معلومات الوزراء: المراكز المالية تلعب دورا محوريا في الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الخامس من تقرير مدن المستقبل بعنوان «القاهرة مركز مالي عالمي.. مدن المستقبل.. الإطار والممارسات العالمية»، أوضح من خلاله أن المؤسسات الدولية والمحلية تبنت مؤخرًا نهجًا جديدًا في التنمية العمرانية يعتمد على محددات مفهوم المدن الذكية المستدامة، خاصة مع توسع الدول حول العالم في إنشاء مدن جديدة بمعايير وتقنيات تكنولوجية وخضراء في الوقت نفسه، وفي إطار عمل المركز على مشروع المدن المصرية 2050 يسلط التقرير الضوء على مفهوم المراكز المالية العالمية، والأدوات المستخدمة من جانب المؤسسات المعنية لتقييم مستوى تقدم تلك المراكز، ويتناول الأطر العالمية ومؤشرات القياس المعتمدة دوليًا بشأن المراكز المالية حول العالم، إلى جانب إلقاء الضوء على تطبيقات وممارسات تلك المعايير والمؤشرات على أرض الواقع في محاولة تستهدف فهم عملية بناء المراكز المالية من خلال دمج تطبيقات وشبكات تكنولوجيا المعلومات في واقع الحياة اليومية الحضرية.
وأشار المركز خلال التقرير إلى توقعات الأمم المتحدة أنه بحلول 2050 سيعيش 68% من سكان العالم في مدن، ومن ثم من المتوقع أن تصبح المدن بحلول هذا العام أكبر وأكثر كثافة سكانية مما هي عليه اليوم، وفي هذا الإطار تزداد التوقعات بشأن ما قد تواجهه المدن في المستقبل من تحديات تؤثر في مستوى جودة الحياة لذلك يهدف مشروع مستقبل المدن المصرية إلى استشراف مستقبل عدد من المدن المصرية وصياغة رؤى مستقبلية تسهم في إحداث تحولات إيجابية في واقع حياة سكان تلك المدن، انطلاقًا من أهم الاتجاهات المستقبلية والتحديات والفرص المحتملة وأفضل المفاهيم والممارسات الدولية والحلول المبتكرة.
وتضمن التقرير قسماً حول أهمية المراكز المالية العالمية، مشيراً إلى أنها تلعب دورًا مهمًا ومحوريًا في الاقتصاد العالمي خاصًة في ظل التطورات والتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم كما تعمل على توفير الخدمات المالية المتنوعة ودعم الابتكار المالي وتسهيل التجارة الدولية وتعزيز الاستقرار المالي، وبالرغم من التحديات التي تواجهها مثل التطورات التكنولوجية والمتغيرات الجيوسياسية، تبقى هذه المراكز محركات رئيسة للنمو والازدهار في عالمنا المترابط.
وفي هذا السياق يمكن عرض أهمية المراكز المالية العالمية من خلال أربعة محاور رئيسة على النحو التالي:
أولاً: دور المراكز المالية في تعزيز التجارة العالمية-تعمل المراكز المالية بمثابة وسطاء بين المشترين والبائعين مما يتيح التدفق السلس لرأس المال والسلع والخدمات عبر الحدود كما تعمل تلك المراكز كمحفز للنمو الاقتصادي من خلال جذب الاستثمار وتشجيع ريادة الأعمال وتسهيل إنشاء أعمال تجارية جديدة وتوفر هذه المراكز مجموعة واسعة من الخدمات المالية بما في ذلك الخدمات المصرفية والتأمين وإدارة الأصول والتي تعد ضرورية لازدهار الشركات، فعلى سبيل المثال كان المركز المالي في لندن محركًا رئيسًا لاقتصاد المملكة المتحدة حيث ساهم بشكل كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل.
-توفر المراكز المالية للشركات والحكومات الوصول إلى رأس المال وهي بمثابة مركز لأسواق رأس المال، حيث يمكن للشركات جمع الأموال من خلال العروض العامة الأولية (IPOs)، أو إصدارات السندات أو استثمارات رأس المال الاستثماري فعلى سبيل المثال تعد بورصتي نيويورك وناسداك في الولايات المتحدة من المراكز المالية البارزة التي تمكن الشركات من زيادة رأس المال عن طريق إدراج أسهمها ويتيح الوصول إلى رأس المال للشركات التوسع والاستثمار في البحث والتطوير واستكشاف أسواق جديدة.
-تلعب المراكز المالية أيضًا دورًا حاسمًا في تخفيف المخاطر المرتبطة بالتجارة الدولية فهي توفر أدوات مالية مختلفة مثل «التمويل التجاري، وخطابات الاعتماد، والتأمين، التي تساعد على إدارة المخاطر المتعلقة بتقلبات العملة، والتخلف عن السداد، وعدم الاستقرار السياسي»، على سبيل المثال يوفر المركز المالي في سنغافورة بنية أساسية قوية لتمويل التجارة مما يسمح للشركات بتخفيف المخاطر وضمان المعاملات السلسة.
-تعد المراكز المالية بؤرًا للابتكار ونقل المعرفة حيث تجتذب المهنيين المهرة ورجال الأعمال والباحثين من جميع أنحاء العالم، حيث إن تركيز الخبرات والموارد المالية في هذه المراكز يعزز التعاون وتبادل الأفكار مما يؤدي إلى تطوير منتجات وخدمات وتقنيات مالية جديدة، كما تعمل المراكز المالية أيضًا على تعزيز التعاون الدولي من خلال تسهيل المعاملات عبر الحدود وتعزيز الشراكات بين الشركات والحكومات وهي بمثابة نقاط التقاء للمنظمات العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مما يتيح الحوار والتنسيق بشأن سياسات الاقتصاد الكلي واللوائح المالية، ويتجلى دور المراكز المالية في التعاون الدولي بشكل خاص في مدن مثل جنيف وزيورخ التي تستضيف العديد من المنظمات الدولية وتعمل كمراكز للدبلوماسية والمالية.
ثانيًا: الدور المتزايد للمراكز المالية في تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر-تلعب دورًا مهمًا في المناطق التي ترتفع فيها الضرائب حول العالم، فكثيرًا ما يكون المستثمرون أكثر قدرة على هيكلة التزاماتهم الرأسمالية تجاه البلدان التي تفرض ضرائب مرتفعة من خلال الجمع بين استثماراتهم في البلدان التي تفرض ضرائب مرتفعة والاستثمار في المراكز المالية الدولية، وبالنسبة للمستثمرين الذين يقعون في بلدان تفرض ضرائب على الدخل التجاري المكتسب في أماكن أخرى، فإن استخدام المراكز المالية الدولية يمكن أن يُسهل تأجيل ضريبة البلد الأم على الدخل الأجنبي مما يزيد من العائدات على الاستثمارات الأجنبية كما تعمل الخدمات المالية والسلع والخدمات الوسيطة الأخرى التي يتم الحصول عليها بتكلفة منخفضة بعد الضريبة في المراكز المالية الدولية على زيادة إنتاجية وتنافسية العمليات الاقتصادية في البلدان ذات الضرائب المرتفعة وبالتالي زيادة الطلب على الإنتاج في تلك المواقع.
-تسهم المؤسسات المالية الدولية أيضًا في ضبط الأسواق في أجزاء أخرى من العالم والحد من الدرجة التي قد تتمكن بها البنوك وغيرها من المؤسسات الضخمة من استغلال الاحتكارات المحلية على نحو يلحق الضرر بالأفراد والشركات كما أن قدرة المستثمرين عل توجيه المعاملات المالية من خلال مراكز التمويل الدولية تقلل من فروض أسعار الفائدة والتخصيص التعسفي للائتمان وغيرها من المشكلات المرتبطة بالقوة السوقية المفرطة من جانب الوسطاء الماليين المحليين، ونتيجة لهذا فإن المؤسسات المالية الدولية تعمل على تعزيز استقرار البنية المالية العالمية، كما تسهم مؤسسات التمويل الدولية في تحصيل الضرائب والمنافسة الضريبية بين الدول الكبرى حيث تسمح لحكومات البلدان الكبرى بتنفيذ السياسات الضريبية المحلية التي تريدها وتحتاج إليها في مواجهة الضغوط الاقتصادية الدولية، والدليل من الأعوام الثلاثين الماضية هو أن المنافسة الضريبية كانت ضئيلة للغاية بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع توسع القواعد الضريبية في الوقت نفسه وبالدرجة نفسها مع انخفاض معدلات الضرائب.
