يوفر الاستثمار في الشرق الأوسط وأفريقيا للمستثمرين إمكانية الوصول إلى الاقتصادات المزدهرة، مثل السعودية والإمارات وقطر، إلا أنه قد يحمل مخاطر أيضا، بحسب جو غروفز في تقرير بموقع "فوربس أدفايزر" الأمريكي (Forbes Advisor) ترجمه "الخليج الجديد".

غرفوز تابع أنه "في حين أن معظم دول أوروبا والولايات المتحدة تعاني من ركود النمو الاقتصادي، إلا أنها الوضع مختلف بالشرق الأوسط وأفريقيا، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6٪ في الشرق الأوسط و4٪ في أفريقيا، وهو أعلى بكثير من توقعات النمو البالغة 1٪ لما تُسمى بالاقتصادات المتقدمة".

وأردف أن "الشرق الأوسط وأفريقيا يضم اقتصادات عالية النمو في السعودية وقطر والإمارات والعراق وأخرى ذات نمو منخفض في جنوب أفريقيا والسودان وملاوي، وقد كافأ الشرق الأوسط المستثمرين ببعض المكاسب الرائعة على مدى السنوات الخمس الماضية، وكانت الكويت على رأس القائمة، تليها قطر والسعودية والإمارات".

وقال ماتياس سيلر، وهو مدير مشارك لصندوق استثمار، إن "هذه الاقتصادات تقدم تضخما منخفضا جدا مقارنة ببقية العالم، بفضل اقتصاداتها الموجهة نحو الهيدروكربونات (تصدير النفط والغاز الطبيعي)، وتأخذ الدولارات المكتسبة من صناعاتها الطبيعية لتنويع اقتصاداتهم من أجل المستقبل (بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات)."

كما لفت غرفوز إلى أن "العديد من الدول تتطلع إلى تنويع اقتصادها إلى ما هو أبعد من الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) عبر تشجيع الاستثمار الأجنبي، وقد اجتذبت الإمارات والسعودية وإسرائيل نصيب الأسد من الأموال حتى الآن، إذ تمتلك إسرائيل قطاعا تكنولوجيا مزدهرا".

وزاد بأنه "بينما تعمل أوروبا على تكثيف قدرتها المحلية في مجال الطاقة المتجددة لتلبية أهداف الانبعاثات الصافية الصفرية، يتطلع الاتحاد الأوروبي إلى أفريقيا لسد النقص في إنتاج الطاقة المتجددة".

وبحسب شيلر "يتطلب تحول الطاقة استثمارات كبيرة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهي مجالات مهمة للتنمية في الاتحاد الأوروبي، ويوجد بعض أكبر شركات التعدين في العالم في جنوب إفريقيا، ما يجعل هذه الشركات الموجهة للتصدير جذابة للاستثمارات طويلة الأجل."

اقرأ أيضاً

بـ59.4 مليار دولار.. استثمارات الإمارات الأكبر في أفريقيا بين 5 دول خليجية

شركات أو صناديق

وبالنسبة لمجالات الاستثمار، يوجد عدد من الخيارات المتاحة من الاستثمار في الشركات الفردية إلى الصناديق ذات القاعدة الأوسع، كما أضاف غروفز.

واستدرك: "لكن أحد عيوب الاستثمار في المنطقة هو تركيز الثروة في عدد صغير من البلدان، إذ  تساهم السعودية بثلث الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي المجمع لـ54 دولة أفريقية 2.7 ضعف الناتج المحلي الإجمالي للمملكة".

واستطرد: "ولذلك، تستثمر صناديق الشرق الأوسط وأفريقيا عموما ما بين 40% و60٪ من محافظها في السعودية، تليها جنوب أفريقيا والإمارات وقطر والكويت (...) وأي انخفاض في أسعار الطاقة له تأثير كبير على المصدرين الرئيسيين مثل السعودية والكويت والإمارات وصناديق الثروة السيادية الخاصة بها".

