رجل التناقضات.. عملاق التكنولوجيا الذي يثير مخاوف العالم
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
إيلون ماسك هو بلا شك شخصية استثنائية، تجمع بين الابتكار والتناقضات، مشاريعه الطموحة قد تكون مفتاحًا لمستقبل جديد للبشرية، لكنها في الوقت ذاته تثير مخاوف كبيرة حول الآثار السلبية المحتملة، بينما يواصل العالم متابعة إنجازاته وقراراته المثيرة للجدل، يبقى السؤال مطروحًا: هل سيظل ماسك رمزًا للتقدم، أم سيصبح تهديدًا على مستقبل البشرية؟
إيلون ماسك، الملياردير الذي ارتبط اسمه بتطورات تكنولوجية مبهرة ومشاريع فضائية ثورية، أغنى رجل في العالم والذي يتوقع ان يصبح أول تريليونير في العالم بحلول عام 2027 لا يزال يشكل شخصية مثيرة للجدل عالمياً، من خلال شركاته “تسلا” و"سبيس إكس"، حيث وضع ماسك نفسه في مقدمة الابتكارات التي تهدف إلى تغيير وجه العالم، بدءًا من السيارات الكهربائية وصولاً إلى استكشاف الفضاء وإقامة مستعمرات على المريخ، وكلام عن اصدار هاتف ينافس الهواتف الرائدة وبمميزات مثيرة للاهتمام.
لدى ايلون ماسك مواقف سياسية ومواقف وتصريحات مثيرة للجدل ومتضاربة بشكل غير مفهوم لذلك، يعتبر أحد الشخصيات المثيرة للجدل وللاهتمام وغير مفهومة بشكل كبير رغم عبقريته، حيث، كما تزداد المخاوف حول طموحاته، التي يرى البعض أنها قد تكون تهديدًا خطيرًا للبشرية.
مشروع استعمار المريخ: إنجاز أم كارثة؟من بين أكثر المشاريع إثارة للجدل هو سعي ماسك إلى إقامة مستعمرات بشرية على المريخ عبر شركته “سبيس إكس”، ويهدف ماسك إلى إنشاء مدينة مكتفية ذاتيًا تضم مليون شخص بحلول عام 2054، لكن العلماء حذروا من أن هذا المشروع قد يضر بالكوكب الأحمر بشكل لا يمكن إصلاحه. البروفيسور أندرو كوتس، الباحث في جامعة لندن كوليدج، أعرب عن مخاوفه من أن الوجود البشري قد يؤدي إلى تلويث المريخ، مما يعرض البحث عن الحياة الفضائية للخطر، والتحذيرات تشير إلى أن إرسال مستوطنين إلى المريخ قد يمحو أي دليل على الحياة السابقة أو الحالية على الكوكب، مما يثير تساؤلات حول مسؤولية هذه الخطوة.
تقلبات العملات المشفرة: ماسك في مركز العاصفةعلى صعيد آخر، ماسك كان دائمًا محط اهتمام في عالم العملات المشفرة، ففي أكتوبر الجاري، نقل ماسك 760 مليون دولار من عملة بيتكوين إلى محافظ مجهولة، مما أثار تساؤلات حول نواياه. ورغم عدم تعليقه على الخطوة، إلا أنها جاءت في وقت حساس للأسواق، مما زاد من القلق حول استغلاله نفوذه وتأثيره في هذا المجال، خاصة أن لديه تاريخًا طويلًا من التأثير على أسواق العملات الرقمية عبر تغريداته.
ماسك يقدم “سايبر كاب” سيارة أجرة آلية تعتمد على الذكاء الاصطناعيأعلن إيلون ماسك عن سيارة الأجرة الآلية الجديدة المعروفة باسم “سايبر كاب”، والتي تم تصميمها بتقنية الذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى تغيير طريقة تنقل الركاب، وتتميز هذه السيارة بتصميم فريد حيث تفتح أبوابها كأجنحة النورس، وهي مزودة بنظام قيادة ذاتية بالكامل، مما يعني أنه لا توجد حاجة لمقود أو دواسات، من المتوقع أن تدخل السيارة مرحلة الإنتاج في عام 2026، ويعد سعرها البالغ أقل من 30 ألف دولار مؤشراً على توجه “تسلا” نحو توفير حلول نقل ميسورة التكلفة.
