عربي21:
2025-03-04@09:46:33 GMT

كرسي وعصا ولثام.. يحيا هازم الأنظمة والإعلام

تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT

نشر الصحفي الإسرائيلي دوجلاس موراي صورة له عبر حسابه الرسمي على موقع إكس (تويتر سابقا) وهو يجلس على نفس الكرسي الذي جلس عليه زعيم حركة حماس يحيى السنوار في لحظاته الأخيرة، داخل مبنى في منطقة تل السلطان في رفح الفلسطينية.

موراي الذي نظفوا له كرسي السنوار، وأعادوه إلى ما كان عليه، بدا قزما ضئيل الحجم يتصنع الشجاعة والجسارة والقوة، فكتب بعض عبارات حاول أن يقلل بها من السنوار ولكن السحر انقلب على الساحر.



تعليقات المتابعين وجلهم من الأجانب، سخروا من الصحفي الإسرائيلي ووضعوه في حجمه الطبيعي، وصفوا السنوار بالبطل الذي قاوم حتى اللحظة الأخيرة، وبأن هذا الكرسي كان شاهدا على صمود السنوار وشجاعته رغم إصابته وقوته رغم مواجهته للطائرة الدرون الإسرائيلية حتى حاول إسقاطها بعصا خشبية، في رسالة جعلت منه أسطورة حيا كان أو ميتا.

كرسي السنوار تحول إلى أيقونة فلسطينية، الأطفال في شوارع غزة يجلسون نفس جلسته، يقلدون حركاته، يستلهمون روحه المناضلة، ويوجهون رسالة للعالم أجمع وفي القلب منه الكيان الصهيوني أنهم باقون على عهد السنوار
كرسي السنوار تحول إلى أيقونة فلسطينية، الأطفال في شوارع غزة يجلسون نفس جلسته، يقلدون حركاته، يستلهمون روحه المناضلة، ويوجهون رسالة للعالم أجمع وفي القلب منه الكيان الصهيوني أنهم باقون على عهد السنوار.

كرسي السنوار، بجلسة صاحبه الشامخة رغم إصابته، بنظرته الواثقة رغم جراحه، بشجاعته الملهمة في مواجهة الخطر، كلها مشاهد قزّمت ملوكا ورؤساء وأمراء يجلسون على كراسي أخرى مطلية بالذهب، يحكمون من فوقها شعوبا مقهورة، ينبطحون وهم جلوس عليها من أجل رضا الكيان وداعميه.

ضيق عليهم السنوار كراسيهم، وجعلهم بداخلها صغارا، كلما رآهم مواطن من المحيط إلى الخليج سخر منهم وتذكر السنوار وهذا الكرسي الهزيل الذي يكسوه التراب وتغطيه دماء الرجل، ولكن هيهات أن ترقى كراسي الحكم في بلداننا العربية إلى مكانة كرسي السنوار.

"ألقيت عليه عصا السنوار"

عبارة جديدة ستعتمد في معاجم اللغة العربية، ستدرسها المدارس، ويعلمها المعلمون لطلابهم، ستظهر في صدر كل قصيدة، ستتحول إلى لغة دارجة في كل بلد عربي، يستدل بها الناس على تمام السعي، ودوام البذل، واستفراغ الجهد في أي مسألة وكل مسألة.

عصا السنوار ستدخل في قوانين الفيزياء والكيمياء، فهي معامل قوة، وذراع رافعة، وعنصر تحول في كل معادلة، ستدخل في أسس تربية الأبناء، فإن أرادت أم أن تربي ابنها على مفاهيم الاجتهاد والسعي والبذل والأخذ بالأسباب والمثابرة والمواظبة فلن تحتاج أن تحكي قصصا من هنا أو هناك، يكفيها أن تسأل ابنها سؤالا واحدا: هل ألقيت عصا السنوار في هذه المسألة؟

خلال طوفان الأقصى وعلى مدار عام كامل، حاول إعلام مصري- سعودي- إماراتي أن يدجن الشعوب في حظيرة لا إنسانية، جردها من كل تعاطف مع فلسطين، أقنعهوها بألا دور لها في نصرة غزة وأهلها، أخبروها بأنه ما باليد حيلة وأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، فجاءت عصا السنوار لتضربهم فوق رؤوسهم وتعلمهم درس حياتهم أن الانبطاح والتبرير والسلبية لا تحرر أرضا ولا تنقذ وطنا ولا تصنع بطلا.

