تنصيب عبد السلام نعناني رئيسا أولا لمحكمة الاستئناف الإدارية بمراكش
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
جرى، الاثنين بمراكش، تنصيب عبد السلام نعناني رئيسا أولا لمحكمة الاستئناف الإدارية بمراكش خلفا لعبد المعطي القدوري.
وأعرب نعناني في كلمة خلال حفل التنصيب الذي حضرته شخصيات قضائية ومدنية وعسكرية، عن اعتزازه بالثقة المولوية التي حظي بها بتعيينه رئيسا أولا لمحكة الاستئناف الإدارية بمراكش.
وأكد حرصه على العمل على تحقيق النجاعة في العمل القضائي بدائرة نفوذ هذه المحكمة، والسهر على تقريب العدالة من المتقاضين وفقا لقيم النزاهة والاستقامة والشفافية، والحفاظ على استقلال القضاء، ونشر القيم القضائية الفضلى المنصوص عليها في مدونة الأخلاقيات القضائية بين قضاة الدائرة القضائية.
وشدد من جهة أخرى، على أن “تحقيق مبدأ القضاء في خدمة المواطن وحماية المال العام والنجاعة القضائية لا يمكن أن يتحقق إلا باحترام القانون والتقيد بالآجال الاسترشادية للبث في القضايا وإصدار الأحكام داخل أجل معقول والانخراط بجدية في مشروع المحكمة الرقمية والانفتاح على المجتمع (..) لتوطيد الثقة في قضاء فعال ومنصف باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق والقانون وعمادا للأمن القضائي والحكامة الجيدة ومحفزا للاستثمار”.
من جهتها، هنأت المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق، عالية شباطي، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بمراكش على الثقة المولوية التي حظي بها، منوهة بالمسار المهني للسيد نعناني وما راكمه من تجربة قضائية رائدة ومتميزة.
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
المرأة العمانية في السلطة القضائية
تشارك المرأة اليوم في العديد من القطاعات التنموية، انطلاقا من مبدأ المساواة بين الجنسين الذي تلتزم به الدول من ناحية، وإيمانا بدورها الفاعل في التنمية المستدامة في مجتمعاتها، الأمر الذي يبرز في الكثير من المجالات التي تشارك فيها المرأة سواء أكانت الفكرية أو العلمية، المدنية أو العسكرية، ولعل هذا جعل من توسُّع مساهمتها في السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية أمرا بديهيا.
لقد حظيت المرأة بالاهتمام الكبير من قِبل الحكومات والمجتمعات، من خلال التعليم والتأهيل والتدريب، الأمر جعلها مؤهَّلة للنجاح في ولوج الأعمال التي ما كانت تستطيع الانخراط فيها سابقا، خاصة في القطاعات العسكرية والقضائية وغيرها، ولهذا فإن مشاركة المرأة في هذه القطاعات يمثِّل نقلة مهمة وتطورا لافتا لدورها الحضاري المتزايد، وقدرتها على إثبات وجودها ضمن قطاعات جديدة ومغايرة.
إن ولوج المرأة في مؤسسات القضاء وتوليها العديد من الوظائف، يُحقِّق الأهداف الاجتماعية التي تدفعها إلى المشاركة الفاعلة في خدمة وطنها، ويؤهلها للاستفادة من تجاربها العلمية وخبراتها الإنسانية في تحقيق العدالة، وترسيخ مبادئ المساواة والمشاركة الفاعلة في تأسيس بيئة ملائمة للمرأة في قاعات المحاكم، بما يضمن بث الثقة في فئات المجتمع كلها خاصة المرأة المتظلمة.
فمشاركة المرأة في السلطة القضائية لا يُسهم في تعزيز مكانتها في المجتمع والمؤسسات القضائية وحسب، بل أيضا يحفز وعيها لفهم التصورات الاجتماعية النمطية، وإدراك الأنظمة القانونية التي تشكِّل جوهر المجتمع، وإمكانات مشاركتها في تطوير هذه الأنظمة بما يتوافق وتوجهات المجتمعات، والغايات الوطنية التي تُحقِّق مبادئ العدالة والمساواة، وتُرسِّخ الأمن الوطني الاجتماعي في الدولة؛ فهذه المشاركة تُسهم في دعم أُسس المواطنة الإيجابية، وتُعزِّز قدرة المرأة في ممارسة حقّها في العمل في كافة القطاعات التنموية.
إن مشاركة المرأة في العمل القضائي بأشكاله المختلفة، وسيلة مهمة لتحقيق أهداف المؤسسات القضائية القوية والمستقلة التي تراعي الجنسين؛ فوجود المرأة يسهِّل لجوء المتظلمات إلى القضاء، ويوفِّر فرص لإقامة العدل، خاصة فيما يتعلَّق بقضايا المرأة على المستوى الاجتماعي، وبالتالي فإن بناء منظومة قضائية تراعي اعتبارات المساواة بين الجنسين يعكس قدرتها على الوصول إلى المتظلمين وبالتالي تحقيق الإنصاف والعدالة.
ولأن عُمان واحدة من تلك الدول التي اعتنت بالمرأة عناية فائقة منذ بداية النهضة الحديثة، فشجعتها على العمل في كافة القطاعات، بعد تمكينها وتأهيلها من خلال التعليم والتدريب، ولقد أسهمت تشريعات الدولة وسياساتها الداعية إلى المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، وعدم التمييز بينهما، في توسيع دخول المرأة إلى كافة القطاعات؛ فعملت المرأة العمانية في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وغيرها، وقد حقَّقت نجاحات عدة في عالم الأعمال والقطاعات التقنية بل وحتى الوظائف العلمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والفضاء وقطاعات النفط والطاقة وما إلى ذلك من قطاعات برزت خلالها المرأة بأعمالها ومشاركاتها ونجاحاتها على كافة المستويات المحلية والإقليمية بل وحتى العالمية.
ولعل دخول المرأة العمانية إلى السلطة القضائية، ونجاحها في الكثير من المهن القضائية، يشير صراحة إلى إمكاناتها في تطوير أنماط العمل، وإيجاد قرارات قضائية متنوعة تتكامل مع قرارات الرجال العاملين في المؤسسات القضائية، الأمر الذي يفسح المجال إلى التشارك وتنوُّع الخبرات، مما يُسهم في تحسين النتائج القضائية وتطوير السياسات بما يُعزِّز أهداف المنظومة ككل.
يخبرنا (مرصد المرأة العمانية)، الصادر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2024، أن متوسط الارتفاع السنوي في عدد العمانيات في السلطة القضائية خلال الفترة 2020-2023 قد بلغ (31.2%)، وأن إجمالي العمانيات في السلطة القضائية في عام 2023، قد بلغ (608)، (مرتفعا بنحو 25% مقارنة بالعام السابق)، الأمر الذي يكشف المشاركة الفاعلة للمرأة العمانية في المؤسسات القضائية.
وقد تركَّز التوزيع النسبي للعمانيات في السلطة القضائية في مهنتين هما (المحاماة)، و(الادعاء العام)؛ إذ شكَّلت مشاركة المرأة في كل منهما ما نسبته (92%)، و(8%) على التوالي، حيث بلغ عدد المحاميات في عام 2023 (562) محامية بارتفاع بلغ 27%، بينما بلغ عدد المدعيات العامات 46، بارتفاع بلغ 5%، وإن كان العدد ما زال قليل إلَّا أن تزايد المشاركة والارتفاع السنوي ينبئ عن زيادة في أعداد الملتحقات إلى السلطة القضائية في كل عام، وبالتالي فتح آفاق جديدة في هذه المشاركة.
والحال أن تركُّز عمل المرأة العمانية في السلطة القضائية في مهنتين فقط على أهميتها يحتاج إلى مراجعة لتوسعة آفاق مشاركة المرأة في هذه المؤسسات؛ فالمرأة لديها إمكانات وقدرات تؤهلها للعديد من المهن، ولعل التدرُّج الذي تتبعه الدولة في المشاركة يقتضي دخولها إلى مهن جديدة خاصة القضاء؛ الذي يُعد من المهن الأساسية التي يمكن للمرأة في عُمان ولوجها بما تمتلكه من قدرات وبما استثمرت فيها الدولة من تمكين وتعليم لتكون مؤهلة كما أخيها الرجل لشغل المناصب القضائية.
ولأن مشاركة المرأة في السلطة القضائية والمهن التابعة لها، له أهمية كبرى على المستوى الاجتماعي والتنموي، فإن وجود استراتيجية لتمكين المرأة العمانية سيكون له تأثير مباشر في ضمان تحقيق مؤشرات واضحة لمشاركة المرأة في هذا القطاع وغيره من القطاعات المختلفة، مما يعكس إيجاد نهج طوعي وفلسفة اجتماعية قائمة على دعم توجهات الدولة الرامية إلى تمكين المرأة وتعزيز دورها القيادي.
ولعل وجود نماذج عربية متعددة في تمكين المرأة لتكون قاضية يُعد مجالا لنقل الخبرات، كما هو الحال في المملكة الأردنية الهاشمية، التي بدأت المرأة فيها شغل منصب قاضية منذ العام 1996، ومملكة البحرين التي عُينت فيها أول قاضية في العام 2006، وغيرها من الدول التي برزت فيها المرأة بوصفها قاضية قادرة على النجاح والتميُّز في القطاع القضائي، الأمر الذي رسَّخ فكر التنوع، وقدَّم نماذج يُحتذى بها في تشجيع المرأة للمشاركة في المجالات القانونية والتشريعية والقضائية.
إن المرأة في عُمان لا تقل خبرة وإمكانات عن أية امرأة في العالم، ودخولها عالم الأعمال والعمل في القطاعات المختلفة، دليل واضح لتلك القدرات والإمكانات. ولأن العالم يحتفل في العاشر من مارس بـ(اليوم الدولي للقاضيات)، فإن الاهتمام بتمثيل المرأة في السلطة القضائية، وإيجاد منافذ جديدة لهذا التمثيل سيسهم في تأصيل فكر المساواة وعدالة الفرص من ناحية، وسيوسِّع مشاركة المرأة في دعم توجهات الدولة، وتطوير السياسات الوطنية من ناحية أخرى.
لقد سعت الدولة إلى تمكين المرأة العمانية، وها نحن نجدها في كافة المجالات، تقدِّم ما تستطيعه جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل، لبناء هذا الوطن، الذي يمنع التمييز ويحقِّق المساواة والعدالة بين المواطنين، ولهذا فإن المجالات مفتوحة أمام المرأة، ما عليها سوى السعي من أجل تحقيق أهدافها، وتنمية قدراتها بما يعزِّز مشاركتها الفاعلة في التنمية المستدامة للدولة، وهي في ذلك تحتاج إلى دعم هذه المشاركة وفتح آفاق جديدة للعمل، ولن يتم ذلك سوى بمراجعة حضور المرأة في القطاعات المختلفة بما في ذلك السلطة القضائية.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة