زيارة هوكشتاين إلى لبنان.. شروط ومطالب في ظل تصعيد الغارات الإسرائيلية
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
بيروت– عقب ليلة عنيفة عاشها لبنان تحت وطأة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق واسعة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع وفروع مؤسسة "القرض الحسن" التابعة لحزب الله، وصل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، اليوم الاثنين، إلى العاصمة اللبنانية، في مسعى لبحث حل دبلوماسي لوقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل.
تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة نظرا لتوقيتها الحرج، إذ تعتبر الفرصة الأخيرة لهوكشتاين لتحقيق وقف العدوان على لبنان قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
كما تكتسب أهمية كونها تسبق زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى باريس للمشاركة في مؤتمر دعم لبنان، المقرر عقده في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والذي سيركز على توفير الحماية والإغاثة المباشرة للمدنيين، ودعم الجيش اللبناني.
في المضمون، كان اللافت في الزيارة أن هوكشتاين استبقها بتصريح أشار فيه إلى الرغبة الأميركية في تعديل القرار الأممي 1701، ووفقا لموقع "أكسيوس"، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، قدّمت إسرائيل للولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة مبادئ تتضمن شروطها للتوصل إلى حل دبلوماسي ينهي الحرب في لبنان.
أما في التفاصيل، فقد بدأ هوكشتاين لقاءاته في العاصمة اللبنانية بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر إقامته في عين التينة، قبل أن يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأكد هوكشتاين بعد لقائه بري أن "التزام الطرفين اللبناني والإسرائيلي بالقرار 1701 ليس كافيا".
وأضاف أن الوضع في لبنان خرج عن السيطرة، مشيرا إلى أن ربط مستقبل لبنان بالنزاعات ليس في مصلحة اللبنانيين، وتابع أن واشنطن ملتزمة بتقديم الدعم اللازم، وتسعى جاهدة إلى وقف هذا النزاع من خلال العمل مع الحكومة اللبنانية و"حكومة إسرائيل" لتحقيق ذلك.
التقى هوكشتاين (يسار) برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ومسؤولين لبنانيين آخرين (الفرنسية) الضغوط الدوليةورأى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور علي مطر، في حديث للجزيرة نت، أن "العدو" يسعى، وفقا لمقال باراك رافيد في أكسيوس، إلى "السماح لقواته بالمشاركة في التنفيذ النشط"، لضمان عدم إعادة تسليح حزب الله أو إعادة بناء بنيته التحتية العسكرية في المناطق الجنوبية اللبنانية القريبة من الحدود.
ويعتبر مطر أن هذا المطلب يهدف إلى استسلام لبنان وفرض شروط قاسية عليه، واستباحة أراضيه جوا وبرا وبحرا، وهو ما لا يمكن أن يقبله لبنان، وليس حزب الله وحده.
وأضاف الباحث أنه "على الرغم من العدوان المستمر منذ شهر تقريبا، فإن المقاومة في لبنان لم تُهزم، ولا تزال لديها القدرة على التصدي، وقد أثبتت ذلك عدة وقائع، بما في ذلك منع التقدم البري الشامل وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، التي كان آخرها استهداف منزل بنيامين نتنياهو في قيساريا".
وفي سياق زيارة هوكشتاين، أوضح مطر أن هذه المطالب تتناقض كليا مع قرار الأمم المتحدة رقم 1701، وهو أمر لن يوافق عليه أحد، حتى المجتمع الدولي، واعتبر أن هذه "الطلبات التعجيزية" من قِبل إسرائيل تدل على ضعف موقف هوكشتاين، الذي من المرجح أن تبوء زيارته بالفشل إذا كانت تحمل هذه المطالب.
ويؤكد أن هوكشتاين لا يمكنه أن يأتي ليُملي شروط إسرائيل على اللبنانيين، كونه "وسيطا غير حيادي"، بل قد يسعى لتهديد لبنان، ويرى مطر أنه لن يكون هناك وقف للنار بالتفاوض تحت ضغط القصف، مستبعدا أيضا التوصل إلى ذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وفيما أشار مطر إلى أن هوكشتاين يسعى لإجراء تعديلات جوهرية على القرار 1701، تشمل زيادة عدد قوات اليونيفيل، فقد أوضح أن المشكلة تكمن في تغيير طبيعة عمل هذه القوات لتصبح مشابهة لقوات متعددة الجنسيات، وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع، وقد أكد الرئيس نبيه بري على تمسك لبنان بالقرار كما هو قبل زيارة المبعوث الأميركي، وهو ما أيده رئيس الحكومة اللبنانية أيضا.
وتابع مطر بالقول إن "اللبنانيين يشعرون بالريبة تجاه زيارة هوكشتاين، إذ غالبا ما تسبق زيارته اعتداءات وتصعيدات مع لبنان. ومع ذلك، فإن الوضع هذه المرة مختلف، حيث لا يوجد ما يخسره لبنان، لذا، ينبغي عليه السعي لمواجهة التحديات لتحسين شروطه، وعدم الرضوخ لإملاءات إسرائيل تحت ضغط القصف".
