أسدلت وفاة الداعية التركي، فتح الله غولن، عن عمر ناهز 83 عاما في الولايات المتحدة، الستار على سنوات من الملاحقات ومحاولات الاعتقال التي مارستها السلطات التركية ضده، باعتباره العدو اللدود للرئيس رجب طيب إردوغان، والمتهم الأول بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد عام 2016، رغم نفيه الدائم للاتهام.

ومنذ محاولة الانقلاب في يوليو 2016، لم يتوقف إردوغان عن جهود لإقناع الولايات المتحدة بتسليم غولن، لكن هذه الجهود وصلت إلى خط النهاية مع إعلان وفاة الداعية، الإثنين.

وأعلنت وسائل إعلام تركية وبينها موقع "هركول" التابع لغولن والمحظور في تركيا، وفاة الداعية البارز، الذي أقام في ولاية بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1999.

واتهمت تركيا غولن بالوقوف وراء محاولة الانقلاب التي أحبطتها السلطات عام 2016، وجردته من الجنسية عام 2017. وطالما نفى غولن هذه الاتهامات على مدار السنوات الماضية.

وعملت وسائل إعلام تركية على إلصاق صفة الإرهاب بغولن، ومتابعة تحركاته في الولايات المتحدة، لدرجة أن تقريرا لوكالة الأناضول الرسمية التركية، تحدث عن رصد "عبر درون" (طائرة مسيّرة) خروج غولن من منزل جديد له في بنسلفانيا.

التقرير المنشور يوم 13 أكتوبر الجاري، قال إن غولن انتقل إلى منزله الجديد في أبريل، الذي يبعد حوالي 12 دقيقة عن المقر الرئيسي لحركة غولن، التي تعرف أيضا باسم "حزمت" أو "خدمة".

البداية

قال الموقع الرسمي لغولن إنه ولد في 11 نوفمبر 1938 "لأسرة معروفة بالتدين" في قرية "كوروجك" بمحافظة أرضرُوم شرقي الأناضول في تركيا.

وأضاف أن الموقع أن رؤية غولن تشير إلى أن "أي حركة قائمة على الخصومة والعداء لن تؤدي إلى نتيجة إيجابية، وأنه يجب الانفتاح على الإنسانية بأسرها". وألّف الراحل أكثر من 70 كتابا ترجم بعض منها من التركية إلى 40 لغة. 

وعمل كإمام في مساجد قبل أن يتوسع في السبعينيات ويؤسس حركة "غولن"، التي تنتمي إليها منظمات غير حكومية، بما في ذلك مئات المدارس المختلطة ومراكز الدروس المجانية ومستشفيات ووكالات إغاثة في تركيا.

"عدو إردوغان اللدود".. إعلام تركي يعلن وفاة فتح الله غولن ذكرت قناة "إن تي في" ووسائل إعلام تركية أخرى، الإثنين، أن رجل الدين الإسلامي التركي فتح الله كولن توفي في مقر إقامته بالولايات المتحدة.

كما أنشأ غولن وحركته شبكة عالمية من المدارس والجامعات التي تعمل في أكثر من 100 دولة حول العالم، وفق "سي إن إن" الأميركية.

كان غولن، لفترة طويلة، حليفا للنظام الإسلامي المحافظ الحاكم في تركيا منذ 2002، إلا أن إردوغان اتهمه بالسعي لإسقاطه، من خلال تحقيق واسع في قضايا فساد عام 2013 استهدفته ومقربين منه. ونفى غولن باستمرار هذه المزاعم وندد بها.

وقام إردوغان بعمليات "تطهير" ضد أنصار الحركة، خصوصا في الشرطة والقضاء، إذ تم نقل آلاف الموظفين أو طردهم أو حتى سجنهم. كما تقدمت حكومته بدعاوى قضائية ضد ما يصفها بـ"الدولة الموازية".

