صدى البلد:
2025-03-17@15:35:41 GMT

مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة التطرف الاستهلاكي

تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT

حذر مرصد الأزهر في مقال لوحدة البحوث والدراسات التابعة له، من التطرف الاستهلاكي، والذي يشهده عالمنا المعاصر، مع انتشار العولمة، وتقدم التكنولوجيا الرقمية، حيث تطورت أنماط الشراء والاستهلاك إلى مستوى يتجاوز الاحتياجات الأساسية للفرد؛ ليصبح استهلاكًا مسرفًا، أو ما يمكن أن نطلق عليه “تطرفًا استهلاكيًّا”، ويعبر هذا المفهوم عن الإفراط في الاستهلاك بما يتعدى الضروريات؛ إذ يسعى الأفراد إلى الحصول على مزيد من المنتجات والخدمات، سواءٌ أكان ذلك لحاجتهم الفعلية، أم لمجرد مواكبة المعايير الاجتماعية والثقافية التي تروج للاستهلاك المفرط في كل شيء.

في الذكرى الأولى للعدوان.. مرصد الأزهر يستعرض أبرز الانتهاكات ضد غزة

ويرجع مرصد الأزهر أسباب التطرف الاستهلاكي إلى التكنولوجيا والإعلانات الرقمية والتي تقوم بدور رئيس في تعزيز ظاهرة التطرف الاستهلاكي، فقد أصبح بإمكان الشركات استهداف المستهلكين بدقة بناءً على اهتماماتهم وسلوكياتهم عبر الإنترنت، ما يخلق شعورًا بالحاجة المستمرة إلى شراء مزيد من السلع لتلبية توقعات المجتمع، أو لتحقيق الرضا الذاتي، الأمر الذي نلمسه بأنفسنا عند شراء الملابس، أو الأحذية، أو أدوات التجميل، أو القيام بأي نشاط شرائي آخر.

كما تنظر المجتمعات الحديثة إلى استهلاك السلع والخدمات باعتباره مقياسًا للنجاح والتفوق الاجتماعي، فيكون تقييم الأفراد بناءً على قدرتهم على شراء منتجات ذات قيمة عالية، أو التمتع بخدمات فاخرة، ما يدفع كثيرًا من الراغبين في تصنيفهم ضمن "الفئة الأولى" في المجتمع إلى الاستهلاك المفرط للحفاظ على مكانتهم الاجتماعية، أو لتلبية شعور التميّز والرقي من منظورهم أو من منظور المجتمع. 

كما يرتبط التطرف الاستهلاكي بالحالة النفسية للفرد؛ إذ غالبًا ما يلجأ البعض إلى الشراء استجابةً لضغوط نفسية أو اجتماعية، وهو ما يطلق عليه المتخصصون: "التسوق العاطفي"، وفي هذه الحالة، يصبح الشراء وسيلة للهروب من القلق أو الاكتئاب، ما يؤدي إلى إنفاق غير مسبب على المنتجات التي قد لا تكون ضرورية.

ومن أسباب التطرف الاستهلاكي تقليد أسلوب حياة معين لدى طبقة أخرى، مما يدفعهم إلى شراء منتجات باهظة الثمن لإثبات انتمائهم إلى طبقة اجتماعية ما، أو من خلال إلحاق أبنائهم بمدارس وجامعات خاصة بمصروفات عالية، أو المبالغة في تجهيزات الزواج وغير ذلك من المظاهر الاجتماعية. 

وكذلك سهولة الحصول على القروض وبطاقات المشتريات من أسباب التطرف الاستهلاكي، حيث يعدُّ تسهيل الحصول على القروض والبطاقات الائتمانية عاملًا رئيسًا في التشجيع، بل التحريض على الإنفاق دون التفكير في العواقب المالية.

كما أوضح مرصد الأزهر في تقريره آثار التطرف الاستهلاكي ومنها الآثار البيئية، حيث يؤدي الاستهلاك المفرط إلى استنزاف الموارد الطبيعية وزيادة الإنتاج الصناعي، ما يتسبب في تدهور البيئة، ويصاحب ذلك زيادة في التلوث البيئي وتفاقم ظاهرة التغير المناخي، كما أن هناك آثارا اقتصادية للتطرف الاستهلاكي، حيث يسهم التطرف الاستهلاكي في خلق اقتصاد غير متوازن، إذ يزداد الاعتماد على الاستهلاك على حساب الادخار والاستثمار في المستقبل، كما يؤدي إلى تراكم الديون الشخصية، خاصة في حالة شراء السلع غير الضرورية بقروض أو ببطاقات ائتمانية.