تعتمد “سايبر كاب” على تقنية متقدمة في الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة قيادة سلسة وآمنة، ويتوقع ماسك أن تكون تكاليف التشغيل منخفضة للغاية، حيث سيتكلف كل ميل حوالي 20 سنتاً، مما يجعلها خياراً جذاباً للمستخدمين، كما يخطط ماسك لتشغيل أسطول من سيارات الأجرة الآلية يمكن للركاب طلبها عبر تطبيق، مما يتيح لمالكي سيارات “تسلا” فرصة تحقيق أرباح من خلال إدراج سياراتهم كأجرة، هذه الخطوة ليست مجرد ابتكار تقني، بل تمثل أيضاً رؤية ماسك لتحسين وسائل النقل وتعزيز الاعتماد على السيارات الكهربائية في المستقبل.
إيلون يكشف عن الروبوتات الذكية لمستقبل أفضل ولكن تثير مخاوف البشرأعلن إيلون ماسك خلال فعالية حديثة عن تطوير تسلا لروبوتات مبتكرة تحمل اسم “أوبتيموس”، والتي تهدف إلى تحويل مفهوم الأتمتة والذكاء الاصطناعي، ويتميز روبوت “أوبتيموس” بقدرته على أداء مجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك التنقل في البيئات المختلفة والتفاعل مع البشر، كما تم تصميمه ليكون قادراً على التعلم الذاتي، مما يمكنه من تحسين أدائه مع مرور الوقت، مما يعكس رؤية ماسك لدمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية.
علاوة على ذلك، أشار ماسك إلى أن هذه الروبوتات ستساهم في تخفيف الأعباء عن البشر من خلال القيام بالمهام الروتينية، مما يتيح لهم المزيد من الوقت للتركيز على الأنشطة الإبداعية، وتعتبر هذه الابتكارات جزءًا من استراتيجية تسلا الواسعة النطاق لتعزيز الابتكار وتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، مما قد يغير من طريقة تعاملنا مع التكنولوجيا في المستقبل القريب ولكن الاعلان عن الروبوتات لم يمر مرور الكرام على مواقع التواصل الاجتماعي وارتبطت بنظريات مؤامرة من وحي أفلام الخيال العلمي وكيف ستحل البشر او انها تسبب اضرار للبشرية.
هواتف إيلون ماسك: بين الحقيقة والإشاعاتأثارت هواتف إيلون ماسك، الملياردير ورجل الأعمال الشهير، جدلاً واسعًا في الأوساط التقنية، حيث تم تداول شائعات حول تطويره لهواتف ذكية تحمل علامة تسلا، لكن رغم الضجة الإعلامية، لم يكشف ماسك رسميًا عن أي خطط لإطلاق هاتف محمول خاص به، ففي الوقت الذي تركز فيه تسلا على تطوير السيارات الكهربائية والروبوتات، يبدو أن فكرة هاتف ماسك لا تتجاوز حدود الشائعات والأفكار المتداولة.
وأحد الأسباب وراء هذه الإشاعات هو استخدام ماسك لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، مما يجعله هدفًا للحديث والمناقشات حول أي فكرة جديدة قد يطرحها ومع ذلك يبدو أن تركيز تسلا على الابتكارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة هو ما يشغل ماسك في الوقت الراهن، مما يجعل فكرة الهواتف مجرد إشاعة في ظل الأولويات الحالية لشركته.
ليس المجال التكنولوجي وحده ما يثير الجدل حول ماسك، بل أيضًا مواقفه السياسية المتناقضة، في 2024، أعلن دعمه العلني للرئيس السابق دونالد ترامب، بل وتعهد بالتبرع بمليون دولار يوميًا حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة، دعمًا للحملة الرئاسية لترامب، وهذا الموقف أثار استغراب الكثيرين، خاصة في ظل تصريحات ماسك السابقة التي انتقد فيها العديد من سياسات ترامب.
كما أن ماسك يعتبر من أبرز المدافعين عن حرية التعبير، وقد استخدم منصته “إكس” للترويج لعريضة تدعو لدعم التعديلين الأول والثاني من الدستور الأمريكي، مما يعكس تناقضًا في توجهاته السياسية وتأييده لترامب الذي يواجه اتهامات بقمع الحريات، وتظل المنصة الوحيدة التي تسمح بالتعبير عن دعم القضية الفلسطينية وكشف جرائم الاحتلال الصهيوني في غزة وفلسطين وفي بداية الأزمة أدان بشدة ما يفعله الاحتلال في الشعب الفلسطيني وعبر الاسرائيلين والامريكان عن غضبهم من تصريحاته وفتح المنصة التي يمتلكها لدعم القضية وكشف جرائم الاحتلال.
لم يهدأ ايلون ماسك فقرر الاتحاد الاوروبي وقف الاعلانات على منصة إكس “تويتر سابقا” وعقوبات اقتصادية على ماسك وشركاته فكانت النتيجة قيام ماسك بزيارة لدولة الاحتلال وجولة مع نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني يعرض عليه اثر العمليات التي قامت بها المقاومة في اسرائيل كما ادعى نتنياهو.
وعندما سؤل ماسك عن تغير موقفه وزياره للاراضي المحتلة انه نتيجة للعقوبة الاقتصادية فرد بتعدي لفظي على من قرر هذه العقوبة عليه وانه لم يخاف منه او من قراره وانه لم يفعل هذا الشيء بسبب تلك العقوبات كما انه المنصة مازالت مفتوحة لكل من يكشف جرائم الاحتلال ولم تحظر اي منشورات داعمة لفلسطين لذلك اعتبر ماسك رجل التناقضات السياسية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إيلون ماسك تويتر إكس اغنى رجال في العالم تسلا الذکاء الاصطناعی إیلون ماسک
إقرأ أيضاً:
الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
يأخذك الحديث وأنت تتأمل فيلم غيوم لمُزنة المسافر إلى التطور الفني والموضوعي في تجربتها، موضوعا التعددية الثقافية والعرقية في المجتمع العماني كمصدر ثراء غني، تتجه إليه مزنة في استقصائها الطويل، مزيلة وهم ما يفصل بيننا، عبر البحث عن ما يجمع بيننا ويأتلف في نسيج اجتماعي واحد. عبر هذا الثراء العرقي واللغوي نخلق تجانسنا الحقيقي، التجانس المميز لمجتمعنا منذ جذوره التاريخية البعيدة. فنيا يشكل فيلم غيوم تحولا نوعيا تخرج به مزنة عن الطرح الأفقي للتجربة، عن أحكام البداية فتتسلسل الأحداث وصولا إلى نهايتها. فيلم غيوم يخرج عن القوالب التقليدية في السينما منحازا إلى شاعريتها، الغائب والماضي والمفقود هم من يشكل وهج الأحداث، ويدفع بشخوصه إلى المحبة والأسى والفراق والندم، محكومة بالماضي الذي تسدل ظلال أحداثه على الحاضر والمستقبل معا. فنيا ينحاز السيناريو إلى الصورة السينمائية عنه إلى الحوار، الصورة خاصة في تجسيدها المباشر لملامح شخوص الفيلم، قادرة حقا على نقل عواطفهم واختلاجات قلوبهم، سينمائيا تضفي هذه اللغة الجمال السينمائي، الذي تريد مزنة إيصاله إلينا، ما لا يستطيع الحوار نقله عبر السينما.
اختيار مُزنة لطرح تجربتها جبال ظفار، عائدة بنا إلى عام ١٩٧٨م، أي بعد ثلاثة أعوام من نهاية حرب الجبل بعد حرب طويلة استمرّت عشرة أعوام. هذه الحرب هي الماضي الذي يثقل أرواح رعاة الجبل، الماضي الذي يسدل على الحياة مشاعر الفقدان والخوف من عودة الحرب ثانية. الحرب التي تركت في كل منزل قتيلًا، أو قريبًا لقتيل، أحرقت المراعي وفتكت بالإبل مصدر حياة سكانه، والأثقل أنها تركت روح الفرقة بين أبناء الجبل، نظرا لتغير مواقفهم من موقع إلى آخر، ذلك ما نقرأ ثقله في حياة بطل الفيلم دبلان الذي يتحول بعد الحرب إلى رجل منطو على نفسه، يرفض مشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم ويقضي معظم وقته في العناية ببندقيته، وملئها بالرصاص حتى تكون جاهزة للقضاء على النمر في أي وقت تتكرر عودة الحرب ثانية إلى جبال ظفار.
مزنة في هذا الفيلم العميق والشاعري في آن تبتعد عن تقديم الرصاص والقصف والقتلى، كما أن المرأة القتيلة لم تظهر في الفيلم أبدا، رغم ظهور ذكراها المتواصل، كهاجس يومي يلازم حياة الأب وابنه عمر وابنته سلمى، المرأة ومقتلها الغامض هي السر المكتوم في الفيلم، ابنها عمر كل ليلة ينام في حضن أخته الكبرى، متخيلا والدته تنام على سحابة بعيدة في السماء، يراقب أباه يوميا أثناء تنظيف وتعمير بندقيته، محاولا أكثر من مرة خطفها منه، دون أن يتبين لنا السبب المباشر لذلك، حتى نجاح اختطافه البندقية في مشهد سينمائي أخاذ، يوجّه فيه عمر البندقية إلى صدر أبيه طالبا منه فك لغز اختفاء أمه، تكون الفرصة مؤاتية آنذاك للأب للاعتراف لابنه وابنته أن الأم قد توفيت برصاصة طائشة أثناء معارك الجبل، دون أن يحدد من أي طرف جاءت الرصاصة، ذكاء مزنة يوقف التجربة برمتها أمام تقييم جديد يكشفه التاريخ في مستقبل الأيام، والوقت ما زال باكرا لإدانة طرف ضد آخر، فقط الخوف من عودة الحرب ثانية، هي النمر الذي يستعد دبلان يوميا لمواجهته. وأخيرا لتعليم ابنه طريقة استخدام البندقية لقتل النمر وحش الحرب قبل وصوله إلى الجبال.
مصدر إيحاء غيوم هي مجموعة من الصور الوثائقية التقطها والدها الفنان موسى المسافر، الذي دون شك عاصر مرارة تلك الأحداث، تكشف لنا جانبا مهما من حياة أبناء الجبل في ظفار أثناء الحرب وبعد انتهائها. من تلك الصور الوثائقية استمدت مزنة هذا الإلهام المتدفق، وصاغت سيناريو فيلم غيوم، الذي يأتي ليس لإدانة طرف دون آخر، بل لإدانة الحروب البشرية برمتها، ذلك لأنها نظرت لنتائجها الوخيمة في عيني دبلان رب العائلة الذي مع خروجه حيا منها إلا أنه خرج مهزوما فاقد القدرة على الحياة، معذبا بالماضي الذي قدمته مزنة كنمر يفترس كل ما أمامه دون تمييز ورحمة.
مزنة تعي جيدا آثار الحروب على تغيير العلاقات الاجتماعية بين البشر، العلاقة بين دبلان وشيخ القبيلة بعد الحرب، ليست هي العلاقة إياها قبل الحرب، يتقدم شيخ القبيلة المتقدم في العمر لخطبة سلمى صبية دبلان، المرتبطة بعلاقة عاطفية مع سالم الصبي الجبلي من جيلها. يقف دبلان وهو راعي الإبل الجبلي موقفا متقدما عندما يرفض تزويج ابنته شيخ القبيلة الثري، مزوجا إياها الصبي الفقير مع مباركة الأب له بحبات من شجرة اللبان الأسطورية والتي تصل محبة أبناء الجبل لها إلى درجة التقديس، نظرا لارتباط استخدامها بطقوس دينية في معابد الأديان الهندية بل وفي معابد الأديان السماوية قديما.
الفيلم ناطق بالشحرية لغة رعاة الجبال بظفار، كان ذلك ضروريا، هذا ما أدركته مزنة، منذ بداية اشتغالها على المشهد السينمائي العماني، بما يحمله من تنوع عرقي وثقافي أخاذ منذ قديم الزمان. قبلها قدمت فيلم شولو الناطق بالسواحيلية وفيلم بشك الوثائقي الناطق بالبلوشية. هي السينمائية التي لا تعترف بفوارق وهمية بين أبناء الوطن الواحد، القادرة على اكتشاف النسيج الاجتماعي المخفي، الرابط أبناءه روحيا على أرض واحدة، وتحت سماء واحدة.
فيلم تشولو، تناقش مُزنة فيه تجربة الانتماء الوطني والحنين إلى الجذور البعيدة خلف البحار، تدور أحداثه في زنجبار، موطن أساسي لهجرة العمانيين عبر التاريخ لقرون مضت، يستقبل تشولو الصبي أخاه عبدالله القادم من عُمان، يعيشان معا توافق البحث عن جذورهم المشتركة، يتعرضان للاعتداء من رجال أفارقة بسبب انتماء عبدالله العربي الواضح في لونه، تتراءى عمان وطنا بعيدا مجهولا لتشولو، أرضا سحرية لن يعود إليها أبدا، يعود عبدالله مع أبيه ويظل تشولو ينظر إلى البحر، إلى السفن وهي تبحر عائدة إلى عمان التي لن يراها أبدا، هكذا تتكرر تجربة الماضي الساكن كقيد يرتبط به المرؤ. ولكن بشكل إيجابي في تشولو عنه في غيوم، مزنة تتجاوز تجربة الحنين النوستالجي إلى الماضي، في الفيلمين تنظر إلى الماضي كقيد يجب علينا كسره والانطلاق إلى المستقبل دون الالتفات إليه. خاصة في مرارة أحداثه كما هو في فيلم غيوم، حيث يبقى الدم الأفريقي العماني المشترك، تجربة حضارة مشتركة أيضا، تغذي النسيج الاجتماعي العماني بخصوبة العطاء في فيلم تشولو، أي أنها تنطلق من الإيجابي في ثراء الوجود العماني بشرق إفريقيا، الثراء الذي دفع بالأفارقة إلى ما هو مثمر، حيث حمل العمانيون معهم الأساليب الحديثة في الزراعة، وارتياد آفاق العمل التجاري، ونشر الدين الإسلامي وغيرها من الدلائل الحضارية المهمة، التي تؤكد إيجابية وجودهم المبكر في شرق إفريقيا. وحش الماضي الذي يصوب له دبلان وابنه عمر البندقية لمواجهته، يحتفظ له تشولو وأخيه عبدالله بمئة قطعة من المندازي الذي خبزته لهما جدتهم الإفريقية، يحشوان فم النمر المفترس بها حتى لا يكون قادرا على افتراسهما معا. ذلك دون شك مشهد طفولي ساحر يؤكد وحدة الأخوين ضد وحش الحرب المأساوية بين العمانيين والأفارقة، أي من المحبة المشتركة بينهما نخلق إمكانية التعايش المشترك والوحش الذي يطعمه الطفلان العماني والأفريقي المندازي، هي الحرب التي خلقت روح الكراهية بينهما، وآن لنا جميعا طي صفحاتها الدموية، نحو خلق عالم أجمل لأجيالنا القادمة.
مُزنة التي جاءت بعد ستين عاما على مأساة خروج العمانيين من شرق إفريقيا بطريقة مأساوية فقد فيها العمانيون الآلاف من أبنائهم ثم أنها جاءت بعد خمسين عاما أيضا بعد نهاية حرب الجبل بظفار، تنصت إلى أوراق التاريخ التي تحفظ لنا ما فقد وتم نسيانه، مؤهلة حقا للذهاب أبعد مستقبلا، نحو تقديم تجارب العطاء العماني المتدفق عبر التاريخ، ورفد السينما العمانية الناشئة بلغة شاعرية متميزة، ذلك حقا جوهر الفن الطليعي الجاد، يضيء كالنجوم ترشد المسافرين في ليل البحار إلى المجهول.
فيلم غيوم /روائي قصير /ناطق بالشحرية/ جائزة أفضل فيلم روائي قصير /المهرجان السينمائي الخليجي ٢٠٢٤م. إخراج مزنة المسافر.
فيلم تشولو/ روائي قصير/ ناطق بالسواحيلية /جائزة أفضل سيناريو /مهرجان أبوظبي السينمائي ٢٠١٤ م. إخراج مزنة المسافر.
سماء عيسى شاعر عُماني