في لحظاته الأخيرة، لعب لثام السنوار دورا كبيرا في إخفاء هويته عن جنود الاحتلال، كان إلهاما من الله للرجل وفطنة وحكمة كبيرة منه أيضا أن يخفي وجهه بعد إصابته، فظل في اشتباكه معهم حتى لفظ أنفاسه الأخيرة مقبلا غير مدبر وهو ما كان له أثر كبير في إخراج صورته كأسطورة مقاوم واجه المحتل حتى اللحظة الأخيرة.

ما فعلته قناة إم بي سي السعودية من عرض ذلك التقرير الفاضح لها ولقيادة المملكة ما هو إلا كشف للثام وإعلام تلك الأنظمة العربية المنبطحة؛ التي أرادت التطبيع مع الاحتلال ولو على جثة اثنين وأربعين ألفا من شهداء فلسطين
لثام السنوار الذي أخفى به وجهه، فضح لثاما آخر غطى به حكام العالم العربي وإعلامهم سوءاتهم وانبطاحهم وتآمرهم على فلسطين وأهلها تحت شعار حماية الأمن القومي، وتجريم الفصائل الفلسطينية ووصمها بالإرهاب في تبن صارخ للرواية الإسرائيلية الصهوينية وتبرير الإبادة الجماعية في حق أهل غزة على مدار عام كامل.

ما فعلته قناة إم بي سي السعودية من عرض ذلك التقرير الفاضح لها ولقيادة المملكة ما هو إلا كشف للثام وإعلام تلك الأنظمة العربية المنبطحة؛ التي أرادت التطبيع مع الاحتلال ولو على جثة اثنين وأربعين ألفا من شهداء فلسطين.

كرسي وعصا ولثام.. يحيا هازم الأنظمة والإعلام الذي تحول مشهد مقتله لأسطورة تتغنى بها الألسنة عربية وأعجمية، فهناك من شبهه بجيفارا وهناك من قارن بينه وبين نيلسون مانديلا، وهناك من ربط بينه وبين قادة النضال في المغرب والجزائر ضد الاستعمار.

ولكن يبقى التشابه الأكبر والأقرب بين يحيى السنوار وأسد الصحراء عمر المختار الذي أبى إلا أن يختم حياته بكلمات من ذهب وكأنها تحكي حكاية مقتل السنوار، حين قال: "نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت، سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن حياتي ستكون أطول من حياتي شانقي".

x.com/osgaweesh

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السنوار غزة الاحتلال غزة الاحتلال الإعلام السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟

بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟

إبراهيم برسي

في عالم تُمارَس فيه الهيمنة ليس فقط عبر العنف المباشر، بل من خلال تشكيل الوعي ذاته، يصبح السؤال الأساسي: كيف تُنتج الأنظمة القمعية الطاعة، ليس فقط كحالة مفروضة بالقوة، بل كشيء يُستبطن في النفوس؟

إن الطاغية لا يُولد، بل يُصنع، كما أن الجماهير لا تُقمع، بل تُروّض.

في فضاء الهيمنة، لا تُفرض السيطرة بالحديد والنار فحسب، بل عبر منظومة سرديات تتسلل إلى الوعي، تعيد تشكيل الإدراك، وتحكم تصور الذات في علاقتها بالسلطة. ليست المسألة، إذن، مجرد قمع مباشر، بل هندسة للخضوع، حيث لا يكتفي النظام بفرض الطاعة، بل يعمل على جعلها جزءًا من بنية التفكير، بحيث يبدو التمرد عبثًا، والخضوع ضرورة.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي لا يحتاج إلى سياط الجلاد كي يركع، بل يركع طوعًا، ويدافع عن قيوده باعتبارها أمانًا، ويرى في الطغيان قدرًا لا مفر منه.

هذه الصناعة لا تتم من فراغ، بل عبر منظومة متكاملة من الأدوات التي تعمل على قولبة الإنسان منذ طفولته. ومن بين هذه الأدوات يأتي الدين، حين يتحول من تجربة روحية إلى أداة ضبط تُعيد إنتاج الطاعة، وتقدمها كفضيلة مطلقة.

فالمواطن المُطيع ليس مجرد شخص يخضع لسلطة الأمر الواقع، بل هو كائن تم تشكيله بحيث لا يرى في نفسه سوى انعكاس لما يُملى عليه، عاجز عن التخيّل خارج حدود السرديات المفروضة عليه.

وليست هذه الحالة طبيعية، بل يتم إنتاجها عبر خطاب ديني يُقدّم الطاعة كمبدأ مطلق، حيث يُعاد تفسير النصوص الدينية لتُنتج إنسانًا خاضعًا، يرى في أي محاولة للخروج عن النظام القائم تمردًا على “الإرادة الإلهية”.

وهكذا، لا يعود الدين وسيلة للتحرر الروحي، بل يتحول إلى قيد يُكبّل الفرد، حيث يتم غرس فكرة أن “كل سلطة هي من عند الله”، وأن مواجهة الظلم قد تعني الوقوع في الفتنة، وكأن العبودية أكثر أمانًا من الحرية!

وليس هذا بالأمر الجديد؛ فقد دعمت الكنيسة الكاثوليكية طغيان الملوك بوصفهم “ظل الله على الأرض”، كما استُخدمت فتاوى الطاعة في بعض البلدان الإسلامية لترسيخ مقولة أن الحاكم لا يُسأل عما يفعل، مما جعل التمرد يبدو كفرًا، والخضوع ضربًا من التقوى.

وهكذا، يصبح الظلم مشيئة إلهية، ويُعاد تأويل الاستبداد كاختبار للصبر، لا كحالة يجب تفكيكها. وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في الطغيان مشيئة إلهية، وفي الفقر امتحانًا، وفي الجوع نعمة، وفي الحرية خطرًا على الاستقرار!

لكن الأمر لا يتوقف عند التوظيف الديني فقط، بل يمتد ليشمل بُعدًا نفسيًا أكثر تعقيدًا، حيث يصبح الطغيان ذاته مصدرًا للراحة.

يذكر إريك فروم، في كتابه الخوف من الحرية، أن كثيرين يهربون من الحرية، لا لأنهم يحبون الطغيان، بل لأن الحرية نفسها مخيفة؛ إنها مسؤولية، عبء ثقيل يتطلب قدرة على اتخاذ القرار ومواجهة العواقب.

وهكذا، يُصبح الفرد الذي يخضع باسم الدين ليس مجرد ضحية، بل شريكًا في استدامة النظام الذي يقهره. حينها، لا يحتاج النظام القمعي إلى استخدام العنف المفرط، فالجمهور نفسه يصبح حارسًا للقمع، يراقب نفسه بنفسه، ويفرض على الآخرين ذات القيود التي كُبّل بها.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يخاف من الحرية أكثر مما يخاف من سجّانه!

وبينما تعمل الأنظمة القمعية على تكييف الدين ليناسب أهدافها، فإن الرأسمالية تُكمل هذا الدور من زاوية أخرى، حيث لا تُشكّل فقط نظامًا اقتصاديًا، بل تتحول إلى ماكينة ضخمة لإنتاج الوعي المشوّه، وخلق إنسان يرى نفسه في حدود ما يستهلكه.

مارك فيشر، في كتابه الواقعية الرأسمالية، يشير إلى أن أحد أخطر أشكال الهيمنة هو جعل أي بديل غير قابل للتخيّل؛ حيث يُقدَّم النظام القائم وكأنه “الطبيعة الثانية”، وكأن أي محاولة للخروج منه ليست فقط مستحيلة، بل غير منطقية.

في هذه الحالة، يتحول الإنسان إلى مستهلك سلبي، لا يرى في نفسه سوى رقم في معادلة العرض والطلب، فاقدًا للقدرة على التفكير في ذاته كفاعل سياسي، وكشخص يمكن أن يُعيد تشكيل الواقع.

يُختزل وجوده إلى كونه ترسًا في ماكينة الإنتاج والاستهلاك، يقيس نجاحه بعدد الأشياء التي يمتلكها، لا بقدرته على التأثير في مجتمعه. وهكذا، يصبح التسوق شكلًا من أشكال الحرية الزائفة، ويتحول الدين إلى سلعة، والهوية إلى ماركة، والفكر إلى إعلان تجاري.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في التسوق حرية، وفي تراكم الديون طموحًا، وفي نجاحه الفردي تعويضًا عن فشل مجتمعه بأكمله!

ولأن هذه السيطرة لا يمكن أن تُترك للصدفة، فإن النظام يحتاج إلى آليات مؤسسية لترسيخها، وأبرزها التعليم والإعلام.

فمنذ الطفولة، يُقال للطفل: “الكبير لا يُناقش”، وحين يكبر، يتعلم أن “الحاكم لا يُسأل عما يفعل”. وهكذا، يتحول الخضوع إلى قيمة متوارثة، يُنقل من جيل إلى جيل، حتى يصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي نفسه.

أما الإعلام، فإنه لا يُعنى بإيصال الحقيقة، بل بإنتاج الحقيقة، أو بالأحرى، إنتاج نسخة واحدة منها، نسخة تخدم القائمين على السلطة.

يصبح الإعلام سلاحًا، لا لقمع المعارضين فحسب، بل لمنع إمكانية تخيّل عالم مختلف. يتحول إلى آلة دعائية تعمل على تطبيع الظلم، وإعادة إنتاجه في صورة قدر لا يُرد، أو “واقع لا يمكن تغييره”.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يستهلك الأخبار كما يستهلك البضائع، يصدق كل ما يُقال له، ويردد الخطاب الرسمي وكأنه وحي!

إن إدراك العطب هو الخطوة الأولى في مقاومته، إذ أن النظام لا يسقط عندما يشتد قمعه، بل عندما يُسائل الناس شرعيته.

وكما قال فرانز فانون: “كل جيل يجب أن يكتشف مهمته، إما أن ينجزها أو يخونها”.

غير أن المقاومة لا تبدأ فقط من التمرد المسلح أو المواجهة المباشرة، بل من تفكيك منظومة الهيمنة في الفكر والسلوك، من مساءلة الخطابات التي تجعل الطاعة تبدو طبيعية، من إعادة تعريف الممكن، من فهم أن ما يبدو ثابتًا ليس إلا توافقًا مؤقتًا بين القوة والخضوع.

إن أخطر ما في الهيمنة ليس فقط أنها تقمع، بل أنها تجعلنا نحب قيودنا، نخاف من فقدانها، نرى في الطاعة خلاصًا من قلق الحرية.

لكن “الماعز الأليف” ليس قدرًا محتومًا، بل خيار يمكن كسره، شرط أن نجرؤ على إعادة اختراع ذواتنا من جديد!

الوسومإبراهيم برسي إريك فروم الأنظمة القمعية الاستبداد الحرية الدين الرأسمالية الماعز الأليف

مقالات مشابهة

  • بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟
  • إطلاق كرسي للدراسات المغربية في جامعة القدس.. هذه أهدافه
  • بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية “المَاعِز الأليف”؟
  • عمرو الليثي يلتقي بسيدة على كرسي متحرك ويمنحها دعما ماليا في أجمل ناس
  • السنوار يتسبب بإغلاق “الذكاء الاصطناعي”في التعليم الديني الإسرائيلي
  • إطلاق كرسي الدراسات المغربية في جامعة القدس
  • من الفوضى إلى الفرص: رؤية مجتمعية
  • جامعة إيطالية تمنع عقد ندوة حول كتاب يحيى السنوار الشوك والقرنفل
  • قيادي بحماس: التخطيط للطوفان استغرق أعواما طويلة والسنوار كان دوره الأبرز
  • صحافة عالمية: إسرائيل حُبست في تصور خاطئ عن حماس ولم تفهم السنوار