بيروت– عقب ليلة عنيفة عاشها لبنان تحت وطأة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق واسعة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع وفروع مؤسسة "القرض الحسن" التابعة لحزب الله، وصل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، اليوم الاثنين، إلى العاصمة اللبنانية، في مسعى لبحث حل دبلوماسي لوقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل.

تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة نظرا لتوقيتها الحرج، إذ تعتبر الفرصة الأخيرة لهوكشتاين لتحقيق وقف العدوان على لبنان قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

كما تكتسب أهمية كونها تسبق زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى باريس للمشاركة في مؤتمر دعم لبنان، المقرر عقده في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والذي سيركز على توفير الحماية والإغاثة المباشرة للمدنيين، ودعم الجيش اللبناني.

في المضمون، كان اللافت في الزيارة أن هوكشتاين استبقها بتصريح أشار فيه إلى الرغبة الأميركية في تعديل القرار الأممي 1701، ووفقا لموقع "أكسيوس"، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، قدّمت إسرائيل للولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة مبادئ تتضمن شروطها للتوصل إلى حل دبلوماسي ينهي الحرب في لبنان.

أما في التفاصيل، فقد بدأ هوكشتاين لقاءاته في العاصمة اللبنانية بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر إقامته في عين التينة، قبل أن يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأكد هوكشتاين بعد لقائه بري أن "التزام الطرفين اللبناني والإسرائيلي بالقرار 1701 ليس كافيا".

وأضاف أن الوضع في لبنان خرج عن السيطرة، مشيرا إلى أن ربط مستقبل لبنان بالنزاعات ليس في مصلحة اللبنانيين، وتابع أن واشنطن ملتزمة بتقديم الدعم اللازم، وتسعى جاهدة إلى وقف هذا النزاع من خلال العمل مع الحكومة اللبنانية و"حكومة إسرائيل" لتحقيق ذلك.

التقى هوكشتاين (يسار) برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ومسؤولين لبنانيين آخرين (الفرنسية) الضغوط الدولية

ورأى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور علي مطر، في حديث للجزيرة نت، أن "العدو" يسعى، وفقا لمقال باراك رافيد في أكسيوس، إلى "السماح لقواته بالمشاركة في التنفيذ النشط"، لضمان عدم إعادة تسليح حزب الله أو إعادة بناء بنيته التحتية العسكرية في المناطق الجنوبية اللبنانية القريبة من الحدود.

ويعتبر مطر أن هذا المطلب يهدف إلى استسلام لبنان وفرض شروط قاسية عليه، واستباحة أراضيه جوا وبرا وبحرا، وهو ما لا يمكن أن يقبله لبنان، وليس حزب الله وحده.

وأضاف الباحث أنه "على الرغم من العدوان المستمر منذ شهر تقريبا، فإن المقاومة في لبنان لم تُهزم، ولا تزال لديها القدرة على التصدي، وقد أثبتت ذلك عدة وقائع، بما في ذلك منع التقدم البري الشامل وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، التي كان آخرها استهداف منزل بنيامين نتنياهو في قيساريا".

وفي سياق زيارة هوكشتاين، أوضح مطر أن هذه المطالب تتناقض كليا مع قرار الأمم المتحدة رقم 1701، وهو أمر لن يوافق عليه أحد، حتى المجتمع الدولي، واعتبر أن هذه "الطلبات التعجيزية" من قِبل إسرائيل تدل على ضعف موقف هوكشتاين، الذي من المرجح أن تبوء زيارته بالفشل إذا كانت تحمل هذه المطالب.

ويؤكد أن هوكشتاين لا يمكنه أن يأتي ليُملي شروط إسرائيل على اللبنانيين، كونه "وسيطا غير حيادي"، بل قد يسعى لتهديد لبنان، ويرى مطر أنه لن يكون هناك وقف للنار بالتفاوض تحت ضغط القصف، مستبعدا أيضا التوصل إلى ذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وفيما أشار مطر إلى أن هوكشتاين يسعى لإجراء تعديلات جوهرية على القرار 1701، تشمل زيادة عدد قوات اليونيفيل، فقد أوضح أن المشكلة تكمن في تغيير طبيعة عمل هذه القوات لتصبح مشابهة لقوات متعددة الجنسيات، وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع، وقد أكد الرئيس نبيه بري على تمسك لبنان بالقرار كما هو قبل زيارة المبعوث الأميركي، وهو ما أيده رئيس الحكومة اللبنانية أيضا.

وتابع مطر بالقول إن "اللبنانيين يشعرون بالريبة تجاه زيارة هوكشتاين، إذ غالبا ما تسبق زيارته اعتداءات وتصعيدات مع لبنان. ومع ذلك، فإن الوضع هذه المرة مختلف، حيث لا يوجد ما يخسره لبنان، لذا، ينبغي عليه السعي لمواجهة التحديات لتحسين شروطه، وعدم الرضوخ لإملاءات إسرائيل تحت ضغط القصف".

هوكشتاين أكد أن واشنطن تريد إجراء تعديلات على القرار 1701 قد تشمل زيادة عدد قوات اليونيفيل (غيتي) اختبار صمود المقاومة

بالمقابل، لفت المحلل السياسي أمين قمورية، في حديث للجزيرة نت، إلى أن المطالب التي يحملها هوكشتاين تشمل فرض رقابة شاملة على الحدود اللبنانية كافة، في الجنوب، والبحر، والشرق، إلى جانب منح إسرائيل حق انتهاك السيادة الجوية متى أرادت ومراقبة المواقع التي تختارها.

ويعتبر قمورية أن المبعوث الأميركي يعلم جيدا أن الجانب اللبناني لن يوافق على هذه الشروط.

