غزة- مدلين خلة - صفا منذ عام من حرب الإبادة والتجويع التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ومخيم جباليا شمالي القطاع يُقاوم عمليات التهجير الإسرائيلي بصموده وتشبثه بأرضه ورفض الخروج منه مهما كان الثمن. عام كامل مر على أولى المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق أبناء المخيم، الذين رفضوا الخروج منه إلى جنوب القطاع، رغم المحاولات الإسرائيلية العديدة لتفريغ محافظة شمال القطاع من ساكنيها.

أهالي المخيم اختاروا الشهادة على النزوح للجنوب، وتشبثوا بأرضهم، رافضين كل محاولات التهجير، رغم جرائم الإبادة والتدمير والتجويع. لحظات مروعة لحظات أشبه بالكارثة عشاها أهالي المخيم، حين قصفت طائرات الاحتلال في مثل هذا اليوم من عام 2023، مربعًا سكنيًا، أثناء تواجد المواطنين في السوق المركزي للتزود ببعض الطعام، وسيرهم بين أزقة المخيم يطمئنون على أحوال بعضهم يساعدون النازحين في نقل متاعهم والاستقرار بملاذ يأويهم وصغارهم. بدا المشهد مأساويًا لا يمكن تخيله ووصفه، بعدما تحولت فيها رمال المخيم لبركة دماء اختلطت ببقايا أشلاء الشهداء الذين مُزقت أجسادهم قنابل إسرائيلية بصناعة أمريكية. ست قنابل تزن الواحدة منها 1000كغ، حولت مربع سكني كامل لرماد، قوة تدميرية هائلة أطبقت المباني بالأرض فأحدثت حفرة عميقة بطول ارتفاع المباني التي لم يعد لها وجود. تلك القنابل مزقت أجساد قاطني المربع السكني، وحولتهم لاشلاء محترقة لا معالم لها، غابت صورهم وأخذت الأصابع تعد من يقطنون بتلك المنازل لتسجيل أسماءهم ضمن قوافل الشهداء، وإن سألت عن الجثث فهي تبخرت في فضاء ظالم لا يُحرك ساكنًا. وأظهرت مقاطع الفيديو والصور التي بثتها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي مشاهد مروعة لتلك المحرقة، عبر فيها المواطنون عن هول من يشاهدون من بشاعة الصورة وقبح فعل الاحتلال. وأعلنت وزارة الصحة بغزة ارتقاء 408 شهداء، كحصيلة لعدد أحصاه ذوي المفقودين وجيرانهم، لأن غالبية الأسماء الواردة في سجل الشهداء لا جثث لهم فقد تمزقت أجسادهم وتحولت لاشلاء لم تُعرف هوية أصحابها. إبادة وحصار وتأتي هذه الذكرى الأليمة، ومخيم جباليا ما زال يتعرض لحرب الإبادة والحصار الخانق منذ 17 يومًا، وسط أوضاع معيشية صعبة تتفاقم يوميًا، في ظل منع الاحتلال إدخال الطعام والدواء والمياه لآلاف المواطنين المحاصرين شمالي القطاع. وبعد عام على هذه المجزرة البشعة، ما يزال المخيم يجابه بضراوة صموده مخطط التهجير والترحيل والتجويع، رغم آلامه وأوجاعه التي لم تتوقف، ومعالمه التي غابت، نتيجة استمرار القصف والنسف والتدمير الإسرائيلي. تلك الصورة للمجزرة قبل عام، لم تُمحى من ذاكرة الناجين، فيروي خالد أبو صالح أحد الشاهدين عليها والمحاصر الآن في مخيم جباليا، لوكالة "صفا"، حكاية الصمود في وجه مخططات الاحتلال. يقول: "في مثل هذه الأيام من العام الماضي اهتزت الأرض وانقلب المكان رأسًا على عقب، حيث تعمد الاحتلال استهداف السكان وقصفهم لأنهم رفضوا النزوح إلى الجنوب". ويضيف "المكان كان بصورة لا يمكن وصفها، الدمار والدم والشهداء بكل مكان، عدا عن الشهداء الذين تبخرت جثامينهم من القوة التدميرية للصواريخ، التي لا أعتقد أنها صواريخ عادية بصناعة أسرائيلية، إنها قنابل بقوة ارتجاجية كبيرة". "ما أشبه اليوم بالبارحة، اليوم نعيش المجزرة كل ثانية، الدمار ونسف البيوت في المخيم هو ما كان قبل عام، هذا ما تفعله إسرائيل لأجل أن نترك بيوتنا ومخيمنا، ونحن نقول لها إن خروجنا من جباليا والشمال سيكون على الجنة فقط". ويتابع "ما عشناه قبل عام هو الذي نعيشه اليوم، تطهير عرقي ونسف للبيوت فوق رؤوسنا، ما راح نشوف أصعب من الذي شفناه، ومن جباليا مش طالعين". 365 يومًا مصت على تلك المجزرة، وما يحدث اليوم في المخيم يشكل تحولًا جذريًا لمعالم المنطقة الأجمل في نفوس ساكنيها. وفي هذه الذكرى الأليمة، يُطلق أهالي جباليا نداء استغاثة للعالم من أجل الانتفاض التحرك العاجل لوقف جرائم الإبادة والحصار بحقهم. 

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى مجزرة جباليا تهجير حصار مخطط الاحتلال

إقرأ أيضاً:

مخطط التهجير.. أستاذ علوم سياسية: مصر تستطيع ردع وإسكات الإدارة الأمريكية

قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن التحركات الشعبية والسياسية المرتقبة غداً تعكس بوضوح جدية التصريحات والدعوات لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. 

وأكد أن هناك رفضا شعبيا كبيرا في مصر بدأ اليوم، ومن المحتمل أن يستمر لعدة أيام، ما يمثل إشارة مهمة للإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية برفض جميع مخططات الترانسفير والترحيل والتسفير والتسكين.

بالآلاف.. قفزة في أعداد المتظاهرين أمام معبر رفح رفضًا لتهجير الفلسطينيين (فيديو) بالصور..حشود المصريين أمام معبر رفح توصل رسالتها للعالم: لا للتهجير تنسيق مصر عربي

ولفت إلى أن التصريحات المتكررة من الرئيس ترامب تتطلب أيضاً اتخاذ مسار موازٍ، وهو نقل الملف إلى الساحة الدولية، كاشفا أنه سيكون هناك تنسيق عربي مصري غداً في القاهرة، وهو تنسيق مهم لجميع الأطراف المعنية، سواء على مستوى الجامعة العربية أو الدول العربية الأخرى، استعداداً لنقل الملف إلى الساحة الدولية.

وبين أن الساحة الدولية ليست مجرد جلسة خاصة في الجمعية العامة أو طلب جلسة استثنائية، بل الجزائر تعمل على ترتيب جلسة استثنائية في مجلس الأمن، ومع ذلك، أعتقد أن الأمر يتطلب إعادة تقييم السياسات تجاه هذه الإدارة الأمريكية غير المسؤولة، لأنه لا يمكننا أن نتوقع منها أن توقف هذه الدعوات الصريحة والتحريض الإسرائيلي المتزايد.

لقاء ترامب بنتنياهو

وأشار إلى أن الوضع قد يكون في أسوأ حالاته، فالأسبوع المقبل سيلتقي نتنياهو وترامب، وسيتم الاتفاق على الإجراءات والتدابير المتعلقة بهذه الفكرة، لذا، فإن سرعة التحرك، كما سنرى غداً في القاهرة، أمر بالغ الأهمية لتسجيل موقف عربي شامل، خاصة دعم مصر والأردن، حيث من الواضح أن الرئيس الأمريكي سيضغط في هذا الاتجاه، والحكومة الإسرائيلية تسعى للاستقواء به.

ولفت إلى أن المبعوث الأمريكي لم يعد مجرد مبعوث، بل تدخل في الشأن الداخلي الحكومي، حيث التقى بعدد من الوزراء لترتيب الأجواء ومنع تفكك الحكومة، ومن بين ما صرح به الرئيس المصري سابقاً، أنه قد يتم العمل مع هذه الإدارة الأمريكية، ما يثير تساؤلات حول كيفية البناء والعمل مع رئيس يدعو إلى تهجير الفلسطينيين.

مصر دولة قوية

وأكد أن القاهرة تدرك جيدًا طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية، والإدارة الأمريكية لا ترغب في الاصطدام بمصر، فمصر دولة قوية ولها قرارها وموقفها وتستطيع ردع وإسكات الإدارة الأمريكية، والقيادة السياسية المصرية وضعت النقاط على الحروف في هذا السياق، لعل الإدارة الأمريكية تتفهم ما تم طرحه على لسان السيد الرئيس.

ولفت إلى أن القضية ليست مجرد ظلم للفلسطينيين، بل هي مرتبطة بأولئك الذين يسعون لتصفية القضية الفلسطينية، أعتقد أنه سيكون هناك تجاوب مرحلي من الإدارة الأمريكية إذا وُجد موقف عربي ودولي داعم لموقف مصر والأردن.

وأكد خلال حواره مع قناة “الغد”، أن الإدارة الأمريكية، سواء كانت تحت قيادة ترامب أو مؤسسات الدولة، لا يمكن أن تدخل في مناكفة مع الدولة المصرية لأسباب عديدة، منها الشراكة العسكرية والاستراتيجية ووجود قوات متعددة الجنسيات في سيناء.

تصريحات ترامب لن تؤثر

وأما بالنسبة للتحركات، لفت إلى أن الأمور ستسير في اتجاهين: الأول هو نقل الموضوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث هناك ترتيبات تجريها السعودية تحت مسمى توسيع الإطار أو التحالف الدولي للمطالبة بحل الدولتين، وهو ما أكدت عليه الدول العربية.

أما بالنسبة للجانب الأمريكي، فإن دعوات التهجير قد تعرقل ما يتم طرحه، مما يعكس تناقضًا صارخًا من الإدارة الأمريكية. الفلسطينيون أرسلوا رسالة رمزية قوية بتمسكهم بأراضيهم، سواء من العائدين أو من الموجودين على الأرض.

فيما يتعلق بالاتفاق الجاري في قطاع غزة، أشار إلى أن الجانب المصري مستمر في جهوده لإتمام الاتفاق، بالتعاون مع الجانب القطري، منوها إلى أن القاهرة تتحرك في اتجاهات متعددة تجاه منظمة التحرير وحركة حماس، ولا تقتصر جهودها على تنفيذ الاتفاق فقط، مبينا أن تأثير ما يطرحه الرئيس الأمريكي، أعتقد أنه لن يؤثر بشكل كبير على ما تقوم به القاهرة، لكنها ستتعامل مع أي تبعات بثبات.

ترامب يرد على سؤال عن رفض مصر والأردن لخطة استقبال الفلسطينيين من غزة

جدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومضى قدما في خطته المثيرة للجدل إلى حد كبير بشأن "تطهير غزة"، مصرًا على أن مصر والأردن ستقبلان اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة لأن الولايات المتحدة "تفعل الكثير من أجلهم".

وأثناء حديثه للصحفيين في المكتب البيضاوي، الخميس، سُئل ترامب عما إذا كان هناك أي شيء يمكنه القيام به للضغط على الدولتين (مصر والأردن)، وكلاهما من الدول الرئيسية المتلقية للمساعدات الأمريكية لاستقبال الفلسطينيين المطرودين.

وأجاب ترامب قائلا: "سيفعلان ذلك.. سيفعلان ذلك تماما.. نحن نفعل الكثير من أجلهما وسيفعلان ذلك".

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 47,498 شهيدا منذ بدء العدوان
  • فتح معبر رفح وانتشال المزيد من الشهداء الفلسطينيين
  • برلمانية : مصر شوكة وقفت فى الحلق أمام مخطط التهجير
  • إصابة طفل فلسطيني وشاب برصاص العدو الصهيوني في بيتونيا ومخيم طولكرم
  • تعرف على حجم المساعدات التي وصلت لغزة بعد وقف إطلاق النار
  • مخطط التهجير.. عضو بمجلس الشيوخ: مصر صخرة تتحطم عليها أطماع الطغاة
  • مخطط التهجير.. أستاذ علوم سياسية: مصر تستطيع ردع وإسكات الإدارة الأمريكية
  • مصطفى بكرى: مخطط التهجير مصيره السقوط تحت أقدام المصريين
  • مصر «الشعبية» تفسد مخطط التهجير
  • هدنة على المحك.. هل يدفع ترامب نحو حل الدولتين إذا فشل مخطط التهجير؟