الجزيرة:
2025-03-12@11:43:36 GMT

ماذا نعرف عن خطط إسرائيل الوحشية القادمة؟

تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT

ماذا نعرف عن خطط إسرائيل الوحشية القادمة؟

قُتل يحيى السنوار شهيدًا في ساحة الميدان، مشتبكًا مقبلًا غير مدبر، فكان موته غصة في حلق الاحتلال وقادته، بعد أن حرمهم صورة النصر في مماته، ودمّر ردعهم في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأهان كبرياء جيشهم الذي لا يُقهر.

كان في حياته كما في مماته سببًا في تدمير الصورة النمطية لإسرائيل الأسطورة، ونموذجًا لقدرة الإنسان على قهر المادة المتوحشة بإرادته وحبّه للحرية والخلاص، كاسرًا حدود العجز والاستلاب للمعايير المادية التي صنعتها الثقافة الغربية.

رحل السنوار، وغزة ما زالت تقاتل بعد عام مضى من التدمير والقَتل الوحشي، وما زالت معالم الصمود ومعارك الشرف والحرية تملأ الميادين في غزة.

شهية التصعيد

يظن المحتلون بقتلهم السنوار أنهم أصبحوا أقرب للنصر والحسم، ولا يدرك قادتهم الفاشيون مجرمو الحرب، أن قيمة الشهادة عند العرب والمسلمين هي وسم إلهي لا يحظى به إلا الصفوة. ورغم حزن الناس وألمهم الإنساني، فإنهم يرون في الشهادة منارة ودافعًا للتقدم لا التراجع، وأن للشهيد أمانة تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل.

سوء فهم الاحتلال لقيمة الشهادة وأثرها في نفوس المقاتلين والشعوب التوّاقة إلى الحرية قد يدفع أمثال بنيامين نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف في إسرائيل إلى الشعور بالنشوة والاقتراب من تحقيق النصر.

وقد يشكل لهم ذلك دافعًا أكبر لرفع سقفهم السياسي مع الفلسطينيين، بتطلعهم لاحتلال قطاع غزة وضم الضفة الغربية وتهويد القدس والمسجد الأقصى، وإغلاق كافة أبواب التفاوض والمسارات السياسية التي يمكن أن توقف الحرب والعدوان على الضفة وغزة.

في ذات السياق، قد يحرّضهم سوء التقدير أيضًا على السعي لتغيير المعادلة مع وفي لبنان بعد تمكّنهم من اغتيال السيد حسن نصر الله، وعدد من قيادات الحزب الوازنة. فينتقلون من هدف إعادة النازحين المستوطنين إلى شمال فلسطين، إلى المطالبة بتغيير الخارطة السياسية اللبنانية الداخلية، بملء الفراغ السياسي المبني على الحسم العسكري المتخيل مع حزب الله، إما بنزع سلاحه كليًا أو إجباره على الانسحاب من جنوب نهر الليطاني بعد تدمير قدراته وإمكاناته العسكرية، والإضرار ببيئته الشعبية.

وعليه، فإن إسرائيل تزداد شهوتها واندفاعتها نحو التصعيد العسكري مع غزة ولبنان ومع إيران واليمن والمقاومة الإسلامية في العراق، حتى وصول الرئيس الأميركي الجديد إلى البيت الأبيض واستلامه السلطة في الشهر الأول من العام القادم 2025. إسرائيل تسعى لإنجاز ما يمكن إنجازه وفرض واقع جديد على أية إدارة أميركية جديدة، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية.
فإذا كانت كامالا هاريس، الديمقراطية، سيدة البيت الأبيض، فلا يُعتقد أنها ستبدأ ولايتها بالتصادم مع إسرائيل، وقد تلجأ إلى نهج الرئيس بايدن مع بعض التغييرات الشكلية لتحقيق أهداف إسرائيل بالسيطرة على الضفة وغزة عبر آليات سياسية مبنية على ما أنجزه الاحتلال عسكريًا، لا سيّما أن السلطة الفلسطينية مستسلمة للأمر الواقع.

