تلقت قوات الدعم السريع، أمس الأحد، ضربة عسكرية ومعنوية بانضمام قائد قواتها في ولاية الجزيرة (وسط السودان) أبو عاقلة محمد أحمد كيكل للجيش السوداني، وهو ما سيتيح للقوات المسلحة السودانية تسريع عملياتها التي انطلقت لتحرير الولاية كما يرجح خبراء عسكريون.

خبر مفاجئ.. عودة كيكل

مثلما أعلن كيكل انضمامه بشكل مفاجئ لقوات الدعم السريع بُعيد أسابيع من اندلاع القتال في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، عاد لخندق الجيش السوداني بشكل مفاجئ ومربك للذين هم خارج الدائرة الضيقة التي كانت تهندس هذه العملية.

لم يكن الجيش السوداني متعجلا في إذاعة النبأ، لكن تسرب صور لكيكل بين قادة الجيش السوداني في منطقة جبل الأبيتور بسهول البطانة وسط البلاد، التي ما زالت تحتفظ بكسوة الخريف جعل الجيش يعلن الخبر في بيان أُعد بعناية، ولكن قبل ذلك كانت 3 مصادر عسكرية في الجيش السوداني أكدت النبأ للجزيرة نت.

في حين تأخرت عن التعليق قوات الدعم السريع التي لاذت بالصمت لنحو 10 ساعات، وقد احتاطت بتوجيه منسوبيها بسحب كيكل من كل مجموعات التواصل الاجتماعية وذلك حتى قبل أن تتبين حقيقة مفارقته وعبوره للضفة الأخرى من النهر.

البحث عن كيكل

قبل أن نغرق في تفاصيل الأحداث والسيناريوهات المتوقعة والمتقاطعة، علينا أن نتوقف لمعرفة هذا الرجل الذي أوقف عقارب الساعة لبعض الوقت، أبو عاقلة محمد أحمد كيكل من قبيلة الشكرية ذات الحضور الواسع أواسط وشرقي السودان.

حسب مصادر في أسرته، لم يكمل كيكل تعليمه الثانوي وانخرط في مجال التجارة، ويميط الناطق السابق باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد اللثام -في حديثه للجزيرة نت- عن وجه الرجل المتقلب المزاج.

ويقول الصوارمي إن كيكل كان في الأصل يتاجر في مجال الأسلحة المهربة، خاصة في الحدود بين السودان وإثيوبيا وإريتريا، وهو ما مكنه من معرفة جغرافية المنطقة بشكل كبير، مشيرا إلى أن علاقة كيكل بالجيش السوداني قديمة وقدم خدمات مثمنة، خاصة في أثناء العمليات العسكرية خلال الحرب في جنوب السودان، لكنه لم يمنح رتبة عسكرية بشكل رسمي.

بيد أن رواية لأحد أفراد أسرته -الذي تحدث للجزيرة نت- تقول غير ذلك، وتثبت أن كيكل كان صاحب خلفية عسكرية قبل أن يتفرغ للتجارة، ثم يتصدى للحديث عما سماه "التهميش" الذي أصاب أهله، خاصة بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق في أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث كان محل اهتمام وتحت أنظار الاستخبارات العسكرية قوة "درع البطانة"، التي تحولت إلى "درع السودان" بعد فترة وجيزة.

هل كان الرجل عينا للجيش؟

مصدر عسكري مطلع في الجيش السوداني قال للجزيرة إن كيكل كان رجل الاستخبارات العسكرية داخل مضارب الدعم السريع، وإنه من أغرى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" بالتوسع في ولاية الجزيرة ثم جنوبها، وكان ذلك الخط منسجما مع إستراتيجية الجيش السوداني الهادفة لجذب العدو لمناطق بعيدة، ثم بعد ذلك تقطيع أوصاله.

