أثار "أول انشقاق لشخصية كبيرة" في قوات الدعم السريع، وهو القائد بولاية الجزيرة وسط السودان، أبو عاقلة كيكل، مع مجموعة من العناصر، وتسليم نفسه للجيش السوداني، الكثير من الجدل والنقاش حول ما إذا كانت الخطوة قد تمهد الطريق لانشقاقات أخرى من هذا النوع، وطبيعة التداعيات التي قد تنعكس بسببها، خاصة على "أرض المعركة".

 

واعتبر بعض النشطاء انشقاق كيكل "ضربة قوية" لقوات الدعم السريع، بينما رأى آخرون أن ذلك "لن يؤثر بشكل كبير على مجريات المعارك"، التي اندلعت شراراتها في 15 أبريل من العام المنصرم.

وكان الجيش السوداني قد أصدر، الأحد، بيانا رسميا، أعرب فيه عن ترحيبه بانشقاق كيكل، مضيفا: "انحاز لجانب الحق والوطن اليوم بعد مغادرته لصفوف المتمردين، ومقررا القتال جنبا إلى جنب مع قواتنا، القائد بمليشيا آل دقلو الإرهابية أبو عاقلة كيكل ومعه مجموعة كبيرة من قواته".

وأضاف البيان: "ترحب القوات المسلحة بهذه الخطوة الشجاعة من قبلهم، وتؤكد أن أبوابها ستظل مشرعة لكل من ينحاز إلى صف الوطن وقواته المسلحة".

وجدد الجيش في بيانه، الإشارة إلى "عفو" يضمنه القائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، لأي "متمرد ينحاز لجانب الوطن، ويبلغ لأقرب قيادة عسكرية بكل مناطق السودان".

 

يذكر أن قوات الدعم السريع، سيطرت على أجزاء من البلاد في صراع مع الجيش، تقول الأمم المتحدة إنه تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

"تصدعات في الدعم"

وتسبب الصراع في نزوح أكثر من 10 ملايين شخص، ودفع أجزاء من البلاد إلى الجوع الشديد أو المجاعة، وجذب قوى أجنبية زودت كلا الجانبين بدعم مادي، وفقا لوكالة رويترز.

واندلعت الحرب في أبريل من العام الماضي، عندما تحوّل التوتر بين قوات الدعم السريع والجيش، بسبب خلافات حول دور كل منهما في مرحلة انتقالية مدعومة دوليا نحو الحكم المدني، إلى صراع مفتوح.

وتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السلطة سابقا، بعد انقلاب نفذاه عام 2021 ضد حكومة عبدالله حمدوك، وذلك بعد عامين من الإطاحة بنظام الرئيس السابق، عمر البشير، في انتفاضة شعبية.

"مغزى كبير"

وفي حديثه إلى موقع "الحرة"، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم، محمد خليفة، أن انشقاق كيكل في هذا الوقت "يشير إلى تراجع كبير في قوة وبأس قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو".

وتابع: "ما حدث بعد معارك الخرطوم، ومسلسل التراجعات الذي شهدته قوات الدعم السريع، ومقتل عدد كبير من قادتهم، يؤكد أن انشقاق كيكل يحمل في طياته مغزى كبيرا".

في المقابل، قال المستشار القانوني لقائد قوات الدعم السريع، عضو وفد التفاوض فيها، محمد المختار النور، في اتصال مع موقع "الحرة": "كيكل انضم لنا بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل من السنة الماضية، وقبل ذلك كان يتبع لقوة (درع الشمال) التي تم تأسيسها بواسطة الاستخبارات العسكرية".

وتابع: "عندما قرر الانضمام لنا، برر ذلك بقوله إنه اقتنع أخيرا بفكرة المشروع التي طرحته قوات دعم السريع بعد اندلاع الحرب، وأصبح واحدا من قادتها، وقاتل في صفوفها إلى تم (تحرير) ولاية الجزيرة ليصبح (حاكما عليها)، وبقي الأمر كذلك حتى اقترف فعل الخيانة".

حرب السودان تهدد "مستقبل جيل" من الأطفال كانت أمينة تنظر بعينين حمراوين مات التعبير فيهما وهي تتحدث همسا في حزن مسترجعة ذكرى اليوم الذي قُتل فيه ابنها البالغ من العمر 17 عاما في مدينة سنجة بجنوب شرق السودان.

وفيما إذا كان سيؤثر ذلك على مجريات القتال، أجاب المختار النور: "انشق (كيكل) مع عدد ضئيل من العناصر، وبالتالي لا أعتقد أنه يستطيع أن يضيف أي شيء للطرف الآخر، وهنا أود أن أشير إلى أن ما فعله كيكل ليس بالأمر الجديد، فقد سبق أن انشق 480 ضابطا وعادوا إلى الجيش، دون أن ينجم عن ذلك أي أثر يذكر".

وشدد على أن "انشقاق كليلة لن يؤثر على مجريات المعارك، ولن يؤثر كذلك على أي عملية تسوية سلمية مستقبلية"، قائلا إن "قوات الدعم السريع لا تزال تسيطر على الأمور.. لا تزال متماسكة".

لكن الأكاديمي السوداني محمد خليفة، فقد رأى في تصريحات لموقع "الحرة"، أن هناك "قادة آخرين في قوات الدعم السريع، سوف يسيرون على خطى كيكل، لجهة الانشقاق والالتحاق بالجيش السوداني".

واعتبر أن ذلك "يعني أن القوات المسلحة ستكسب المزيد من الأراضي، مما سيوسّع من حاضنته (الجيش) الاجتماعية في البلاد".

"لا بد من العدالة"

من جانبه، اعتبر الناشط الحقوقي السوداني، أيمن أحمد، في تدوينة نشرها على حسابه بمنصة "إكس"، أن "كيكل، يُعتبر متورطا في مجموعة من الجرائم الإنسانية التي تندرج تحت طائلة القانون الدولي".