أما إذا وصل الجمهوري دونالد ترامب إلى الرئاسة، فليس مستبعدًا أن يعمل على تحقيق حلم إسرائيل بتوسيع حدودها الجغرافية خارج فلسطين التاريخية، خاصة أنه أشار سابقًا إلى صغر دولة إسرائيل جغرافيًا، مبديًا تعاطفه معها لتوسيع حدودها.

وهذا يتقاطع مع تطلعات اليمين الصهيوني المتطرف بقيادة نتنياهو وحلفائه، مثل وزير الأمن القومي بن غفير ووزير المالية سموتريتش الذي ظهر في فرنسا، مارس/ آذار 2023، بخارطة لإسرائيل تضم فلسطين والأردن، ما أثار حفيظة الأردن، وأصدرت وزارة الخارجية الأردنية بيانًا شديد اللهجة اعتراضًا على وقاحة الوزير المتطرف.

خيارات الاحتلال يعزّزها أو يضعفها قدرة اليمين المتطرف على تحقيق إنجازات عسكرية ميدانية في فلسطين ولبنان والمنطقة قبل وصول الرئيس الأميركي الجديد إلى البيت الأبيض.

فهم يسعون إلى فرض واقع بالقوة العسكرية المفرطة على العرب، ودفع أية إدارة أميركية قادمة إلى التعامل مع ما تم إنجازه، وهو ليس بغريب عن ثقافة "الكاوبوي" الأميركية التي تؤمن بالقوة كصانعة للمعادلات السياسية.

يُرجّح أن إسرائيل بقيادة نتنياهو واليمين المتطرف سيعملون خلال الأشهر القادمة على حسم الصراع عسكريًا مع حماس وحزب الله لإقناع الإدارة الأميركية الجديدة بتبني رؤية إسرائيل باحتلال غزة وضم الضفة، وحتى السيطرة على جنوب لبنان إن استطاعوا.

مغادرة مربع الصمت

هذا الواقع يفرض على الفلسطينيين واللبنانيين والعرب كأمة الوقوف موحدين بقوة في مواجهة إسرائيل؛ لأنها تمثل خطرًا مؤكدًا يهدد فلسطين والمنطقة ومصالح شعوبها. ومن يظن أن الأزمة تتعلق بفلسطين وحدها، وأنه في مأمن من نارها، فهو واهم. فإسرائيل كانت وستبقى مشروعًا استعماريًا غربيًا قائمًا على مصالح العرب، ولن تتوانى في التوسّع جغرافيًا ما دامت ترى الضعف والانقسام في صفوف العرب، أنظمة وشعوبًا، وهو الضعف الذي شجعها على ارتكاب إبادة جماعية في غزة دون رادع أو خشية.

الإدارة الأميركية، كما أغلب الأنظمة الغربية، تؤمن بمبدأ القوة ناظمًا للعملية السياسية ومخرجاتها. والتجربة في غزة أكبر شاهد على ذلك، حيث تم تحييد العالم والمنظومة الدولية ممثلة في الأمم المتحدة، وتغييب دور الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لصالح فكرة الحسم بالقوة العسكرية دون اكتراث بالإنسان.

ما دامت واشنطن ترى في تغييب الأنظمة والأمة العربية عن دورها السياسي والأخلاقي أمرًا ممكنًا، فليس مستبعدًا أن تعمل أية إدارة أميركية جديدة على تحقيق طموح إسرائيل في التوسع والسيطرة. فمن فرض إسرائيل عام 1948، والعرب فيهم عافية ولو محدودة، لن يتوانى عن فرض إسرائيل الكبرى ما دام أن العرب في فرقة وانقسام وانكفاء على الذات القُطرية التي صنعها الاستعمار.

