عربي21:
2025-01-24@00:56:26 GMT

طوفان الأقصى: التداعيات والانتظارات

تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT

طوفان الأقصى لم يكن مُجرّدَ حادث اشتباك قتالي بين المقاومة الفلسطينية وبين الكيان الصهيوني، إنما كان حدثا تاريخيا بمستوى زلزال حقيقي هزّ الأبنية السياسية والفلسفية والنفسية، لا على مستوى العالم العربي والإسلامي فقط وإنما على مستوى العالم الإنساني برُمّته.

فقد مرّت سنة كاملة على الطوفان ولم يحقق العدو أيّا من أهدافه الرئيسية، وهي كسر إرادة المقاومة واسترجاع أسراه وفرض رؤيته ورؤية حلفائه لـ"الشرق الأوسط الجديد".



كل ما ارتكبه من جرائم بحق الأطفال والنساء والشيوخ والمستشفيات ومقرات الإيواء، لم تحقق له ما تمنّاه من تمرّد المواطنين على حركة المقاومة الإسلامية، إنما جلبت عليه ردود فعل عالمية من ضمير الإنسانية في بقاع واسعة من العالم؛ لم يكن أحدٌ يتصوّر أنها ستثور بذاك المستوى ضد جرائم العدو وضد حكومات غربية متحالفة معه.

طوفان الأقصى أجهض حُلم محور التطبيع ووضع النظام العربي الرسمي في وضعية حرجة جدا، فلا هو استطاع إدانة الإجرام الصهيوني ولا هو تجرّأ على إعلان التطبيع
لقد تحولت غزة إلى أكاديمية عالمية لتعليم البشرية فنون المقاومة وأخلاق القتال ومعاني الصبر والتضحية، لقد تهشمت أمام مرآة غزة "هيبة" الغرب الزائفة التي تزيّنت طويلا بفلسفة الحقوق الكونية والإنسان الكوني؛ حتى ظن أغلب جمهور عالمنا العربي والإسلامي أن هذا الغرب هو صانع الحضارة وأنه نموذج جيّد علينا الاقتداءُ به في كل شيء لتحقيق نهضتنا المادية والفكرية والثقافية.

طوفان الأقصى أجهض حُلم محور التطبيع ووضع النظام العربي الرسمي في وضعية حرجة جدا، فلا هو استطاع إدانة الإجرام الصهيوني ولا هو تجرّأ على إعلان التطبيع (رغم وجود تطبيع عملي في مستوى المواقف والممارسات).

كما أعاد الطوفانُ الحقوق الفلسطينية إلى القضايا ذات الأولوية في محاور اهتمام القوى الحية في العالم، قوى الفكر والقيم والأخلاق.

لقد حرّرت غزة الوعي العربي خاصة من اعتبار قوى الغرب جهاتٍ داعمة لحركات التحرر أو للمناضلين من أجل الحريات والديمقراطية ضد الأنظمة الاستبدادية، فهذا الغرب لا يتعامل مع تلك الأنظمة ومع تلك الحركات التي تعوّل عليه في دعمها ضد حكومات بلدانها إلا كعملاء يستعملهم وِفق خطة مدروسة بما يحقق مصالحه هو، ولا تعنيه مصالح الشعوب ولا يهتم بمعاناتها وفقرها وبطالة شبابها وما تعانيه من نقص في أدوية أو في مواد غذائية أو وسائل نقل، بل ولا يعنيه أصلا أن يعيشوا أو يموتوا سواء بالأوبئة أو بتقتيل بعضهم.

لم تقاتل غزة دفاعا عن أهلها إنما قاتلت دفاعا عن فلسفة الحياة، فما الذي يُنتَظَرُ من قوى الحياة في العالم؟

المقاومة ليست فقط فعلا قتاليا بسلاح مادي إنها هي أيضا قتال في جبهات الوعي ومرابطة في خريطة الفكر وصمود في حصون المبادئ، فلا تؤثر فينا الحملات التي يقوم بها العدو وأعوانه من أجل بث الخوف والتردد واليأس والظنون السيئة، ومن أجل دفعنا إلى الاستسلام والقبول بالتسويات المائلة تمهيدا لمشروع "الشرق الأوسط الجديد"
الوعي الاستراتيجي لدى عدة قوى في المنطقة هو الذي دفعها إلى الانخراط عمليا في المعركة ضد العدو الصهيوني، لا لمجرّد المساندة الأخلاقية لغزة، وإنما لمنع تحقيق العدو انتصار يغريه بالانتقام ممن تعاطف مع غزة ومع القضية الفلسطينية، فهذا العدو لا حدود لأطماعه، إنه يريد أن يكون سيد العالم كما تقول عقيدته التي ترسم أهدافه وتحدد وسائله منذ مؤتمر الحركة الصهيونية بمدينة بازل السويسرية بتاريخ 29 آب/ أغسطس 1897 برئاسة تيودور هرتزل.

لقد تحولت دماء شهداء طوفان الأقصى إلى كيمياء تحررية مكنت العالم الإنساني من قدْرٍ جيد من التعافي من الأحقاد والعنصرية والطائفية، لتكوين جبهة إنسانية هي بصدد الاتساع في مواجهة جبهة الاستكبار العالمي.

إن المنتَظر من القوى الحية في العالم الإنساني أن تشتغل باستمرار على تحويل ملاحم طوفان الأقصى إلى فلسفة للحياة وإلى ثقافة مقاومة، وإلى خطاب يُعلي من شأن المقاومين الصامدين ويتعالى على خطاب التفاهة والطائفية وعلى خطاب العويل والتثبيط الذي يبثه المهزومون والمُستَعمَلون.

المقاومة ليست فقط فعلا قتاليا بسلاح مادي إنها هي أيضا قتال في جبهات الوعي ومرابطة في خريطة الفكر وصمود في حصون المبادئ، فلا تؤثر فينا الحملات التي يقوم بها العدو وأعوانه من أجل بث الخوف والتردد واليأس والظنون السيئة، ومن أجل دفعنا إلى الاستسلام والقبول بالتسويات المائلة تمهيدا لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي سيكون مشروع إبادة حقيقية لا مجازية لكل دعاة التحرر.

x.com/bahriarfaoui1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة الفلسطينية جرائم غزة فلسطين غزة جرائم المقاومة انسانية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى من أجل

إقرأ أيضاً:

طوفان الأقصى يجرف أركان الاحتلال العسكرية.. تعرف على المستقيلين

تسبب سلسلة الإخفاقات للاحتلال في العدوان على غزة، على الرغم من الإبادة الجماعية المرتكبة، في هزة لجيش الاحتلال، وصلت إلى حد إعلان رئيس الأركان هرتسي هاليفي، تقديم استقالته وإعلان فشله في الدفاع والهجوم كما قال.

ومنذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، أطاحت العملية برؤوس كبيرة في جيش الاحتلال، وقياداته، بسبب الفشل الاستراتيجي الكبير وغير المسبوق، الذي تعرض له الاحتلال، والضربة العسكرية والاستخبارية القاسية التي وجهتها كتائب القسام لجيش الاحتلال والشاباك.

ونستعرض في التقرير التالي أبرز قيادات جيش الاحتلال التي أطاحت بها عملية طوفان الأقصى:

هرتسي هاليفي:

رئيس أركان جيش الاحتلال، ضابط سابق في وحدة سييرت ميتكال، نخبة رئاسة الأركان السرية، رافقه الإخفاق والفشل في محطات عديدة بحياته، كان أبرزها محاولة تحرير الجندي ناحشون فاكسمان من يد كتائب القسام، في تسعينيات القرن الماضي، والتي قتل فيها الجندي وقائد مجموعة الاحتلال المقتحمة لمكان احتجازه وكان بينهم هاليفي ذاته.

اللواء يارون فينكلمان:

قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، والقائد العسكري المسؤول فعليا عن الجبهة مع قطاع غزة، وأبرز المتهمين بالفشل والإخفاق خاصة وأن ما يعرف بفرقة غزة التي تخدم تحت يده، تعرضت لضربة مدمرة في عملية طوفان الأقصى وقتل الكثير من ضباطها فضلا عن أسرهم.

اللواء تامير ياداي:

قائد القوات البرية السابق في جيش الاحتلال، تقدم باستقالته قبل أشهر، في خضم العدوان البري على القطاع، متذرعا بأسباب خاصة، فيما كشفت المواقع العبرية عن خلافات كبيرة بينه وبين هاليفي.

اللواء يوسي سارييل:

قائد الوحدة 8200 الاستخبارية، المسؤولة عن تحليل البيانات الاستخبارية وشن الهجمات السيبرانية وصياغة الخطط، وأعلن استقالته معترفا بحجم الإخفاق الذي قامت به وحدته في عدم اكتشاف خطط كتائب القسام للهجوم.

قائد المنطقة الجنوبية في جهاز الشاباك:

ضابط كبير رتبته واسمه غير معلنين، ويرمز له بالحرف، استقال من منصبه الحساس، باعتباره المسؤول عن قطاع غزة استخباريا، وقال إن الفشل سيرافقه طيلة حياته، بسبب ما جرى في عملية طوفان الأقصى.

اللواء آفي روزنفيلد:

قائد فرقة غزة، المسؤولة عسكريا، عن تطويق القطاع، والمسؤول المباشر عن الفشل والإخفاق في صد عملية طوفان الأقصى، والتي دمرت كامل فرقته واحتلت كافة مواقعها في الساعات الأولى من الهجوم.

اللواء أهارون هاليفا:

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، استقال من منصبه، معترفا بفشل شعبته الحساسة، في تحليل البيانات الاستخبارية، والمعطيات الخاصة بقطاع غزة، بعد نجاح المقاومة في تضليل استخبارات الاحتلال.

العميد عميت ساعر:

رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، استقال من منصبه معترفا بالفشل أمام ما جرى في عملية طوفان الأقصى.

استقالات متوقعة:


رونين بار:

رئيس جهاز الشاباك، والمسؤول الأول عن مراقبة كافة التفاصيل في قطاع غزة، تعرض جهازه لضربة استخبارية، وعمى في المعلومات داخل القطاع بسبب تخلص المقاومة من الكثير من العملاء، فضلا عن عمليات التضليل الاستخباري التي وقع فيها جهازه، وكشف مقربون منه تفكيره منذ أشهر بالاستقالة اعترافا بالفشل.

تومير بار:

قائد سلاح جو الاحتلال، وأحد أبرز من وجهت لهم اتهامات داخلية، بالإخفاق والفشل في عملية طوفان الأقصى، بسبب طول مدة الاستجابة لتحريك الطائرات إلى المناطق المحيطة بغزة، والفشل في صد الهجوم.

ديفيد سالامي:

قائد سلاح بحرية الاحتلال، أحد المتهمين بالإخفاق في عملية طوفان الأقصى، بسبب نجاح القوة البحرية في كتائب القسام، في اختراق قاعدة زيكيم البحرية المجاورة لقطاع غزة، وتنفيذ عملية إنزال داخلها وقتل عدد من الجنود والمستوطنين.

مقالات مشابهة

  • طوفان الأقصى يجرف أركان الاحتلال العسكرية.. تعرف على المستقيلين
  • بسبب الفشل أمام “طوفان الأقصى”.. موجة من الاستقالات تضرب قيادة جيش العدو الصهيوني
  • شعب يستحق الانتصار..
  • بعد الفشل في”طوفان الأقصى”..موجة استقالات تعصف بجيش العدو
  • مسير ووقفة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في نهم
  • مسير ووقفة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في نهم
  • مسير لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديرية بلاد الروس بصنعاء
  • طوفان الأقصى.. تتويج لمسيرة الكفاح الفلسطيني
  • مفكرون عرب: تجربة اليمن في “طوفان الأقصى” نموذج يُحتذى به للأمة وقواها الحية
  • مؤشرات النصر الفلسطيني وما قد تحمله المرحلة الثانية من طوفان الأقصى