لدى سكان إحدى أقدم دول العالم طريقة مميزة للعناية بالعقل والجسم، إذ يتبنى اليابانيون فلسفات مختلفة تمنحهم السعادة والرضا، وبرز من هذا الفلسفات -وهو الأكثر تأثيرا في العلاقات- مفهوم "كينتسوجي" الذي يتعامل مع الصراعات ويعني "الإصلاح الذهبي"، ويمكن أن نستمد من هذا الفن طريقة مميزة للحفاظ على العلاقات.

الوعاء المكسور

نشأ مفهوم "كينتسوجي" قبل حوالي 4 قرون، عندما انكسر الوعاء المفضل لحاكم الساموراي أشيكاغا يوشي-ميتسو.

وكان هذا الوعاء نادرا ولا يمكن استبداله بسهولة، لذا أرسله إلى الصين لإصلاحه. وبعد الإصلاح، تم تثبيت القطع بمسامير معدنية، لكن الوعاء فقد تميزه ولم يعد استخدامه ممكنا. فعندها، عهد الحاكم بالوعاء إلى الحرفيين والفنانين في اليابان.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أمينة مؤسسة “فونسي” بإسبانيا: “مجريط” عاصمة أوروبية أسسها المسلمونlist 2 of 2كيف يدمر الانشغال بالهاتف علاقتك بكل من حولك؟end of list

ففكر أحد الحرفيين في حل مبتكر: لصق قطع الوعاء بمادة لاصقة، ثم زين الشقوق المرممة بالذهب. وبهذه الطريقة، ظل بالإمكان استخدام الوعاء، لكنه اكتسب شكلا جديدًا يظهر الشقوق القديمة مزينة باللون الذهبي.

وفي العلاقات يطبق هذا المعنى من خلال تقبل عيوب شركائنا، ومن ناحية أخرى بألا نكون مضطرين لإخفاء نقاط ضعفنا، إنه فن إصلاح العلاقات بعد الصراع، بعد مشاجرات وانتقادات وأخطاء، تتجمع كل الكسور لتصبح العلاقات أجمل وأقوى، دون إخفاء للعيوب، وإنما بإضافة لمسة جمالية إليها تزيد جاذبيتها، نتحدث عن المرونة والتقبل والقدرة على قبول النقص، وتحدي رغبتنا في الكمال.

مفهوم كينتسوجي يركز على أن العيوب جزء لا يتجزأ من مكونات علاقاتنا هوية شركائنا ورحلة علاقتنا وقبولها (أدوبي ستوك) الندوب جزء من علاقاتنا

ويركز مفهوم كينتسوجي على أن العيوب جزء لا يتجزأ من مكونات علاقاتنا، فهوية شركائنا ورحلة علاقتنا وقبولها ومواجهتها أمر أساسي لبقائها، إذ ليس هناك علاقة مثالية، ويتم هذا بتعزيز التعاطف والتفاهم وتحويل مشكلات العيوب إلى سبب لاتصال أعمق وفرصة لنمو العلاقات دون التهرب منها بالصمت أو التجنب.

ووفق كينتسوجي لا يتم التخلص من القطع المكسورة، إذ تثبت هذه الفلسفة أن المكسور يمكن أن يعاد بناؤه بشكل جديد، يمكن جمعه دون إخفاء العيوب، بل التركيز عليها بتزيينها بالذهب، إنه فن العثور على الجمال في النقص.

ويرتبط فن كينتسوجي بفلسفة وابي سابي اليابانية، التي تعني رؤية الجمال مهما كانت بساطته وتقبل عدم الكمال، تدعونا فلسلفة وابي سابي لتأمل ما تذكره بنا الطبيعية دائما بأن لا شيء يبقى على حاله إلى الأبد.

ويؤكد معنى كينتسوجي أن محاولاتنا لإعادة العلاقات على ما كانت عليه في البداية غير ممكن، لا يوجد حل يمكنه محو الضرر الذي نتعرض له، من الخوف أو انعدام الثقة، لكن تذكرنا لأن هذه العلاقة استمرت رغم الضرر وأصبحت أقوى ويمكن أن يحفظ لنا علاقات جيدة، وإن كانت مختلفة عما قبل.

معنى كينتسوجي يؤكد أن محاولاتنا لإعادة العلاقات على ما كانت عليه في البداية غير ممكن (بيكسلز)

إنها فلسفة يابانية ترى في العيوب والأخطاء فرصة لحياة جديدة، وتذكر بجمال الهشاشة الإنسانية أحيانا، وتشير إلى أن المرونة في مواجهة الألم والصدمات يحولها إلى شيء قيم، فالندوب جزء من هويتنا، ومن مواجهة الحياة بشجاعة.

ووفق موقع فوربس، يمكن أن نستوحي أفكار فن كينتسوجي لتقوية علاقاتنا وتعزيز نموها، وبينها ما يلي:

تقبل النقص والاحتفاء به

تؤدي الرغبة في الكمال إلى الشعور بالإحباط، ووفقا لدراسة نشرتها مجلة "فاميلي جورنال"، فقد يغلب على الأفراد الذين يسعون إلى الكمال شعور بالخوف من العلاقات الحميمة مقارنة بغيرهم، الذين يتقبلون العيوب ويتعاملون معها بكثير من التعاطف، وهذا يعزز الشعور بالالتزام في العلاقات ويخلق مساحة آمنة، ويهيئ أطراف العلاقة لمواجهة التحديات معا.

ففي اللحظة التي ينتابك فيها شعور بخيبة الأمل، سواء كان ذلك مع نفسك أو مع الطرف الآخر، يكون الوقت المناسب لتقديم التعاطف والرحمة والتفهم، وفكر في أنه إنسان مثلنا جميعا، غير كامل.

والفهم العميق للسلوك الذي ضايقك سيقلل من رغبتك في الابتعاد أو الانفصال ويزيد شعورك بالرضا، وستكون العلاقات أكثر تحررا وروعة حين نتقبل النقص، كما تنصح فاسيا سارانتوبولو خبيرة العلاقات والمتخصصة في علم النفس في موقع "أنتيلونلينيس".

الفهم العميق للسلوك الذي ضايقك سيقلل من رغبتك في الابتعاد أو الانفصال (بيكسلز) كن مرنا

ووفق كينتسوجي، فإن استمرار العلاقات يتطلب الصبر والجهد والاهتمام بإصلاحها، فالمرونة في مناقشة التحديات والصراعات يعزز الروابط ومهارات حل المشكلات. وتماما مثلما تصبح القطع الفخارية أكثر جمالا بعد لصقها بالذهب، فإن الندبات والتحديات التي تصبح جزءا من تاريخ علاقاتنا تجعلها أكثر قوة وتزيد عمقها.

فكر كيف تتطور شخصياتنا

تنمو شخصياتنا طوال رحلة الحياة، وتتطور معها علاقاتنا، لذا فإن علينا احترام هذا التطور -في أنفسنا وفي الآخرين- واحتضانه لتعزيز النمو المستمر في علاقاتنا، والاستعداد للتخلي عن النمط القديم لها لنستوعب تغيرات شركائنا، مع التمسك بالطبع بالقيم والالتزامات الأساسية التي تربطنا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اجتماعي یمکن أن

إقرأ أيضاً:

الزراعة تستعرض إنجازات مشروع الايسماب بالتعاون بين الوزارة والجايكا اليابانية

عقد الاجتماع الثالث للجنة التوجيهية المشتركة لمشروع تحسين الزراعة الموجهة للسوق لصغار المزارعين «الايسماب» برئاسة الدكتور أحمد عضام رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة ورئيس المشروع، وبحضور أعضاء اللجنة التوجيهية وفرق المشروع بالأربعة محافظات المستهدفة وهى الدقهلية والمنيا وأسيوط وسوهاج.

شارك من الجانب الياباني، ايجا السكرتير الأول للسفارة اليابانية، و شينو نائب رئيس مكتب هيئة التعاون الدولي اليابانية «جايكا» بمصر، وكيمورا ممثل مكتب جايكا مصر، و محمد أدم مدير برامج بمكتب جايكا مصر، وهاتا رئيس فريق الجايكا لمشروع الايسماب، والدكتور أداتشي نائب رئيس فريق الجايكا لمشروع الايسماب.

رحب «عضام» بالحضور معرباً عن تقديره للتعاون الممتد مع هيئة الجايكا اليابانية في دعم التنمية الزراعية في مصر والنهوض بفكر وقدرات صغار المزارعين ليصبحوا موجهين نحو السوق.

من جانبه، أشاد شينو بالتعاون المثمر مع وزارة الزراعة وجهود فريق المشروع في العمل على تحقيق التنمية الزراعية لصغار المزارعين وتحسين معيشة السكان الريفين من خلال تنشئة الفكر التجاري لهم.

وتضمن الاجتماع عرض لإنجازات المشروع من قبل الدكتور رحاب عبد الله، منسق عام المشروع وعن تدريب شيب في اليابان من قبل المهندس محمد حسن عضو فريق المشروع بالإدارة المركزية للإرشاد الزراعي، وكذلك عرض توضيحي عن الجدول الزمني لتنفيذ الانشطة القادمة من قبل هاتا رئيس فريق الجايكا لمشروع الايسماب.

وناقش الاجتماع سبل التوسع في تنفيذ أنشطة المشروع من قبل فريق العمل وبالتعاون مع شركاء التنمية الآخرين.

وخلال كلمته الختامية، أعرب ايجا السكرتير الأول للسفارة اليابانية عن تقديره لجميع الجهود المبذولة من قبل فريق المشروع ومتمنياً المزيد من قصص النجاح والنجاحات للمشروع.

كما أعرب الدكتور أحمد عضام عن تمنياته في المزيد من النتائج المثمرة والعمل على رفع الوعي في الفكر التعاوني وتعزيز قدرات الجمعيات الزراعية لدعم صغار المزارعين.

مشروع الايسماب

جدير بالذكر أن مشروع الايسماب القائم على نهج شيب اى نهج تمكين صغار مزارعين المحاصيل البستانية قد بدأ عام 2006 في دولة كينيا من خلال التعاون فيما بين الجايكا اليابانية والحكومة الكينية وقد نجح في مضاعفة دخول صغار المزارعين، مما شجع الحكومة اليابانية متمثلة في الجايكا في نشر نهج شيب والعمل على تطبيقه في العديد من البلدان بما فيها بلدان الشرق الأوسط وقد انتشر حاليا في ما يقرب من 60 دولة ليس فقط بإفريقيا بالشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.

أما عن مصر، فقد أطلق على هذا المنهج الايسماب ويتم تطبيقه منذ عام 2014 وتم الانتهاء من المرحلة الاولي عام 2019، وجاري تنفيذ المرحلة الثانية للايسماب منذ عام 2023 وحتى عام 2027.

وتتعاون الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي مع الجايكا اليابانية في نشر نهج شيب للبلدان العربية من خلال استضافة ورشة شيب الدولية التي تستهدف تبادل الخبرات ما بين الدول التي تطبق هذا المنهج، حيث استضافت وزارة الزراعة الورشة الأولى لشيب في الثاني من فبراير من هذا العام بحضور العديد من المسئولين لدول المغرب وفلسطين والسودان، ويستمر التعاون فيما بين الحكومتين المصرية واليابانية لتكون مصر هي المركز في نشر هذا النهج للدول العربية وللشرق الأوسط.

اقرأ أيضاًوزير الزراعة: نسعى إلى إعادة النظر في الأساليب التقليدية والتفكير خارج الصندوق

وزيرا الاستثمار والزراعة يترأسان لأول مرة اجتماع لجنة تنظيم تصدير البطاطس

وزير الزراعة ومحافظ الوادي الجديد يبحثان مع وفد صيني تعزيز الاستثمار الزراعي

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة: كان انطوان كرباج صرحًا من صروح المسرح اللبناني في عصره الذهبي
  • أليس من الجنون مثلا مناقشة حميدتي الهارب عن فلسفة العلمانية والدين
  • الهيئة الأولمبية الإفريقية تمنح رئيس الجمهورية الوسام الذهبي للاستحقاق الأولمبي
  • مناهج التعليم
  • حزب بارزاني: علاقاتنا جيدة مع حكومة الشروع
  • بالتعاون بين الوزارة والجايكا اليابانية.. الزراعة تستعرض إنجازات مشروع الايسماب
  • من دون زي مدرسي ولا كتب .. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
  • من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
  • "الزراعة" تستعرض إنجازات مشروع الايسماب بالتعاون بين الوزارة والجايكا اليابانية
  • الزراعة تستعرض إنجازات مشروع الايسماب بالتعاون بين الوزارة والجايكا اليابانية