كان يمكن أن يكون مقتل السنوار مؤلمًا وفاجعًا لكل محبي التحرر والإنسانية في العالم، لولا تلك الصورة الرائعة التي رسمها البطل الشهيد لنفسه وهو يخرج من هذه الدنيا مرفوع الرأس، سيدًا فوق كل العبيد الذين طاردوه، والذين شمتوا في موته.

وجاءت الشهادة على عظمة الشهيد بأمر الله وقدره من صحف العدو، ووسائل إعلامه المختلفة، حيث أكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أنه "لم يكن لدى إسرائيل معلومات استخبارية مسبقة عن وجود يحيى السنوار بموقع قتله، وأن ما حدث جرى عن طريق الصدفة" وهو ما يشير إلى أن السنوار، المطلوب الأول لدولة الاحتلال، كان في الميدان يقاتل مع عناصر "القسام"، الجناح العسكري لحماس، وليس كما روج جيش الاحتلال بأنه يختبئ منذ شهور وسط الأسرى الإسرائيليين بأنفاق القطاع.

وأكد جيش الاحتلال أنه جرى قتل رئيس حركة حماس، يحيى السنوار في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وذلك عقب اشتباك مسلح وقع في إحدى البنايات التي تواجد فيها مسلحون من "حماس"، وفق بيانه.

وقالت إذاعة جيش الاحتلال: إن السنوار كان يرتدي جعبة عسكرية، ويلتف بالكوفية الفلسطينية ومعه قيادي ميداني آخر.

من جهتها، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت: إن قياديين جرى اغتيالهما برفقة السنوار، وهما محمود حمدان وهاني زعرب.

وسربت الصحف الإسرائيلية صور العملية التي أدت لاستشهاد السنوار، لتظهر دون أن تقصد أسطورة البطل الذي يقاتل حتى آخر أنفاسه، وهو يشتبك معهم بقدم مبتورة ويد مصابة.

وبثت قنوات عبرية فيديو للمعركة التي دارت بين البطل الشهيد، وجنود الاحتلال، قبيل استشهاده، وقالت إذاعة العدو: إن السنوار أصاب عددًا من هؤلاء الجنود أحدهم إصابته خطيرة جدًا. كما أظهرت الفيديوهات السنوار وهو يقاتل طائرة "كواد كابتر" أطلقتها قوات الاحتلال داخل المنزل الذي تحصن فيه، حيث ألقى صوبها عصا كانت بيده اليسرى، فيما كانت يده اليمنى مصابة وتنزف.

وقال بيان لجيش الاحتلال، إنه لم يعثر على أي دليل يشير إلى وجود محتجزين في المبنى الذي استهدف فيه القادة الثلاثة.

ونشرت قوات الاحتلال صورا لجثة السنوار يظهر فيها ارتداؤه "جعبة" عسكرية مخصصة لحمل مخازن الرصاص وعتاد عسكري، إلى جانبه قطعة سلاح أتوماتيكية، ما يعني أنه اشتبك معهم هو ومن كانوا معه، قبل أن يقضوا شهداء.

وقالت شرطة الاحتلال: إن فريق الطب الشرعي التابع لها حدد هوية جثة السنوار من خلال صور أسنانه التي التقطها الجنود على الأرض في رفح، وقارنوها بصور أسنانه التي تحتفظ بها "إسرائيل".

مسبحة وزجاجة عطر وأذكار.. مقتنيات البطل:

ونشرت حسابات عبرية، مقتنيات قالت إنه تم العثور عليها بحوزة السنوار، وتظهر الصور، وجود مسبحة، وزجاجة عطر صغيرة، وإصبع من الحلوى، وكتيبات أدعية، إضافة إلى مصباح إضاءة صغير وسلاح أبيض، إضافة إلى مبلغ مالي قليل يقدر بنحو 370 دولارا كما تظهر الصورة.

وفي صور أخرى، تظهر جعبة عسكرية إضافة إلى بندقية رشاشة من طراز كلاشينكوف، ومخازن ذخيرة وجعبة للمخازن، وبطاقات هوية وجواز سفر قديم لشخص يدعى هاني زعرب قال الاحتلال إنه من كتائب القسام.