"أسوأ من العسكر"

وقال الداعية الإسلامي، في تصريحات سابقة لوسائل الإعلام، إن الضغوط التي تمارسها حكومة إردوغان على حركته، "أسوأ بكثير من تلك التي كانت تمارس في عهد الانقلابات العسكرية في تركيا".

وأضاف غولن: "ما نراه أسوأ 10 مرات مما عانيناه خلال الانقلابات العسكرية".

وأوضح: "نواجه معاملة كتلك التي (كانت معتمدة خلال الانقلابات العسكرية)، لكن هذه المرة على أيدي مدنيين يتقاسمون إيماننا وعقائدنا".

وتمت ملاحقة حركة غولن قضائيا مرارا بعد انقلابات عسكرية، وخصوصا بعد انقلاب 1980، بتهمة القيام بـ"أنشطة معادية للعلمانية".

الداعية المتهم بهز عرش أردوغان.. من هو فتح الله غولن؟ مباشرة بعد محاولة الانقلاب التي قام بها عناصر من الجيش التركي، اعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان محاولة الانقلاب "خيانة"، محملا أنصار فتح الله غولن المسؤولية.

وحركة غولن المنبثقة من التيار الإسلامي المحافظ، قدمت دعما لحزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، خصوصا من خلال المساعدة على الحد من النفوذ التاريخي للجيش في الحياة السياسية في تركيا.

وطالما طالبت تركيا الولايات المتحدة بتسليم غولن، لكن واشنطن قالت إن على تركيا تقديم ما يثبت تورط غولن أولا في محاولة الانقلاب عام 2016.

وتستند تركيا في طلبها على اتفاقية تسليم المجرمين المبرمة بين الجانبين عام 1979.

وفي حوار سابق لوزير العدل التركي يلماز تونتش، مع وكالة الأناضول، قال إن القضاء التركي "عمل على مواجهة تنظيم غولن، واتخذ حتى الآن إجراءات قانونية بحق 693 ألفا و162 شخصا".

وأشار إلى أن هناك "إدانات صدرت بحق 122 ألفا و632 متهما، كما صدرت أحكام براءة بحق 97 ألفا و139 مشتبها بهم، ويوجد في السجون 15 ألفا و539 سجينا مدانا بقضايا متعلقة بالمحاولة الانقلابية الفاشلة".

وكشف أن القضاء أصدر أحكاما "بالسجن المؤبد المشدد بحق 1634 عضوا من تنظيم غولن.. فيما صدرت أحكام بالسجن المؤبد بحق 1366 آخرين".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة محاولة الانقلاب فتح الله غولن فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

لقاء السفارة الإيرانية: محاولة لإحياء 8 آذار

كتب اسكندر خشاشو في" النهار":جمع كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني، ممثلي عدد من الأحزاب اللبنانية في مبنى السفارة الإيرانية في بيروت، خلال زيارته لبنان، في لقاء هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب الموسعة على لبنان.

يأتي هذا اللقاء بعد تعرّض "حزب الله" لضربات إسرائيلية قاسية كان أبرزها اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله، وما تبعها من ارتدادات على الشخصيات والأحزاب الحليفة التي تأثرت بهذا الحدث، حتى بدأت تخرج أصوات ممن كانوا "أهل البيت" لا تنسجم مع خطاب الحزب، فكان لا بد من ترميم هذه الشبكة، وإعادة الثقة إليها عبر التأكيد أن الراعي الإقليمي لا يزال حاضراً وداعماً، توازيا مع الصمود الميداني وإعادة تشكيل القيادة لدى الحزب وبدء عودته السياسية بعد غياب عن السمع لمدة طويلة.

شكلاً، بدا اللقاء صورة مستعادة عن فريق 8 آذار في بداياته، حين كان يقتصر على حلفاء سوريا فقط، ولكن مع تغيّر الراعي الرسمي وانتقاله من السوري إلى الإيراني.