واستطرد أن التطرف الاستهلاكي له آثار اجتماعية، حيث يعزز التطرف الاستهلاكي الفجوة بين الطبقات الاجتماعية؛ لأن النظرة المترتبة على هذا النمط الحياتي يجعل تصنيف الأفراد مرتبطًا بمدى قدرتهم على استهلاك السلع الفاخرة، وهذا بدوره يخلق بيئة تنافسية غير صحية، وقد يؤدي إلى الشعور بالاستياء أو القلق لدى من لا يستطيعون مواكبة هذا النمط الاستهلاكي، ويخلق حالةً من الصراع بين الطبقات الاجتماعية ويذكي التمييز والتفرقة بين عناصر المجتمع الواحد، كما يزيد في حالات التنمر.

وأطلق مرصد الأزهر لمكافحة التطرف صافرة الإنذار من تنامي هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعاتنا باعتبارها شكلًا من أشكال التطرّف غير المألوف، ولكن بالنظر للآثار الناجمة عنها يمكن إدراك خطورتها وضرورة مواجهتها هذا، ويمكن الحد من التطرف الاستهلاكي، وتبني ثقافة ترشيد الاستهلاك، والحفاظ على الموارد الطبيعية والاقتصادية من خلال مجموعة من الممارسات والسلوكيات منها  التوعية المجتمعية، حيث ينبغي تعزيز الوعي بماهية التطرف الاستهلاكي ومخاطره وآثاره السلبية من خلال حملات توعوية تركز على أهمية الاستهلاك الواعي المسئول.

وقال إنه يمكن أيضا الحد من التطرف الاستهلاكي من خلال تعزيز التربية المالية، من خلال تعليم الأفراد كيفية إدارة مواردهم المالية بحكمة، والتمييز بين الاحتياجات والرغبات، وتشجيع الاستدامة يحد من التطرف الاستهلاكي، فمن اللازم تشجيع الاستهلاك المستدام والمنتجات الصديقة للبيئة بوصفه بديلًا عن الاستهلاك المفرط، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تبني سياسات حكومية داعمة، مثل فرض ضرائب على المنتجات غير المستدامة، أو تقديم حوافز للشركات التي تتبع ممارسات إنتاج مستدامة، وأخيرا يمكن الحد من التطرف الاستهلاكي من خلال التشريعات والقوانين فللمجالس التشريعية وللحكومات دورٌ أساسي في ضبط الإعلانات الترويجية التي تشجع على الاستهلاك المفرط، ووضع قيود على إنتاج وبيع المنتجات التي تؤثر سلبًا على البيئة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مرصد الأزهر الإعلانات الرقمية ظاهرة التطرف الاستهلاكي الاستهلاک المفرط مرصد الأزهر من خلال

إقرأ أيضاً:

أمين البحوث الإسلامية : التعاون يؤكد ريادة مصر في مجال علوم الفضاء

أكد الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الأزهر الشريف، يولي اهتمامًا بالغًا بالقضايا العلمية المستجدة، ويحرص على مواكبة التطورات الحديثة في مجالات العلوم التطبيقية، لاسيما علوم الفضاء والفلك، بهدف دعم البحث العلمي وتعزيز التكامل بين العلم والإيمان.


جاء ذلك خلال مشاركة مجمع البحوث الإسلامية في فعاليات الندوة التي نظمتها لجنة الفضاء بنقابة المهندسين بالتعاون مع مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلامية، والتي عقدت بعنوان: "الكون بعيون العلم والإيمان..رحلة في آفاق الفضاء"، وفي إطار رؤية الأزهر الشريف لتعزيز التكامل بين العلوم الشرعية والتطبيقية.


وقال الجندي إن صلة العلم والإيمان تتجلى بعلوم الفلك في عدة جوانب تجمع بين التأمل الكوني والمعرفة العلمية، وتؤكد على عظمة الخلق وإبداع النظام الكوني، وهو ما يتضح من خلال عدة حرانب منها التأمل في الكون وتعظيم الخالق؛ حيث يدعو الإيمان إلى التأمل في السماوات والنجوم والكواكب، كما ورد في القرآن الكريم: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ" (آل عمران: 190)، كذلك فإن الفلك يعزز هذا التأمل من خلال كشفه عن عجائب الكون واتساعه الهائل.


وأوضح الجندي أن الجانب الثاني يتمثل في الدقة والنظام في الكون، فالإيمان يرسّخ فكرة أن الكون يسير وفق نظام محكم دقيق، كما أن علم الفلك يثبت ذلك عبر قوانين الجاذبية وحركة الأجرام السماوية، مما يؤكد انسجام العلم مع الإيمان، فيما يتمثل الجانب الثالث في التقويم وتحديد العبادات، حيث يعتمد التقويم الإسلامي على الظواهر الفلكية، مثل رؤية الهلال لتحديد بدايات الشهور الهجرية، فأوقات الصلاة مرتبطة بحركة الشمس، مما يجعل الفلك جزءًا أساسياً من العبادات اليومية.


وتابع أنه يمكن أن نبين هذا الترابط من خلال بيان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وما به من إشارات فلكية في النصوص الدينية، مثل قوله تعالى: "وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" (الأنبياء: 33)، والتي تتوافق مع اكتشافات علم الفلك حول مدارات الكواكب.


وبين الأمين العام أن الإسلام يحث على طلب العلم، وعلم الفلك أحد المجالات التي توسع مدارك الإنسان وتدفعه لاكتشاف عظمة الكون، كما أن العلماء المسلمون في العصر الذهبي أسهموا في تقدم علم الفلك، مثل البيروني وابن الهيثم، وكان للمسلمين دور بارز في علم الفلك خلال العصور الوسطى، ومن أبرز علماء الفلك المسلمين البيروني والذي قدم إسهامات مهمة في قياس محيط الأرض، ووضع نظريات حول دوران الأرض حول محورها، والبتاني والذي طور حسابات دقيقة عن السنة الشمسية وحدد مواقع العديد من النجوم، و أبو الوفاء البوزجاني والذي أضاف إلى علم المثلثات الفلكية وساعد في تطوير الحسابات الفلكية، وغيرهم. 


وشهدت الأمسية مشاركة من عدد من العلماء والخبراء البارزين، من بينهم فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس لجنة العقيدة والفلك بمركز الأزهر للفلك، والدكتور محمد يحيى إدريس، رئيس قسم الطاقة الكهربية والإلكترونيات بشعبة الفضاء بهيئة الاستشعار عن بعد، والدكتور هيثم مدحت، مدير الإدارة العامة المركزية بوكالة الفضاء المصرية، والدكتور حاتم العطار، المدير التقني للذكاء الاصطناعي بشركة كواليتى ستاندرد لتكنولوجيا المعلومات.


وتأتي هذه الأمسية في إطار الجهود المستمرة لتعميق الحوار بين العلماء والفقهاء والمهندسين حول المفاهيم الحديثة لعلوم الفضاء، وتسليط الضوء على العلاقة التكاملية بين العلم والدين في فهم الكون.


وتعد هذه الأمسية العلمية خطوة مهمة في مسار تكامل المعرفة الشرعية مع العلوم الحديثة، بما يعزز من دور الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية في دعم قضايا البحث العلمي، ويؤكد على ريادة مصر في مجال علوم الفضاء.

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام.. دعوات للتسامح في مواجهة تصاعد الإسلاموفوبيا
  • أمين البحوث الإسلامية : التعاون يؤكد ريادة مصر في مجال علوم الفضاء
  • شيخ الأزهر يحذر من تصاعد الإسلاموفوبيا ويدعو إلى وضع قوانين لوقفها
  • في بغداد.. اجتماع يناقش استراتيجية مكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الارهاب
  •  الأمن يحذر من ظاهرة (النوم المؤقت) خلال القيادة!
  • مشروبات شائعة الاستهلاك قد تسبب سرطان الفم القاتل
  • كيف تتغير عاداتنا الاستهلاكية في شهر رمضان؟
  • «الأمن السيبراني» يحذر من الصفقات الوهمية
  • “أوتشا” يحذر من تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة
  • وكيل الأزهر: شاركنا في الحرب مع الشعب وما يحدث في غزة جريمة إنسانية