خاصية مثيرة يكشف عنها تلسكوب هابل لأشهر إعصار في المجموعة الشمسية
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
تعد "البقعة الحمراء العظيمة" على كوكب المشتري أضخم إعصار في المجموعة الشمسية، حيث يتجاوز قطرها حجم كوكب الأرض بأكمله، ويرجع أول توثيق لهذه البقعة الفريدة في عام 1831، ومنذ ذلك الحين ظلت تعمل على جذب اهتمام العديد من العلماء، نظرا لشكلها المهيب الشبيه بعين كائن حي يحدّق بالأرض باستمرار دون أن ترمش.
وتناولت دراسة حديثة نُشرت في دورية "ذا بلانتري ساينس جورنال" صورا للبقعة التقطها تلسكوب هابل الفضائي بين شهري ديسمبر/كانون الأول 2023 ومارس/آذار 2024، وأظهرت أن البقعة التي تبدو بيضاوية غير مستقرة في شكلها، ففي بعض الفترات تمتد بشكل طولي، وفي فترات أخرى تمتد بشكل عرضي، أشبه بقطعة من الجيلاتين تهتز باستمرار مع كل حركة.
تعد هذه التغيرات الهيكلية مثيرة وصادمة، إذ إنها تقدم فهما جديدا حول ديناميكية الغلاف الجوي لكوكب المشتري العملاق، وتقول الباحثة الرئيسة آمي سيمون من مركز غودارد التابع لوكالة ناسا في بيان صحفي صادر من مرصد هابل "يتيح لنا تلسكوب هابل دقة عالية في دراسة شكل البقعة الحمراء العظيمة التي تتقلص وتتمدد في الوقت الذي تتغير فيه سرعتها أيضا، في حين أننا لم نكن نتوقع هذا السلوك، ولا نمتلك حتى أي تفسيرات هيدروديناميكية لهذا التغيرات الطارئة".
وتتميز أجواء المشتري بتقلبات شديدة، وهو بطبيعته كوكب غازي على عكس كوكب الأرض الصخري، حيث تحاصر الرياح القوية البقعة الحمراء بين تيارين نفاثين عند 22 درجة جنوب خط استواء المشتري، وتعمل هذه التيارات على إبقاء العاصفة في مكانها طوال الوقت، بينما تدفعها للتمدد والانكماش بشكل دوري.
وفي هذا السياق، أوضح عالم الفلك مايك وونغ من جامعة كاليفورنيا في البيان الصحفي ذاته "إن التفاعل بين العاصفة وهذه التيارات يشبه ساندويتشا ممتلئا تتدفق مكوناته إلى الخارج عند الضغط".
وأظهرت الملاحظات أن البقعة الحمراء الكبرى تتسع وتصبح أكثر إشراقا في الأشعة فوق البنفسجي عندما تبطئ حركتها، مما يشير إلى انخفاض امتصاص الضباب في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، في المقابل، عندما تسرع العاصفة، تنكمش أبعادها، مما يعكس تأثير التفاعل بين العاصفة والمحيط.
وقد تمكّن تلسكوب هابل، من خلال مجموعة صور متتالية، من توثيق هذه التحولات بشكل دقيق، مما سمح للعلماء بمراقبة الدورة الكاملة للاهتزاز خلال فترة 90 يوما، وقد يعزز هذا الاكتشاف فهم العلماء لآليات العواصف على الكواكب العملاقة الأخرى وربما على الكواكب خارج المجموعة الشمسية.
لغز مستمر في سماء المشتريمنذ سنوات عديدة، تمكن العلماء من رصد انكماش تدريجي للبقعة الحمراء العظيمة، إذ بلغ عرضها الحالي حوالي 14 ألفا و750 كيلومترا، ويتوقع الباحثون أن العاصفة ستستقر في شكل أصغر وأقل استطالة مع استمرار انكماشها.
كما يسعى فريق البحث للحصول على بيانات إضافية باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي أجرى في وقت سابق هذا العام مسحا شاملا بالأشعة تحت الحمراء القريبة فوق العاصفة، ويأمل العلماء أن توفر هذه البيانات نظرة أعمق على سرعة الرياح داخل العاصفة وربطها بتغيرات الأبعاد المرصودة.
ولا تزال البقعة الحمراء العظيمة تمثل لغزا فلكيا محيرا، ومع كل اكتشاف جديد، تفتح هذه العاصفة الهائلة أفقا أوسع لفهم التغيرات الجوية في العوالم الأخرى، ويأمل العلماء أن تسهم الأبحاث المستمرة، بمشاركة بيانات من علماء فلك هواة ذوي خبرة، في تحسين رصد هذه التحولات الدقيقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحمراء العظیمة البقعة الحمراء تلسکوب هابل
إقرأ أيضاً:
دراسة صادمة.. علماء يشككون بعدد سكان كوكب الأرض
في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أعلنت الأمم المتحدة رسميا أن عدد سكان العالم تجاوز حاجز 8 مليارات نسمة، وهو أعلى رقم سُجل في تاريخ البشرية وفقا للسجلات الأثرية المتاحة، وأُطلق على هذا اليوم اسم "يوم الـ8 مليارات".
التعداد السكاني يلعب دورا محوريا في عمليات صنع القرار والتخطيط الاقتصادي، ويؤثر أيضا في القضايا البيئية الكبرى، مثل تغير المناخ، مما يجعل جمع بيانات دقيقة عن أعداد السكان ضرورة لا غنى عنها.
لكن المفاجأة الكبرى جاءت من دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة آلتو الفنلندية، إذ كشفت أن الأرقام المتداولة اليوم قد تكون بعيدة عن الواقع.
ووفقا للدراسة، هناك ملايين وربما مليارات من البشر غير مشمولين في التعدادات السكانية الرسمية، ويعود ذلك إلى عيوب منهجية جوهرية في طرق حساب التقديرات السكانية العالمية.
وإذا صحت تقديرات الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" فقد تترتب عليها تداعيات خطيرة تمتد إلى مجالات متعددة، من تخصيص الموارد وتطوير البنية التحتية إلى إستراتيجيات التعامل مع القضايا البيئية الملحة، مما يستدعي إعادة النظر في أساليب قياس السكان على مستوى العالم.
تعتمد التقديرات السكانية تقليديا على نهج "التقسيم الشبكي"، إذ يقسّم العالم إلى مربعات، ثم يقدّر عدد السكان في كل منها استنادا إلى بيانات التعداد.
إعلانلكن هذه الطريقة صُممت أساسا بالاعتماد على بيانات مأخوذة من المناطق الحضرية، مما أدى إلى انخفاض دقتها عند تطبيقها على المناطق الريفية. وبالنظر إلى أن المناطق الريفية تضم نحو 43% من سكان العالم فإن أي خطأ في تقدير أعدادهم قد يسفر عن إغفال واسع النطاق.
وللتحقق من دقة هذه التقديرات حلل الباحثون بيانات سكان العالم خلال الفترة الممتدة بين عامي 1975 و2010 مع التركيز على مشاريع بناء السدود في 35 دولة.
ونظرا لأن هذه المشاريع تتطلب سجلات موثقة بشأن أعداد السكان المهجَّرين فقد منحت فرصة فريدة لمقارنة البيانات الفعلية بالتقديرات السكانية العالمية.
وكانت النتائج صادمة، فقد تبين أن أعداد سكان المناطق الريفية أقل مما تشير إليه قواعد البيانات العالمية بنسبة تتراوح بين 53 و84% وفقا لمجموعة البيانات المستخدمة.
وتشير هذه النتائج إلى أن منهجيات قياس السكان قد تكون معيبة بشكل كبير منذ عقود.
تمتد تداعيات هذه الأخطاء الحسابية إلى مجالات متعددة، إذ تُستخدم البيانات السكانية في تحديد كيفية توزيع الخدمات العامة، من الرعاية الصحية والتعليم إلى خطط الاستجابة لحالات الطوارئ.
وإذا كانت التقديرات السكانية غير دقيقة فقد تحصل المجتمعات الريفية على موارد أقل بكثير مما تحتاج إليه فعليا.
وعلاوة على ذلك، قد تؤثر هذه الأخطاء على النماذج الاقتصادية العالمية وتخطيط الإنتاج الزراعي وإستراتيجيات مواجهة الكوارث الطبيعية.
وإحدى أكثر القضايا المثيرة للقلق تتعلق بأبحاث تغير المناخ، إذ يعد تحديد التوزيع الحقيقي للسكان أمرا ضروريا لتقييم تأثير النشاط البشري على ارتفاع درجات الحرارة وإزالة الغابات والظواهر الجوية المتطرفة.
وإذا كان هناك ملايين أو ربما مليارات من البشر غير مشمولين في قواعد البيانات العالمية فقد تكون نماذج التنبؤ بالهجرة المناخية والضغوط البيئية مضللة إلى حد كبير، مما يعني أن الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ قد تستند إلى بيانات غير مكتملة أو غير دقيقة، مما قد يترك الفئات الأكثر عرضة للخطر في وضع أكثر هشاشة.
إعلانوتُظهر ردود الفعل في المجتمع العلمي أن نتائج هذه الدراسة الجديدة لم تنل رضا جميع الباحثين، إذ يرى بعض العلماء أن التقدم في صور الأقمار الصناعية وتحسّن جودة جمع البيانات في بعض الدول قد يقللان حجم هذه الفجوة.
ويعتقد البعض أن الفارق قد يكون أصغر مما تشير إليه نتائج فريق جامعة آلتو، ورغم ذلك حتى لو كان الخطأ في التقدير يقتصر على مئات الملايين بدلا من مليارات الأشخاص فإن الأثر يظل كبيرا.
كما لا تزال النقاشات بشأن آليات تحسين إحصاء وتقدير عدد السكان في المناطق الريفية مفتوحة، ويؤكد الخبراء الحاجة إلى استثمارات أكبر في تقنيات تتبع السكان، خصوصا في المناطق النائية حيث تكون بيانات التعداد شحيحة.
كما يعتقد الباحثون أن تبنّي الأساليب غير التقليدية مثل التحليل المعتمد على الذكاء الاصطناعي للصور الفضائية والاستطلاعات عبر الهواتف المحمولة قد يساهم بشكل كبير في سد هذه الفجوة ويضمن إدراج جميع الفئات السكانية في البيانات الرسمية.