يمافيا جديدة تتلاعب بأحلام الحاصلين على الثانوية العامة هذا العام، وكذلك على راغبى التحويل من كلية لأخرى من طلاب الجامعات لتقليل الاغتراب.

هذه المافيا تبتز الطلاب وأسرهم وتحصل منهم على آلاف الجنيهات، وكل من يقترب من من مقر مكتب التنسيق الكائن أمام مديرية أمن الجيزة، لا يجد سوى وجوه شاحبة، رسمت ملامحها علامات الغضب، وأنهك جسدها السفر مئات الكيلومترات من محافظات الصعيد والدلتا، ونكد حياتهم، كابوس يحاصرهم نهارًا وليلًا خوفًا على مستقبل أبنائهم العالقين أمام مكتب التنسيق.

رسميا أغلق مكتب التنسيق أبوابه فى شهر سبتمبر الماضي، لكن محيطه تحول الآن إلى وكر لمافيا يتزعمه أشخاص يدعون قدرتهم على توفير أماكن بالمعاهد والجامعات، وتقليل الاغتراب لمن يريد من طلاب الجامعات!

وفى ذات الوقت ينهر موظفو مكتب التنسيق كل من يقترب من شبابيك المكتب مستعطفا قلوبهم لحجز مكان سواء فى الجامعات أو المعاهد!

فى المقابل غيرهم يغامرون بأموالهم ويتكبدون آلاف الجنيهات مقابل فتح باب التنسيق الذى يُشبَّه بباب على بابا وخلفه النعيم داخل الجامعات، منشورات على صفحات فيسبوك، وتتبعت محررة الوفد خطواتها وتواصلنا مع أحد المدعين بقدرتهم على توفير مكان.

هشام السيد، يدعى بكونه أشبه بالعلاقات العامة، ولديه من المعارف ما يمكنه تسخير مكان داخل إحدى الجامعات، وقدرته على تحويل الطلاب من مكان إلى آخر، بعد تحويل الفلوس، وكان هذا شرطه الأساسى.

أنا عايز 3 آلاف جنيه.. هكذا استهل «هشام» حديثه، وقال إنه مستشار بالتربية والتعليم ورئيس الكنترول الثانوية العامة على حد قوله، ويدعى أيضا عمله فى مكتب التنسيق ومن السهل عليه القيام بأى إجراء غير قانونى.

اختلقنا أزمة لاستكمال الحديث معه وطالبنا بتحويل طالب من كلية لكلية أخرى فاستجاب على الفور قائلًا: «تمام بعد ما تحولى 3000 جنيه الخطاب هيكون جاهزًا على الموقع فى نفس اليوم».

وعندما طلبنا منه ضمانات قال: «مفيش ضمانات وبراحتك روحى الوزارة قولتله انا كنت فى الوزارة وقالت إن التنسيق اتقفل.. اهتز فى حديثه وقال أنا قولت اللى عندى».

تواصل محررة «الوفد» حديثها مع سمسار مكتب التسنيق «هشام»، وادعينا بالموافقة على شروطه، وقالت: «أنا على استعداد ابعتلك ضعف المبلغ بس بعد استلام الخطاب قالى روحى الوزارة اتصرفى معاهم».

«وائل» أحد النصابين الآخرين استقطبناه خلال تجولنا على صفحات السوشيال ميديا، ادعى أنه يعمل مع مجموعة من المدرسين القادرين على إنجاز أى مهام تابعة لمكاتب التنسيق.

حديثه معنا فى الهاتف يكشف عدم حصوله على أى مؤهل جامعى أو دبلوم، ومن مفردات المكالمة علمنا بكونه سائق توك توك، وهنا كانت الصاعقة، حينما سمعنا أحدًا يطالبه بضرورة توصيله لمكان ما مقابل المال، وتابع: «طلب منى ٢٠٠٠ جنيه مقابل تقليل اغتراب وعندما توسلت اليه اذا كان ذلك الوعد حقيقيًا قائلا ربنا اللى يعلم انا هجيبلك الفلوس دى ازى انا جوزى متوفى وانا المسئولة عن ابنى وهستلف الفلوس دى بالله عليك الموضوع أمان... واضح أني صعبت عليه قالى ابعتى 1000 والباقى بعد ما ابعتلك».