لكن اللواء السابق بجهاز المخابرات العامة الدكتور المعتصم الحسن لا يتفق مع هذه الرؤية، إذ قال للجزيرة نت إن عملية استقطاب كيكل كانت عملية معقدة، واستغرقت في مرحلتها الأخيرة أكثر من شهرين، ولعبت فيها قوى اجتماعية من أهله وعشيرته دورا كبيرا بجانب قيادات مؤثرة في الجيش السوداني تمكنت من طمأنة الرجل الذي استشعر الخطر، خاصة بعد العمليات العسكرية الناجحة للجيش السوداني التي بدأت بانتهاء فصل الخريف.

ويذهب إلى التفسير ذاته العميد المتقاعد الصوارمي خالد سعد، الذي يستبعد فرضية أن كيكل كان في مهمة استخباراتية، ويقول إن إحساس الرجل بالخطر هو الذي دفعه لإعادة خطوط التواصل مع الجيش السوداني.

في قفص الاتهام

لم تكن رحلة كيكل في الدعم السريع على بساط أحمر رغم إعلانه قائدا للفرقة العسكرية الخامسة عقب سيطرة هذه القوات على حاضرة ولاية الجزيرة ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفقا للصحفي حافظ كبير.

وتحدث هذا الصحفي المقرب من الدعم السريع للجزيرة نت، وقال إن كيكل كان كثير الشكوى من زملاء السلاح ويتهمهم بعدم تنفيذ تعليماته، في حين كان البعض في قوات الدعم السريع ينظر إلى كيكل بعين الارتياب، إلا أن دعم حميدتي له كان مصدر قوته.

ويضيف الصحفي أن كيكل كان ميالا لتعظيم تسليح منسوبيه من قوات "درع السودان" بشكل ملاحظ. وقد جاءت الملاحظة نفسها التي قدمها الصحفي كبير في بيان لقوات الدعم السريع، جاء فيه أنهم رصدوا الآونة الأخيرة تحركات مريبة لكيكل بعد أن أخفى نفسه رفقة أفراد من أسرته.

وأضاف البيان أن قوات الدعم السريع رصدت تحركاته كافة، مشيرة إلى أنه تم "شراؤه" في صفقة قادها شقيقه عبر سلسلة اجتماعات في مدينتي القضارف وبورتسودان، وانتهت إلى مساومة حسب البيان.

لكن ادعاء الدعم السريع أن تحركات كيكل كانت تحت المراقبة فرضية يبددها اللواء المتقاعد في جهاز المخابرات العامة الدكتور معتصم الحسن قائلا: "لم تكن قوات الدعم السريع تراقب كيكل، ولكنها تدعي ذلك لتبرير فشلها في السيطرة عليه وتقليل مجهود الجيش في التواصل معه وإقناعه بالعودة عن المسار الخطأ".

مفاوضات شاقة

تفاصيل المفاوضات لم يُفرج عنها بالكامل حتى الآن، بيد أن تسريبات قد أفادت بأن أول تواصل قد تم مع كيكل عبر أحد أصدقائه الذي يعمل ضابط صف برتبة رقيب، وأن الأمر تم عبر إشراف الاستخبارات العسكرية السودانية، وانتهت الجولة الأولى عقب سقوط مدينة سنجة جنوب شرقي السودان يونيو/حزيران الماضي بخلاصة أن كيكل يراوغ وغير جاد في مغادرة محطة الدعم السريع.

لكن تم نقل الملف لاحقا لمكتب نائب القائد العام الفريق شمس الدين كباشي وتحت إشراف نائب مدير الاستخبارات اللواء حسن بلال ودخل الفريقان في التفاصيل.

لكن الصحفي المقرب من الجيش السوداني أمير حسن أبو رغد يقول للجزيرة نت إن أول جلسة جمعت بين كيكل ووفد رسمي تمت في أغسطس/آب الماضي في مسقط رأس كيكل في قرية الكاهلي بولاية الجزيرة وسط السودان، وكان كيكل متعاونا حيث طرح لهم المعلومات والمستندات التي يملكها وكل تفاصيل العمليات العسكرية ومن ظل على قيد الحياة من قادة الدعم السريع وكيفية دخول الأسلحة للسودان.