الأقوياء الذين يتسمون بالتوحش والأنانية لا يُراهَن على قيمهم وإنسانيتهم؛ لأن قوتهم قائمة على امتصاص دماء الشعوب وخيراتها. ومجدهم مبني على التوسع والسيطرة، وإسرائيل نموذج لهذا النمط من القوى، فهي رأس جسر وحربة لمشروع غربي استعماري لاهوتي مصمم لنهش جسد المنطقة وسلب خيراتها.

إن استمرار الصمت العربي والتظاهر بعدم الاكتراث واستمرار الخذلان الذي عاشته غزة قد يفتح شهية إسرائيل على مزيد من الهيمنة الاستعمارية بدعم أميركي غربي، ما يجعل الحاجة ملحة لمغادرة مربع الصمت والخذلان والأنا القُطرية، حماية لفلسطين والقدس والأقصى، وحماية للأمة العربية ومقدراتها. فإسرائيل أصبحت تلعب على المكشوف دون كوابح، متجاوزة بذلك كل القوانين والأعراف والقيم السياسية والأخلاقية عبر قوّتها المتوحشة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

كيف قادت الكراهية سياسيا هولنديا من اليمين المتطرف إلى الإسلام؟

وفي حوار مع برنامج "المقابلة"، كشف كلافيرين عن تفاصيل رحلته من التشدد اليميني إلى البحث الروحي، مُرجعا تحوّله إلى "إجابات منطقية" وجدها في الإسلام وسط صراع مع العلمانية الأوروبية.

وُلد كلافيرين عام 1979 في أمستردام لعائلة بروتستانتية متشددة، حيث كان والده مساعدا في الكنيسة، وتلقى تربية دينية صارمة تشمل الصلاة قبل وبعد الوجبات، وقراءة الكتاب المقدس يوميا.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كلما حرقوا مصحفا وزعنا ألفا.. هكذا يدافع يميني هولندي سابق عن الإسلامlist 2 of 4اليمين المتطرف بأوروبا بين دعم أجندة ترامب وتحفظ حذر من سياساتهlist 3 of 4زعيم هولندي متطرف يدافع عن الإبادة الجماعية في غزةlist 4 of 4اليميني الهولندي خيرت فيلدرز يتعهد بدعم إسرائيلend of list

وفي هذا السياق، يقول كلافيرين "كنا نذهب إلى الكنيسة كل أحد، وكان جدي يُشدد على أهمية الحفاظ على التقاليد المسيحية في مواجهة التهديدات الخارجية".

درس الفلسفة والعلوم الاجتماعية، وتأثر بأحداث 11 سبتمبر 2001، التي عززت لديه صورة الإسلام كـ"إيديولوجيا عنيفة".

وفي عام 2004، تفاقمت كراهيته بعد اغتيال المخرج الهولندي ثيو فان غوخ على يد متطرف إسلامي، مما دفعه للانخراط في السياسة كـ"دفاع عن المسيحية".

ذراع فيلدرز اليمنى

وانضم كلافيرين إلى حزب "الحرية" اليميني المتطرف عام 2010، ليصبح نائبا في البرلمان والذراع الأيمن لزعيم الحزب خيرت فيلدرز، وخلال تلك الفترة، قاد حملات عنيفة ضد المسلمين، داعيا إلى حظر المدارس الإسلامية، وإغلاق المساجد، وفرض ضرائب على الحجاب، كما وصف القرآن بأنه "كتاب سموم".

إعلان

لكن شراكته مع فيلدرز انهارت عام 2014، بعد رفض الأخير تعديل خطاب الحزب ليفصل بين معاداة الإسلام ومعاداة المهاجرين، وفي ذلك يقول كلافيرين: "طلبت منهم التركيز على الإسلام كدين، لا على المغاربة أو الأتراك، لكنهم رفضوا.. غادرت الحزب لأنني أدركت أن كراهيتهم شمولية".

