ويستقبلك أقوى ملوك مصر شامخًا مهيبًا فى مدخل البهو العظيم الذى يطل على الأهرامات رمز الخلود، وكأنه من مقره الملكى الجديد أول من يأذن لك بأن تكون ضيفًا على حضارة لا مثيل لها، بادئًا بفخامة تمثال الملك العظيم رمسيس الثانى الذى يقف ومعه خمسة من التماثيل الضخمة على مساحة سبعة آلاف متر بعد أن انتقل إلى هذا الفضاء عبر رحلتين، الأولى من قلب ميدان "رمسيس" أو "باب الحديد" فى وسط مدينة القاهرة فى ذلك الموكب المهيب الذى نقلته شاشات العالم، والثانية من ميت رهينة حيث انتظر أعوامًا ليكون أول قطعة توضع داخل المتحف فى 25 يناير 2018.

ويستقبلك الآن بجسده من الجرانيت الأحمر وطوله الفارع الذى يصل إلى اثنى عشر مترًا، كأجمل استهلال لجولة بين دروب تاريخ آثاره المبهرة تفصح عن بعض أسراره فى هذا العرض المتحفى الفخم، الذى تلعب فيه الإضاءة دورًا بارزًا يبرز المهابة والجمال ويمنح زائر هذا الصرح الذى لا مثيل له فى العالم تجربة لا يمكن أن ينساها.

لكنك قبل أن تدخل إلى الصرح المهيب الشاسع سيأخذك جمال واجهته "حائط الأهرامات" التى صممت بعرض 600 متر وارتفاع حوالى 45 مترًا، بكسوة من الرخام المستخرج من محاجر سيناء، وتشتمل على أجناب المدخل الرئيس، التى تتشكل من خراطيش ملوك مصر.

ولا يمكنك أن تمر دون أن تعبر من تحت أول مسلة معلقة، لتتمتع بالنظر لخرطوش الملك الذى يزين قاعدتها ولم تتح رؤيته للجمهور من قبل.

أنت فى المتحف الكبير، فى جولة نادرة، على أنغام الموسيقى الهادئة وتحت نقوش السقف المزينة بالأهرامات، وبين تناسق الألوان، يأخذك بين كل ذلك جمال سيناريو العرض المتحفى الذى سمحت بإبرازه المساحات المفتوحة، وتستمتع بشاشات العرض الضخمة، وبتجربة فريدة للواقع المعزز حيث تشعر وكأنك فى قلب مصر القديمة، تعيش تلك التجربة المدهشة الفريدة بين مشاهد حضارة لم تعرف منها من قبل إلا نقوشها وتماثيلها ومسلاتها وحلى الذهب والمومياوات والمعابد الضخمة، لكنك رغم كل هذا الجمال لن تشاهد كل الكنوز، لأنه افتتاح تجريبي، فمازال الملك ذو القناع الذهبى توت عنخ آمون ومجموعته الكاملة ينتظرون الافتتاح الرسمى الذى سيحدد لاحقًا، لكن ما ستراه كافٍ لتشعر بكل هذا الاختلاف والمتعة التى لا مثيل لها والفخر بحضارتك.

ما بين البهو الرئيسي والدرج العظيم واثنتى عشرة قاعة عرض، ما بين الحدائق والنظر إلى الأهرامات عن بعد والموقع الفريد لتمثال رمسيس الذى اختير بعناية لتتعامد الشمس على وجهه فى 21 فبراير من كل عام، والتجربة المميزة التى سيمر بها الأطفال.

ويقودنا الجمال الآسر- قبل أن تتوالى أسئلتنا الأخرى- إلى السؤال الأهم الذى توجهنا به إلى الدكتور عيسى زيدان مدير عام الترميم ونقل الآثار فى المتحف المصرى الكبير: ترى هل سيؤثر هذا الصرح الفريد على رغبة السائحين فى زيارة أشهر متحفين بالقاهرة، الحضارة بالفسطاط، والمتحف المصرى بالتحرير؟!

فيجيبنا: "لكل متحف من المتاحف الثلاثة هوية مستقلة عن الآخر، فالمتحف المصرى بالتحرير سيظل يعرض روائع فن النحت بمصر القديمة وهى قطع نادرة غير موجودة بأى من المتحفين الآخرين إضافة إلى أنه قبلة الزائرين وتظل به مجموعة مجوهرات رائعة مثل مجموعة "يويا وتويا" ومجوهرات "تانيس"، بينما يتميز متحف الحضارة بالمومياوات الملكية، بينما يتميز المتحف الكبير بالمجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، تعرض كاملة لأول مرة وهى أكثر من 5398 قطعة، إضافة للمركبين الخاصين بالملك خوفو، والمسلة المعلقة للملك رمسيس، إضافة إلى الدرج العظيم الذى يتدرج من الأرض بارتفاع 36 مترًا وفكرته أيضًا غير موجودة فى أى متحف فى العالم.

ويوضح "زيدان" أن الدرج العظيم يبدأ بتماثيل الملك فى زيه الرسمى وفى مرحلة تالية تشاهد المعابد التى قام بإنشائها، وتماثيل للملك مع تماثيل ترمز للآلهة فى تلك الفترة، ثم قطع ترمز للملك فى رحلته الأخيرة ثم يمكن من أعلى الدرج مشاهدة الأهرامات المقر الأخير للملوك، بينما القاعات تمثل حقبًا مختلفة من عصر الأسرات الأولى وحتى العصر اليونانى الرومانى.

وربما تخيل البعض أن المساحة الشاسعة التى يقع عليها المتحف ستكون عائقًا أمام كبار السن وذوى الهمم وهو ما يؤكد "زيدان" عكسه، موضحًا أن المتحف مزود بكل وسائل التكنولوجيا الحديثة ومجهز لكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، وتوجد من مدخل المتحف عند شباك التذاكر عربات "جولف" تنقل الزائر للبهو العظيم، وهناك سيجد المصاعد الكهربائية والسلالم المتحركة، وتوجد قطع من المستنسخات يمكن لمسها للمكفوفين ومكتوب عليها بطريقة برايل، كما توجد مطاعم واستراحات وبازارات، وللأطفال متحف مستقل يعلم الطفل الانتماء للحضارة المصرية والفنون المصرية، فنحن أمام متحف وصرح ثقافى وترفيهى كبير.

ويؤكد عيسى زيدان أن المتحف المصرى الكبير سواء معروضاته أو معامل ترميمه أو مخازنه مؤمنة على أعلى مستوى إضافة للتحكم فى الحرارة والرطوبة.

كما أوضح أن عدد القطع المعروضة حاليًا 57 ألف قطعة ما بين آثار معروضة أو فى المخازن للباحثين والدارسين أخذت من عموم الجمهورية دون الإخلال بالعرض المتحفى لأى متحف تم أخذ أى قطع منه لتنضم إلى معروضات المتحف الكبير، باستثناء مجموعة الملك توت عنخ آمون التى أخذت من المتحف المصرى بالتحرير وتم استبدالها بمجموعة مهمة جدًّا هى مجموعة يويا وتويا وعرضت بشكل لائق جدًّا فى التحرير.

وعن سعر التذكرة الحالى يقول زيدان: إنها 200 جنيه للمصريين، وهو ليس سعرًا نهائيًا، وإنما نظير التشغيل التجريبى، ولكن عندما يتم افتتاح المتحف رسميًا سيختلف السعر ليكون فى متناول الأسرة المًصرية لأن المتحف له رسالة أخرى غير الربح وهى رسالة تنمية الثقافة والانتماء، مؤكدًا أن الدولة اهتمت بالطرق حول المتحف إضافة إلى أن محطة مترو الأنفاق ستساعد الجماهير فى الوصول إليه فور انتهائها، وسيكون بينها وبين المتحف مسافة قصيرة جدًا، إضافة إلى وجود مطار سفنكس القريب الذى سيسمح للسائحين الراغبين فى الوصول مباشرة للمتحف المصرى الكبير.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الآثار السياحة في مصر المتحف الكبير عيسى زيدان المتحف الکبیر المتحف المصرى إضافة إلى

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يدعو ملك إسبانيا والسيدة قرينته لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير

التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، بالملك فيليب السادس ملك أسبانيا، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس إلى أسبانيا.
 
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الملك فيليب حرص في مستهل اللقاء على الترحيب بالرئيس ضيفاً عزيزاً على أسبانيا، معرباً عن اعتزاز بلاده بالعلاقات والأواصر التاريخية الممتدة التي تجمع البلدين والشعبين الصديقين، وتطلعه لأن تسفر الزيارة عن المزيد من التعاون في مختلف المجالات، والبناء على الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية خلال السنوات الماضية، كما أعرب الملك فيليب عن تقدير أسبانيا لدور مصر الجوهري وجهودها بإعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق الإستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيس أعرب عن الامتنان لحفاوة الإستقبال، مؤكداً لملك أسبانيا على التقدير الكبير الذي تكنه مصر لبلاده قيادة وشعباً، والحرص على مواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، خاصة في المجالات الإقتصادية والاستثماريّة فضلاً عن التنسيق السياسي، وهو الأمر الذي تجسد في ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من التعاون المكثف والوثيق في مختلف المجالات، مشدداً سيادته على حرص الحكومة المصرية على توفير كافة التسهيلات لضمان نجاح الشركات الأسبانية العاملة في مصر وتذليل أية عقبات قد تواجهها.
 
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الرئيس أشاد بالموقف الأسباني التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، مؤكداً ضرورة تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع لإنهاء المأساة الإنسانية التي يعيشها أهل القطاع، مع ضرورة الشروع في عمليات إعادة إعمار القطاع دون تهجير الفلسطينيين أو خروجهم من أرضهم، وحتمية مواصلة جهود البلدين من أجل ضمان إحترام حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، بوصفه المسار الوحيد الضامن لتحقيق السلام الدائم بالمنطقة.

كما أوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس وجه الدعوة لملك وملكة أسبانيا لزيارة مصر، وكذا للمشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير. ومن جانبه، أعرب الملك فيليب السادس عن تطلعه لتلبية الدعوة وزيارة مصر في أقرب فرصة.

وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي خلال مأدبة الغداء الرسمي التي أقامها الملك "فيليب السادس" ملك أسبانيا على شرف سيادته، بحضور الملكة ليتيزيا ملكة أسبانيا، وبيدرو سانشيز رئيس الحكومة الأسبانية، وكبار رجال الدولة في أسبانيا:
 
الملك فيليب السادس.... 
 ملك مملكة إسبانيا الصديقة،
الملكة ليتيزيا….
 ملكة إسبانيا الصديقة،
دولة رئيس الحكومة الإسبانية،
السيدات والسادة الحضور،
 
اسمحوا لي أن أتوجه بكل الشكر والعرفان للجانب الإسباني على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة منذ وصولي إلى مملكة إسبانيا، وذلك في زيارتي الثانية إلى بلدكم الصديق، والتي نعتز بعلاقاتنا التاريخية معها على المستويين الحكومي والشعبي.

وأغتنم هذه الفرصة لكي أؤكد مرة أخرى تطلعي لاستقبال ملك وملكة إسبانيا في زيارة رسمية إلى مصر في أقرب فرصة، كما أتطلع أيضاً لاستقبال جلالتكم في مصر لتشريف حفل افتتاح المتحف المصري الكبير والمقرر عقده في شهر يوليو 2025.
 
