«مافيا التنسيق» تبتز الطلبة وتبيع الوهم للأهالى
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
يمافيا جديدة تتلاعب بأحلام الحاصلين على الثانوية العامة هذا العام، وكذلك على راغبى التحويل من كلية لأخرى من طلاب الجامعات لتقليل الاغتراب.
هذه المافيا تبتز الطلاب وأسرهم وتحصل منهم على آلاف الجنيهات، وكل من يقترب من من مقر مكتب التنسيق الكائن أمام مديرية أمن الجيزة، لا يجد سوى وجوه شاحبة، رسمت ملامحها علامات الغضب، وأنهك جسدها السفر مئات الكيلومترات من محافظات الصعيد والدلتا، ونكد حياتهم، كابوس يحاصرهم نهارًا وليلًا خوفًا على مستقبل أبنائهم العالقين أمام مكتب التنسيق.
رسميا أغلق مكتب التنسيق أبوابه فى شهر سبتمبر الماضي، لكن محيطه تحول الآن إلى وكر لمافيا يتزعمه أشخاص يدعون قدرتهم على توفير أماكن بالمعاهد والجامعات، وتقليل الاغتراب لمن يريد من طلاب الجامعات!
وفى ذات الوقت ينهر موظفو مكتب التنسيق كل من يقترب من شبابيك المكتب مستعطفا قلوبهم لحجز مكان سواء فى الجامعات أو المعاهد!
فى المقابل غيرهم يغامرون بأموالهم ويتكبدون آلاف الجنيهات مقابل فتح باب التنسيق الذى يُشبَّه بباب على بابا وخلفه النعيم داخل الجامعات، منشورات على صفحات فيسبوك، وتتبعت محررة الوفد خطواتها وتواصلنا مع أحد المدعين بقدرتهم على توفير مكان.
هشام السيد، يدعى بكونه أشبه بالعلاقات العامة، ولديه من المعارف ما يمكنه تسخير مكان داخل إحدى الجامعات، وقدرته على تحويل الطلاب من مكان إلى آخر، بعد تحويل الفلوس، وكان هذا شرطه الأساسى.
أنا عايز 3 آلاف جنيه.. هكذا استهل «هشام» حديثه، وقال إنه مستشار بالتربية والتعليم ورئيس الكنترول الثانوية العامة على حد قوله، ويدعى أيضا عمله فى مكتب التنسيق ومن السهل عليه القيام بأى إجراء غير قانونى.
اختلقنا أزمة لاستكمال الحديث معه وطالبنا بتحويل طالب من كلية لكلية أخرى فاستجاب على الفور قائلًا: «تمام بعد ما تحولى 3000 جنيه الخطاب هيكون جاهزًا على الموقع فى نفس اليوم».
وعندما طلبنا منه ضمانات قال: «مفيش ضمانات وبراحتك روحى الوزارة قولتله انا كنت فى الوزارة وقالت إن التنسيق اتقفل.. اهتز فى حديثه وقال أنا قولت اللى عندى».
تواصل محررة «الوفد» حديثها مع سمسار مكتب التسنيق «هشام»، وادعينا بالموافقة على شروطه، وقالت: «أنا على استعداد ابعتلك ضعف المبلغ بس بعد استلام الخطاب قالى روحى الوزارة اتصرفى معاهم».
«وائل» أحد النصابين الآخرين استقطبناه خلال تجولنا على صفحات السوشيال ميديا، ادعى أنه يعمل مع مجموعة من المدرسين القادرين على إنجاز أى مهام تابعة لمكاتب التنسيق.
حديثه معنا فى الهاتف يكشف عدم حصوله على أى مؤهل جامعى أو دبلوم، ومن مفردات المكالمة علمنا بكونه سائق توك توك، وهنا كانت الصاعقة، حينما سمعنا أحدًا يطالبه بضرورة توصيله لمكان ما مقابل المال، وتابع: «طلب منى ٢٠٠٠ جنيه مقابل تقليل اغتراب وعندما توسلت اليه اذا كان ذلك الوعد حقيقيًا قائلا ربنا اللى يعلم انا هجيبلك الفلوس دى ازى انا جوزى متوفى وانا المسئولة عن ابنى وهستلف الفلوس دى بالله عليك الموضوع أمان... واضح أني صعبت عليه قالى ابعتى 1000 والباقى بعد ما ابعتلك».
ادعى الشخص قدرته على إنجاز المهمة مقابل 500 جنيه، وقال: «على ما تبعتلى جواب الاغتراب أكون استلفت الباقى قالى ماينفعش يا امى أنا معايا ناس ومدرسين كتير».
