الشاعر شوقي عبد الأمير.. سعي لإحياء أهم مشروع ثقافي "كتاب في جريدة"
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
لا نعتقد بأن قارئاً عربياً للأدب لا يعرف الشاعر العراقي شوقي عبد الأمير، فهو إن لم يعرفه كشاعر، فقد عرفه كمترجم.
وإن لم يعرفه كرئيس تحرير لأكثر من دورية عربية وكاتب مقال مميز، عرفه كصاحب أهم مشروع عربي تم تنفيذه وهو كتاب في جريدة، المشروع الذي استمر 16 عاماً نشر خلالها دواوين شعر وروايات ومسرحيات ومجموعات قصصية من عصور أدبية مختلفة.
عمل الشاعر شوقي أيضاً في المجال الثقافي الدبلوماسي، ما منحه أخيراً وسام الفارس للآداب والفنون من وزارة الثقافة الفرنسية.. ونال لقب شخصية العام تقديراً لمشواره الأدبي بين الثقافتين العربية والفرنسية الذي يمتد لأكثر من 40 عاماً، قدم فيها الكثير من المؤلفات للمكتبة العربية، وأثرى حركة الترجمة في الاتجاهين العربي والغربي.
وكان وفقاً لرسالة وزير الثقافة الفرنسية للصحافة جسراً مزدوجاً ربط الثقافتين العربية والفرنسية خلال هذه الحقبة الطويلة، وما حصل عليه الشاعر شوقي ليس التكريم الفرنسي الأول له في حياته الأدبية، إذ سبق له ونال جائزة "ماكس جاكوب "عام 2005.
شعره وخيانة الألمولو تأملنا تجربته الشعرية نجدها بشواغل عدة ومرجعيات ثقافية أهمها الإرث الأسطوري، وقد صدرت في مجلدات ثلاث لمرتين كان آخرها مؤخراً عن دار خطوط وظلال الأردنية، ومن عناوين دواوينه: " أبابيل" ، " حديث نهر" ، " ديوان الاحتمالات"، "ديوان المكان"، "خيلاء"، "مقاطع مطوقة"، " أنا والعكس صحيح"، "سنبلة الحقول الوثنية"، " حجر ما بعد الطوفان".
وتميزت تجربته منذ أن بدأت بالشعر العمودي، قبل خمسين عاماً حين فاز بجائزة الآداب الأولى عن قصيدة ضمتها مجموعته "حديث مغني الجزيرة العربية"، ثم حذف الشاعر شوقي عبد الأمير كل قصائده العمودية، ومن ثم انتقل إلى قصيدة التفعيلة ومن ثم إلى قصيدة النثر.
وتم ترجمة الكثير من أعماله إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية.. ولم يمض فترة زمنية على نيله الوسام الفرنسي حتى صدر له مؤخراً عن دار النهضة العربية مختارات من أشعاره بعنوان "خيانة الألم" أعدها الشاعر والصحافي اللبناني محمود وهبة.
ليس متعة آنيةأعتقد أن الشعر تطور كأي فن وعلم واختصاص، ولم يعد مجرد متعة آنيّة للمتلقي كما يحدثُ للمغنين. أتذكر أن أوجين غيوفيك، شاعر فرنسا الكبير، كان يقول إن الشاعر الجماهيري هو مغن بالضرورة.
لا بد اليوم من نخبة خاصة بكل نوع من الفنون والعلوم، والشعر بالطبع أولها ومن بينها. لا أن تتسلح بأدوات ورموز أي فن أو نوع أدبي تريد أن تدخله، لن تدخل القصيدة حافياً عارياً عن المعرفة.. وإلّا جِدْ لك مغنياً يطربك.
ألوان نشاطشغل مناصب دبلوماسية عديدة كان أبرزها مندوب دولة العراق الدائم لدى منظمة اليونسكو، ومستشار ثقافي لرئيس الوزراء العراقي، وأيضاً مستشار وناشط في مجال العلاقات الدولية لمنظمة اليونسكو، ومن خبراء العلاقات الثقافية الدولية فيها.
كما أسّس مشروع "كتاب في جريدة" الذي يعد أكبر مشروع ثقافي عربي تحت رعاية منظمة اليونسكو، ولا يزال إلى الآن رئيس تحريره منذ انطلاقه عام 1996، ويعمل على عودته مع مؤسسة الشيخ محمد بن عيسى الجابر الذي يعتبر راعي المشروع خلال 10 سنوات، إذ نشر من خلاله 170 كتاباً بمعدل 3 ملايين نسخة لكل كتاب في الوطن العربي، شكل عبد الأمير جسراً ذي اتجاهين وصلة وصل بين الثقافة الفرنسية والمشهد الثقافي العربي.. فقد نقل من الفرنسية ضمن سلسلة نشر التراث الثقافي العربي الإسلامي الذي حمل عنوان "رقائم الهجرة" أعمال الحلاج الكاملة.