وعلى الرغم من سلسلة الاتصالات الواسعة التي قامت بها شخصيات من "حزب الله" والسفارة الإيرانية في بيروت، لم ينجح اللقاء في ضم أحزاب أو شخصيات من خارج الدائرة اللصيقة بالثناني الشيعي أو بـ"حزب الله"، مع أن الحزب كان قد بنى علاقات تحالفية واسعة خارج إطار ما يسمى الشخصيات أو الأحزاب الوطنية، واستطاع تسجيل خروق واسعة على مستوى الطوائف الأخرى وخصوصاً السنية والمسيحية.

صورة الشخصيات المجتمعة، وجزء منها كان قد غدا طيّ النسيان، وآخرون كان "حزب الله" ابتعد عنهم بنفسه لإدراكه انتهاء دورهم في الحياة السياسية وعدم إمكان تعويمهم، أعادت إلى أذهان اللبنانيين مشهد مرحلة سوداء حملت الكثير من التفجيرات والقتل والتوترات السياسية، عمل معظم الأطراف على طيّها، فإذا بها تعود تحت راية جديدة.

غياب "التيار الوطني الحر" و"الجماعة الإسلامية" وعدد من الشخصيات التي كانت تعدّ حليفة أساسية للحزب، من نواب وعائلات سياسية كفريد هيكل الخازن وأسامة سعد وغيرهما من الشخصيات التي لا تزال تتمتع بحضور سياسي، أثر في شكل كبير على اللقاء وأفقده صفة التنوع، على الرغم من حضور "تيار المردة" والوزير السابق وئام وهاب الذي شنّ أخيرا أعنف هجوم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودورها، وبدا كأنه حاضر لمحاولة استعادة دور ضاع منه في السنوات الأخيرة.

كان واضحا عدم رضا "حزب الله" عن اللقاء من خلال عدم تظهيره إعلامياً،  والاكتفاء بتوزيع خبر لا يتجاوز السطرين عن لقاء مع مستشار السيد خامنئي تبعه اجتماع في الأونيسكو من دون إعلان وثيقة تحدد الأهداف، كما كان مقرراً في أثناء الدعوات، إنما جرى الاكتفاء بتوزيع أجزاء من كلمات وخطابات مكررة عن المقاومة وفلسطين لا تحاكي المرحلة، ولا تقدم أي رؤية مستقبلية، وهذا ما يؤكد عدم تحقيق الغاية التي عقد من أجلها، وصرف النظر عن فكرة إنشاء لجان صادرة عنه للتنسيق في ما بينها.

وعلمت "النهار" أن من بين أهداف اللقاء ليس التشديد على استمرار الرعاية الإيرانية ودعمها المطلق فحسب، بل تظهير نموذج مختلف أو مقابل للقاءات معراب واستعادة المبادرة وتأكيد جهوزية القوى والشخصيات لحماية خياراتها السياسية، وهنا أيضاً لم يؤد غايته، نتيجة الضعف التمثيلي الوطني للحضور.

مقالات مشابهة

  • 17نوفمبر 1958 وبروش البكا: ثورة الجهادية على الملكية (3-3)
  • لقاء السفارة الإيرانية: محاولة لإحياء 8 آذار
  • إردوغان: لم نسمح للرئيس الإسرائيلي بعبور الأجواء التركية
  • حكومة الانقلاب: ترحيب حار بفشل حماية المدنيين ووقف الحرب
  • 7 قتلى ودمار واسع: مئات الآلاف في الفلبين بلا مأوى بعد إعصار مان-يي
  • إذا كانوا بها.. واشنطن: على تركيا تسليم أفراد من حماس
  • مصادر حقوقية لـ"خبر": مئات المخفيين في السجون الحوثية يعانون أهوالاً لا توصف
  • صواريخ أتاكمز الامريكية التي سمح لاوكرانيا استخدامها في ضرب عمق روسيا؟
  • مناقشة التحديات التي يواجهها الليبيون المقيمون في تركيا
  • عواصف رهيبة: الإعصار “مان-يي” يجبر مئات الآلاف على الفرار من الفلبين