#الشرق_الأوسخ_الجديد
المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
منذ فجر التاريخ ومنطقتنا العربية كانت ولا زالت مطمعاً للقوى العالمية المتصارعة وذلك لأهمية موقعها الجغرافي المتحكم بحركة النقل والتجارة العالمية ووفرة إمكاناتها الاقتصادية وثرواتها ، وقد شهدت منطقتنا حملات عسكرية وصراعات كبرى وآخرها ما نشهده اليوم على أرض فلسطين ، وقد تنبه الغرب الاستعماري لما تشكله نهضة هذه الأمة من مخاطر على مصالحهم ، لذلك اجتمعوا وخطّطوا ونفّذوا وزرعوا هذا الكيان الصهيوني ليفصل الشرق العربي عن مغربه منعاً لتوحده وبناء مشروعه القومي النهضوي.
لقد ورث الاستعمار الغربي ” بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ” معظم الأقطار العربية التي كانت تخضع للدولة العثمانية والتي أنجزت الكثير في بداية عصرها ، إلّا انها خلّفت وراءها الجهل والتخلف ودولاً منهكة ومنهارة إقتصاديًا وشعوبًا متنافرة الأمر الذي سهّل على الغرب الاستعماري تنفيذ مشاريعهم ومخططاتهم وأخطرها اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916التي بموجبها أصبحت بريطانيا العظمى اول قوة عالمية تؤيد وتتبنى إنشاء وطن قومي لليهود لتتبعها الدول الاوروبية الاستعمارية في فرض انشاء وطن لليهود في مؤتمر سان ريمو عام 1920 ومن ثم قيام دويلة الكيان الصهيوني عام 1948 على جزء من أرض فلسطين كمشروع رأس مالي غربي استعماري توسعي في المنطقة ، ولضمان نجاح ونمو هذا الكيان العنصري عمدت القوى الاستعمارية إلى تنصيب أنظمة حكم ومشيخات عربية وظيفتها الرئيسية المحافظة على أمن إسرائيل ومصالحها.
ثم ورثت إمبراطورية الإرهاب الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية تركة الاستعمار الغربي في المنطقة ، وأصبحت الداعم والممول والراعي الرئيسي لهذا الكيان وشريكة في كل جرائمه ومجازره منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا ، ودعمت أنظمة الحكم الأكثر ديكتاتورية وفساداً في المنطقة وحرمت الشعوب العربية من تقرير مصيرها والسير بركب الحضارة ، فبالرغم من وحدة الثقافة والعقيدة والتاريخ واللغة لشعوب المنطقة وما تملكه من ثروات وموارد طبيعية تؤهلها أن تكون الأكثر ازدهاراً وتنمية ورفاهية وأمناً إلّا إنّنا اليوم الأكثر فقراً وجهلاً واضطراباً وتشرداً وتخلفاً نتيجة تدخل وتحكم وهيمنة امبراطورية الارهاب الأمريكية عدوتنا الأولى بأنظمة حكمنا وبقية منظومتها الاستعمارية كسبب خارجي وفساد وتبعية وخنوع الأنظمة السياسية الحاكمة كسبب داخلي ” غياب الديمقراطية والحكم الرشيد ” .
ونتيجة لما سبق فإنّ أخطر ما يواجهه عالمنا العربي هو المشروع التوسعي الصهيوني الذي يمثل رأس حربه لقوى الاستعمار العالمي ، فمنذ نشأة هذا الكيان وهو يدرك جيداً إنّه مهما امتلك من عناصر القوة العسكرية حتى النووية والذرية منها فإنّ أمنه المطلق لن يتحقق بوجود دول عربية مركزية وعليه قام بتفتيتها على أسس مذهبية وطائفية وعرقية ، لذلك جرى إخراج مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي وتكبيلها بموجب إتفاقية كامب ديفيد المشؤومة حتى أصبحت اليوم أقل من دولة ثانوية عادية تتسوّل قوت شعبها ومهددة وجودياً ، وكذلك جرى احتلال العراق وتقسيمه شيعًا ومذاهب وطوائف ، وجرى تدمير سوريا وكان مخططاً تقسيمها إلى خمس دويلات ، وهي لغاية يومنا هذا تعاني أوضاعاً اقتصادية خانقة وأوضاعاً أمنية غير مستقرة ، كذلك دُمِّرت ليبيا وشنَّتْ دول المحور الأمريكي التي تصدّت وأجهضت في القرن الماضي كل مشاريع النهضة والتحرر العربية حرباً لمدة تسعة أعوام على اليمن للسيطرة على مضيق باب المندب الذي يشكل تهديداً للأمن الإسرائيلي ، إضافةً لذلك فإنّ الحركة الصهيونية لا ترى ولا تؤمن بالشعوب العربية ككتلة متجانسة دينياً وعرقياً واجتماعياً وثقافياً وإنّما طوائف وقبائل ومذاهب وعرقيات تتصارع فيما بينها ، وأن الدول والمشيخات غير المركزية القائمة هي أيضاً صنيعة القوى الاستعمارية ولن تُعمر طويلاً .
الشرق الأوسخ الجديد الذي يتشدق به قادة الكيان العنصري ويرسمون له الخطط والخرائط هو دمج دويلة الكيان العنصري مع محيطها من دويلات ومشيخات متآكلة لتصبح دولة طبيعية قامت على نفس الأسس التي قامت عليها دول المنطقة على أن تكون هي الدولة المحورية الرئيسية المتفوقة عليهم جميعاً عسكريا واقتصادياً وتكنولوجياً وصناعياً مما يمكنها ويؤهلها للسيطرة والهيمنة وقيادة هذا الشرق الجديد وفق رؤيتها واستراتيجيتها .
أمام هذا الواقع المؤلم وهذا التآمر الخارجي والداخلي علينا أن ندرك حجم المخاطر التي تهدد وجودنا ، ليس صدفةً ما مر به عالمنا العربي خلال السبعين عامًا الماضية من اضطرابات وعدم استقرار وإنهاك اقتصادي ومصادرة وقمع للحريات وإرهاب وتطرف وبث كل بذور الخلاف والتناحر ، وإنّما هو أمر مُخطط له وللأسف يقوم على تنفيذه من نذروا وباعوا أنفسهم من أنظمة حكم عربية لأعداء أمتنا ، هذه الأنظمة التي تقدّم كل أشكال الدعم للكيان الإجرامي اليوم في حربه التوحشية الإجرامية في فلسطين ولبنان ومكنته من الصمود ، هذه الأنظمة نثرت بذور فنائها لما كشفته حرب غزة وشكلته كحالة وعي جماهيرية كبيرة لدور ووظائف هذه الأنظمة التآمرية ، اليوم..لا خيار أمام أيٍّ منّا ! فإمّا أن تكون مقاوماً أو متصهيناً .!!!
مقالات ذات صلة خلف ستار الظلام 2024/10/21
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هذا الکیان
إقرأ أيضاً:
تهجير غزة ورغبة إشعال فتيل الأزمة.. ترامب يضع الشرق الأوسط على حافة الانفجار
بغداد اليوم – بغداد
حذر القيادي في الإطار التنسيقي، عصام شاكر، اليوم الخميس (6 شباط 2025)، من عواقب كارثية قد تترتب على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن تهجير سكان غزة، محذرا من أن تنفيذ هذه الخطة قد يؤدي إلى تفجر الوضع في المنطقة بالكامل.
وقال شاكر لـ"بغداد اليوم"، إن "تصريحات ترامب المتعلقة بتهجير سكان غزة والسيطرة على مدنهم وقراهم، وإجبار نحو ثلاثة ملايين فلسطيني على اللجوء إلى دول الجوار، تعكس مخططا بالغ الخطورة سيؤدي إلى تفجر الأوضاع في الشرق الأوسط".
وأضاف، أن "هذه الخطة تمثل بداية لخلق توترات جديدة في المنطقة"، مشيرا إلى أن "البيت الأبيض يرسل رسالة دعم لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حملات إبادة أسفرت عن مقتل وجرح أكثر من 150,000 شخص.
وشدد القيادي في الإطار التنسيقي على أن "تداعيات تنفيذ هذا المخطط ستكون كارثية على المنطقة، وأنه يعكس ازدواجية المعايير في السياسة الأمريكية التي تسعى إلى خلق أزمات جديدة على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية".
وأشار إلى أن "تهجير الفلسطينيين مجددا أمر غير مقبول"، لافتا إلى أن "جميع العواصم العربية المحيطة بفلسطين تدرك خطورة هذا المخطط وتداعياته المحتملة".
واختتم شاكر بالقول، إن "صمود الشعب الفلسطيني سيظل العامل الحاسم في إفشال هذه المؤامرات التي تهدف إلى تعزيز قوة الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية، ولن يمر هذا المخطط بسلام".
وفي سياق التصعيد السياسي المتواصل في المنطقة، أثار الرئيس الأمريكي، جدلا واسعا بعد تصريحاته حول خطة تهجير سكان غزة.
في حديثه، اقترح ترامب أن يتم نقل ما يقرب من ثلاثة ملايين فلسطيني من القطاع إلى دول الجوار، وهو ما ألقى بظلاله على الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط. هذه التصريحات أظهرت موقفا أمريكيا داعما للكيان الإسرائيلي في سياق تصاعد العنف والتهجير الذي يعاني منه الفلسطينيون.