تقرير الطب الشرعي:

ونقلت هيئة البث العامة "كان 11" الجمعة الماضي، عن مدير معهد الطب الجنائي الإسرائيلي، حِن كوجيل، الذي شرّح جثمان زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، إن "السنوار احتضر لعدة ساعات على الأقل. وما قتله في النهاية كانت رصاصة دخلت إلى رأسه وتسببت بضرر بالغ للدماغ".

وأضاف أن "الجثة وصلت إلينا عند الساعة التاسعة والنصف مساء الجمعة. ونفذنا على الفور عيّنة DNA (الحمض النووي) وفحص CT وبعد ذلك عملنا على الجثة حتى منتصف الليل تقريبا".

وتابع كوجيل: "لكن قبل وصول الجثة، تلقينا معلومات حول وجود شبهات بأن السنوار قُتل. وبطبيعة الحال الأمر الأول هو تشخيص الجثة. ومن أجل التشخيص بتروا له إصبعا وأرسلوه إلينا. وقد أرسلوه إلينا كي يتمكن مختبرنا من استخراج DNA ومقارنته مع الـ DNA القضائي لأنه كان أسيرا في إسرائيل. وهذا ما تم فعله".

عائلات الرهائن:

وفي استغلال سريع لوفاة القائد، تحركت عائلات الأسرى الإسرائيليين، وطالبت بسرعة عقد صفقة تبادل مع حماس والإفراج عن ذويهم، وذلك خوفًا عل حياتهم بعد مقتل السنوار.

وحثّ بيان صدر عن "مقرّ عائلات الرهائن"، "قيادة الدولة على تحويل ما أسموه إنجازا عسكريا إلى إنجاز سياسيّ، والسعي للتوصل إلى اتفاق فوري من أجل الإفراج عنهم"، مشدّدين على ضرورة "إطلاق سراح جميع المختطَفين، البالغ عددهم 101 من الأحياء لإعادة تأهيلهم، والقتلى لدفنهم بشكل لائق".

واعتبرت العائلات أن قتل السنوار يشكّل محطة مهمة على طريق النصر الحقيقي، الذي لن يتحقق إلا بعودة المختطفين الـ101، حيث أوضح بيانهم أن حكومة نتنياهو، لم تستثمر النجاحات العسكرية طوال العام الماضي في الإفراج عن ذويهم من المحتجزين.

تحدى تكنولجيتهم:

وفي تقرير مترجم لـ "الجارديان" أكدت الصحيفة البريطانية، أن جميع قدرات إسرائيل ومعاونيها فشلت في الوصول إلى يحيى السنوار، وأن الصدفة وحدها هي التي أوقعت القائد الفلسطيني تحت قبضتهم، حيث واجه الجنود الإسرائيليون زعيم حماس دون أن يعرفوا هويته، وبعد عام طويل وملاحقة شاركت فيها عدة وكالات استخبارية، واستخدام أحدث التكنولوجيا وقوى نخبة إسرائيلية وبمساعدة أمريكية، قتل السنوار في معركة مع جنود نظاميين واجهوه، ولم يعرفوا من كانوا يقاتلون.

لم يعرف الجنود أن السنوار قتل إلا بعد إلقائهم نظرة فاحصة على وجهه، وعثروا على وثائق هوية معه، واكتشفوا أنه السنوار المطلوب الأول لإسرائيل.

وفشلت كل تقنيات إسرائيل ومعاونيها في مشاهدة السنوار، إلا عندما سمح هو بتسريب فيديو يتحدث فيه إلى الأسرى الإسرائيليين يؤكد لهم أن حياتهم آمنة، وسيتم مبادلتهم بأسرى فلسطينيين.

وأشار التقرير إلى أن "عملية ملاحقة السنوار استخدمت مزيجا من التكنولوجيا المتقدمة والقوة الغاشمة، حيث استخدم من لاحقوه كل شيء ولم يبالوا بالدمار وقتل أعداد كبيرة من المدنيين. وكانت الفرق التي تلاحقه هي قوات أمنية متخصصة بالمهام الخاصة في الجيش الإسرائيلي، ومن وحدات المهندسين وخبراء الرقابة، وتحت مظلة "وكالة الاستخبارات الإسرائيلية" أو الشاباك.

وفي السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مدير الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية "أمان"، مايكل ميليشتين: "لو أخبرتني عندما بدأت الحرب أنه سيظل على قيد الحياة، بعد عام، سأجد هذا مثيرا للدهشة"، مضيفا: "لكن تذكر أن السنوار قد خطط لهذا الهجوم منذ عقد من الزمان، وفوجئ الجيش الإسرائيلي بحجم الأنفاق تحت غزة وطولها والتقنية العالية لها".

وأكد " ميليشتين"، أن السنوار يفهم الغرائز الأساسية والمشاعر العميقة للمجتمع الإسرائيلي وكل خطوة كان يقوم بها تقوم على فهمه لإسرائيل".

وتابع: "واصل السنوار، طوال العام الذي قضاه مختبئا، التواصل مع العالم الخارجي، وإن كان ذلك بصعوبة واضحة. وكثيرا ما توقفت المفاوضات الطويلة غير المثمرة بشأن وقف إطلاق النار في القاهرة والدوحة، بينما كانت الرسائل ترسل من وإلى القائد المختبئ، كما افترض أعداؤه في نفق. وكانت النظرية السائدة، هي أن السنوار يستخدم سعاة للبقاء في القيادة المكونة من حلقة صغيرة ومتقلصة من المساعدين الذين يثق بهم، بدءا من شقيقه محمد، وهو قائد عسكري كبير في غزة".

وأردف التقرير: "اعتقد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون، أن السنوار سيكون محاطا بالأسرى، كدروع بشرية. ورغم المخاطر على حياتهم، لم يتورع الجيش الإسرائيلي عن استخدام قنابل زنة الواحدة منها 2، 000 رطل في البحث عنه، وفي النهاية كان السنوار برفقة رجلين".

وأوضحت الصحيفة أن القسم الخاص في فيلق الهندسة بجيش الاحتلال الإسرائيلي واسمه "ياهالوم"، لديه خبرة في حرب الأنفاق وأكثر من أي جيش في الغرب، كماويستطيع الحصول على أحدث الأجهزة الاستخباراتية من الولايات المتحدة، بما فيها الرادارات الخارقة للأرض. وتعد وحدة إشارات الاستخبارات السرية 8200 رائدة في الحروب الإلكترونية، وقادرة على اختراق والتنصت على اتصالات حماس، وهو ما تفعله منذ عقود.

وعلى الرغم من أن جهاز الشين بيت فقد العديد من "عملائه" في غزة بعد انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005، إلا أنه عمل جاهدا على إعادة بناء شبكة عملاء، بعد الغزو البري في أكتوبر، حيث قام بتجنيد عدد منهم في أثناء موجات النزوح داخل غزة.

جثمان الشهيد ورقة تفاوض:

وذكر موقع "واينت" العبري أنه تمّ نقل جثمان السنوار إلى مكان "سريّ" في إسرائيل، وأكد الموقع أن جثته ستستخدم كورقة في المفاوضات المستقبلية التي ستشمل عودة (الرهائن) الإسرائيليين الـ101 في قطاع غزة.

وبينما فرح الشامتون في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وحركات المقاومة الفلسطينية عمومًا باستشهاد البطل الفلسطيني، واعتبروا ذلك نهاية حاسمة لتلك الحركات التي ظلت تدمي قلب إسرائيل، ولأنهم لا يأمنون إلا بأقوال أسيادهم في الدولة العبرية، فقد أكد مدير الموساد السابق، رام بن باراك، أن رحيل السنوار يعني ظهور شخص آخر محله، وهذه حرب أيديولوجية وليست عن السنوار، فيما شدد مدير الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية "أمان"، مايكل ميليشتين أنهم في إسرائيل أدركوا بعد 50 عامًا من الصراع مع الفلسطينيين، ان قتل قادة أي منظمة فلسطينية أيديولوجية لا يقضي عليها بل تتجدد، مؤكدًا أن حماس لن تنتهي بمقل السنوار.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين نتنياهو قضية فلسطين العدوان على غزة يحيى السنوار یحیى السنوار جیش الاحتلال قتل السنوار أن السنوار

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يهدم 3 منازل مأهولة وصالة أفراح في سلفيت وبيت لحم ورام الله

هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025، 3 منازل مأهولة وصالة أفراح في سلفيت، و بيت لحم ، و رام الله .

حيث هدمت تلك القوات في ساعات الصباح الباكر، منزلين تعود ملكيتهما للمواطنين محمد خالد صبرة وعلاء محمود بركات، في المنطقة المعروفة بـ"البقعان"، رغم أن المنزلين مأهولان بالسكان منذ نحو سبع سنوات.

وقد سلّمت سلطات الاحتلال عشرات المواطنين في البلدة، التي تقع غرب سلفيت، إخطارات بهدم منازلهم خلال الفترة الماضية، ضمن سياسة متواصلة تستهدف الوجود الفلسطيني في المناطق المصنفة (ج).

كما أقدم مستعمرون، فجر اليوم، على إحراق صالة أفراح تقع بين بلدتي سنيريا وبديا غرب سلفيت، وخطّوا على جدرانها شعارات عنصرية ومعادية للعرب، من بينها "الموت للعرب" و"شعب إسرائيل حي"، في تكرار لنهج التحريض والكراهية الذي تنتهجه جماعات المستعمرين.

وتشهد محافظة سلفيت في الآونة الأخيرة تصاعدا ملحوظا في اعتداءات المستعمرين، التي تستهدف ممتلكات المواطنين وأراضيهم، في ظل غياب تام لأي رادع من قوات الاحتلال.

يُذكر أن عمليات هدم المنازل في محافظة سلفيت تصاعدت بشكل ملحوظ منذ بدء العدوان الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة والضفة، لا سيما في المناطق المصنفة (ج)، التي تشكل نحو 75% من مساحة المحافظة.

وبالتزامن مع عملية الهدم في سلفيت، هدمت قوات الاحتلال صباح اليوم منزلا في قرية وادي فوكين غرب بيت لحم، يعود للمواطن عصام باسم مناصرة تبلغ مساحته 150 مترا مربعا، كما تم منعه من إخراج بعض الأثاث والمحتويات.

هذا، وهدمت قوات الاحتلال، قبل قليل، قاعة أفراح في بلدة بيت لقيا غرب رام الله، تعود للمواطن خلدون عاصي.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين تأجيل امتحان الثانوية العامة 2024 لطلبة 2006 في قطاع غزة المالية تعلن صرف رواتب الموظفين عن شهر 2/2025 اليوم الثلاثاء مستعمرون يحرقون قاعة أفراح ويخطون شعارات عنصرية غرب سلفيت الأكثر قراءة غزة: استشهاد 322 طفلا منذ خرق إسرائيل وقف إطلاق النار ترامب يعتزم زيارة السعودية الشهر المقبل بالصور: جنازة طفل فلسطيني تتحول إلى مسيرة حاشدة في أنقرة الجيش الإسرائيلي يكشف عن "المُستهدف" بعملية الاغتيال في بيروت عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • حماس تطلب من البرلماني الدولي فرض عزلة على الاحتلال الإسرائيلي
  • السيد عبدالملك الحوثي: العدو الإسرائيلي منذ بدأ احتلاله لفلسطين ولديه مخطط معلن وواضح وهو المخطط الصهيوني لـ”إسرائيل الكبرى”
  • الاحتلال يهدم منازل بالخليل وطولكرم ويفرغ شاحنة خنازير
  • إعلام العدو: “إسرائيل” فشلت في تحقيق أهداف الحرب وحماس لا تزال تتسيد غزة
  • الاحتلال يهدم منزلا في قرية شوفة جنوب شرق طولكرم
  • ضمن سياسة تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وضغطًا على «حماس».. إسرائيل تمحو رفح من الخريطة وتحولها لمنطقة عازلة
  • حماس”: مجزرة الشجاعية وصمة عار عالمية وعلى دول التطبيع قطع العلاقات مع العدو
  • حماس: التصعيد الإسرائيلي لن يعيد الأسرى أحياء
  • الرئاسة تعقب على احتلال إسرائيل لمحور "موراغ" وهذا ما طالبت به حماس
  • الاحتلال يهدم 3 منازل مأهولة وصالة أفراح في سلفيت وبيت لحم ورام الله