وشدد أحمد على أن "الانتهاكات المروعة" التي ارتكبتها قوات كيكل في ولايات السودان، خصوصا في مدينة مدني، "تمثل خرقا صارخا لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية".

ونوه بأن ذلك "يتطلب محاسبة فورية وفعالة، حيث إن الإفلات من العقاب سيؤدي إلى استمرار هذه الانتهاكات، وتعميق جراح الضحايا وعائلاتهم".

إن المدعو أبو عاقلة كيكل، الذي يشغل منصبًا بارزًا في قيادة #قوات_الدعم_السريع الميدانية، يُعتبر متورطًا في مجموعة من الجرائم الإنسانية التي تندرج تحت طائلة القانون الدولي ، إن الانتهاكات المروعة التي ارتكبتها قواته في ولايات #السودان، وخصوصًا في مدينة #مدني، تمثل خرقًا صارخًا… pic.twitter.com/ajhp6ATpjJ

— Dr. Ayman Ahmed (@Mr_AymanAhm) October 20, 2024

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد قال في ديسمبر الماضي، إن عناصر من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع "ارتكبوا جرائم حرب في البلاد"، حسب تقرير سابق نشر على موقع "الحرة".

كما قرر بلينكن، أن أعضاء قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، "ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً".

وذكر في بيان، أن هذا القرار جاء "بناءً على التحليل الدقيق الذي أجرته وزارة الخارجية للقانون والحقائق المتاحة".  

وفي ظل هذه التطورات، لا تزال المعارك مستمرة في مختلف أنحاء السودان، بينما تتعالى الأصوات الدولية المطالبة بالتوصل إلى حل سلمي، ينهي حربا أنهكت ملايين المواطنين.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع انشقاق کیکل

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع يعترف بالانتكاسات ويتعهد بطرد الجيش من الخرطوم  

 

 

الخرطوم - اعترف نائب رئيس قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو في كلمة مصورة نادرة يوم الجمعة 31يناير2025، بالانتكاسات في العاصمة الخرطوم لكنه تعهد بطرد الجيش من المدينة مرة أخرى.

أدت الحرب الدائرة منذ أبريل/نيسان 2023 بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي والجيش إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، وفقا للأمم المتحدة، ودفعت الملايين إلى شفا المجاعة.

بعد أشهر من الجمود الواضح في الخرطوم، كسر الجيش قبل أسبوع حصار قوات الدعم السريع الذي دام قرابة عامين لمقر القيادة العامة في الخرطوم. وفي اليوم نفسه، أعلن الجيش استعادة قاعدة سلاح الإشارة في الخرطوم بحري، وطرد قوات الدعم السريع من مصفاة جيلي للنفط شمال الخرطوم.

وفي خطابه يوم الجمعة، أقر دقلو - المعروف بحميدتي - بالانتكاسات في العاصمة لكنه حث قواته على "عدم التفكير في دخول الجيش إلى القيادة العامة أو سلاح الإشارة... أو السيطرة على الجيلي أو ود مدني".

قبل أسبوعين من المكاسب التي حققها في الخرطوم، استعاد الجيش مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وتمكن من تأمين مفترق طرق رئيسي إلى الجنوب من العاصمة.

وقالت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي إن بيانات الجيش التي زعمت كسر الحصار والسيطرة على مصفاة الجيلي كانت شائعات تهدف إلى التأثير على الرأي العام.

لكن دقلو وعد مقاتليه يوم الجمعة بأن الجيش "لن يتمتع بالقيادة العامة طويلاً، ولن يتمتع بسلاح الإشارة".

وأضاف "علينا أن نفكر فيما نعتزم اتخاذه".

- العقوبات الامريكية -

وقال زعيم قوات الدعم السريع، الذي ظهر خلف مكتب وهو يرتدي زيا عسكريا، وقد لف وشاحا مموها حول عنقه: "طردناهم (من الخرطوم)، وسنطردهم مرة أخرى".

وظل دقلو بعيدا عن الأنظار طوال معظم فترة الحرب، وكانت خطاباته النادرة تُلقى عادة عبر رسائل صوتية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي وقت مبكر من الحرب، غزت قواته معظم الخرطوم وتقدمت نحو الجنوب. وما زالت قواته تسيطر على كل منطقة دارفور الشاسعة في غرب السودان تقريباً.

وزار رئيس أركان الجيش عبد الفتاح البرهان - الحليف السابق لدقلو قبل أن يختلفا في صراع على السلطة - قواته في القيادة العامة، القريبة من وسط الخرطوم والمطار، الأحد.

وقد مكنه هجومه على منطقة الخرطوم بحري التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، من تحقيق أكبر انتصار للجيش منذ استعادته أم درمان، المنطقة الثالثة في العاصمة، قبل نحو عام.

وأفاد مصدر في الجيش، غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، بأن المعارك استمرت، الجمعة، للسيطرة على حي الكافوري شرقي بحري.

وفي هذا الشهر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كل من حميدتي وبرهان، متهمة الأول بالإبادة الجماعية والثاني بمهاجمة المدارس والأسواق والمستشفيات، فضلاً عن استخدام الحرمان من الغذاء كسلاح في الحرب.

 

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان
  • هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟
  • مجلس الأمن يدين الهجمات المستمرة التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر
  • مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
  • قائد قوّات الدعم السريع يتوعّد بـطرد الجيش من الخرطوم
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • الدعم السريع يعترف بالانتكاسات ويتعهد بطرد الجيش من الخرطوم  
  • السودان.. حميدتي يقر بخسارة "الدعم السريع" مناطق لصالح الجيش
  • وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات