المنطقة في قلب الحرب العالمية الثالثة
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
ابتهج أركان الإدارة الأميركية، وفي مقدمتهم جو بايدن، حين تأكدوا من حقيقة استشهاد رئيس المكتب السياسي، وقائد «طوفان الأقصى» يحيى السنوار.
ربّما تجاوزت تعبيرات الفرح لدى إدارة بايدن، الاحتفالية الإسرائيلية التي عكّرتها طبيعة الحدث.
كانت المستويات السياسية والعسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية تتمنّى أن يتمّ القبض على السنوار حيّاً، أو أن يكون قتله نتيجة معلومات استخبارية مؤكّدة، أو على الأقلّ ما يعزّز الادعاءات الإسرائيلية المتكرّرة، بأنّه يتخذ من المدنيين درعاً.
أحبط الشهيد الكبير «أبو إبراهيم» كل تلك التوقعات، حين سقط بجانب اثنين من مقاتليه، وهو في حالة اشتباك ومقاومة، من فوق الأرض، فكان هو البطل الاستثنائي.
الأميركيون وغيرهم من حلفاء دولة الاحتلال وشركائها، رفعوا فوراً سقوف التفاؤل، بأنّ استشهاد السنوار، يشكّل مرحلة جديدة، تفتح على إمكانية العودة إلى مسار المفاوضات، من أجل وقف الحرب الإبادية الجماعية والهمجية، وتدفّق المواد الإغاثية لقطاع غزة، واستعادة المحتجزين لدى المقاومة.
يعتقد هؤلاء المطبّلون بأنّ غياب السنوار عن المشهد، سيعطي نتنياهو السبب لإعلان الانتصار، لكنه بخلاف الجميع، أعلن أنّ الحرب لم تنتهِ بعد، ولاحقاً بأنّه سيواصل حرب الانبعاث، لتحقيق كل الأهداف.
كل الأهداف بالنسبة لنتنياهو وفريقه، تتجاوز حدود التخلّص من التهديد جنوباً وشمالاً، تتجاوز مهمة استعادة المحتجزين، أو عودة سكّان الشمال والجنوب إلى مستوطناتهم إلى ما قال وكرّر من أنّه يستهدف تغيير خارطة الشرق الأوسط، وتوسيع مساحة دولته.
إن كان من موقع التفاؤل بإمكانية تغيير مسارات الحرب الإبادية، أو تواطؤاً مع نتنياهو وفريقه، سارع بايدن بالإعلان عن عزمه إرسال وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى المنطقة مطلع هذا الأسبوع، وممثّله الخاص آموس هوكشتاين إلى لبنان.
هذا التحرّك، في أقلّ التقديرات يعطي دولة الاحتلال المزيد من الوقت لمواصلة حربها الدموية، من خلال استنزاف الوقت، في مفاوضات عبثية تماماً كما فعل بايدن حين أعطى نتنياهو فرصة شهر لإكمال مخطّطه للإبادة الجماعية والتهجير القسري تحت النار لسكان شمال القطاع.
وفق إعلانات أميركية، فإنّ هوكشتاين سيتابع مهمته في لبنان وفق أفكار جديدة على رأسها إجراء تعديلات على القرار الأممي 1701، الذي يتمسّك به اللبنانيون، وتتنصّل منه الدولة العبرية.
لكأنّ الأفكار التي يحملها هوكشتاين، تعتمد على أنّ لبنان و»حزب الله» قد بات في موقف ضعيف جداً، بعد كل ما أصابه، بما يجعله أقرب إلى الاستسلام، واستجداء الحلول السياسية.
بعد الغصّة التي انتابت نتنياهو وفريقه، من الطريقة التي تمّ خلالها استشهاد السنوار، بما ينطوي عليه ذلك من فشل استخباري ليس فقط لأجهزة الأمن الإسرائيلية وإنّما لشركائها الأميركيين والبريطانيين الذين تجنّدوا للمساعدة ولفترة طويلة في البحث عن السنوار، وقع فشل استخباري آخر خطير.
فقد وصلت مسيرة «حزب الله» إلى مكان إقامة نتنياهو، بالرغم من الاستنفار الكامل كل الوقت لأجهزة الاستشعار والدفاعات الجوية والطائرات.
ما يضاعف خطورة وصول المسيّرة إلى المقر في قيساريا هو أنّ المنطقة تحظى بإجراءات أمنية خاصة وأنّها من أكثر الأماكن أمناً، ما يعني أنّ الحزب يمتلك من الإمكانيات والوسائل الاستخبارية، والعملياتية، ما يجعله قادراً على استهداف أي موقع محصّن في دولة الاحتلال.
