استقالة مسببة تثير السؤال: من يراقب نوادى الأدب فى مصر؟
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
من يراقب ويضمن تحقق العدالة بين أعضاء نوادى الأدب فى مصر؟، العدالة التى تضمن أن يشارك كل عضو فى الندوات دون انحياز أو إغفال، وتضمن تنفيذ بنود لائحة يفترض أنها تنظم عمل عدد لا يستهان به من مبدعى الأقاليم- رغم المطالبات المتعددة بإعادة النظر فى تلك اللائحة-.
ونوادى الأدب هى الركيزة الأساسية للأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر الذى سينعقد بمحافظة الإسماعيلية بعد أن وافق اللواء أكرم جلال على استضافته، ورغم قرب انعقاده فإن مشاركة أحد أعضاء أمانته "غائمة" أو بمعنى أدق فإن عضو مجلس الإدارة سكرتير نادى أدب العريش المبدع حسن غريب لا يعرف من هو وسط غموض وحجب للمعلومات عنه!
استقالة "غريب" فتحت باب التساؤلات بغض النظر عما ستسفر عنه من إحالتها للتحقيق أو قبولها أو حل ما تضمنته من مشكلات، وكانت "الأسبوع" قد تواصلت مع مدير عام ثقافة سيناء أشرف المشرحانى الذى تسلم الاستقالة ووعد بالوساطة لإيجاد الحلول، مؤكدًا أن دوره أن يقوم بتسليمها لرئيس نادى الأدب المركزى لاتخاذ الإجراء المناسب، وهو ما يجعل من سيفصل أو على الأقل يشارك فى الفصل فيما جاء بها خصمًا وحكمًا!
ويشكو مقدم الاستقالة من عدم تمكينه من القيام باختصاصاته كسكرتير، من وضع خطة المحاضرات، إلى توزيع نصابها على كل محاضر مركزي، أو أمسية شعرية أو قصصية، فلا تسند له مهامه المنصوص عليها في اللائحة، إلى جانب عدم تمكنه من الاطلاع على ميزانية النادي! ويطالب غريب بالاستماع لرأي باقي أعضاء مجلس الإدارة الذين لم يحضروا الندوة الأسبوعية، مشيرًا إلى العزوف عن حضور الندوات لعدم ثبات المواعيد، وعدم مناسبتها عندما يتقرر أن تعقد فى أوقات متأخرة، ولا سيما أنه أحياناً يحضر للنادي أعضاء من ضواحي العريش كالريسة والمساعيد وهناك عضوات!.
ويطالب "غريب" بتحقيق العدل وعدم تكرار نفس الأشخاص الذين يلقون المحاضرات، معترضًا على عدم إعطاء الوقت الكافى للإعلان عن الندوات بما يتسبب فى قلة الحضور، وهو ما اعتبره إهدارًا للمال العام.
ويفجر مقدم الاستقالة مشكلة اختيار عضو أمانة مؤتمر أدباء مصر عن شمال سيناء، بعد وفاة الشاعر عبد القادر عيد عياد الذي حصل على عضوية الأمانة لأربع دورات سابقة! وكان "غريب" قد طلب اختيار بديل، وهو ما لم نعرف حتى الآن إن كان اختياره قد تم، ويبدو تكريم العضو المتوفى- كما يتردد- بحضور من يمثل الأسرة أمرًا عاديًا، أما أن يكون التكريم مانعًا لاختيار البديل فهو أغرب ما يتم ترديده، ووفقًا للبند العاشر من اللائحة: لا يجوز أن يتم الجمع بين عضوية الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، وعضوية أمانة أى من المؤتمرات الأدبية سواء الإقليمية أو الفرعية، وينص البند الخامس على أن عضو الأمانة لا ينبغى أن يكون عضوًا فى نادى الأدب المركزى، وهو ما يجعلنا نتساءل عن تطبيق تلك المعايير فى اختيار أعضاء الأمانة؟
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: اتحاد الأدباء وهو ما
إقرأ أيضاً:
يوم المرأة العالمي: إعادة التفكير في الحرية التي لم تكتمل
في يوم المرأة العالمي، نحتفي بها، لكن بأي امرأة؟
تلك التي رسمها الخيال الجماعي في صورة انتصارٍ رمزي؟ أم المرأة التي ما زالت تقف عند حافة التاريخ، تنظر إلى حريتها كضوء بعيد لا يكتمل؟
التاريخ ليس مجرد خط صاعد نحو التقدم، بل شبكة معقدة من الصراعات. والمرأة، رغم كل ما تحقق، لم تخرج تمامًا من ظل الأنظمة التي صاغت وجودها.
