مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة التطرف الاستهلاكي
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
حذر مرصد الأزهر في مقال لوحدة البحوث والدراسات التابعة له، من التطرف الاستهلاكي، والذي يشهده عالمنا المعاصر، مع انتشار العولمة، وتقدم التكنولوجيا الرقمية، حيث تطورت أنماط الشراء والاستهلاك إلى مستوى يتجاوز الاحتياجات الأساسية للفرد؛ ليصبح استهلاكًا مسرفًا، أو ما يمكن أن نطلق عليه “تطرفًا استهلاكيًّا”، ويعبر هذا المفهوم عن الإفراط في الاستهلاك بما يتعدى الضروريات؛ إذ يسعى الأفراد إلى الحصول على مزيد من المنتجات والخدمات، سواءٌ أكان ذلك لحاجتهم الفعلية، أم لمجرد مواكبة المعايير الاجتماعية والثقافية التي تروج للاستهلاك المفرط في كل شيء.
ويرجع مرصد الأزهر أسباب التطرف الاستهلاكي إلى التكنولوجيا والإعلانات الرقمية والتي تقوم بدور رئيس في تعزيز ظاهرة التطرف الاستهلاكي، فقد أصبح بإمكان الشركات استهداف المستهلكين بدقة بناءً على اهتماماتهم وسلوكياتهم عبر الإنترنت، ما يخلق شعورًا بالحاجة المستمرة إلى شراء مزيد من السلع لتلبية توقعات المجتمع، أو لتحقيق الرضا الذاتي، الأمر الذي نلمسه بأنفسنا عند شراء الملابس، أو الأحذية، أو أدوات التجميل، أو القيام بأي نشاط شرائي آخر.
كما تنظر المجتمعات الحديثة إلى استهلاك السلع والخدمات باعتباره مقياسًا للنجاح والتفوق الاجتماعي، فيكون تقييم الأفراد بناءً على قدرتهم على شراء منتجات ذات قيمة عالية، أو التمتع بخدمات فاخرة، ما يدفع كثيرًا من الراغبين في تصنيفهم ضمن "الفئة الأولى" في المجتمع إلى الاستهلاك المفرط للحفاظ على مكانتهم الاجتماعية، أو لتلبية شعور التميّز والرقي من منظورهم أو من منظور المجتمع.
كما يرتبط التطرف الاستهلاكي بالحالة النفسية للفرد؛ إذ غالبًا ما يلجأ البعض إلى الشراء استجابةً لضغوط نفسية أو اجتماعية، وهو ما يطلق عليه المتخصصون: "التسوق العاطفي"، وفي هذه الحالة، يصبح الشراء وسيلة للهروب من القلق أو الاكتئاب، ما يؤدي إلى إنفاق غير مسبب على المنتجات التي قد لا تكون ضرورية.
ومن أسباب التطرف الاستهلاكي تقليد أسلوب حياة معين لدى طبقة أخرى، مما يدفعهم إلى شراء منتجات باهظة الثمن لإثبات انتمائهم إلى طبقة اجتماعية ما، أو من خلال إلحاق أبنائهم بمدارس وجامعات خاصة بمصروفات عالية، أو المبالغة في تجهيزات الزواج وغير ذلك من المظاهر الاجتماعية.
وكذلك سهولة الحصول على القروض وبطاقات المشتريات من أسباب التطرف الاستهلاكي، حيث يعدُّ تسهيل الحصول على القروض والبطاقات الائتمانية عاملًا رئيسًا في التشجيع، بل التحريض على الإنفاق دون التفكير في العواقب المالية.
كما أوضح مرصد الأزهر في تقريره آثار التطرف الاستهلاكي ومنها الآثار البيئية، حيث يؤدي الاستهلاك المفرط إلى استنزاف الموارد الطبيعية وزيادة الإنتاج الصناعي، ما يتسبب في تدهور البيئة، ويصاحب ذلك زيادة في التلوث البيئي وتفاقم ظاهرة التغير المناخي، كما أن هناك آثارا اقتصادية للتطرف الاستهلاكي، حيث يسهم التطرف الاستهلاكي في خلق اقتصاد غير متوازن، إذ يزداد الاعتماد على الاستهلاك على حساب الادخار والاستثمار في المستقبل، كما يؤدي إلى تراكم الديون الشخصية، خاصة في حالة شراء السلع غير الضرورية بقروض أو ببطاقات ائتمانية.
واستطرد أن التطرف الاستهلاكي له آثار اجتماعية، حيث يعزز التطرف الاستهلاكي الفجوة بين الطبقات الاجتماعية؛ لأن النظرة المترتبة على هذا النمط الحياتي يجعل تصنيف الأفراد مرتبطًا بمدى قدرتهم على استهلاك السلع الفاخرة، وهذا بدوره يخلق بيئة تنافسية غير صحية، وقد يؤدي إلى الشعور بالاستياء أو القلق لدى من لا يستطيعون مواكبة هذا النمط الاستهلاكي، ويخلق حالةً من الصراع بين الطبقات الاجتماعية ويذكي التمييز والتفرقة بين عناصر المجتمع الواحد، كما يزيد في حالات التنمر.
وأطلق مرصد الأزهر لمكافحة التطرف صافرة الإنذار من تنامي هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعاتنا باعتبارها شكلًا من أشكال التطرّف غير المألوف، ولكن بالنظر للآثار الناجمة عنها يمكن إدراك خطورتها وضرورة مواجهتها هذا، ويمكن الحد من التطرف الاستهلاكي، وتبني ثقافة ترشيد الاستهلاك، والحفاظ على الموارد الطبيعية والاقتصادية من خلال مجموعة من الممارسات والسلوكيات منها التوعية المجتمعية، حيث ينبغي تعزيز الوعي بماهية التطرف الاستهلاكي ومخاطره وآثاره السلبية من خلال حملات توعوية تركز على أهمية الاستهلاك الواعي المسئول.
وقال إنه يمكن أيضا الحد من التطرف الاستهلاكي من خلال تعزيز التربية المالية، من خلال تعليم الأفراد كيفية إدارة مواردهم المالية بحكمة، والتمييز بين الاحتياجات والرغبات، وتشجيع الاستدامة يحد من التطرف الاستهلاكي، فمن اللازم تشجيع الاستهلاك المستدام والمنتجات الصديقة للبيئة بوصفه بديلًا عن الاستهلاك المفرط، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تبني سياسات حكومية داعمة، مثل فرض ضرائب على المنتجات غير المستدامة، أو تقديم حوافز للشركات التي تتبع ممارسات إنتاج مستدامة، وأخيرا يمكن الحد من التطرف الاستهلاكي من خلال التشريعات والقوانين فللمجالس التشريعية وللحكومات دورٌ أساسي في ضبط الإعلانات الترويجية التي تشجع على الاستهلاك المفرط، ووضع قيود على إنتاج وبيع المنتجات التي تؤثر سلبًا على البيئة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مرصد الأزهر الإعلانات الرقمية ظاهرة التطرف الاستهلاكي الاستهلاک المفرط مرصد الأزهر من خلال
إقرأ أيضاً:
«الأمن السيبراني» يحذر من الصفقات الوهمية
أبوظبي: وسام شوقي
حذر مجلس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات، من الصفقات الوهمية، حيث يستخدم المجرمون السيبرانيون أساليب احتيالية متقدمة يقلدون فيها العروض الترويجية لخداع المتسوقين عبر الإنترنت وسرقة معلوماتهم الشخصية والمالية.
وأوضح المجلس، طريقة عمل المجرمين، حيث يعتمد المجرم السيبراني على عنصر الجذب، باستخدام حملات تسويقية مرتبطة بمنتجات أو أمور رائجة لجذب اهتمام المتسوقين، وعروض مبالغ فيها وغير واقعية، مما يدفع المتسوقين للتصرف بشكل مندفع، بالإضافة إلى أساليب التصيد الاحتيالي، إذ ينشئ المحتال مواقع مزيفة تشبه العلامات التجارية الموثوقة لخداع المستخدمين ودفعهم لمشاركة معلوماتهم الشخصية وبيانات الدفع الخاصة بهم.
وأشار المجلس إلى كيفية التغلب على المحتالين من خلال بعض النصائح وهي: التسوق فقط من خلال المواقع الرسمية أو حسابات تجار التجزئة واستخدام بطاقة مخصصة للتسوق حيث أصبح المجرومون السيبرانيون يستخدمون أساليب أكثر تطوراً وتعقيداً لاستهداف المتسوقين، مما جعل اختراق المعلومات الشخصية والمالية أسهل من أي وقت مضى، إذ يمكن لاستخدام بطاقتك الائتمانية الرئيسية للتسوق عبر الإنترنت أن يتسبب في تعريض الحسابات الأساسية للوصول غير المصرح به، مما قد يعرض الشخص لخسائر المالية المباشرة، مؤكداً ضرورة التأني والتفكير قبل النقر على أي رابط بالإضافة إلى التحقق من عناوين المواقع.