر على كل شكل ولونوواصل محمد أحمد المصري ليصف لقاءاته مع أبو لمعة الحقيقي قائلا: «كان يستهل حديثه قائلا: جدك عايش؟ فأقول لا.. فيقول: طيب أبقى أسأله على الحكاية اللي هحكيهالك.. اسمع يا بني أنا راجل فليسوفلي عندي خبرة 300 سنة و11 شهر و6 أيام وساعتين، ثم ينظر في ساعته ويستطرد قائلا: و4 دقايق علشان ما أغشكش، فأقول له وأنا أنظر لساعتي: وماشيين في الدقيقة الخامسة، فيرد: يبقى ساعتك أخت ساعتي الاتنين اتولدوا فى يوم واحد، يبقى إحنا قرايب، بعدها يبدأ في فشره، فيحدثك عن زوجته وكيف أنه ضربها بالسرير وهى نائمة عليه، وكيف ألقاها من النافذة لتسقط على قطة فتموت القطة وتعيش هي، كان يعاني من الفقر ويحدثك عن كاديلاك بحصانين كان عنده، ويحدثك عن بدلة بزراير دهب، وطاقية مرصعة بالماس أخذها من مهراجا كان معه في المدرسة».
واختتم المصري: «كانت أكاذيب جميلة لا تنتهي، كنت أستوعبها وأستوعب معها طريقة أبو لمعة في الحديث والتوقف والاستطراد، وطريقة التأكيد وطريقة وضع نهاية الفشرة، لقد كان بارعا في كل هذا، وإليه أدين بالفضل في كل كلمة أقولها في أعمالي، فهو الأصلي وأنا المزيف، وهو الصورة وأنا نسخة منها وهو الفشار وأنا تلميذه».