هوكشتاين أكد أن واشنطن تريد إجراء تعديلات على القرار 1701 قد تشمل زيادة عدد قوات اليونيفيل (غيتي) اختبار صمود المقاومةبالمقابل، لفت المحلل السياسي أمين قمورية، في حديث للجزيرة نت، إلى أن المطالب التي يحملها هوكشتاين تشمل فرض رقابة شاملة على الحدود اللبنانية كافة، في الجنوب، والبحر، والشرق، إلى جانب منح إسرائيل حق انتهاك السيادة الجوية متى أرادت ومراقبة المواقع التي تختارها.
ويعتبر قمورية أن المبعوث الأميركي يعلم جيدا أن الجانب اللبناني لن يوافق على هذه الشروط.
وتناول قمورية جانبا آخر من هدف الزيارة، وهو اختبار مدى صمود المقاومة، ومدى تمسكها بشروطها رغم الضربات التي تلقتها، أو ما إذا كانت قد تراجعت عن مواقفها وأصبحت في وضع مختلف.
وفيما يتعلق بالشق السياسي، أكد قمورية أن الهدف الأهم من الزيارة هو الدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ورغم العدوان الحالي، تعتبر الأطراف الخارجية أن الوقت مناسب لتحقيق هذا الهدف، ومع تقديم أسماء مرشحة، رأى قمورية أن فرض رئيس على المشهد اللبناني سيظل مرفوضا طالما جاء نتيجة ضغوط خارجية، وليس من خلال توافق داخلي.
محللون لبنانيون يرون أن شروط إسرائيل تتضمن استباحة الأجواء اللبنانية (الفرنسية) لا فصل بين الجبهاتمن جهته، نبه المحلل السياسي إبراهيم حيدر إلى أن الوثيقة التي سربها موقعا "أكسيوس" و"والا" الإسرائيلي تتناول شروطا وضعتها إسرائيل لحل الصراع على جبهة جنوب لبنان، دون الإشارة إلى غزة، التي تبدو منفصلة بالنسبة للاحتلال.
وأشار حيدر، في حديث للجزيرة نت، إلى أن الأميركيين لا يتبنون هذه الوثيقة رسميا، رغم منحهم الضوء الأخضر للإسرائيليين لمتابعة الحرب ضد حزب الله مع تحديد سقوف مرتفعة للتصعيد ضد البنية التحتية اللبنانية.
بدوره، رأى الخبير العسكري العميد منير شحادة، في حديث للجزيرة نت، أن "أخطر ما في الوثيقة بأنه يسمح لإسرائيل بالاستمرار في استباحة الأجواء اللبنانية عبر الطائرات المسيرة والتجسسية"، ولفت إلى أن دفع المقاومة إلى شمال نهر الليطاني غير قابل للتنفيذ من الناحية العملية، لأن غالبية عناصر المقاومة هم من أبناء جنوب الليطاني، حيث وُلِدوا وترعرعوا.
وأشار شحادة إلى تصريحات هوكشتاين، التي تهدف إلى فصل جبهة لبنان عن غزة، معتبرا أن هذا الأمر غير قابل للتنفيذ، وأوضح أن هذا التوجه كلف المقاومة فقدان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بالإضافة إلى تكاليف باهظة على لبنان، مما يجعل التراجع عن هذا الموقف أمرا غير ممكن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات باريس إلى أن
إقرأ أيضاً:
رويترز: خط أحمر أميركي على مشاركة حزب الله بالحكومة اللبنانية
نقلت وكالة رويترز عن 5 مصادر مطلعة أن واشنطن تضغط على كبار المسؤولين اللبنانيين لمنع حزب الله أو حلفائه من ترشيح وزير المالية القادم للبلاد، في محاولة للحد من نفوذ الحزب.
ومثل الأطراف الرئيسية في لبنان، دأب حزب الله منذ فترة طويلة على تسمية وزراء في الحكومة، بالتنسيق مع حليفته حركة أمل، التي اختارت جميع وزراء المالية في لبنان منذ عام 2014.
لكن المصادر الخمسة -التي لم تذكر رويترز أسماءها- قالت إن المسؤولين الأميركيين حريصون على رؤية هذا النفوذ يتضاءل مع تشكيل رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام حكومة جديدة.
وقالوا إن المسؤولين الأميركيين نقلوا رسائل إلى سلام والرئيس اللبناني جوزيف عون -الذي حظي بدعم الولايات المتحدة عندما كان قائدا للجيش وجرى انتخابه رئيسا للبلاد في أوائل يناير/كانون الثاني- مفادها أن حزب الله لا ينبغي أن يشارك في الحكومة المقبلة.
وقالت 3 من المصادر إن رجل الأعمال اللبناني الأميركي مسعد بولس -الذي عينه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشارا لشؤون الشرق الأوسط- كان أحد الأشخاص الذين نقلوا هذه الرسالة إلى لبنان.