و"يدير أكبر 10 صناديق ثروة سيادية في منطقة الخليج نحو 4 تريليونات دولار، وهي أكبر من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة.. كما قد يشعر المستثمرون بالقلق من مخاطر الإفلاس المحتملة للبلدان ذات الدين العام المرتفع، مثل زامبيا ومالي وغانا ولبنان في السنوات القليلة المقبلة، وهناك مخاوف من أن تحذو تونس ومصر حذوها"، كما أضاف غرفوز.

وأضاف أن "عدم الاستقرار السياسي لا يزال أيضا في طليعة أذهان المستثمرين؛ نظرا للاضطرابات في أجزاء من المنطقة، بما في ذلك جنوب أفريقيا والنيجر، كما أن أسواق الأسهم ليست منظمة بشكل صارم مثل المملكة المتحدة".

اقرأ أيضاً

مدبولي: مصر الأولى على الشرق الأوسط بالاستثمار الأجنبي وهذه حصيلة الطروحات

رياح معاكسة

وقد تواجه منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بحسب غروفز، "رياحا معاكسة من حيث الاستثمار الأجنبي بسبب عدم اليقين في الاقتصاد العالمي والحذر بين المستثمرين الدوليين، ومع ذلك، من المرجح أن يستمر مصدرو الطاقة في هذا الأداء القوي، لأن الدول تقلل من اعتمادها على (طاقة) روسيا"، في ظل العقوبات المفروضة عليها جراء حربها على أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وقال سيلر إن "المنطقة تواصل استثمار مبالغ كبيرة من رأس المال لزيادة تنويع اقتصاداتها، وهذا بالإضافة إلى وجود المستهلك وانخفاض التضخم ومعدل مشاركة أعلى في العمالة، يجب أن يستمر في دعم نمو الأرباح عبر قطاعات متعددة".

"وقد ارتفع تمثيل الشرق الأوسط في المؤشرات الرئيسية مؤخرا، وتوسع سوق الاكتتابات الأولية المزدهرة من فرص الاستثمار، وبعد أدائها الباهت مؤخرا، توفر جنوب أفريقيا حاليا ثروة من الفرص في الموارد الطبيعية"، كما تابع غروفز.

وبحسب سيلر، "تقدم جنوب إفريقيا فرصة استثمارية مثيرة للاهتمام، بفضل وصولها إلى مجموعة واسعة من المعادن".

اقرأ أيضاً

مجموعة كندية تبيع سندات لتمويل استثمار بميناء جبل علي الأكبر في الشرق الأوسط

المصدر | جو غروفز/ فوربس أدفايزر- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط أفريقيا استثمار شركات صناديق الناتج المحلی الإجمالی الشرق الأوسط وأفریقیا فی الشرق الأوسط جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس

اهتمت وسائل إعلام عبرية بتصريحات رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، والتي تحدث فيها عن حق "إسرائيل" في الوجود، وحقها في الدفاع عن نفسها، رغم عدم إدانته لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر لعام 2023، ودعمه الثابت للشعب الفلسطيني، وإدانته للإبادة الجماعية في غزة.

وقال الباحث في معهد ترومان بالجامعة العبرية غيورا أليراز إنّ "إجابات إبراهيم جاءت مفاجئة، لأنه أعلن معارضته لكل أشكال العنف، ملمحا إلى أن خطابه يمحو عقودا قبل السابع من أكتوبر، ويتجاهل محنة الفلسطينيين منذ نكبة 1948، ويغمض عينيه عن تاريخ الاستعمار ويغفر له حتى الإبادة الجماعية".

وتابع ترومان في ورقية بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب وترجمته "عربي21": "ينبغي أن نعرف إذا ما كانت تصريحات إبراهيم مجرد تمرين للعلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموحا للتدخل في الشرق الأوسط، أو ربما علامة أولية على تغيير في الاتجاه نحو إسرائيل (..)".