-تتمتع المؤسسات المالية الدولية -كمجموعة- بنمو اقتصادي سريع في السنوات الخمس والعشرين الماضية وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة للقطاعات المالية في الاقتصادات الحديثة.
ثالثًا: دور المراكز المالية الدولية في تعزيز المنافسة وتلبية احتياجات المستثمرين-تتمتع المراكز المالية الدولية بالقدرة على معالجة المشكلات المرتبطة بالقطاعات المالية غير التنافسية وذلك من خلال توفير المنافسة للبنوك المحلية وغيرها من الوسطاء الماليين، وتكمن أهمية الوجود في مكان قريب في أن المستثمرين من البلدان الغنية يستثمرون رؤوس أموال أكبر بكثير في المراكز الدولية القريبة مقارنًة بتلك البعيدة، حيث أصبح من المهم في الأسواق المالية العالمية اليوم أن تكون مؤسسة التمويل الدولية قريبة من منزل المستثمر وربما يعكس ذلك أن الشركات في المراكز المالية الدولية تصمم خدماتها بما يتناسب مع احتياجات العملاء القريبين، وهناك شواهد على أن المنافسة التي توفرها المؤسسات المالية الدولية القريبة فاعلة، حيث إن البنوك التجارية في البلدان التي توجد بها مراكز مالية دولية قريبة لديها فروق أسعار فائدة أقل (الفروق بين أسعار الاقتراض والأسعار التي يدفعها المودعون) مقارنًة بالبلدان الأخرى وهو مؤشر على زيادة المنافسة المصرفية، كما تؤدي المراكز المالية الدولية دورًا حاسمًا في تعزيز المنافسة في القطاعات المصرفية المحلية.
-يؤثر وجود المراكز المالية الدولية بشكل كبير في الاقتصادات المجاورة، فالشركات الخاصة في هذه البلدان تميل إلى الحصول على قروض أكبر وأكثر سهولة مقارنًة بالشركات في البلدان البعيدة عن هذه المراكز وهذا يعني أن نشاط الاقتراض والاستثمار في هذه الاقتصادات يكون أعلى بكثير، وتساهم مؤسسات التمويل الدولية في عمق القطاع المالي في البلدان المجاورة حيث إن التمويل الدولي يسهل التمويل المحلي والدليل هو أن الاقتصادات التي تتمتع بقطاعات مالية أكثر قدرة على المنافسة تتمتع بمستويات أعلى من نصيب الفرد في الدخل وتظهر معدلات أسرع لنمو الناتج المحلي الإجمالي مقارنًة بالاقتصادات الأخرى.
رابعًا: دور المراكز المالية في تقديم حلول مبتكرة عبر الاستفادة من التكنولوجياتعمل شركات التكنولوجيا المالية على تغيير الخدمات المالية التقليدية من خلال تقديم حلول مبتكرة تستفيد من التكنولوجيا لتقديم خدمات أسرع وأكثر ملاءمة وفاعلية من حيث التكلفة وغالبًا ما تتميز هذه الشركات بسرعتها ونهجها الذي يركز على العملاء وقدرتها على تسخير قوة تحليلات البيانات، ومع احتضان المراكز المالية للتكنولوجيا المالية يمكنها جذب شركات جديدة وتعزيز الابتكار وإنشاء نظام بيئي يدعم ريادة الأعمال، وقد برزت سنغافورة كمثال رائد للمركز المالي الذي نجح في احتضان العصر الرقمي حيث تهدف مبادرة المركز المالي الذكي في المدينة إلى الاستفادة من التكنولوجيا لإنشاء نظام بيئي نابض بالحياة للتكنولوجيا المالية، وقد نفذت سنغافورة مبادرات مختلفة مثل البيئة التجريبية التنظيمية لتشجيع الابتكار مع الحفاظ على الرقابة التنظيمية، واستثمرت الحكومة أيضًا في البنية التحتية الرقمية وتدابير الأمن السيبراني وتنمية المواهب لدعم نمو شركات التكنولوجيا المالية ونتيجة لذلك اجتذبت سنغافورة العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية وأثبتت نفسها كمركز عالمي للتكنولوجيا المالية.