ويضيف أبو رغد أن الوفد الرسمي عاد إلى بورتسودان المقر المؤقت للحكومة لتقييم مُخرجات اللقاء والتحقق من صحتها، وعُقد اجتماع آخر مع الوسطاء في بورتسودان في السابع من سبتمبر/أيلول الماضي.

ويوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي، تمت الموافقة على جهود الوسطاء ووضع خريطة للتنفيذ، إذ ظهرت أمس الأحد النتيجة على أرض الواقع.

وحسب مصادر صحفية أخرى، فإن اجتماعا حاسما عقد مساء يوم الجمعة الماضي شارك فيه كيكل وبعض أقربائه، حيث وضعت اللمسات الأخيرة للاتفاق.

مصدر في قوات الدعم السريع تحدث للجزيرة نت أن كيكل تحرك مساء أول أمس السبت رفقة عدد من عربات الحراسة إلى خارج مناطق سيطرة الدعم السريع ثم انقطع الاتصال به حتى تسربت أخبار انشقاقه صباح أمس.

تأثير التموضع الجديد على سير العمليات

حمل بيان قوات الدعم السريع مؤشرات لتطمين القوات العاملة، خاصة في ولاية الجزيرة حيث كان كيكل القائد العام لتلك القوات، بعد تعيينه آمرا على الفرقة الخامسة بولاية الجزيرة، فقال بيان الدعم السريع: "لقد عملت قواتنا منذ وقت مبكر على سد الثغرات ووضع كافة التدابير العسكرية والاستخباراتية التي تحافظ على سيطرة قواتنا على مواقعها واستتباب الأمن وتوفير الحماية للمدنيين، ولن يغير هذا الحدث العابر من الواقع، وندعو إلى عدم الالتفات للشائعات التي يبثها الفلول والتي لن تحقق لهم انتصارا في الميدان".

من جانبه، يعترف الصحفي حافظ كبير بأن كيكل كان يضيف تنوعا ورمزية مهمة في قوات الدعم السريع وربما كان مستقبله أفضل إن لم يتساقط في منتصف الطريق، ويشير كبير إلى أن طبيعة بناء قوات الدعم السريع تقلل من الأثر العسكري لانشقاق الرجل الذي كان الجيش السوداني ينتظر أن يسلمه ولاية الجزيرة، وهو أمر لم ولن يتحقق، حسب تعبيره.

وتحدث الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني للجزيرة نت عن آثار الحدث الكبير قائلا إن انضمام أبو عاقلة كيكل للجيش يعتبر نصرا عسكريا سياسيا كبيرا يشكل نقطة تحول في مسار الحرب.

ومن الناحية العسكرية، إن ذلك يعني سيطرة الجيش على محور ولاية الجزيرة الشرقي وقطع الطريق الرئيسي مع العاصمة الخرطوم، وإن الأثر السياسي ربما ينافس العسكري في كونه بعث برسالة داخلية وخارجية أن العد التنازلي للدعم السريع قد بدأ، خاصة بقراءة هذا الحدث مع الخطاب الأخير لزعيم الدعم السريع حميدتي الذي بدا فيه محبطا وملقيا باللائمة في تراجعه على دول كثيرة أخرى.

رحلة العد التنازلي

وفي الاتجاه ذاته، يمضي اللواء معتصم الحسن الذي يرى أن انشقاق كيكل وترحيب الجيش به يفتح الباب واسعا أمام آخرين تحدثهم أنفسهم بتفادي المصير المحتوم، بعد أن أطبق الجيش السوداني الخناق على كل متحركات الدعم السريع وباتت الخيارات أمام عناصر الدعم السريع لا تتجاوز الهروب أو الاستسلام أو الموت.