أمام مكتب التنسيق فى الجيزة، انزوت إحدى الطالبات تبكى وبالاقتراب منها صمتت قليلًا، وبالحديث معها قالت إنها جاءت لمكتب التنسيق لكى تقدم التماسًا نظرًا لتعرضها لظروف أسرية منعتها من استكمال عملية تسجيل الرغبات، وشاء القدر أن تعلن الحكومة غلق التنسيق لتعجز الفتاة عن استكمال حلمها.
كثير ما تتوسل الطالبة على الموظفين لكى يستجيبوا لها ولكن بدون جدوى، وقالت: «كده السنة هضيع عليا مش عارفه أعمل إيه».
استكملت «الوفد» جولتها وجدنا «أم» تبكى على حال فلذة كبدها الذى قد تضيع عليه عام دراسى كامل بسبب عدم التحاقه الانتهاء من تسجيل الرغبات بالطريقة التى يريدها.
وقالت: «ابنى فوجئ بأن الرغبات لم يتم تسجيلها لأن النت يومها كان تقيل ومش كويس»، تشير إلى أن ابنها حاول كثيرًا التسجيل على شبكة الإنترنت ولكن كان المنطقة تعانى من انقطاع الكهرباء التى أحدث مشكلات كبيرة فى شبكة الإنترنت.
كما واجه حسام الشيخ صعوبات فى الانضمام إلى القسم الذى يرغب فيه فى الجامعة التى اختارها بعد عدة محاولات دون جدوى، قرر التأجيل وضياع عام من عمره مقابل الالتحاق بكلية مناسبة له فى حياته المهنية هذا قرار صعب ولكنه قد يكون الخيار الأفضل لضمان تحقيق أهدافه المهنية والأكاديمية.
استمعنا لربة منزل من امام مكتب التنسيق وقالت إنها تسعى لتقليل الاغتراب لنجلها الذى التحق بمعهد السيوف للسياحة والفنادق بالاسكندرية حيث إنهم من سكان محافظة المنوفية وحاولوا باستماتة تقليل الرغبات ولكن المهمة فشلت فقالت: "احنا من المنوفية والسفر صعب عليه جدًا ثلاثة أيام فى الأسبوع لانه بيشتغل جيت عشان احوله لأى معهد قريب بالقاهرة بعد ما قدمنا فى السيوف ولكن المسؤولين أكدوا أن التنسيق اغلق أبوابه".
وتشكو طالبة أخرى أحوالها فتقول: أنا كنت مقدمة لكلية وعملت تقليل اغتراب وبعدين اترفضت فى المقابلة فذهبت لمكتب التنسيق وقدمت طلب الرفض وقالولى هتجيلك رغبة من الرغبات اللى بعد دى فى استمارة الرغبات.
وتابعت: «جالى فى بطاقة الترشيح معهد خاص وأنا مش عايزاه جيت أغير لمعاهد تانية مقبلوش وخايفة السنة تضيع عليا».
وواصلت: «لما نسقت نسقت غلط وحطيت زراعة وجاتلى دمنهور ومجموعى جايب علوم بس مش المحافظة بتاعتى»
يقول الدكتور محمد عبدالعزيز الخبير التربوى، إن على هؤلاء الطلبة سرعة التقدم لالتماس إلى المجلس الأعلى للجامعات للبت فى الأمر إما بالتحويل أو تقليل الاغتراب أو الاستمرار فى كلياتهم ومعاهدهم، مشيرا إلى أن التنسيق الالكترونى كان مفتوحًا لإجراء التعديلات فى المدة الزمنية التى أعلن عنها، ولكن على الطلبة المتضررين من الأمر التقدم بالتماس خاصة أن الدراسة بدأت منذ قرابة الشهر.
وواصل عبدالعزيز فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» أنه على الطلاب البدء فى الدراسة والانتظام حتى لا تضيع السنة عليهم ومن لديه القدرة المالية فيتوجه للجامعات الخاصة والأهلية للالتحاق بهم، مؤكدًا أن المشكلة من الأساس مصدرها الطالب نفسه لأنه هو الغافل عن نظام التنسيق ومواعيد النقل من كلية لأخرى وأيضا مواعيد ونظام تقليل الاغتراب.