وقد استعرض المركز من خلال التقرير مؤشر المراكز المالية العالمية ومنهجيته وأقسامه والمؤشرات الفرعية الخاصة به ومقومات نجاح التجارب الدولية المميزة، كما تم استعراض المراكز الخمس الأولى للمؤشر والتي تمثلت في «نيويورك التي لا تزال تتصدر قمة المؤشر وتتفوق على لندن التي تحتل المركز الثاني بالمؤشر وتحتل سنغافورة وهونج كونج المركزين الثالث والرابع بينما احتفظت سان فرانسيسكو بالمركز الخامس».
وتناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار مشروع مركز القاهرة المالي الدولي، حيث تتخذ الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة خطوات لتنفيذ هذا المشروع في العاصمة الإدارية الجديدة، وسيتم إنشاء مركز القاهرة المالي العالمي كمدينة مالية تعمل وفق أنظمة ونماذج أعمال المراكز العالمية المماثلة، وسيكون الهدف الرئيس للمركز هو تسهيل الوصول إلى التمويل والاستثمارات الدولية لتمويل مخاطر ريادة الأعمال وتطوير أسواق رأس المال والصناعات ومشروعات البنية التحتية، كما تهدف الدولة في المقام الأول إلى تحقيق أهدافها الاقتصادية وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات المباشرة من خلال المركز.
وقدَّم التقرير مجموعة من التوصيات والمقترحات حتى يمكن لمصر تحقيق المستهدف وتنفيذ مشروع مركز القاهرة المالي العالمي (CIFC) في العاصمة الإدارية الجديدة والتي يمكن توضحيها عبر المحاور التالية:
1- الاستقرار الاقتصادي: أحد العوامل الأساسية التي تحدد نجاح المراكز المالية العالمية ويوفر الاقتصاد المستقر أساسًا متينًا للأنشطة المالية ويجذب المستثمرين المحليين والدوليين.
2- القوى العاملة الماهرة: والتي تعد عاملًا حاسمًا آخر في تحديد نجاح المراكز المالية وتضمن القوى العاملة ذات المهارات العالية توافر الخبرة في مجالات مثل المالية والمحاسبة وإدارة المخاطر والخدمات القانونية.
3- الابتكار والتكنولوجيا: يكتسب تبني الابتكار والاستفادة من التكنولوجيا أهمية متزايدة بالنسبة للمراكز المالية لكي تظل قادرة على المنافسة ومن الممكن أن يؤدي اعتماد التقنيات المتقدمة مثل "سلسلة الكتل، والذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات الضخمة" إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية وتمكين المعاملات بشكل أسرع وتحسين إدارة المخاطر.
4- السياسات الضريبية: والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في جاذبية المراكز المالية حيث يمكن لمعدلات الضرائب المنخفضة والسياسات الضريبية المواتية أن تحفز الشركات والأفراد على إثبات وجودهم في مركز مالي معين.
5-البنية التحتية والاتصال: والتي يلعب توافرها دورًا حاسمًا في نجاح المراكز المالية وتعمل شبكات النقل المتطورة بما في ذلك المطارات والموانئ البحرية والسكك الحديدية على تسهيل حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال، بالإضافة إلى ذلك تعد شبكات الاتصالات المتقدمة ضرورية للاتصال السلس وتبادل البيانات في الوقت الفعلي.
6- البيئة التنظيمية: حيث يعد وجود نظام مالي شفاف وجيد التنظيم أمر حيوي لنجاح المراكز المالية وتساعد الأطر التنظيمية القوية في الحفاظ على سلامة السوق وحماية المستثمرين وضمان المنافسة العادلة.