كما ترجم إلى العربية بيكيت وغيوفيك وإكسيلوس، ونقل عن الفرنسية تجربة الشاعر الصيني يو جيان تحت عنوان "الطائرة المؤمنة".
على صعيد آخر نقل إلى القارئ الفرنسي أدونيس وسعدي يوسف وأنطولوجيا الشعر العراقي واليمني.. كما عمل ضمن هيئة تحرير مجلة “مواقف” ولا يزال عضواً في هيئة تحرير مجلة "poésie" الفرنسية، يشغل حالياً منصب مستشار رئيس معهد العالم العربي في باريس جاك لانغ، وهو مرشح العراق لمنصب مدير عام المعهد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الشاعر شوقی عبد الأمیر کتاب فی
إقرأ أيضاً:
رأس الخيمة.. قلاع وحصون وحضارة عريقة وإرث ثقافي كبير
رأس الخيمة (وام)
من يزر إمارة رأس الخيمة يشعر بأنه في «حضرة التاريخ»، جبال متلاصقة متقاربة الارتفاع، وهضاب وسهول يلفها الجمال، وكأنها تقاسمت بالتساوي، رصد مشاهد وأحداث مرّت عبر القرون، وسهول خضراء تفيأت في ظلال قامات نخيلها وأشجارها، وتعددت روايات المؤرخين القدماء والمحدثين، الذين مروا على أوديتها وأسواقها وقراها.وتمتلك إمارة رأس الخيمة بعداً حضارياً ضارباً في القدم، وعمقاً تاريخياً ثرياً وطبيعة غناء، وتعتبر موطن استيطان بشري مزدهراً منذ القدم، استضاف مستوطنات بشرية لآلاف السنين، واستوطنته عدد من الحضارات المتعاقبة بفضل الجبال الشامخة والأودية الخصبة والشواطئ البحرية المفتوحة.
وأكد أحمد عبيد الطنيجي، مدير عام دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة، أن الأدلة الأثرية أظهرت أن الإمارة أسست لنفسها مكانة مرموقة، ودعّمت المجتمعات الزراعية منذ القدم ونشطت في مجال الصيد والتجارة منذ الألف الخامس قبل الميلاد، كأحد أهم المراكز التجارية في المنطقة بموقعها الإستراتيجي المتميز.
وفيما يتعلق بأهمية القلاع والحصون قال الطنيجي: «تولي دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة اهتماماً كبيراً بالقلاع والحصون، باعتبارها جزءاً من التراث الثقافي والمعماري، الذي يجسّد تاريخ المنطقة وحضارتها الضاربة في القدم، وتمثل جزءاً مهماً من تاريخ وثقافة المكان، وكان الغرض الأساسي من ورائها هو الدفاع عن سكان المنطقة وعن أراضيهم وممتلكاتهم وصد الغزاة».. مؤكداً أنها اكتسبت أهميتها من خلال دورها الكبير في حماية الحدود واستقرار الإمارة، وتأمين طرق التجارة والأسواق، ولكونها رمزاً للسلطة الحاكمة، ومقراً للحاكم ومركزاً للحكم وإدارة شؤون الإمارة.
وأضاف: «من منطلق دورها، أخذت طابع البناء العسكري وغلب عليها السمة الدفاعية، مثل قلعة «ضاية» وهي آخر حصن على قمم الجبال في دولة الإمارات، وأُدرج الحصن الذي يتّخذ شكل القلعة ضمن قائمة اليونسكو الإرشادية المؤقتة لمواقع التراث العالمي».. مشيراً إلى أنها قلعة عسكرية استراتيجية بالغة الأهمية في تاريخ إمارة رأس الخيمة، وتقع شمال مدينة الرمس وشُيّدت في القرن السادس عشر على تل مربع يواجه الخليج.
شواهد تاريخية
وقال مدير عام دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة: «من أهم الشواهد أيضاً برج الحديبة وكان جزءاً من مجمع سكني كبير دُمر منذ فترة طويلة، وما زال البرج شامخاً، وتحتوي بناياته الحجرية الفخمة على غرفة معيشة وغرفة استقبال، كما أنها كانت تُستخدم للأغراض الدفاعية للمجمع بأكمله».
وذكر أن من أهم المناطق الأثرية بالإمارة منطقة شمل، وتم اكتشاف أول مقبرة فيها «مقبرة أم النار» من قبل البعثة الدنماركية في الخمسينيات، وهي من أكبر المقابر المعروفة في الإمارات، ويعود تاريخها إلى حضارة «أم النار» بعمر 4500 عام، وقطرها حوالي 14.5 متر.
وأضاف: «يجاور المقبرة قصر الزباء، وهو بقايا أطلال حضارة تقع على قمة جبل حجيل شمال شرق مدينة رأس الخيمة، ويعود تاريخه للقرون الوسطى القديمة، ويُعد من أقدم المباني الأثرية، التي مازالت شاهدة على تاريخ الإمارة».