وتعقيبا على الموضوع، قالت الدكتورة سامية خصر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الطلاب لا بد من أن يقبلوا بالكليات والمعاهد وينتظموا بالدراسة، ولا يخشون من فكرة بعد المسافة عن المنزل أو أنه التحق بكلية لا يجبها، فبعد المسافة إشكالية حلها فى المدن الجامعية التى أنشئت لاستيعاب الطلاب المغتربين من المحافظات البعيدة، أما فكرة أن الطالب لا يحب الكلية فهذا أمر غير منطقى لأنه أنهى نظام الثانوية العامة وانتقل إلى مرحلة جديدة من التعليم وهو لا يفقه عنه شيء فلا بد من الدراسة والتعمق فى المجال كل يستكشف كليته ونفسه معا.
وأكدت د. سامية خضر فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» أنه يوجد الكثير من الطلاب الذين فضلوا السفر للخارج البلاد لاستكمال دراستهم الجامعية أو ما فوق الجامعية لاكتساب العلم والخبرات مستنكرة كيف للطلاب المحليين أن يرفضوا الذهاب للجامعة لكونها بعيدة عن مكان سكنهم.
وأكد مصدر مسئول بالتنسيق أن المكتب لن يفتح أبوابه مرة أخرى خاصة أنه تم تنظيم وتحديد مواعيد المراحل المختلفة الأولى والثانية والثالثة وتم فتح وتخصيص مواعيد لتقليل الاغتراب.
وأشار المصدر أنه تم توزيع ما يزيد علي 950 ألف طالب من الثانوية والشهادات الفنية على الجامعات والمعاهد، وفقا للضوابط والقواعد التى أقرها المجلس الأعلى للجامعات، لافتا إلى أنه تم تسكين الطلاب فى الجامعات والمعاهد المختلفة، وفقا للحدود الدنيا التى أقرها المجلس الأعلى للجامعات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الثانوية العامة تقلیل الاغتراب مکتب التنسیق
إقرأ أيضاً:
نتيجة كلية الشرطة.. تطوير منظومة التدريب لتخريج ضابط عصرى
تهتم أكاديمية الشرطة بمنظومة التدريب، حيث توفر مسارح جريمة على أعلى مستوى لتدريب الطلاب بداخلها، بهدف إعداد منتج أمنى عصرى، قادر على مواجهة الجريمة وحفظ الأمن الداخلي.
وتعلن أكاديمية الشرطة خلال أيام نتيجة قبول الطلاب بكلية الشرطة وقسم المتخصصين حيث تترقب أنفاس الطلاب المتقدمين لكلية الشرطة لحظة الحسم، حينما تضيء هواتفهم برسائل القبول أو تتلقى آذانهم اتصالًا يحمل البشارة، هى لحظة تختزل شهورًا من الجهد والاختبارات التى تفصل بين الطموح والواقع، حيث لا مكان إلا للأفضل والأجدر.
من اختبارات القدرات التى تقيس الثقافة والمعلومات العامة، إلى اختبارات المقاس والقوام التى تزن التناسق بين الطول والوزن، مرورًا بالكشوف الطبية والنفسية، ووصولًا لاختبارات اللياقة البدنية والهيئة، يخوض الطلاب مشوارًا لا يخلو من التحديات، ولكل خطوة فى هذا المشوار قواعدها الصارمة، بعضها يمنح حق الإعادة، والبعض الآخر لا يقبل سوى المحاولة الأولى، لكن الحلم يستحق كل هذا العناء، فكلية الشرطة لا تُعد مجرد مؤسسة تعليمية، بل هى مصنع للرجال والنساء الذين يحملون على عاتقهم أمان المجتمع.
وبين أروقتها، لا يقتصر التعليم على القوانين الأمنية، بل يمتد ليشمل دراسات حقوق الإنسان ومهارات القيادة، مما يخلق خريجًا متكاملًا قادرًا على مواجهة تحديات العصر.
الوزارة، بقيادة اللواء محمود توفيق، حرصت على تيسير الرحلة للمتقدمين، من توفير كتيبات إرشادية إلى إتاحة منصات إلكترونية لمتابعة النتائج، جنبًا إلى جنب مع منافذ استخراج الوثائق المطلوبة.
وفى لجان القبول، تجتمع الجهود لتذليل العقبات وتقديم الدعم. التحاق الطالب بكلية الشرطة هو بداية رحلة مميزة، حيث تُوفر رعاية صحية ورياضية واجتماعية وثقافية للخريجين وأسرهم.
فى ظل خططها الطموحة، تسعى كلية الشرطة إلى ترسيخ مكانتها كصرح إقليمى ودولى مرموق، حيث الجودة معيار، والتميز غاية، والانضباط أسلوب حياة.
مشاركة