وبدأت نقطة تحول كلافيرين عام 2014، عندما شرع في تأليف كتاب ضد الإسلام، لكن بحثه قاده إلى مفاجآت غير متوقعة، ويقول في ذلك: "قرأت سيرة النبي محمد (عليه السلام) من مصادر إسلامية، مثل كتاب حياة محمد لمارتن لينجز، واكتشفت إنسانا غفر لقاتل عمه حمزة، وحافظ على أخلاقه حتى في الحرب".

وأثناء كتابته، عادت إليه أسئلته الطفولية عن الثالوث المسيحي، التي لم يجد إجابات مقنعة لها من رجال الدين، فيقول: "سألت كهنة بروتستانت وكاثوليك عن كيفية الجمع بين الأب والابن والروح القدس، فكانت إجاباتهم غامضة.. بينما وجدت في التوحيد الإسلامي بساطة منطقية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلن كلافيرين إسلامه خلال عشاء مع ناشري كتابه الجديد "من المسيحية إلى الإسلام"، حيث نطق الشهادتين أمام جمع من الأئمة والصحفيين.

وخلال تذكره لهذه اللحظة الحاسمة، يحكي كلافيرين "بينما كنت أرتب كتبي، سقط القرآن مفتوحا على آية: "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ"، وشعرت حينها أن المشكلة كانت في قلبي، لا في عقلي".

ردود فعل عنيفة

وكانت ردود الفعل عنيفة، حيث تلقى أكثر من ألفي تهديد بالقتل، ووصفه فيلدرز بسخرية بـ"النباتي الذي يعمل في مسلخ"، وحتى زوجته المسيحية تفاجأت، لكنها تقبلت الأمر بشرط ألا يؤثر على تربية أطفالهما، الذين بدؤوا يسألون عن الإسلام مؤخرا.

ويرى كلافيرين أن تحوله يعكس أزمة الهوية في أوروبا، حيث تدفع العلمانية المتطرفة الشباب إلى البحث عن إجابات روحية.

إعلان

وفي كتابه، يشير إلى أن الإسلام قد يصبح "الدين الرئيسي" في القارة خلال عقود، رغم كونه أقلية الآن، قائلا: "العلمانية تريد محو الله، لكن الفراغ الروحي سيدفع الناس نحو الإسلام، فهو الوحيد الذي يقدم إجابات واضحة".

وينشط كلافيرين مؤخرا في الدعوة عبر منظمة "تجربة الإسلام"، التي تستخدم الواقع الافتراضي لتعريف الأوروبيين بالدين، مستهدفين 20 ألف مشارك.

ويقول السياسي الهولندي السابق "كنت أزرع الكراهية، والآن أسعى لإصلاح ما دمّرته. الإسلام وحّد قلبي وعقلي، وهذا مصدر سعادتي".

9/3/2025

مقالات مشابهة

  • ضمان العدالة وكشف الحقيقة في التحولات الحرجة.. ماذا نعرف عن لجنة تقصي الحقائق المستقلة السورية؟
  • غموض يكتنف وفاة رجل أمام مسجد في القليوبية.. والأهالي: لا نعرف له أهلًا
  • أستاذ العلوم السياسية: إسرائيل توظف الفوضى في سوريا لتحقيق أهدافها
  • ماذا نعرف عن الاتفاق الذي ينص على اندماج قسد ضمن مؤسسات الدولة في سوريا
  • جديد قضية الجندي اللبناني الأسير لدى إسرائيل.. ماذا سيجري خلال ساعات؟
  • محللان: إسرائيل تخشى المخرجات السياسية لمفاوضات واشنطن وحماس المباشرة
  • ترامب: الرسوم الجمركية ستجعلنا أغنياء ولا نعرف كيف ننفق كل هذه الأموال
  • كيف قادت الكراهية سياسيا هولنديا من اليمين المتطرف إلى الإسلام؟
  • وسط اتهامات لحزب الله| انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة إسرائيل.. ماذا يحدث؟
  • سموتريتش: خطة ترامب لتهجير سكان غزة تتبلور