استخدم جنود الاحتلال الإسرائيلي الأسرى الفلسطينيين  في قطاع غزة كدروع بشرية وأرسلوهم إلى بيوت لم تفتش وأنفاق تابعة للمقاومة، وذلك ما يعد خرقا واضحا لميثاق جنيف لعام 1949 الذي يحظر استخدام الدروع البشرية.

وبحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية قال الفلسطيني رامز الاسكافي إن الجنود الإسرائيليين فصلوه عن عائلته بعدما حرقوا بيته في غزة، وكان في ذهنهم مهمة محددة له، وعلى مدى 11 يوما من تموز/ يوليو، قال الفلسطيني البالغ من العمر 30 عاما إنه أُرسل من بيت إلى آخر في الحي الذي يقيم فيه بالشجاعية وتحت رقابة جنود إسرائيليين.



وبحسب رواية الاسكافي حولوه الجنود إلى درع بشري ضد المفخخات والمسلحين من عناصر المقاومة، وقال: "حاولت مقاومة طلباتهم ولكنهم بدأوا بضربي وأخبرني ضابط ألا خيار لدي وأنه يجب عمل يطلب مني" و "أخبرني أن عملي هو البحث في البيوت وتقديم معلومات عن أصحابها. وبعد ضغوط شديدة لم يكن لدي أي خيار". 

وأضاف "في اليوم التالي، طلب مني مرافقة دورية للجنود الإسرائيليين وكنت خائفا جدا لأن دبابة كانت أمامي والطائرات من فوقي، عندما لاحظوا [الجنود المشرفون عليه] خوفي أكدوا لي أنهم يعرفون أنك معنا". 


ويعتبر الإسكافي واحدا من ثلاثة فلسطينيين قابلتهم "الغارديان" قالوا إن وحدات إسرائيلية استخدمتهم وأرسلوا إلى بيوت غير مسكونة وأنفاق.

وعن هذا، أكدت منظمة "كسر الصمت" وهي مجموعة من الجنود السابقين في جيش الاحتلال التي توثق انتهاكات الإسرائيليين في الضفة الغربية وغزة، إن الممارسات هذه "معروفة ومنتشرة".

وكشف المنظمة عن إكراه الفلسطينيين لدخول البيوت والأنفاق لأول مرة في تحقيق لقناة "الجزيرة" في تموز/ يوليو، كما وجمعت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية شهادات في آب/ أغسطس، حيث قالت إن الفلسطينيين الذين استخدموا كدروع بشرية أطلق على الواحد منهم لقب "شاويش". 

واقترح الجنود أن الممارسة هذه صادق عليها قادة الجيش، وقال مجند في وحدة قتالية "تم عملها على الأقل بمعرفة قائد الكتيبة". 

وجاءت هذه الممارسة مع أن "الأوامر والتوجيهات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي تحظر تحظر استخدام المدنيين من غزة الذين يتم أسرهم في الميدان في مهام عسكرية تعرضهم للخطر، وقد تم توضيح البروتوكولات والأوامر للقوات على الأرض". 

وقال جيش الاحتلال في بيان إن المزاعم المذكورة "أُحيلت إلى السلطات المختصة لفحصها". 
وقالت الصحيفة إن الشهادات التي جمعتها من الأسرى السابقين، تتوافق إلى حد كبير مع التقارير التي نشرتها  قناة "الجزيرة" وصحيفة "هآرتس". 

وقال الإسكافي إنه أجبر في أكثر من مرة وأثناء فترة اعتقاله على حمل مسيرة مروحية صغيرة مزودة بكاميرا إلى البيوت التي يتم تفتيشها حتى يتمكن الجنود رؤية ما بداخلها، مضيفا و"عندما انتهيت من تصوير البيوت من الداخل وخرجت، دخلوا وبدأوا بتدميره".


 وأضاف "في كل يوم وبعد أن ينتهوا مني كانوا يقيدون يدي ويعصبون عيني، وكانوا يزيلون القيد عندما يقدمون الطعام لي أو عندما كان يسمح لي بدخول الحمام"، قائلا إنه وفي "اليوم السادس الذي استخدم فيه لتفتيش البيوت في حي الشجاعية تعرض الجنود لنيران مقاتل من حماس، مما أدى إلى مواجهة وإطلاق نار استمر حتى المساء وخلال كل هذا استخدموني كدرع بشري، وكنت في الوسط، وقالوا لمقاتلي المقاومة: سلم نفسك وإلا قتلنا هذا المدني". 

ونجح الجنود في النهاية بقتل المقاتل الوحيد، وأجبر الإسكافي على دخول البيت وتصوير المقاتل الذي كان  يطلق النار من موقع قناص وتصوير جثته بهاتف نقال.