وذكر أنه "من المفارقات أنه عندما انتُخب إبراهيم رئيسا للوزراء أواخر 2022، بعد مسار سياسي طويل، كان من المتوقع أن يخفف من سياسة ماليزيا الصارمة تقليديا تجاه إسرائيل، بزعم أنه لم يشارك في حدة الخطاب المعادي لها على مدة عقود من الزمن، بعكس سلفه الراحل مهاتير محمد".

ولفت إلى أنه "في مواقف سابقة لإبراهيم نستحضر كلمات قالها في مقابلة عام 2012 مع صحيفة وول ستريت جورنال، عندما كان زعيماً بارزاً للمعارضة بأنه يؤيد كل الجهود لحماية أمن دولة إسرائيل، وأكد في الوقت نفسه التزام بلاده العميق بالقضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حل الدولتين، وأن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مشروط باحترامها لتطلعات الفلسطينيين، وحينها لم تتأخر الانتقادات اللاذعة من خصومه السياسيين بسبب تصريحاته غير العادية بشأن قضية أمن تل أبيب، وظلّت ترافقه".



ونوه إلى أنه "هذه المرة أيضا سمعنا انتقادات بعد تصريحاته الأخيرة، لأنها انتشرت على نطاق واسع في شكل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يبدو أنها كانت هذه المرة محدودة نسبيا من حيث النطاق والشدة، حيث ردّ على المنتقدين، متهماً إياهم بخداع الرأي العام، استناداً لمقطع فيديو تم تحريره، وإخراج بعض كلماته من سياقها، مؤكدا أنه لم يتغير شيء؛ وستظل ماليزيا ملتزمة بدعم فلسطين، وحديثه هنا باللغة الماليزية، مجددا تصريحاته القاسية ضد تل أبيب".

وبحسب رئيس الوزراء الماليزي، "من يسأل هل أن إسرائيل موجودة، سيكون الجواب نعم، هي موجودة، لكن ماليزيا لم تعترف بها قانونيا قط، بل فقط بوجودها كحقيقة واقعة، بدليل عدم وجود علاقات دبلوماسية معها، ومن وجهة نظره فالموضوع مغلق".

لكن الباحث الإسرائيلي قال إن "تصريحات إبراهيم تزامنت مع نشر مقال صحفي لكاتب عمود محلي من أصل هندي في ماليزيا، تحت عنوان "لماذا أؤيد موقف أنور إبراهيم بشأن حق إسرائيل في الوجود"، ما يكشف عن حقيقة المواقف السائدة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بين الأقليات التي تشكل 40% من سكانها، أكبرها الصينيون، يليهم الهنود".

وزعم الكاتب الهندي، وفق القراءة الإسرائيلية، أنه "يتحدث باسم جميع غير المسلمين في ماليزيا، لأنهم، بشكل عام، وعلى عكس المسلمين فيها، ليس لديهم رأي سلبي تجاه دولة إسرائيل، أو رأي إيجابي للغاية تجاه فلسطين، وينظرون للطرفين كدولتين في حالة حرب، مثل أوكرانيا وروسيا، ونرى "نحن غير المسلمين" أن الحرب في الشرق الأوسط حرب خارجية، لا نريد المشاركة فيها، وعندما نرى اعتقاد المسلمين الصادق بأن الحق مع فلسطين، وأن إسرائيل هي الشريرة، فهم يتخذون هذا الموقف من منطلق التعاطف مع الفلسطينيين".

وأشار أننا "نحن غير المسلمين في ماليزيا" نفهم رغبة المسلمين بأن تلعب بلادنا دوراً أكثر نشاطاً لدعم الفلسطينيين في الصراع، مع أنها فعلت الكثير فيما يتصل بالحرب في الشرق الأوسط، ولكن لأن وضع المسلمين أكثر إثارة للقلق، فإن ماليزيا ليست مضطرة للمشاركة في الحرب باختيار الجانب الأضعف ضد الجانب الأقوى بكثير، وهي إسرائيل، لأننا لسنا متأكدين من الصحيح ومن المخطئ، ولا يمكننا أن ندعم رغبات الفلسطينيين إلا إذا اعتزموا أن يروا ماليزيا وسيطًا للسلام في الصراع".