وتناول قمورية جانبا آخر من هدف الزيارة، وهو اختبار مدى صمود المقاومة، ومدى تمسكها بشروطها رغم الضربات التي تلقتها، أو ما إذا كانت قد تراجعت عن مواقفها وأصبحت في وضع مختلف.

وفيما يتعلق بالشق السياسي، أكد قمورية أن الهدف الأهم من الزيارة هو الدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ورغم العدوان الحالي، تعتبر الأطراف الخارجية أن الوقت مناسب لتحقيق هذا الهدف، ومع تقديم أسماء مرشحة، رأى قمورية أن فرض رئيس على المشهد اللبناني سيظل مرفوضا طالما جاء نتيجة ضغوط خارجية، وليس من خلال توافق داخلي.

محللون لبنانيون يرون أن شروط إسرائيل تتضمن استباحة الأجواء اللبنانية (الفرنسية) لا فصل بين الجبهات

من جهته، نبه المحلل السياسي إبراهيم حيدر إلى أن الوثيقة التي سربها موقعا "أكسيوس" و"والا" الإسرائيلي تتناول شروطا وضعتها إسرائيل لحل الصراع على جبهة جنوب لبنان، دون الإشارة إلى غزة، التي تبدو منفصلة بالنسبة للاحتلال.

وأشار حيدر، في حديث للجزيرة نت، إلى أن الأميركيين لا يتبنون هذه الوثيقة رسميا، رغم منحهم الضوء الأخضر للإسرائيليين لمتابعة الحرب ضد حزب الله مع تحديد سقوف مرتفعة للتصعيد ضد البنية التحتية اللبنانية.

بدوره، رأى الخبير العسكري العميد منير شحادة، في حديث للجزيرة نت، أن "أخطر ما في الوثيقة بأنه يسمح لإسرائيل بالاستمرار في استباحة الأجواء اللبنانية عبر الطائرات المسيرة والتجسسية"، ولفت إلى أن دفع المقاومة إلى شمال نهر الليطاني غير قابل للتنفيذ من الناحية العملية، لأن غالبية عناصر المقاومة هم من أبناء جنوب الليطاني، حيث وُلِدوا وترعرعوا.

وأشار شحادة إلى تصريحات هوكشتاين، التي تهدف إلى فصل جبهة لبنان عن غزة، معتبرا أن هذا الأمر غير قابل للتنفيذ، وأوضح أن هذا التوجه كلف المقاومة فقدان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بالإضافة إلى تكاليف باهظة على لبنان، مما يجعل التراجع عن هذا الموقف أمرا غير ممكن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات باريس إلى أن

إقرأ أيضاً:

حماس: المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش العدو في بيت لاهيا تصعيد خطير

أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أن مجزرة العدو في بيت لاهيا واستهدافه لمدنيين وصحفيين، “تصعيد خطير” يعكس استهتاره بالمواثيق الدولية.

وقالت حركة “حماس” في بيان لها تعقيبًا على مجزرة بيت لاهيا، اليوم، إن ما حدث يُعد استمراراً لجرائم الحرب التي يرتكبها العدو بحق شعبنا الفلسطيني.

وأكدت أن استشهاد 9 من المدنيين، بينهم عددٌ من الصحفيين “تصعيد خطير يعكس إصرار الاحتلال على مواصلة العدوان والاستهتار بكافة القوانين والمواثيق الدولية”.

وجاء في بيان حماس: “إن هذا التصعيد الإجرامي، وما يرافقه من قتلٍ متعمد وقصفٍ همجي في مختلف مناطق القطاع، يؤكد مجدداً نية الاحتلال الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار”.

وحذرت من أن العدو “يتعمد تخريب أي فرصة لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والتهدئة في غزة، وتبادل الأسرى، في تحدٍّ سافر للوسطاء والمجتمع الدولي”.

وشددت “حماس” على أن تصاعد جرائم العدو، التي أودت بحياة أكثر من 150 شهيداً منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في يناير الماضي، يضع الوسطاء الضامنين، والأمم المتحدة، وكافة الأطراف المعنية أمام مسؤولياتهم السياسية والقانونية لوقف هذه الجرائم البشعة.

وطالبت بمنع العدو من مواصلة عدوانه بحق الشعب الفلسطيني، “ومحاسبة مرتكبي الجرائم النازيين”.

ودعت حركة “حماس”، الوسطاء للتحرك العاجل والضغط على مجرم الحرب نتنياهو؛ المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، لإلزامه بما تم الاتفاق عليه، والمضي قُدماً في تنفيذ مراحل وقف إطلاق النار.

ونوهت إلى أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته “الفاشيون” يتحملون مسؤولية تعطيل مراحل وقف إطلاق النار، وإطالة أمد معاناة الأسرى وعائلاتهم.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو- آثار الغارات التي استهدفت البيوت الجاهزة في ساحة يارون ليل أمس
  • شهداء مع تجدد الغارات الإسرائيلية في لبنان ضمن خروقات الاحتلال
  • تصعيد خطير عندالحدود اللبنانية السورية.. ووزير الدفاع السوري يتوعد حزب الله
  • هاشم: الاعتداءات الإسرائيلية تُهدّد السيادة اللبنانية
  • انفجارات جديدة في باب المندب: تصعيد يمني مفاجئ بعد قرار حظر الملاحة الإسرائيلية
  • فيما ورد خبر من هيئة البث الإسرائيلية ذو صلة بالانفجارات … هذه هي المناطق التي استهدفها الطيران في العاصمة صنعاء ” صور ” 
  • حماس: المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش العدو في بيت لاهيا تصعيد خطير
  • بعد زيارة الوفد السوري.. الرئيس الروحي لدروز إسرائيل يعلق ويرد على جنبلاط
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • دروز لبنان يصدرون بياناً «عاجلاً» حول زيارة وفد سوري إلى إسرائيل