 وأكد الإسكافي أن وحدة الجيش كانت غاضبة منه لأن القناص كان في بيت فتشه في بداية واتهموه بمساعدة  المسلح، بينما أقسم سكافي أن المسلح لم يكن موجودا عندما فتش المكان، لكن احتجاجه لم يمنع من تعرضه للضرب، ولم يتوقف إلا بعد أربعة أيام من التحقيق حيث أحضر له ضابط بارز صحن أرز وأكد له أن روايته صحيحة. 

وأخبره نفس الضابط إن العمليات العسكرية في الشجاعية تقترب من النهاية  ولا حاجة إليه بعد ذلك، وفي اليوم الحادي عشر من اعتقاله فكت قيوده وأعطي كيسا يحتوي على الطعام والماء وطلب منه الذهاب إلى بيته.

 واشتكى الإسكافي للجنود بأنه متعب ولا يستطيع حمل الكيس الثقيل، لكنهم قالوا إن الكيس هو الذي سيُميز أنه عمل مع الجيش ولن يتم استهدافه وهو في طريقه لعائلته في الشجاعية.
 وقد تأكدت رواية الإسكافي من روايات جنود إسرائيليين لصحف أخرى، بحسب تحقيق "الغارديان".

 وفي حادثة أخيرة، قدم تفاصيلها رفاق جندي إسرائيلي، أمسك "شاويش" فلسطيني بسلاح جندي وفي المواجهة بينهما أطلق الفلسطيني النار على قدمه قبل أن يقتله الجنود الآخرون في الوحدة. وكشفت شهادات من مبلغين لمنظمة "كسر الصمت" أن الممارسة معروفة وشائعة، أي استخدام الأسرى كدروع بشرية. 

وقال أحدهم "كان لدينا في المجموعة واحد يتحدث بالعربية وأرسلهم [المعتقلين الفلسطينيين] لفتح البيوت حتى إذا وجدوا قنبلة فهم الذين ستنفجر بهم".


 ونقلت الصحيفة البريطانية عن نداف فايمان، وهو قناص سابق في جيش الاحتلال ومدير منظمة كسر الصمت: "مما نفهمه فإنه بروتوكول مستخدم بشكل واسع، وهو ما يعني أن مئات الفلسطينيين في غزة استخدموا كدروع بشرية". 

وقال إن الفلسطينيين يعتقلون في الممرات الإنسانية داخل غزة ثم ينقلون إلى الوحدات المختلفة داخل غزة، وحدات مشاة نظامية أو قوات خاصة، مضيفا أنه يتم استخدامهم لتفتيش الأنفاق  والبيوت، ويتم تزويدهم في بعض الحالات بكاميرات "غوبرو" مثبتة على صدورهم أو روؤسهم، وفي معظم الحالات "وضعت القيود في أيديهم ويرتدون الزي العسكري الإسرائيلي، ويعتبر ارتداء الزي العسكري الإسرائيلي بمثابة عار للمعتقلين الفلسطينيين".

 وقال ثلاثة قابلتهم الصحيفة إنهم قاوموا وبنجاح الضغوط لارتداء زي جيش الاحتلال، ولكن تم وضعهم في أماكن خطيرة لحماية الجنود. 

وقال إسماعيل الصوالحي، 30 عاما من مخيم جباليا، إنهم أخذوا في مهمة إلى بيت ووضعوهم في المقدمة ويطلبون منهم الدخول للبيت وبعدما يتركونه يفجرونه وراءهم، واعتقل الصوالحي في كرم أبو سالم في جنوب غزة خلال تموز/ يوليو واستخدم كدرع بشري لتفتيش البيوت في رفح ولمدة 12 يوما.

 وقال أبو سعيد من بيت لاهيا إنه اعتقل في شباط/ فبراير واستخدم كدرع بشري لمدة 4 ساعات، وقال إن الجنود وضعوا في يد جهاز "جي بي أس" وقالوا له إنه لو حاول الهرب فإنهم سيطلقون النار عليه "وسنعرف أين ستكون". 

وقد طلب منه الدق على أربعة أبواب وباب مدرستين والطلب من الناس الخروج، النساء والأطفال أولا ثم الرجال، وفي واحدة من المدارس كان الوضع خطيرا، ويقول "صرخت على الجميع لمغادرة المدرسة بهدوء، ولكن في تلك اللحظة كان هناك إطلاق نيران كثيف من الجيش الإسرائيلي، واعتقدت أنني سأموت". 

