كاتب في هآرتس: هل تطيل تل أبيب الحرب لتجنب حرب أهلية محتملة؟
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
أوضح كاتب إسرائيلي أن الحرب التي تقودها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليست مجرد صراع عسكري مع الأعداء الخارجيين، بل تعمل كأداة لتأجيل حرب أهلية قد تكون وشيكة في الداخل الإسرائيلي.
وفي مقال -نشره في صحيفة هآرتس- يؤكد روجل ألفر أن ما سماه "الحرب الأبدية" التي تخوضها إسرائيل على كافة الجبهات لا تهدف إلى تحقيق الانتصار، بقدر ما تخدم المصالح السياسية لنتنياهو وتسهم في بقائه في السلطة.
يبدأ ألفر بتسليط الضوء على وضع نتنياهو بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، موضحا أن تلك الأحداث قد عززت من موقفه السياسي بدلا من إضعافه، على عكس ما قد يُتوقع في الأنظمة الديمقراطية. فبدلا من أن يُحاسب على الفشل في حماية الدولة، كما تفترض القواعد الديمقراطية، نجح نتنياهو في تحويل الأزمة لصالحه.
ويعزو ألفر ذلك إلى أن "الديمقراطية الإسرائيلية كانت ضعيفة قبل وقوع الهجوم، حيث رفض نتنياهو الاستقالة رغم اتهامه في قضايا فساد، مما أدى إلى تآكل المعايير الديمقراطية في إسرائيل".
ولكنه في الوقت ذاته يسلط الضوء على أن "هذه الحرب ليست سوى وسيلة لتجنب المواجهة الداخلية التي تنتظر إسرائيل بعد انتهاء العمليات العسكرية، لأن المجتمع الإسرائيلي، بعد انتهاء الحرب مع غزة، لن يدخل في مرحلة سلام واستقرار، بل سيكون على حافة حرب أهلية داخلية".
ويضيف "لذلك، بالنسبة لكثيرين في إسرائيل، تبدو الحرب الأبدية" أقل خطرا من الحرب الأهلية، حتى وإن كان هذا الإدراك يغوص في وعي الإسرائيليين دون التعبير عنه".
ويرى الكاتب أن الحرب لا تخدم فقط المصالح الشخصية لنتنياهو، بل تدعم أيضا فئات واسعة من المجتمع الإسرائيلي التي ترى في الوحدة الوطنية هدفا أساسيا، حتى لو كان ذلك على حساب التضحية بالجنود أو المختطفين.
ويقول "يعتبر هؤلاء أن الوحدة الداخلية هي المفتاح لتحقيق النصر في أي صراع إقليمي ضد إيران أو الجماعات المسلحة، ولكن الحقيقة هي أن الحرب الأبدية ليست وسيلة لتحقيق الانتصار، بل هي الأداة لضمان هذه الوحدة الداخلية المفترضة".
ويضيف أن "إسرائيل ضحت بالاقتصاد وبالمختطفين وبالجنود من أجل هذه الوحدة التي يراها البعض مفتاحا للبقاء".
مستقبل أكثر غموضا وخطورةويرى ألفر أن استمرار الحرب يضعف التيار الليبرالي في إسرائيل بشكل متزايد، ويقول إن "الطيارين الذين كانوا يرفضون سابقا الخدمة تحت حكم نتنياهو لأسباب ديمقراطية، هم نفسهم الآن يقصفون المدنيين في غزة، مما يلوث القيم التي كانوا يدافعون عنها، كما أن حركة "إخوة في السلاح"، التي كانت تمثل وجها ديمقراطيا معارضا، باتت الآن تُعتبر في أوروبا حركة مشاركة في جرائم الحرب".
ويشير الكاتب أيضا إلى تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية وتوسع السيطرة الإسرائيلية على شمال غزة، ويؤكد أن كل هذه الأمور تؤدي إلى تآكل سيادة القانون وانهيار الاقتصاد، مما يترك تأثيرا كارثيا على الديمقراطية الليبرالية.
ويخلص إلى القول إن "كل يوم من استمرار الحرب الأبدية يقرب إسرائيل أكثر من الانهيار الديمقراطي الكامل".
ويعتقد ألفر أن الحرب الأبدية لن تدوم إلى الأبد، بل ستنتهي عندما تتمكن القوى اليمينية والدينية المتطرفة من فرض سيطرتها الكاملة على إسرائيل، بل إنه يرى أن "إسرائيل ستتحول إلى نظام ديني وأوتوقراطي، رغم أنها ستظل قاعدة عسكرية متقدمة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
ويصف هذا الوضع بالقول "ستنتهي الحرب الأبدية عندما تنتصر القوى المتشددة وتتحول إسرائيل إلى دولة دينية عسكرية، يحتفل فيها الشعب بكل عملية اغتيال ويبكون على كل جندي يسقط!".
وفي حين يعتبر ألفر أن الحرب الحالية لا تخدم فقط أهداف إسرائيل الأمنية، بل تعمل أيضا كوسيلة لتأجيل صراع داخلي أكبر، فإنه يرى أن "مستقبل إسرائيل بات أكثر غموضا وخطورة مع تزايد نفوذ اليمين المتطرف وتآكل القيم الليبرالية".
وفي الختام، فإن الحرب الأبدية بالنسبة لألفر ليست مجرد إستراتيجية عسكرية، ولكنها "قد تكون مقدمة لحرب أهلية تهدد بتمزيق نسيج المجتمع الإسرائيلي من الداخل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحرب الأبدیة أن الحرب
إقرأ أيضاً:
ارتفاع صادرات الأسلحة الصربية لــ’إسرائيل’ 30 ضعفًا خلال العدوان على غزة و لبنان
كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية عن قفزة كبيرة في مشتريات “إسرائيل” العسكرية من صربيا حيث بلغت النسبة 3000% خلال العدوان على غزة ولبنان.
ووفقا لما ذكرته صحيفة “هآرتس” و”شبكة البلقان للتقارير الاستقصائية” (Balkan Investigative Reporting Network)، فقد تجاوزت صادرات الأسلحة الصربية إلى كيان الاحتلال 42 مليون يورو في عام 2024 حيث تجاهلت بلغراد الاتهامات الواسعة النطاق بارتكاب جرائم حرب في غزة ودعوات خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة لوقف تسليم الأسلحة الفتاكة.
ويمثل الرقم 42.3 مليون يورو استنادا إلى بيانات الجمارك من موقع ويب يجمع بيانات الأعمال الصربية والذي تم منح “شبكة البلقان” حق الوصول إليه، زيادة قدرها ثلاثون ضعفا على قيمة صادرات الأسلحة الصربية إلى “إسرائيل” في عام 2023، عندما باعت صربيا لتل أبيب أسلحة وذخيرة بقيمة 1.4 مليون يورو فقط.
وأفادت هآرتس و”شبكة البلقان” بأن الرقم بلغ آخر مرة 23 مليون يورو في سبتمبر 2024، أي بعد أقل من عام من بدء العدوان الصهيوني على غزة في أكتوبر 2023.
التسليم جوا وبحرا
وحدد تحقيق مشترك بين صحيفة “هآرتس” و”شبكة البلقان” ما لا يقل عن 20 رحلة جوية في العام الماضي من صربيا إلى قاعدة “نيفاتيم” الجوية في جنوب الاراضي المحتلة.
وذكر المصدر نفسه أنه ومنذ سبتمبر 2024 تم إبرام صفقتين أخريين في أكتوبر وديسمبر وكلاهما مرتبط برحلات جوية عسكرية إسرائيلية من وإلى صربيا.
ووفقا لبيانات الجمارك التي اطلعت عليها “شبكة بيرن”، قامت شركة “يوجوإمبورت-إس دي بي آر” المملوكة للدولة الصربية في أكتوبر 2024 بتصدير أسلحة وذخيرة بقيمة 9.6 مليون يورو إلى كيان الإحتلال.
وفي اليوم الأخير من ذلك الشهر، هبطت طائرة “بوينغ 747” تابعة للكيان الصهيوني في مطار بلغراد وعادت بسرعة إلى نيفاتيم.
وفي ديسمبر 2024، صدّرت شركة “يوجوإمبورت-إس دي بي آر” أسلحة إضافية بقيمة 9.7 مليون يورو، حيث هبطت طائرات “إسرائيلية” في بلغراد في السادس والسادس عشر والسابع عشر من ديسمبر.
ورفضت الحكومة الصربية باستمرار التعليق على مبيعاتها من الأسلحة إلى الكيان الصهيوني، وهي جزء من إمدادات ضخمة من الأسلحة تغذي العمليات العسكرية الصهيونية ليس فقط ضد غزة ولكن ضد لبنان وفي سوريا .
وفي مارس من العام الماضي، رفضت وزارة التجارة الصربية طلبا للحصول على المعلومات تقدمت بها “شبكة البلقان” للحقوق التجارية الصربية لتحديد البيانات الموجودة على تصاريح التصدير ونوع الأسلحة التي تم تسليمها، وقالت الوزارة إن المعلومات “سرية للغاية”.
وأظهرت صور منشورة على الإنترنت يوم الأربعاء 22 يناير قذائف عيار 155 ملم على المدرج في مطار بلغراد ثم غادرت تلك الشحنة إلى نيفاتيم، كما نقلت رحلتان إسرائيليتان أخريان شحنات هذا الأسبوع إلى نيفاتيم، مما يدل على استمرار الصادرات الصربية إلى إسرائيل حتى عام 2025.
وقالت مصادر داخل الصناعة العسكرية إن بعض الأسلحة ربما تم تسليمها أيضا عن طريق السفن، وذكر أحد المصادر أن النقل عن طريق السفن تمت مناقشته وربما كان قيد التنفيذ بالفعل.
الصواريخ والطائرات بدون طيار “الإسرائيلية”
في يناير، وقعت صربيا صفقة لشراء عدد غير معلن من أنظمة صواريخ PULS وطائرات الاستطلاع بدون طيار Hermes 900 من شركة Elbit Systems “الإسرائيلية”.
وذكرت صحيفة “هآرتس” أن العقد تبلغ قيمته 335 مليون دولار، وسيتم تسليم الأجهزة على مدى السنوات الثلاث والنصف القادمة.
التكنولوجيا الإسرائيلية والمراقبة الصربية
ووفق الصحيفة العبرية، فإن التجارة تسير في الاتجاهين، حيث توصلت صربيا إلى اتفاق كشفت عنه “هآرتس” هذا الشهر، لشراء أنظمة مدفعية وطائرات بدون طيار متقدمة من شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية، كما وجد تحقيق أجرته “شبكة بلغراد للأبحاث الأمنية” بدعم من منظمة العفو الدولية أن وكالة الأمن الداخلي في صربيا كانت تفتح هواتف النشطاء بشكل غير قانوني باستخدام تكنولوجيا “إسرائيلية” من أجل تثبيت برامج تجسس تم تطويرها محليا.
اقرأ ايضا.. دبابات الاحتلال تستهدف عائدين لمنازلهم في حي الزيتون جنوبي غزة
وقال فوك فوكسانوفيتش الباحث البارز في مركز بلغراد للأمن والسياسة الاقتصادية، إن قطاع الأسلحة الصربي ليس انتقائيا عندما يتعلق الأمر بالعملاء، “طالما أن السعر مناسب ويتم دفعه في الوقت المحدد”.
وبالإضافة إلى الحافز المالي، فإن صادرات الأسلحة إلى كيان الاحتلال هي أيضا وسيلة لصربيا لكسب ود الولايات المتحدة، كما قال فوكسانوفيتش لـ”شبكة بلغراد للأبحاث الأمنية”.
واستضافت صربيا الرئيس إسحاق هيرتسوغ في سبتمبر 2024 حيث قالت السلطات الصربية إن المناقشات جرت حول اتفاقية محتملة للتجارة الحرة، كما التقى الرجلان مرة أخرى في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ووصف نتنياهو الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش بأنه “صديق حقيقي لإسرائيل”.
وتستند العلاقات الإسرائيلية الصربية إلى أكثر من مجرد الأسلحة، إلى جانب مناقشة اتفاقية التجارة الحرة، قال ألكسندر فوتشيتش إن محادثاته مع هرتسوغ في سبتمبر تطرقت أيضا إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كما تحدث عن “مساحة ضخمة للتعاون” في جذب الاستثمار الإسرائيلي في مجال الأمن السيبراني.
وأظهرت حكومة صربيا اهتماما كبيرا بالخبرة التي تقدمها الشركات الإسرائيلية المتخصصة في المراقبة، وتقول هيئات المراقبة المحلية والدولية إن صربيا لديها سجل حافل في استخدام البرامج التي تنتجها شركات إسرائيلية للتجسس على النشطاء المناهضين للحكومة وأمور أخرى.
وفي عام 2020 تم إدراج وكالة معلومات الأمن الصربية (BIA) من بين مستخدمي البرامج التي طورتها شركة “Circles” الإسرائيلية والتي تمكن المستخدم من تحديد موقع كل هاتف في البلاد في غضون ثوان.
كما أفادت منظمة العفو الدولية و”شبكة البلقان” في ديسمبر باستخدام وكالة معلومات الأمن الصربية (BIA) للتكنولوجيا الإسرائيلية لتثبيت برامج تجسس تم تطويرها محليا على هواتف النشطاء والصحفيين.