ادعى الشخص قدرته على إنجاز المهمة مقابل 500 جنيه، وقال: «على ما تبعتلى جواب الاغتراب أكون استلفت الباقى قالى ماينفعش يا امى أنا معايا ناس ومدرسين كتير».

أمام مكتب التنسيق فى الجيزة، انزوت إحدى الطالبات تبكى وبالاقتراب منها صمتت قليلًا، وبالحديث معها قالت إنها جاءت لمكتب التنسيق لكى تقدم التماسًا نظرًا لتعرضها لظروف أسرية منعتها من استكمال عملية تسجيل الرغبات، وشاء القدر أن تعلن الحكومة غلق التنسيق لتعجز الفتاة عن استكمال حلمها.

كثير ما تتوسل الطالبة على الموظفين لكى يستجيبوا لها ولكن بدون جدوى، وقالت: «كده السنة هضيع عليا مش عارفه أعمل إيه».

استكملت «الوفد» جولتها وجدنا «أم» تبكى على حال فلذة كبدها الذى قد تضيع عليه عام دراسى كامل بسبب عدم التحاقه الانتهاء من تسجيل الرغبات بالطريقة التى يريدها.

وقالت: «ابنى فوجئ بأن الرغبات لم يتم تسجيلها لأن النت يومها كان تقيل ومش كويس»، تشير إلى أن ابنها حاول كثيرًا التسجيل على شبكة الإنترنت ولكن كان المنطقة تعانى من انقطاع الكهرباء التى أحدث مشكلات كبيرة فى شبكة الإنترنت.

كما واجه حسام الشيخ صعوبات فى الانضمام إلى القسم الذى يرغب فيه فى الجامعة التى اختارها بعد عدة محاولات دون جدوى، قرر التأجيل وضياع عام من عمره مقابل الالتحاق بكلية مناسبة له فى حياته المهنية هذا قرار صعب ولكنه قد يكون الخيار الأفضل لضمان تحقيق أهدافه المهنية والأكاديمية.

استمعنا لربة منزل من امام مكتب التنسيق وقالت إنها تسعى لتقليل الاغتراب لنجلها الذى التحق بمعهد السيوف للسياحة والفنادق بالاسكندرية حيث إنهم من سكان محافظة المنوفية وحاولوا باستماتة تقليل الرغبات ولكن المهمة فشلت فقالت: "احنا من المنوفية والسفر صعب عليه جدًا ثلاثة أيام فى الأسبوع لانه بيشتغل جيت عشان احوله لأى معهد قريب بالقاهرة بعد ما قدمنا فى السيوف ولكن المسؤولين أكدوا أن التنسيق اغلق أبوابه".

وتشكو طالبة أخرى أحوالها فتقول: أنا كنت مقدمة لكلية وعملت تقليل اغتراب وبعدين اترفضت فى المقابلة فذهبت لمكتب التنسيق وقدمت طلب الرفض وقالولى هتجيلك رغبة من الرغبات اللى بعد دى فى استمارة الرغبات.

وتابعت: «جالى فى بطاقة الترشيح معهد خاص وأنا مش عايزاه جيت أغير لمعاهد تانية مقبلوش وخايفة السنة تضيع عليا».

وواصلت: «لما نسقت نسقت غلط وحطيت زراعة وجاتلى دمنهور ومجموعى جايب علوم بس مش المحافظة بتاعتى»

يقول الدكتور محمد عبدالعزيز الخبير التربوى، إن على هؤلاء الطلبة سرعة التقدم لالتماس إلى المجلس الأعلى للجامعات للبت فى الأمر إما بالتحويل أو تقليل الاغتراب أو الاستمرار فى كلياتهم ومعاهدهم، مشيرا إلى أن التنسيق الالكترونى كان مفتوحًا لإجراء التعديلات فى المدة الزمنية التى أعلن عنها، ولكن على الطلبة المتضررين من الأمر التقدم بالتماس خاصة أن الدراسة بدأت منذ قرابة الشهر.

وواصل عبدالعزيز فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» أنه على الطلاب البدء فى الدراسة والانتظام حتى لا تضيع السنة عليهم ومن لديه القدرة المالية فيتوجه للجامعات الخاصة والأهلية للالتحاق بهم، مؤكدًا أن المشكلة من الأساس مصدرها الطالب نفسه لأنه هو الغافل عن نظام التنسيق ومواعيد النقل من كلية لأخرى وأيضا مواعيد ونظام تقليل الاغتراب.

وتعقيبا على الموضوع، قالت الدكتورة سامية خصر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الطلاب لا بد من أن يقبلوا بالكليات والمعاهد وينتظموا بالدراسة، ولا يخشون من فكرة بعد المسافة عن المنزل أو أنه التحق بكلية لا يجبها، فبعد المسافة إشكالية حلها فى المدن الجامعية التى أنشئت لاستيعاب الطلاب المغتربين من المحافظات البعيدة، أما فكرة أن الطالب لا يحب الكلية فهذا أمر غير منطقى لأنه أنهى نظام الثانوية العامة وانتقل إلى مرحلة جديدة من التعليم وهو لا يفقه عنه شيء فلا بد من الدراسة والتعمق فى المجال كل يستكشف كليته ونفسه معا.

وأكدت د. سامية خضر فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» أنه يوجد الكثير من الطلاب الذين فضلوا السفر للخارج البلاد لاستكمال دراستهم الجامعية أو ما فوق الجامعية لاكتساب العلم والخبرات مستنكرة كيف للطلاب المحليين أن يرفضوا الذهاب للجامعة لكونها بعيدة عن مكان سكنهم.

وأكد مصدر مسئول بالتنسيق أن المكتب لن يفتح أبوابه مرة أخرى خاصة أنه تم تنظيم وتحديد مواعيد المراحل المختلفة الأولى والثانية والثالثة وتم فتح وتخصيص مواعيد لتقليل الاغتراب.

وأشار المصدر أنه تم توزيع ما يزيد علي 950 ألف طالب من الثانوية والشهادات الفنية على الجامعات والمعاهد، وفقا للضوابط والقواعد التى أقرها المجلس الأعلى للجامعات، لافتا إلى أنه تم تسكين الطلاب فى الجامعات والمعاهد المختلفة، وفقا للحدود الدنيا التى أقرها المجلس الأعلى للجامعات.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الثانوية العامة تقلیل الاغتراب مکتب التنسیق

إقرأ أيضاً:

تقرير حقوقي يتهم الحوثيين بتحويل الجامعات والمعاهد لمراكز تعبئة عسكرية 

يمن مونيتور/قسم الأخبار

حذرت منظمة “صحفيات بلا قيود” من تصاعد الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها مليشيا الحوثي ضد الجامعات والمعاهد التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مؤكدة أن هذه الممارسات تهدد مستقبل التعليم في اليمن وتقوض الحريات الأكاديمية.

وأوضحت المنظمة في بيان صادر عنها أنها وثقت، خلال الفترة من أكتوبر 2024 حتى يناير 2025، سلسلة من الانتهاكات التي طالت 23 جامعة حكومية وخاصة، إلى جانب 7 معاهد تعليمية في عدد من المحافظات، وهي: صنعاء، الحديدة، إب، ذمار، عمران، صعدة، حجة، والبيضاء.

وبحسب ما رصده فريق المنظمة، قامت المليشيا بتحويل الجامعات والمعاهد إلى مراكز تعبئة عسكرية وفكرية، حيث فرضت التجنيد الإجباري على آلاف الطلاب ضمن ما يسمى “دورات طوفان الأقصى”، والتي تضمنت تدريبات على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، كما أدرجت العديد منهم في ما يُعرف بـ”قوات التعبئة العامة”، مما أدى إلى تحويل المؤسسات التعليمية من بيئات للعلم والمعرفة إلى ساحات لتجنيد المقاتلين.

وأشارت المنظمة إلى أن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس تعرضوا لضغوط متزايدة لإجبارهم على تبني أيديولوجية الحوثيين، حيث فرضت المليشيا محاضرات ودورات فكرية إلزامية، وهددت الرافضين بالفصل من الدراسة أو الاعتقال، وهو ما يشكل اعتداءً صارخاً على الحريات الأكاديمية والفكرية.