وقال بولس لقناة الجديد اللبنانية إنه يتطلع لتشكيل حكومة بدون "من كانت لهم خبرة مع النظام السابق" حتى تتسنى استعادة الثقة الدولية.
إعلانوقال أحد المصادر المطلعة -وهو مقرب من حزب الله- إن هناك "ضغوطا أميركية كبيرة على سلام وعون لقص أجنحة حزب الله وحلفائه".
وقالت 3 مصادر على اطلاع مباشر على الأمر إن السماح لحزب الله أو حركة أمل بترشيح وزير المالية من شأنه أن يضر بفرص لبنان في الحصول على أموال أجنبية للمساعدة في تلبية فاتورة إعادة الإعمار الضخمة الناجمة عن حرب العام الماضي، والتي أدت الغارات الجوية الإسرائيلية خلالها إلى تدمير مساحات شاسعة من البلاد.
ووقعت معظم الأضرار بالمناطق ذات الأغلبية الشيعية التي يتمتع حزب الله فيها بالدعم. وحث حزب الله الأطراف العربية والدولية على تقديم الدعم اللازم لإعادة بناء لبنان، إلا أن مصادر لبنانية وإقليمية تقول إن المساعدات الدولية ستعتمد على التطورات السياسية. وكان أحد هذه التطورات الجوهرية انتخاب عون رئيسا للبلاد.
مرحلة جديدةوقالت المصادر إن الخطوة التالية هي تشكيل الحكومة. ويوزع نظام المحاصصة في لبنان المناصب الحكومية على أساس طائفي؛ فالرئاسة لمسيحي ماروني، ورئاسة الوزراء لمسلم سني، ورئيس مجلس النواب يكون مسلما شيعيا.
ورُشح سلام في 13 يناير/كانون الثاني لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. ونال سلام -وهو قاض كان يشغل منصب رئيس محكمة العدل الدولية- دعم أغلب المشرّعين، لكنه لم ينل تأييد نواب حزب الله أو حركة أمل.
وأمضى سلام الأسبوعين الماضيين في التشاور مع الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة توزعت مناصبها أيضا على أساس الانتماء الطائفي والسياسي.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري -لقناة الحرة التلفزيونية العربية الممولة من الحكومة الأميركية يوم الثلاثاء- إن حزبه رشح النائب والوزير السابق ياسين جابر لمنصب وزير المالية.
وقال 3 من المصادر الذين تحدثت إليهم لرويترز إن الولايات المتحدة ليس لديها اعتراضات على تولي شيعي المنصب لكنها لا تريد أن ترى حركة أمل أو حزب الله يختاران الوزير مباشرة.
إعلانوقال أحدهم إن واشنطن نقلت رسالة إلى سلام مفادها أن لبنان في مرحلة جديدة، وأنه من غير المقبول أن يتمتع حزب الله وحلفاؤه "بالامتيازات نفسها" التي كانوا يتمتعون بها من قبل، مثل "الحصول على وزارات حساسة مثل المالية".
"الخط الأحمر" الأميركيوكتب النائبان الجمهوريان دارين لحود وداريل عيسى -اللذان يرأسان لجنة الصداقة الأميركية اللبنانية- خطابا إلى ترامب هذا الأسبوع، وطلبا منه أن يأخذ في الاعتبار أن المساعدة المالية وإعادة إعمار لبنان "تعتمدان على عدد من السياسات الحاسمة".
وجاء في الخطاب "يتعين على الحكومة اللبنانية الجديدة ألا تسمح لأي عضو من حزب الله أو وكلائه من الأحزاب السياسية بالمشاركة في الحكومة الجديدة".
وقال مايكل يونج -من مركز مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط- إن الولايات المتحدة تُعد وزارة المالية "خطا أحمر" لأنها صاحبة القول الفصل في الإنفاق العام في لبنان الذي انهار نظامه المالي كارثيا في عام 2019 تحت وطأة ديون الدولة الضخمة الناجمة عن إسراف الفصائل الحاكمة في الإنفاق.
وقال يونج "الولايات المتحدة تحاول تطبيق نظام ما بعد حزب الله في لبنان، ومن ثم فمن المنطقي أن تكون مهتمة بحرمان حزب الله وحركة أمل من امتلاك أي قرار في سياسة الحكومة".
وفي المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان ردا على سؤال عن مشاركة حزب الله في الحكومة الجديدة، إنه يتعين أن تكون الحكومة قوية وقادرة على جمع كل لبنان بكل تنوعه.
وقال مسؤولون فرنسيون إنه "على الرغم من إضعاف حزب الله، فلا يجب تجاهل مطالب الطائفة الشيعية في لبنان، وإن لحزب الله دورا في المشهد السياسي".
وأثار النزاع على المنصب توترات سياسية في لبنان، فهدد حزب القوات اللبنانية المسيحي -وهو خصم قوي لحزب الله- بمقاطعة الحكومة إذا اختار حزب الله وحركة أمل من يتولى هذا المنصب وغيره من المناصب الرئيسية الأخرى.
إعلان