الملك، الملكة، الحضور الكريم،
تأتي زيارتي اليوم في وقت يشهد فيه مسار علاقتنا الثنائية تطوراً كبيراً، وقد أكدت لقاءاتي اليوم مع الملك ومع دولة رئيس الحكومة الإسبانية وجود التزام ورغبة مشتركة في تعزيز وتعميق كافة جوانب العلاقات الثنائية، وهو ما انعكس في التوقيع اليوم على الإعلان المشترك لترفيع العلاقات بين بلدينا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

وأؤكد في هذا السياق على تطلعنا للعمل المشترك لتنفيذ كافة محاور شراكتنا الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في ظل الفرص والإمكانات التي توفرها البلدان.
 
الحضور الكريم،
لا يفوتني الإشارة إلى الأزمات والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ويهمني في هذا الصدد أن أُشيد وأن أشكركم على الموقف الأسباني المشرف والتاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، وأن أؤكد التزام مصر بمواصلة العمل مع مملكة إسبانيا الصديقة من أجل إيجاد حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأؤكد في هذا الصدد على تطلعنا لمواصلة قيام إسبانيا بالمطالبة بالتنفيذ الكامل لإتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع لمواجهة الكارثة الإنسانية غير المسبوقة بالقطاع، فضلاً عن ضرورة البدء بشكل فوري في عملية إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير أهالي القطاع، وكذا ضرورة وقف الممارسات العدوانية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وأشدد هنا أننا نرغب في التوصل إلى السلام الدائم، وأننا نتطلع إلى قيام الرئيس ترامب بالدور الذي ننتظره منه تحقيقاً لهذا الهدف الذي طال انتظاره بإقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وأن نرى في الشرق الأوسط تعايشاً سلمياً بين كل شعوب المنطقة.
 
وبالنسبة للوضع في سوريا، فإننا نؤكد على أهمية بدء عملية سياسية تشمل جميع أطياف الشعب السوري تنتهي في أقرب وقت ممكن إلى اعتماد دستور للبلاد وإجراء الانتخابات، مع رفضنا قيام إسرائيل أو غيرها من الدول باحتلال أراضي هذا البلد الشقيق.
 
ونتطلع كذلك إلى إنهاء الصراعات والأزمات التي يشهدها عالمنا، سواء في السودان أو ليبيا أو اليمن أو غيرها وكذا الحرب في أوكرانيا بالوسائل السلمية، بما يضمن الحفاظ على سيادة تلك الدول ومقدرات شعوبها.
 
الملك، الملكة، الحضور الكريم،
مرة أخرى، أكرر شكري وتقديري على كرم الضيافة، وأؤكد تطلعي لمواصلة جهودنا من أجل تعميق أوجه التعاون والتنسيق بين بلدينا.

نص كلمة الرئيس السيسي في لقاء ملك وملكة إسبانيا169 مليون جنيه.. حجم الإستثمارات لتطوير منظومة إدارة المخلفات بمطروح

مقالات مشابهة

  • «متحف زايد الوطني».. برنامج متكامل لنشر المعرفة وتعزيز المشاركة المجتمعية
  • تصور للاستثمار الأمثل لافتتاح المتحف المصري الكبير في الترويج للسياحة
  • رئيس «الغرف السياحية» سابقا: المتحف المصري الكبير أمل لمستقبل السياحة بمصر
  • مصطفى شعبان.. نجم الدراما المتجدّد
  • الرئيس السيسي يدعو ملك إسبانيا والسيدة قرينته لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير
  • السيسي يدعو ملك إسبانيا لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير
  • الرئيس السيسي: نتطلع لاستقبال ملك إسبانيا للمشاركة فى إفتتاح المتحف المصري الكبير
  • الرئيس السيسي يدعو ملك إسبانيا لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير
  • الرئيس السيسي يدعو ملك إسبانيا لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير 
  • زيادة ملحوظة في أعداد زائري المتحف المصري الكبير 2025