وفي نهاية اليوم أزيل جهاز التتبع وأعطي راية بيضاء لترك المنطقة، وقال أبو سعيد "لو لم تفعل ما يريدون منك فإنهم يقتلونك بلا تردد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الإسرائيلي الفلسطينيين غزة الدروع البشرية جيش الاحتلال إسرائيل فلسطين غزة جيش الاحتلال دروع بشرية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال کدروع بشریة

إقرأ أيضاً:

خبير سياسي لـ «الأسبوع»: تصريحات إسرائيل حول موافقة دول على استقبال الفلسطينيين تستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما

قال وسائل إعلام عبرية، أن عدة دول أبدت استعدادها لاستقبال فلسطينيين من غزة لكن لديها مطالب استراتيجية، وأن المفاوضات مستمرة مع أكثر من دولة لاستيعاب فلسطينيين من قطاع غزة، وأن إسرائيل جادة في تنفيذ خطة ترامب بنقل سكان القطاع إلى دول أخرى.

وتعليقا على ذلك، أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن هذه التصريحات تكشف بوضوح عن المخطط الإسرائيلي الهادف إلى تهجير السكان الفلسطينيين وإحداث تغيير ديموغرافي قسري في المنطقة، وهو أمر يتنافى مع كافة القوانين الدولية ويعد استكمالا لنهج الاحتلال القائم على طرد السكان الأصليين والاستيلاء على أراضيهم.

وأشار أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، إلى أن إسرائيل تحاول منذ سنوات فرض سياسة التهجير القسري كأحد الحلول التي تتماشى مع «صفقة القرن»، التي رفضها الفلسطينيون والمجتمع الدولي، مؤكدا أن هذه الخطوات تمثل جريمة في حق الإنسانية، وتكرس سياسات التطهير العرقي التي سبق أن مارسها الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الحديث عن وجود استعداد من بعض الدول لاستقبال فلسطينيين من غزة مقابل «مطالب استراتيجية» يكشف أن هناك ضغوطا تمارس على بعض الحكومات لقبول هذا السيناريو الخطير، وهو ما يستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما لمنع تنفيذ هذا المخطط الذي يهدد السلم والأمن في المنطقة.

وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر أن التهجير القسري لشعب غزة ليس مجرد انتهاك إنساني، بل هو محاولة لضرب أساس القضية الفلسطينية بإنهاء وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، وهو ما لن يقبل به أحد، مشددا على أن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وليس في تشريد الفلسطينيين وإجبارهم على مغادرة وطنهم.

وأوضح «فرحات» أن مصر كانت وما زالت صامدة في موقفها الرافض لأي خطط لتهجير الفلسطينيين، وقد عبرت القيادة المصرية بوضوح عن رفضها القاطع لمحاولات دفع الفلسطينيين نحو سيناء أو أي أراض أخرى، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة إنسانية بل هي قضية وطن وشعب وأرض، وحلها لا يكون إلا بإنهاء الاحتلال وليس بتفريغ الأرض من أهلها.

وشدد على أن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك العاجل لوقف هذه المخططات ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة، مؤكدا أن أي حلول لا تستند إلى العدالة الدولية وحق الفلسطينيين في أرضهم لن تحقق سوى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.

اقرأ أيضاًفرحات: خطاب الرئيس يعكس إيمانا بقدرة المصريين على مواجهة التحديات

اللواء رضا فرحات: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية عكست بوضوح موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية

«اللواء رضا فرحات»: الشعب المصري كله يدعم الرئيس رفضا للتهجير.. والمشككون هدفهم تفتيت الدولة

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست تكشف اعترافات جنود إسرائيليين حول التدمير الممنهج في غزة 
  • السيسي وماكرون يدعوان للعودة لاتفاق غزة ويرفضان تهجير الفلسطينيين
  • المكتب الإعلامي الحكومي بغزة يدين استهداف وقتل واغتيال الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين
  • صحف عبرية تكشف عن تخوفات نتنياهو من الاعتقال خلال سفره لـ واشنطن
  • تواصل العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة ونزوح الفلسطينيين مستمر
  • برلماني: مصر موقفها حاسم تجاه محاولات الاحتلال المستميتة لتهجير الفلسطينيين
  • خالد قزمار: جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين دليل على فشل المجتمع الدولي
  • شهادات مزورة في مجلس محافظة نينوى تكشف وجه السلطة القبيح
  • نسف المنازل في قطاع غزة.. سياسة ممنهجة لقتل الحياة وتهجير الفلسطينيين (شاهد)
  • خبير سياسي لـ «الأسبوع»: تصريحات إسرائيل حول موافقة دول على استقبال الفلسطينيين تستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما