أهالي ضحايا المقابر الجماعية غرب ليبيا يطالبون بـ"إعدام" مرتكبيها
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
منذ صدور أحكام السجن بحقّ متورطين في قتل المئات من المدنيين ودفنهم في مقابر جماعية في ترهونة في غرب ليبيا، يرفض ذوو القتلى هذه الأحكام ويصفونها ب"غير العادلة"، مطالبين بإنزال عقوبة "الإعدام" بالمرتكبين.
ويقول محمد اللافي، والد مراد (30 عامًا) الذي عثر عليه في إحدى المقابر الجماعية، بينما يحتضن صورة ابنه، بكثير من المرارة، "خطفه مسلحو ميليشيا الكاني عام 2019 في ترهونة، ليقتل ويخفى جثمانه في مقبرة جماعية"، قبل أن يتمّ التعرّف عليه مع العشرات غيره مطلع العام 2022.
ويروي اللافي لوكالة فرانس برس واقعة خطف ابنه وعيناه تفيضان بالدموع، "خطفوه في 15أيلول/سبتمبر 2019 من مزرعتي، عقب مكالمات هاتفية متكررة ليلاً لم يردّ عليها. وصلت الى المزرعة فوجدتها أنه تمّ العبث بها، وابني غير موجود".
عندما عُثر على مراد، حُدّدت هويته عبر تحليل الحمض النووي (DNA)، ولم يكن تبقّ منه إلا رفات.
وتمّ العثور على أولى المقابر في حزيران/يونيو 2020 بعد مغادرة قوات المشير خليفة حفتر، الرجل النافذ في الشرق الليبي، المنطقة بعد شنّها في العام 2019 هجوما لم يحقّق أهدافه للسيطرة على طرابلس.
وتفيد تقارير وشهادات أن الانتهاكات وعمليات القتل بدأت منذ العام 2015، عندما سيطرة ميليشيا الكاني المعروفة بممارساتها العنيفة على ترهونة التي يقطنها قرابة أربعين ألف شخص والواقعة على بعد ثمانين كيلومترا جنوب طرابلس.
وكان ستة أشقاء يقودون الميليشيا التي تألّفت من قرابة خمسة آلاف مسلح، وبثّت الرعب وقضت على كل صوت معارض لها، ومارست التعذيب، وقتلت عائلات بكاملها.
بعد سقوط الزعيم السابق معمّر القذافي في العام 2011، انفجرت النزاعات بين المناطق وظهرت ميليشيات تتنازع على السلطة في المدن والأحياء. وكانت ميليشيا الكاني مؤيدة في البداية لقوات طرابلس، قبل أن ينتقل ولاؤها الى قوات حفتر الذي جعل من ترهونة قاعدة خلفية له في هجومه على طرابلس.
وقتل ثلاثة من الأشقاء، وفرّ الآخرون. ويرجّح السكان أنهم موزّعون بين بنغازي، معقل حفتر في الشرق، ومصر والأردن.
في مدينة ترهونة اليوم، منازل مدمّرة يقول السكان إنها لمعارضي عائلة الكانيات... على عدد من الجدران في وسط المدينة، كتبت أسماء القتلى الذين عثر عليهم في المقابر الجماعية.
أحكام "غير عادلة"وأصدرت محكمة عسكرية في طرابلس في شباط/فبراير أحكاما تراوحت بين السجن لمدة ست سنوات أو عشر أو 15 او لمدى الحياة، على قرابة ثلاثين متهما بقتل مئات المدنيين الذين عثر عليهم في مقابر ترهونة الجماعية.
ويتوقّع صدور أحكام جديدة بحق العشرات من المتهمين الآخرين خلال الأسابيع المقبلة، بحسب ما أفاد مصدر في وزارة العدل.
ويقول عضو منظمة "أهالي ضحايا ترهونة" مصعب أبو كليش إن الأحكام "غير عادلة وغير منصفة. كان يتوجّب الحكم عليهم بالإعدام وليس السجن فقط".
ويوضح لفرانس برس أن "جميع ذوي ضحايا المقابر الجماعية غير راضين عن صدور أحكام السجن، لأن هؤلاء بالأدلة مسؤولون مباشرة عن مقتل المئات من المدنيين".
ويردف متسائلا "هل يُكافأ المجرمون بأحكام سجن مخففة؟"، واصفا ما فعلوه ب"جرائم حرب؟".