اقرأ أيضاًانطلاق فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بجامعة القاهرة
رئيس الوزراء يتفقد جناح «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» بمعرض القاهرة الدولي للكتاب
رئيس جامعة مطروح يستقبل وفد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاستثمار الاقتصاد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الاستقرار الاقتصادي القطاع المالي الخدمات المالية شركات التكنولوجيا المالية السياسات الضريبية البيئة التنظيمية الابتكار والتكنولوجيا القوى العاملة الماهرة مركز القاهرة المالي الدولي مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المؤسسات المالیة الدولیة التمویل الدولیة الخدمات المالیة من التکنولوجیا التمویل الدولی هذه المراکز فی الاقتصاد المالیة فی فی البلدان فی المراکز رأس المال کما تعمل ا حاسم ا مقارن ة من خلال
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء يطلق واحدة من أكبر إصداراته في مجال المستقبليات
أطلق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أحدث تقاريره المستقبلية بعنوان اتجاهات عالمية.. فرص محلية، وتعد واحدة من أكبر إصداراته في مجال المستقبليات، وذلك في إطار جهود المركز لاستشراف المستقبل وتحليل الاتجاهات العالمية الكبرى وتقييم انعكاساتها المحتملة على المشهد المحلي، بالصورة التي تدعم متخذ القرار والمستثمرين فيما يتعلق باستغلال الفرص المتاحة ودعم مسار التنمية المستدامة في مصر.
وأوضح المركز أن التقرير يعد مرجعًا شاملًا في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، وتنامي الحاجة إلى مواكبة التحولات الكبرى في مختلف القطاعات، حيث يقدم تحليلاً معمقًا لعوامل التغيير العالمية ويبرز الفرص الاستثمارية الواعدة في 10 قطاعات استراتيجية لمصر، مستفيدًا من أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي، والمنهجيات البحثية المتقدمة، والتجارب الدولية الرائدة في مجال التخطيط المستقبلي.
وأشار إلى أن مفهوم الاتجاهات الكبرى يشكل إطارًا تحليليًا أساسيًا لهذا التقرير، ويُنظر إليه على أنه قوى دافعة تشكل مستقبل المجتمعات والشعوب وتتنوع هذه الاتجاهات لتشمل التغيرات التكنولوجية، والتحولات الديمغرافية، والتغيرات المناخية، والعولمة، وغيرها، حيث يعتمد التقرير على استشراف هذه الاتجاهات العالمية الكبرى وتقييم تأثيرها على المشهد المحلي في فصول متتابعة يتم تناول كل اتجاه كبير منها على حده، وتقييم تأثيره في الاقتصاد المصري، كما يتم تحديد الفرص الاستثمارية المتاحة في كل قطاع وتقديم توصيات بشأنها لصناع القرار والمستثمرين.
كما يهدف التقرير إلى استكشاف الآفاق المستقبلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة في ظل المتغيرات العالمية والمحلية، حيث تم بناء التقرير على منهجية بحثية متكاملة تتضمن جمع وتحليل بيانات واسعة من مصادر متنوعة بما في ذلك التقارير البحثية والدراسات الاستقصائية، حيث تم جمع وتحليل نحو 723 دراسة وتقريرًا صادرًا عن جهات بحثية محلية وعالمية مرموقة بالإضافة إلى التقارير الدورية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وعدد من الوكالات الإخبارية ومؤسسات التصنيف العالمية الشهيرة.
ولفت إلى أن التقرير اعتمد على منهجية بحثية متقدمة للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، حيث تم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على تحليل كم هائل من البيانات، وقد مكَّن هذا النهج من استخلاص رؤى قيمة حول الاتجاهات المستقبلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة، وتحديد الفرص الاستثمارية التي يمكن للدولة المصرية استخدامها لتحقيق التنمية المستدامة.
وأسفرت نتائج هذا التحليل المعمق عن اكتشاف عدد من الفرص الواعدة لتعزيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل مما يفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة، وتم توزيع تلك الفرص المستخلصة عبر 10 قطاعات من واقع منظومة الحسابات القومية، وتم تنقيح ودراسة الفرص المستخلصة من قبل الذكاء الاصطناعي عبر الاعتماد على إشراك الخبراء والمتخصصين، من خلال عقد 10 ورش عمل، وحلقات نقاشية ووبينار، بحضور نحو 80 خبيرًا وصاحب رأي، بالإضافة إلى عقد عدد من الورش الداخلية للباحثين داخل المركز لإشراكهم في تبادل الأفكار والآراء، كما تم إجراء استبيان عبر الإنترنت لاستطلاع آراء مجموعة من الخبراء وذوي الرأي والمفكرين.