وأضاف البيان أن النساء لم يكنّ بمنأى عن هذه الانتهاكات، حيث أجبرت المليشيا الطالبات في الجامعات المستهدفة على الخضوع لدورات عسكرية وفكرية تحت إشراف عناصر الزينبيات، وهو ما اعتبرته المنظمة انتهاكاً خطيراً لحقوق المرأة في التعليم والحرية الشخصية، وتصعيداً في عسكرة المجتمع عبر استغلال الطالبات في التجنيد والتعبئة الأيديولوجية.

كما وثقت المنظمة حالات ابتزاز أكاديمي مارسته المليشيا، حيث ربطت منح الشهادات الجامعية والوظائف الأكاديمية ودرجات الطلاب بالمشاركة في الأنشطة العسكرية والفكرية التي تفرضها. وأدى ذلك إلى فصل العديد من أعضاء هيئة التدريس قسراً، وحرمان الآلاف من الطلاب من حقهم في تعليم أكاديمي عادل ومستقل.

وأكدت المنظمة أن هذه الانتهاكات ليست جديدة، لكنها تصاعدت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، حيث استغلت مليشيا الحوثي التصعيد في غزة وأحداث المنطقة لتعزيز تحشيدها وتعبئتها داخل الجامعات، مما حول المؤسسات التعليمية إلى أدوات دعاية طائفية وعسكرية، حيث أجبر الطلاب على المشاركة في فعاليات سياسية وعسكرية تحت شعارات تدعم أجندة المليشيا.

وأشارت المنظمة إلى أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً للقوانين الدولية، بما في ذلك المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل حق التعليم دون إكراه، والمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحمي حرية الفكر والمعتقد، والمادة 10 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي تضمن للنساء حقوقهن التعليمية دون قيود، إضافة إلى انتهاكها لاتفاقيات جنيف التي تحظر إجبار المدنيين على المشاركة في النزاعات المسلحة.

وأمام هذه الانتهاكات الخطيرة، طالبت “صحفيات بلا قيود” المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهتها، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى توثيق هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها. كما دعت مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد القيادات الحوثية المتورطة، وشددت على ضرورة فرض عقوبات صارمة لردع استمرار هذه الممارسات.

وحثت المنظمة الجهات المحلية والمنظمات الحقوقية اليمنية على تكثيف جهودها لحماية العملية التعليمية، وتوعية الطلاب بحقوقهم، والعمل على مقاومة عسكرة الجامعات والمعاهد لضمان حق الأجيال القادمة في تعليم حر وآمن.

وأكدت “صحفيات بلا قيود” التزامها المستمر برصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الطلاب والأكاديميون في اليمن، والدفاع عن حقهم في تعليم مستقل وآمن بعيداً عن الاستغلال السياسي والعسكري، مشددة على أن الاعتداء على الحق في التعليم يمثل جريمة لا يمكن السكوت عنها، داعية إلى تحرك دولي جاد لإنقاذ مستقبل التعليم في اليمن.

مقالات مشابهة

  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم الحلقة 3
  • وكيل تعليم كفر الشيخ يُكرم الفائزين في مسابقة أوائل الطلبة للشهادة الثانوية
  • «تعليم كفر الشيخ» تكرم الفائزين في مسابقة أوائل الطلبة بالثانوية العامة
  • وكيل تعليم كفر الشيخ يُكرم الفائزين في مسابقة أوائل الطلبة للشهادة الثانوية العامة
  • اللجنة الإشرافية لمؤتمر الجامعات اليمنية تزور مكتب حماس للعزاء في استشهاد الضيف ورفاقه
  • مجلس الدولة: شرط دراسة مناهج علمية مكافئة لمعادلة الشهادات الأجنبية بالمصرية
  • مجلس الدولة: دراسة مناهج علمية مكافئة شرط لمعادلة الشهادات الأجنبية بالمصرية
  • «التعليم» تعلن فوز مدرسة مصطفى أمين الثانوية بمطروح في مسابقة أوائل الطلبة
  • تقرير حقوقي يتهم الحوثيين بتحويل الجامعات والمعاهد لمراكز تعبئة عسكرية 
  • رئيس منطقة الإسكندرية الأزهرية يتابع مسابقة أوائل الطلبة ويشيد بالمستوى المتميز للطالبات