وأشار إلى أنه يُعد القصر القديم الوحيد الذي عُرف في دولة الإمارات، ودارج بين العامة بأنه قصر الملكة الزباء، ولهذا القصر ارتباط بمدينة جلفار التاريخية التجارية، وهي التسمية التي أطلقت على رأس الخيمة سابقاً.
وذكر أن القصر يتكون من جدران دفاعية وخزانات مياه، ويُطل على سهل شمل الخصيب ويتألف من عدة غرف وخزانات ماء مازالت محتفظة بأسقفها الأصلية كبقايا من الماضي التليد.
قرية تاريخية
وقال الطنيجي: «يعتبر حصن «الفلية» معلماً آخر وهو حصن بُني في القرن الثامن عشر كمقر وسكن صيفي لعائلة «القواسم» حيث يتوسط بساتين النخيل ومساكن المصطافين القادمين من مدينة رأس الخيمة والإمارات الأخرى».
وأكد أن موقع الجزيرة الحمراء كان عبارة عن جزيرة صغيرة يعيش سكانها على الصيد وتجارة اللؤلؤ، قبل أن يهجروها في منتصف القرن العشرين، حيث انتقلوا إلى الحياة الحديثة، وهي تعد آخر قرية تاريخية لصيد اللؤلؤ في الخليج، ولا تزال قائمة حتى الآن، ومن يزرها يشاهد فيها صورة تعكس واقع الحياة قبل النفط حية إلى اليوم.. منوهاً إلى أن الجزيرة تعكس مظاهر الحياة التراثية، مثل البيوت البسيطة والحصن وسوق صغير والمساجد والبيوت الكبيرة التي كان يملكها الأغنياء من تجار اللؤلؤ.
وقال أحمد عبيد الطنيجي، مدير عام دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة: «تنتشر الآثار والحصون والقلاع والمباني في كل مكان في الإمارة، حيث لم تُعد مجرد مواقع شاهدة على زمن مضى، وتاريخ عريق يقصدها الباحثون والمهتمون فقط لأجل الدراسة العلمية، بل تحول كثير منها إلى مواقع جذب سياحي».
وأكد أن تلك المواقع الأثرية والتاريخية تحظى باهتمام ودعم من صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، الذي يدعو دائماً لضرورة تضافر الجهود بين الجهات الحكومية، وعلى رأسها هيئة الآثار والمتاحف لمواصلة الجهود المميزة لتطوير ما تزخر به الإمارة من معالم أثرية وتراثية وتهيئتها أمام الزوار.
توثيق وترميم
وأضاف: «حرصت الدائرة على توثيق هذه القلاع والحصون تاريخياً ومعمارياً والحفاظ عليها، ويتم تحديد مخصصات مالية سنوياً للترميم والصيانة والمحافظة على النقوش الموجودة فيها، والاستفادة منها كواجهات سياحية، والتأكد من بقائها واستدامتها للأجيال القادمة»، مؤكداً أنه تم وضعها على خريطة الإمارة السياحية، وتقدم الدائرة وحكومة رأس الخيمة خدمات الإرشاد السياحي بأحدث التقنيات البصرية والسمعية.
وأشار إلى استغلال تلك المواقع لإقامة المعارض الفنية والاحتفالات المحلية والورش التدريبية والحرف التقليدية، مما يساهم في نشر التراث والثقافة المحلية.
وشدّد على أن تلك المواقع والحصون والقلاع المنتشرة في أنحاء الإمارة تعطي زخماً تاريخياً ضارب في القدم، وتُعد أبرز المعالم القديمة، التي تستقطب الزوار والسياح، وتعزّز الوعي بالتراث وتساهم أيضاً في تطوير السياحة الثقافية.
وفيما يتعلق بالجهود المبذولة من أجل الحفاظ على تلك المعالم.. قال مدير عام دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة: «عملت الدائرة خلال السنوات الماضية من أجل الحفاظ على الإرث التاريخي للإمارة، وترميم وصيانة تلك القلاع والحصون، مثل قلعة ضاية وحصن الفلية وعدد من الأبراج الموجودة في الجزيرة الحمراء مثل برج المعشرة وبرج البومة، وتم ترميم برج الرمس والحلو وبرج بوشهاق وحصن النصلة والحديبة».
وأشار إلى أنه تم الانتهاء من أعمال التوثيق في قلعة العريبي، وسيتم البدء بأعمال ترميم القلعة خلال هذا العام.
جدير بالذكر أن اليونسكو أدرجت أربعة مواقع أثرية في رأس الخيمة على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، وهي جلفار المدينة التجارية، ومدينة تجارة اللؤلؤ في الجزيرة الحمراء، وشمل، والمشهد الثقافي لمنطقة ضاية.