قد تكون تحررت من بعض السلاسل، لكنها ما زالت محاطة بجدران غير مرئية، جدران صنعتها السياسة، والدين، والاقتصاد، وحتى اللغة نفسها.
هكذا نجد أن أسماء مثل فاطمة أحمد إبراهيم، التي ناضلت من أجل حقوق المرأة في السودان، لم تواجه فقط السلطة السياسية، بل واجهت بنية اجتماعية متجذرة صممت كي تعيد إنتاج القهر بأشكال جديدة.
لكن السؤال الأهم: هل التحرر أن تُمنح حقوقًا ضمن قواعد لعبة لم تصممها؟ أم أن التحرر الحقيقي هو إعادة تشكيل القواعد ذاتها؟
في مجتمعات تتقن إعادة إنتاج القهر بوجوه ناعمة، يصبح السؤال أكثر تعقيدًا: هل حصلت المرأة على حريتها، أم أنها فقط صارت أكثر وعيًا بما سُلِب منها؟
وإذا كان التحرر مسارًا متجدّدًا، فإن كل انتصار تحقق كان مصحوبًا بقيود جديدة، أكثر خفاءً، وأكثر فاعلية.
المرأة نالت حق التعليم، لكن ضمن أطر تحدد لها ماذا يعني أن تكون “مثقفة” وفق تصورات السلطة، كما حدث مع ملكة الدار محمد، كأول روائية سودانية ولكن بقي صوتها محصورًا داخل سياقات لم تعترف بإبداعها كما يجب.
المرأة نالت حق العمل، لكن في سوق مصمم لإدامة أشكال غير مرئية من الاستغلال، كما شهدنا مع النساء في الثورة السودانية اللواتي وقفن في الصفوف الأمامية، ثم وجدن أنفسهن مستبعدات من مراكز القرار.
نالت المرأة الحقوق السياسية، لكنها ظلت داخل أنظمة لم تتغير جذريًا، كما حدث مع الكثير من الناشطات اللواتي تم تهميشهن بعد الثورات، رغم أنهن كنّ المحرك الأساسي لها.
في ظل هذه التناقضات، يبقى السؤال: هل تحررت المرأة حين دخلت فضاء العمل والسياسة، أم أن الفضاء نفسه أعاد تشكيلها لتناسب إيقاعه، دون أن يسمح لها بتغييره من الداخل؟
لا يزال العالم يحتفي بالمرأة بناءً على الأدوار التي تؤديها للآخرين: أم، زوجة، ابنة، وحتى في أكثر الخطابات تحررًا، تُقدَّم كـ”مُلهمة” و”صانعة تغيير”، لكن نادرًا ما تُمنح حق الوجود كذات مستقلة.
وربما السؤال الحقيقي ليس “كيف تحررت المرأة؟” بل “ممن تحررت؟” وهل التحرر من سلطة الرجل يكفي، بينما ما زالت خاضعة لسلطة السوق، والسلطة الرمزية، وسلطة الخطابات التي تحدد لها حتى كيف ينبغي أن تتمرد؟
عند هذه النقطة، لم يعد السؤال عن الحقوق وحدها كافيًا، بل أصبح من الضروري إعادة النظر في مفهوم العدالة ذاته. هل يكفي أن تكون هناك مساواة قانونية إذا كان النسيج الاجتماعي نفسه منحازًا؟ هل يمكن للمرأة أن تتحدث بصوتها، أم أنها ما زالت تتحدث داخل الأطر التي صُممت سلفًا؟ إن الاحتفاء بيوم المرأة يجب ألا يكون طقسًا رمزيًا، بل لحظة للتأمل في بنية العالم نفسه. هل هو عالم يمكن للمرأة أن تعيد تشكيله، أم أنه عالم يلتهم كل محاولة لإعادة تعريفه؟
في النهاية، الحرية ليست وجهة تصلها المرأة، بل معركة مستمرة، ليس ضد الآخر فقط، بل ضد الأوهام التي صيغت لتجعلها تعتقد أنها وصلت.
ربما السؤال الأكثر إلحاحًا ليس متى ستحصل المرأة على حقوقها الكاملة، بل: هل هذه الحقوق هي كل ما تحتاجه؟ أم أن التغيير الحقيقي يبدأ عندما لا تكون المرأة مضطرة لأن تثبت أنها تستحقها أصلًا؟
zoolsaay@yahoo.com