في حين يمضي الصحفي والباحث السياسي إبراهيم الصديق في تصريحات صحفية متلمسا الآثار الناتجة عن انشقاق كيكل وانضمامه للجيش السوداني، واصفا كيكل بالقائد العسكري الميداني المهم والمؤثر، وأن "انسلاخه من المليشيا" سيحدث تأثيرا كبيرا ومؤثرا، إذ إنه يحمل كنز معلومات وتفاصيل دقيقة، "من الصعب على المليشيا لملمة وقائعها قبل أن يتم توظيفها".

ويضيف الصديق أن انسلاخ كيكل يفتح محورا جديدا للجيش السوداني في سهول البطانة المنبسطة، مما يصعب مرور أي تعزيزات عسكرية لصالح الدعم السريع.

من جهته، يرى حاكم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي -في حديثه للجزيرة نت- أن انشقاق كيكل هو عودة للصواب ودليل قاطع علي أن حال قوات الدعم السريع بات يتراجع و يتدحرج حيث بدأت رحلة العد التنازلي.

بدوره، يرى الصحفي عثمان ميرغني ضوءا في آخر النفق في انشقاق كيكل، ويعتبر أن التفاوض وسيلة ناجعة قليلة التكاليف لتحقيق ما تستهدفه الانتصارات العسكرية، فالجنرال كيكل ظل يفاوض لعدة أسابيع قبل أن يتخذ قراره، وهذا يعني أن مفاوضات عامة بين الجيش والدعم السريع يمكن أن تضع الحرب في أرشيف التاريخ السوداني.

لكن الدكتور أسامة عيدروس الباحث في الدراسات الإستراتيجية ينظر الى زاوية أخرى من المشهد في حديثه للجزيرة نت، إذ يرى في عودة كيكل "عودة الحكمة في تحرك الإدارات الأهلية (القيادات العشائرية) لإبعاد أبنائها من المليشيا حفظا للدماء ودفعا للمصالحة المجتمعية في طريق إنهاء الحرب وبناء السلام".

ويضيف عيدروس: "لا شك أن هذا تحول ميداني كبير يضاعف من حظوظ نجاح خطة الجيش القائمة على التحرك المتزامن من أجل قطع خطوط الإمداد وتحويل المليشيا إلى جزر معزولة لا تستطيع فزع بعضها البعض. وبهذا يستفيد الجيش من الانتشار الواسع للمليشيا ويحوله لنقطة ضعفها في ما يسميه الإستراتيجيون باستباق العمق".

يوم جديد في حياة قائد مثير للجدل

رغم إعلان اللواء كيكل -حسب بيان الجيش السوداني- أنه سينخرط في العمليات العسكرية، فإن مصادر عسكرية في الجيش السوداني أكدت أن كيكل سينخرط في استراحة محارب لبعض الوقت، وسيقوم بزيارة مهمة لبورتسودان للالتقاء بالقيادة السياسية والعسكرية بجانب الحديث الجهير عن أسباب قراره بمغادرة قوات الدعم السريع وعن الانتهاكات التي وقعت في ولاية الجزيرة ومسؤولية قيادة الدعم السريع عن تلك الانتهاكات.

لكن الصحفي السوداني حافظ كبير يرى أن عودة كيكل لصفوف الجيش ستكون محفوفة بالمصاعب، إذ إنه لا يستطيع منافسة جنرالات الجيش ولن يتاح له لعب أي دور عسكري، فالهواجس من رجل متقلب المزاج ستكون حاضرة، وفقا لتعبيره.