ونوه بأنه تم مسح عدد من التجارب الدولية في مجال التخطيط الاستراتيجي المستقبلي، ومنها تجربة دولة "فنلندا"، فعلى سبيل المثال يُصدر تقرير "مستقبل فنلندا" كل 5 سنوات وذلك لضمان استشراف التحديات والفرص المستقبلية، ويتميز هذا التقرير بمشاركة واسعة من مختلف شرائح المجتمع بمن في ذلك الشباب والمفكرون والخبراء مما يضمن شمولية الرؤية المستقبلية، وركزت الإصدارات الأخيرة من تقرير مستقبل فنلندا على تحليل عميق للتغيرات التكنولوجية والديموغرافية التي تشهدها البلاد، حيث يتوقع أن تشكل هذه التغيرات تأثيرات عميقة في مختلف جوانب الحياة في فنلندا.
وبين أنه تم الاطلاع على تقارير حالة نيوزيلندا، وهي سلسلة من الدراسات التحليلية التي تصدرها مؤسسة ديلويت العالمية، تهدف إلى تقديم رؤية شاملة عن التطورات الحالية والمستقبلية في نيوزيلندا، وتركز بشكل خاص على دور الدولة في مواجهة التحديات والفرص التي تبرز في المشهد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد، وتسعى إلى توقع التغيرات التي قد تحدث في نيوزيلندا بالمستقبل القريب والبعيد وذلك من خلال تحليل الاتجاهات العالمية والإقليمية المؤثرة.
وذكر أن تقرير (50 فرصة عالمية) الصادر عن مؤسسة دبي المستقبل مثل إحدى التجارب، والذي قدم رؤية مؤسسة دبي حول مستقبل العالم عبر 50 فرصة واعدة وملهمة لتحقيق مستويات جديدة من النمو والازدهار وجودة الحياة، وبعض الفرص التي يستعرضها التقرير قد تكون في مراحل الاستكشاف المبكرة وبعضها قد يشكل مصدر إلهام للمزيد من الرؤى المتعمقة.
واستعرض المركز من خلال التقرير أبرز الفرص المستقبلية أمام الدولة المصرية في 10 قطاعات واعدة منها الزراعة، الصناعة، النقل واللوجستيات، الاقتصاد الأخضر، الطاقة والتعدين، السياحة، والذكاء الاصطناعي.
كما استعرض التقرير مفهوم الاتجاهات العالمية الكبرى، مشيراً إلى 15 توجهًا عالميًا ستسهم في تغيير شكل المستقبل منها على سبيل المثال (العولمة، النمو السكاني، التغير المناخي، التركيز على الصحة، التحضر، الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية)، مضيفاً أنه يمكن لمصر من خلال تبني هذه الاتجاهات أن تلعب دورًا محوريًا في صياغة المستقبل وأن تحقق تنمية مستدامة وشاملة، مؤكداً أن الاتجاهات الكبرى تشكل خارطة طريق لمستقبلنا ودراستها تعتبر أمرًا بالغ الأهمية لفهم عالمنا المتغير والتخطيط لمستقبل أفضل، فهي القوى الدافعة التي تشكل مجتمعاتنا واقتصاداتنا وتقنياتنا ومن خلال فهم القوى التي تشكل العالم يمكن اتخاذ قرارات أكثر استنارة وبناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا، ويمكننا الاستعداد للتغيرات المستقبلية وتحديد الفرص الجديدة وتجنب المخاطر المحتملة، ولا تقتصر أهمية دراسة الاتجاهات الكبرى على المستوى الاستراتيجي فحسب بل تمتد لتشكل الأفراد.
وأكد التقرير أن القدرة على التنبؤ بالمستقبل بدقة كاملة أمر مستحيل، ولكن يجب تطوير قدراتنا على التحليل والاستشراف من خلال (الاستثمار في البحث والتطوير وتشجيع التفكير النقدي والإبداعي، وبناء شبكات تعاون من خلال التعاون مع الخبراء والباحثين والمؤسسات الأخرى، وتبني ثقافة التعلم المستمر من خلال مواكبة التطورات والتغيرات المستمرة)، بحيث يمكننا اتخاذ قرارات أكثر استنارة وبناء مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة.
اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء يستعرض أبرز نتائج استطلاعات مراكز الفكر والاستطلاعات العالمية
معلومات الوزراء يستعرض السيناريوهات العالمية للقضاء على التلوث البلاستيكي بحلول 2040
مستقبل قطاع البناء في مصر.. معلومات الوزراء يستعرض توقعات شركة BMI التابعة لوكالة فيتش