ويرى محمد اللافي أن عقوبة "الإعدام" هي الحكم الوحيد الذي يمكن أن يخفّف حزن عائلته بعد فقدانها ابنا قتل ب"دم بارد".
ويقول وقد جلس بجانبه عبد الحكيم، ابنه الأصغر،"منذ قتلوا مراد، زوجتي وأنا مريضان. أصبت بالسكري وارتفاع ضغط الدم، وزوجتي شبه مقعدة من حزنها. كان شابا طموحا لم يتورّط في صراعات السياسة ولا مع الميليشيات، قتل فقط على الهوية".
وكان مراد ينتمي الى قبيلة النعاجي التي كانت من أكبر المعارضين لحكم الكاني.
ويعتقد أبو كليش أن "جبر الضرر" واحد من أهم القضايا التي على الحكومة الاهتمام بها، للمساهمة في إغلاق ملف دام شهدته المدينة.
ويقول "لدى ذوي الضحايا ثلاثة مطالب رئيسية: أولّها التعرّف على بقية المفقودين، ثانيا ملاحقة المجرمين وإصدار أحكام مشدّدة بحقهم، وثالثا جبر ضرر ذوي الضحايا الذين تُركوا في مواجهة مصير التجاهل".
مصير مجهوليروي محمود المرغني أن عمّه خالد خُطف منتصف العام 2019، ولم يعثر عليه أو على جثمانه بعد.
ويقول المرغني لفرانس برس "تيتّم بعده ثلاثة أطفال (7 و10 و14 عاما) يسألونني كلّ يوم عن مصيره. قلت لهم إن عمي سافر إلى خارج ليبيا ولا أعرف متى يعود (...). لم أقوَ على إبلاغهم بأن والدهم خطفه مسلحو الكاني ومصيره غالبا الموت".
وخرج خالد المرغني (59 عاما) من منزله الكائن في منطقة الخضراء بترهونة عقب صلاة العشاء مطلع حزيران/يونيو 2019، ولم يعد. وبحسب شهود عيان، ترصّدت به سيارة دفع رباعي فور خروجه من المنزل، ثم اقتاده ثلاثة مسلحين إلى مقر الدعم المركزي الذي كانت تسيطر عليه ميليشيا الكاني. لاحقا، شوهد داخل سجن سرّي يُمارس فيه التعذيب والقتل.
ويعتقد محمود المرغني أن مصير عمّه والمئات من المدنيين المجهول حتى اليوم، ملفّ لا يقلّ أهمية عن محاكمة المجرمين.
ويقول "لا شكّ أن عمّي خالد قتل... نأمل العثور على جثمانه أو رفاته داخل المقابر الجماعية" التي تتواصل أعمال البحث فيها.
وبلغ عدد الجثامين والرفات التي استخرجت من عشرات المقابر الجماعية في ترهونة 350، تمّ التعرّف على هوية 226 من أصحابها، بحسب حصيلة غير نهائية للهيئة العامة للبحث والتعرّف على المفقودين (حكومية) في ليبيا.
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "إرهابيون" يقتلون جنودًا في النيجر إثر مواجهات والجيش المالي يشتبك مع جماعات "جهادية" لتجنّب خطر التعرّض للاحتجاز.. تحذيرات غربية للسفن من الاقتراب من المياه الإيرانية في مضيق هرمز بعد 11 عاما من التأخير.. الجزائر تعلن انتهاء مشروع "الطريق السيار" أطول شبكة طرق في إفريقيا حكم السجن ضحايا مقابر جماعية إعدام ليبيا معمر القذافيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: حكم السجن ضحايا مقابر جماعية إعدام ليبيا معمر القذافي الشرق الأوسط ضحايا النيجر روسيا فرنسا إسرائيل سوريا الحرب في أوكرانيا قتل كوارث طبيعية انفجار الشرق الأوسط ضحايا النيجر روسيا فرنسا إسرائيل مقابر جماعیة جماعیة فی التعر ف
إقرأ أيضاً:
تحقيق يكشف دور مايكروسوفت وأوبن إيه آي في الإبادة الجماعية بغزة
كشف تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتد برس" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تلقى دعماً كبيراً من شركتي "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" خلال حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين وسط دمار هائل.
ونشرت الوكالة تحقيقها الثلاثاء الماضي، وكشفت فيه عن الأخطاء في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمها جيش الاحتلال خلال حرب غزة، والتي يمكن أن تؤدي إلى مقتل مدنيين.
وتعرض استخدام الاحتلال الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي في هجماتها على لبنان والإبادة الجماعية في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 لانتقادات شديدة بسبب "عدم التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية واعتبارها جريمة حرب".
ويستمر الاحتلال في تلقي الدعم من شركات الذكاء الاصطناعي في أمريكا، بعد الكشف عن استخدام أنظمة مثل "حبسورا" و"لافندر" لمراقبة واستهداف المدنيين.
وبحث التحقيق مدى استخدام الجيش الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي من خلال فحص بيانات من شركتي "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" ومقابلة مسؤولين إسرائيليين. ووفقاً للمسؤولين، فإن اكتشاف أخطاء أنظمة الذكاء الاصطناعي صعب للغاية، إذ تُستخدم بالاشتراك مع العديد من أشكال الذكاء الأخرى، بما فيها البشري، مما قد يؤدي إلى "وفيات غير عادلة".
كشف التحقيق أن جيش الاحتلال استخدم البرامج لجمع المعلومات من خلال "المراقبة الجماعية"، والتي يتم نسخها وترجمتها، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والنصوص والبريد الصوتي، وفقاً لمسؤول استخباري إسرائيلي تحدث للوكالة.
وقال المسؤول إن "مايكروسوفت أزور" يستخدم للبحث بسرعة عن المصطلحات في أجزاء ضخمة من النص، مما يتيح العثور على الأشخاص الذين يعطون الاتجاهات لبعضهم، وتحديد مواقعهم بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي.
وأظهرت البيانات التي راجعتها الوكالة أن جيش الاحتلال استخدم نماذج "أوبن إيه آي" على نطاق واسع منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى جانب قدرات نسخ الكلام والترجمة.
ويزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن ترجمات الذكاء الاصطناعي تُفحص بواسطة أفراد يتحدثون اللغة العربية، لكن مسؤولاً إسرائيلياً تحدث إلى الوكالة حذّر من أن الأخطاء ممكنة عند استخدام الذكاء الاصطناعي.
وأوضح المسؤول أن الكلمة العربية التي تصف جزء القبضة على أنبوب إطلاق القذيفة الصاروخية هي نفسها تعني "دفع"، في إحدى الحالات التي ترجمها الذكاء الاصطناعي بشكل غير صحيح ولم يلاحظ الشخص الذي يفحص الترجمة الخطأ في البداية.
وأضاف أن البيانات المضافة إلى ملفات تعريف الأشخاص قد تكون غير دقيقة أحياناً، وأن النظام حدد بشكل غير صحيح نحو ألف طالب في المدارس الثانوية باعتبارهم "متشددين محتملين".
وحذر المسؤولون من خطورة أن يحدد الذكاء الاصطناعي منزلاً لشخص على صلة بحركة حماس ولا يعيش فيه، وتحويله إلى هدف.
ووفقًا للتحقيق، فإن استخدام جيش الاحتلال للذكاء الاصطناعي من الشركتين زاد بنحو 200 مرة في اذار/مارس 2024 مقارنة بما كان عليه قبل هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
كما تضاعفت كمية البيانات المخزنة من الجيش الإسرائيلي على خوادم مايكروسوفت بين اذار/مارس وتموز/يوليو 2024، لتتجاوز 13.6 بيتابايت، في حين زاد الجيش استخدام هذه الخوادم بنحو الثلثين في شهرين فقط بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقالت المديرة التنفيذية السابقة في شركة "أوبن إيه آي"٬ هايدي خلف: "هذا هو أول تأكيد لدينا على استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التجارية بشكل مباشر في الحرب".
وأشار التحقيق إلى أن من بين شركات التكنولوجيا الأمريكية، تتمتع مايكروسوفت بـ"علاقة وثيقة بشكل خاص" مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي تزايدت بشكل أكبر بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتظهر الوثائق التي اطلعت عليها الوكالة أن مايكروسوفت وقّعت عقدًا مدته ثلاث سنوات بقيمة 133 مليون دولار مع وزارة الحرب الإسرائيلية في 2021، مما يجعل الاحتلال ثاني أكبر عميل عسكري للشركة بعد الولايات المتحدة.
بدعم أمريكي، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و19 وكانون الثاني/يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف بين شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وسط دمار هائل.