ماذا في جعبة كيكل؟ وكيف سيواجه الرأي الغاضب والرافض لأي تسويات؟ وهل يمكن لأهل الحق الخاص مقاضاته أمام المحاكم؟ أم أن حكمة السودانيين في العفو عما سلف ستفتح الأبواب أمام أبو عاقلة كيكل ليلعب شوطا ثالثا في الميدان السوداني؟ الإجابات عن كل تلك الأسئلة من أنباء الغد، والناس الآن مشغولون بآخر أخبار اليوم واللحظة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العملیات العسکریة فی الجیش السودانی قوات الدعم السریع فی ولایة الجزیرة للجیش السودانی انشقاق کیکل للجزیرة نت أبو عاقلة قبل أن

إقرأ أيضاً:

ما تأثير قرارات الدعم السريع الإقتصادية على السودان ومصر؟

 

الاتهام الصريح الذي وجهه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي ضد مصر بأنها تضرب المواطنين وقواته بالطيران اعقبه قرارات تصعيدية تمثلت في ايقاف الصادرات السودانية المتجه لمصر من مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.

تقرير ــ التغيير

وكان قد شدد  القيادي في “قوات الدعم السريع” في السودان المك أبو شوتال على حظر تصدير أي بضائع إلى مصر متوعدا المخالفين بالمحاسبة، في قرار صادر عن المجلس الاستشاري لـ”الدعم السريع”.

تصعيد

وقال أبو شوتال: “لو صدّر التجار فنجان صمغ عربي، أو فولا سودانيا، أو بهيمة لمصر، سيعاقب بأشد العقوبات وأردعها، وأن كل مواردنا يجب أن تذهب لدول الجوار، ما عدا مصر، وأن أي شاحنة متجهة إلى (معبر) الدبّة السودانية أو مصر، يجب التعامل معها بصفتها عدوا صريحا”.
فيما هاجم مستشار قائد قوات “الدعم السريع” الباشا طبيق مصر وقال إنه حان الوقت لإيقاف كل الصادرات السودانية إليها”، وأن “الخيارات مفتوحة للتعامل مع الملف المصري”.
من جانبة قال مستشار قائد قوات الدعم السريع “ايوب عثمان نهار” إن المجلس الإستشاري لقائد الدعم السريع يعكف لوضع تصور لإنشاء منطقة تجارة حرة في دارفور وكردفان تختص بالصادرات من ثروة حيوانية، وصمغ عربي وفول سوداني وكركدي .
و أكد “نهار” في تغريده علي حسابة بمنصة “اكس” أن العمل جار لإنشاء محفظة مالية متعددة العملات لتكون بديلاً جديداً للمعاملات المالية.
وكشف “نهار” أن المجلس أصدر توجيهات وتم تنفيذها اعتباراً من العاشر من أكتوبر بإرجاع كل الشاحنات إلى المدن التي تحركت منها وتسليم الشحنات لأصحابها إلى حين الانتهاء من الإجراءات والتدابير الجديدة.
وأكد حرصهم على الحفاظ علي الثروة السودانية، وقال إنهم لن يسمحوا بنهب وتهريب الثروة وبيعها مقابل عملات مزورة يستفيد منها كارتل الفاسدين، الذين نهبوا ثروات البلاد علي مدي عقود .
وأضاف مستشار قائد قوات الدعم السريع إن هذه الإجراءات ليس مقصوداً بها المواطنين أو التجار، محذراً من مغبة مخالفة هذه الإجراءت، و أن كل من يخالف ذلك يعرض نفسة للمسألة القانونية.

مصر ترد

الحكومة المصرية من جانبها أعلنت مباشرة علي لسان وزارة التموين والتجارة الداخلية أن الدولة استوردت اللحوم من عدة دول أفريقية أخرى “جيبوتى – الصومال” بكميات أكبر من المستوردة من السودان، و أكدت أن هناك أرصدة موجودة حالياً من السودانى والجيبوتى حوالي 20 ألف رأس، و أكدت الاستيراد متواصل من السودان والصومال وجيبوتي دون أى عقبات لوجيستية بما يكفى احتياجات السوق المصري دون أية مشاكل.
وأضافت الوزارة فى بيان صحفي أنه يوجد سلع يتم استيرادها من جمهورية مصر العربية، وقالت إن مصر ساهمت فى تحقيق الأمن الغذائى للمواطن السوداني عبر توريد كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية “أرز – سكر – دقيق – زيوت “وذلك رغم الأزمات الاقتصادية التي مرت بها مصر خلال الفترة السابقة.

أرقام التبادل التجاري

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري فإن قيمة الصادرات المصرية إلى السودان خلال العام 2023 سجلت 979.9 مليون دولار مقابل 954.3 مليون دولار خلال عام 2022 بنسبة ارتفاع قدرها 2.7%
فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من السودان 386.9 مليون دولار خلال عام 2023 مقابل 505.4 مليون دولار خلال عام 2022 بنسبة انخفاض قدرها 23.4 %.
وحول أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من السودان خلال عام 2023 أشار الجهاز إلى أنه تم استيراد “حيوانات حية” بقيمة 164 مليون دولار، كما تم استيراد “قطن” بقيمة 115 مليون دولار.
وصدرت مصر إلى السودان خلال عام2023 منتجات مطاحن (شعير ونشا وحبوب) بقيمة 260 مليون دولار. فيما بلغت صادرات السكر و المصنوعات السكرية قيمة 79 مليون دولار.
وتبلغ قيمة الاستثمارات السودانية في مصر 5.8 مليون دولار خلال العام المالي 2022/ 2023 مقابل 4 ملايين دولار خلال العام المالي 2021/ 2022 بنسبة ارتفاع قدرها 45 %.
ويصدّر السودان إلى مصر سلعا زراعية وحيوانية، تشمل الفول السوداني والسمسم والصمغ العربي والقطن والجمال والأبقار والضأن وغيرها، وهي سلع يُنتَج جزء منها في مناطق للدعم السريع بدارفور وكردفان، بجانب مواقع تعبرها الشاحنات وقوافل الإبل المتجهة إلى مصر.

ضرر كبير

خالد عبد اللطيف عضو اتحاد أصحاب الشاحنات واللواري وصف قرار قوات الدعم السريع بالفكرة السيئة للغاية لجهة أن بعض المحاصيل موسمية و لا توجد مخازن نموذجية لحفظها وتنتهي صلاحيتها بمجرد إبتداء الشتاء المقبل.
وقال: “كذلك لا مقدرة للمنتجين توجيه منتجاتهم إلى أماكن تصدير أخرى سواء كانت داخل السودان أو خارجه لمصر أو غير مصر بالإضافة إلى فقدان أصحاب الشاحنات المجال لتشغيلها”.

و أضاف: “نحن نعاني أصلاً من الرسوم المفروضة من قبل قوات الدعم السريع علي سائقي الشاحنات والمواطنين بالطرق الوعرة مثلا طريق “الدبة ــ الإندرابة  ــ الشقيق ــ أم شيالية” الذي يمر بالنيل الأبيض الدويم ومناطق كردفان، وأوضح أن  الطريق عبارة عن بوابات وارتكازات بها لصوص وقطاع طرق بعضهم يتبع للدعم السريع وآخرين مجرد نهابين، وقال “إن أصحاب الشاحنات ظلوا يدفعوا أموال للقبائل التي يمر بها الطريق لحمايتهم وتصل أحيانا هذه المبالغ التي يدفعها الطوف الواحد إلى “12-15″ مليون جنيه سوداني ورغم ذلك يتم في معظم الأحيان نهب الشاحنات”.