الكاتب الاسرائيلي يعود ليعتبر أن "كلمات رئيس الوزراء إبراهيم، التي يتفق فيها على أن لدولة إسرائيل الحق بالوجود، والدفاع عن النفس، نقطة انطلاق صحيحة لماليزيا، ما يستدعي التوضيح أن التماهي السياسي والعاطفي مع القضية الفلسطينية، الذي يتسم بقوة في الخطاب السياسي والعام في ماليزيا، يبدو متشابكاً مع البناء القديم للهوية الوطنية لدى أغلبيتها المسلمة التي تزيد عن 50% من السكان، بما من شأنه حشد الشعور بالتضامن الإسلامي الشامل، ومثل هذا البناء تضمن أيضًا نغمات معادية لإسرائيل والغرب والاستعمار، لكنه قد يعتبر مشكلة كبيرة من وجهة نظر الأقليات فيها".

وزعم أن "هذه الأقليات الماليزية قد لا تكون الوحيدة التي تشعر حالياً بعدم الرضا عن وضع بلادهم في ضوء حرب غزة الأخيرة، ناقلا عن أحد باحثي الشؤون الماليزية الذي ينقل عن جماعات المجتمع المدني وشخصيات المعارضة استياءهم من موقف الحكومة تجاه حماس، ومخاوفهم من أن يضرّ بمصالح الدولة، بزعم أن تمويل حماس من قِبَل المنظمات الماليزية المؤيدة للفلسطينيين قد يعرضها للعقوبات من قِبَل الغرب".

واستدرك بالقول إن "تصريحات إبراهيم غير العادية بشأن دولة إسرائيل يمكن أن تكون موجهة للخارج والساحة الدولية، لإصلاح صورته في الغرب، وتخفيف التوتر في علاقاته بالولايات المتحدة بسبب اتصالات بقيادة حماس، ويسعى لتجنب الضغوط نظرا لعلاقاته معها، والإشارة أن بلاده شريكة بجهود السلام في الشرق الأوسط، وتتخذ موقفا داعما لجهود السلام من خلال الاتصال بالجسم السياسي للحركة، دون تدخل بأنشطتها العسكرية، زاعما أن علاقاته بها يمنحه ميزة بمحاولة تحقيق السلام في الشرق الأوسط".

وزعم أنه "في الممارسة العملية، فإن خطاب إبراهيم يصرخ بالتناقضات؛ خاصة صمته المطبق إزاء هجوم حماس الدموي في السابع من أكتوبر، مقابل الصراحة الكبيرة بإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعوته على منصة القمة العربية الإسلامية في الرياض لبناء إجماع يحمل المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة ضد دولة الاحتلال، وصولا لطردها من الأمم المتحدة".

وختم بالقول إننا "سنضطر للانتظار حتى نفهم ما إذا كانت التصريحات غير العادية لإبراهيم التي مجرد حادثة عابرة، أو تمرين في العلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموح للانخراط في الشرق الأوسط، أو ربما إشارة أولية لتغيير في الاتجاه".

مقالات مشابهة

  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
  • الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
  • مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها
  • مايكروسوفت تستثمر في الذكاء الاصطناعي في جنوب أفريقيا
  • خطة مصر بشأن غزة تعزز مكانتها في المنطقة
  • وزير الخارجية الصيني: غزة للفلسطينيين
  • الخارجية الصينية: قطاع غزة ملك للشعب الفلسطيني
  • الصين: أي محاولة لتغيير في الشرق الأوسط بالقوة لن تحقق السلام
  • الصين: ندعم خطة القاهرة لاستعادة السلام في غزة