بدائل

يقول الباحث الاقتصادي إبراهيم أبو باقرين، إن قرار الدعم السريع ليس جديد و سبق و أن طبق الثوار اجراءات مماثلة بإغلاق الطرق المؤدية لمصر من الولاية الشمالية عبر ما يعرف بـ “ترس الشمال”  الذي وجد نجاحاً منطقع النظير إلى أن فضت حكومة البرهان المتاريس وسمحت بتصدير المنتجات المحلية بالعملة السودانية دون فوائد تذكر أو قيمة مضافة”.
يقول باقرين “ربما لا تتأثر مصر كثيراً بالقرار لجهة أنها يمكن أن تستورد من الخارج بسعر أقل لكن بجودة أقل في الحوم السودانية والكركدي والسمسم لكن المهم أن نستغل منتجاتنا ونصنعها من جديد حتي نستفيد من القيمة المضافة في المستقبل”،  و أشار إلى أن توفر السلع في الوقت الراهن بالسوق المحلي يساعد في تقليل الأسعار في ظل الحرب التي ضاعفت من الأسعار.
و أضاف إذا فكرنا في الانفتاح للغرب الجغرافي يمكن أن نستغل الطرق البرية الحدودية مع دولة (تشاد ـ جنوب السودان ـ أفريقيا الوسطى – أثيوبياـ ليبيا)، ما يتيح عملية تصدير وتبادل المصالح الإقتصادية والتجارية المختلفة وربما هي بداية للإنفتاح نحو غرب أفريقيا.
فيما قلل الاقتصادي سعيد محمد جلال في حديثه لـ «التغيير» من قرار الدعم السريع بوقف الصادرات السودانية لمصر قائلا: “مصر تستورد اللحوم والسمسم والفول من السوق السوداني من مناطق القضارف تحديدا والصادر مستمر يومياً وربما يزيد خلال الفترة القادمة بدخول صادرات من مناطق النيل الأبيض وسنار بعد تحرير جبل مويه وفتح الطريق القومي بجانب الصادرات الزراعية من نهر النيل والشمالية”.
و أكد جلال أن المتضرر هو المواطن والمنتج في مناطق الدعم السريع التي تتفنن في تعذيب المواطنين الذين يعانون من جراء ارتفاع السلع وبالتالي سيفقد الكثيرين مصادر رزقهم لجهة أن القرار الصادر ساوى بين الصادر لمصر ومناطق سيطرة الجيش، لآفتاً إلى  كل البضائع ليست القادمة من الغرب.
وانتقد جلال قرار الدعم السريع قائلا: “إنه لا يمثل المواطنين حتي يقرر مصيرهم و إن حديثة حول منع الصادرات لمصر عمل عدائي و غير مبرر” و أعتبر أن الدعم السريع ليس حريصاً على السودان وثرواته وأنه ظل يهرب الذهب للخارج قبل وأثناء الحرب و فتح أسواق لتهريب المنتجات السودانية إلى تشاد و أفريقيا الوسطي والنيجر وقال: ” هؤلا سرقوا سيارات وذهب المواطنين ويتحدثون عن مصلحته”.
ونوه جلال إلى أن خطورة القرار سياسية أكثر من كونها اقتصادية لجهة أن قوات الدعم السريع يمكن أن تشكل نواة لانفصال دارفور إذا نجحت في تسويق الصادرات لجهات أخرى غرباُ وبالتالي ستشعر بأنها يمكن أن تدير اقليم دارفور بمعاونة أعداء السودان.

الوسومالدعم السريع الصادر الصمغ العربي المنتجات الحيوانية مصر

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن أول انشقاق لقائد بـالدعم السريع.. يقود 35 ألف مقاتل
  • الجيش السوداني يعلن انشقاق قائد كبير في “الدعم السريع”
  • الجيش السوداني يعلن قلب موازين المعارك ويكشف عن انشقاق قائد كبير في الدعم السريع
  • انشقاق قائد كبير في قوات الدعم السريع وانضمامه للجيش السوداني
  • كيف رأى المغردون انشقاق كيكل وانضمامه للجيش السوداني؟
  • السودان.. بيان للجيش عن أول انشقاق كبير بصفوف الدعم السريع
  • الجيش السوداني يرحب بانشقاق كيكل من قوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن إنشقاق أبو عاقلة كيكل عن الدعم السريع وإنضمامه إلى القوات المسلحة السودانية ويكشف عن عفو من البرهان
  • ما تأثير قرارات الدعم السريع الإقتصادية على السودان ومصر؟