وبينما تتابع الإدارة الأميركية التحرّك بدوافع تفاؤلية، يتحدث نتنياهو وفريقه، و»المعارضة» عن أنّ إيران هي المسؤولة عن هذا الحدث، وأنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وعليها أن تنتظر رداً أكثر وأشدّ قسوة.
الإدارة الأميركية التي أعلنت وسواها، أنّ العالم سيكون أكثر أمناً بعد غياب السنوار، وحاولت ولا تزال منع توسّع الحرب إلى الإقليم وبأنّها اتفقت مع نتنياهو على طبيعة الرد الإسرائيلي بما لا يؤدّي إلى توسيع الحرب، يترتّب عليها أن تعيد حساباتها من جديد.
في كلّ الأحوال، لن تنفع كلّ محاولات بايدن، أو وزيري خارجيته وجيشه، ومحاولات مستشاريه في أن تقنع نتنياهو بأن يستمر في تعهداته السابقة بشأن طبيعة الردّ الإسرائيلي المرتقب على إيران بينما هو يضمن انخراط الجيوش الأميركية في عمليات الدفاع عن كيانه.
في الأساس ثمة شكوك في أن نتنياهو كان سيلتزم بأن تكون حدود الردّ على إيران، وفق الحسابات الأميركية السابقة، فهو كل الوقت ومنذ زمنٍ بعيد يحلم بأن تتوفّر له الفرصة لضرب المشروع النووي الإيراني.
بعد استهداف مقرّ إقامته، توفّرت له الذرائع لكي يذهب بعيداً في الردّ على إيران، وتحقيق حلمه، دون أيّ اعتبار لما تريده أو تراه واشنطن والحلفاء «الغربيون»، الذين سيواصلون الوقوف خلفه مهما كانت الظروف والتداعيات.
من الواضح أنّه لم يعد بعد ثمّة وقت طويل أمام إمكانية أن تبادر دولة الاحتلال بتوجيه ضربات ذات أبعاد إستراتيجية ضد إيران سواء أكان برنامجها النووي أو منشآتها النفطية، وربما الهدفين معاً وأكثر، خاصة أنّ التحضير لمثل هذا العدوان يحتاج إلى مراجعة التحضيرات، والخطط العملياتية.
لا يهتمّ نتنياهو للتداعيات إن كان على مستوى المنطقة والإقليم أو على مستوى الوضع الدولي، الذي سيشهد حالة من الاضطراب الشديد، أمنياً وعسكرياً واقتصادياً.
إذا كان العرب حتى الآن لم يستدركوا طبيعة الحرب الإجرامية التي يقودها نتنياهو وفريقه ومساندوه، واستمروا في تغييب وزنهم ودورهم في التأثير على مجريات الحرب وتداعياتها وآفاقها وأهدافها، فإنّ توسّع دائرتها، قد تضاعف من اهتمامات الصين وروسيا، للانخراط أكثر في الصراع انطلاقاً من مصالحهم.
ما يسعى إليه نتنياهو، باعتباره الفرقة المتقدمة للنظام الرأسمالي العالمي، يشكّل من دون كثير نقاش، وشكوك، إلى أنّ ما يجري في المنطقة وما ينتظرها، هو فصل أساسي في الحرب العالمية الثالثة التي تستهدف تغيير أو الإبقاء على، وتعزيز سيطرة النظام الدولي القائم منذ عقود.
في هذه الحرب، العرب هم الضحايا، الذين لا يترك لهم نتنياهو وفريقه مجالاً للبقاء في المساحة الرمادية، والاستمرار في حالة التواطؤ والصمت والتخاذل، ولذلك فإنّ التأخّر في حسم القرار والوجهة، سيكبّدهم أثماناً مجّانية باهظة، كان بمقدورهم أن يتجنّبوا دفعها لو أنّهم منذ البداية استثمروا وزنهم، في اتجاه وقف الحرب، وكان بإمكانهم أن يفعلوا.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السنوار الفلسطينية فلسطين هنية السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نتنیاهو وفریقه دولة الاحتلال
إقرأ أيضاً:
تأكيدا لموقف أُعلن منذ بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
سلمت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الأسيرات الإسرائيليات المفرج عنهن ضمن صفقة التبادل واتفاق وقف إطلاق النار، شهادات تتضمن قرارات بالإفراج، وهو ما يعكس الموقف الذي أكدته كتائب القسام طوال شهور الإبادة بأن أسرى الاحتلال لن يفرج عنهم تحت النار وأن ذلك لن يتم سوى بقرار منها.
وبثت "كتائب القسام" مشاهد مصورة من تسليم الدفعة الأولى من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، ضمن المرحلة الأولى، وظهر فيها عملية تسليم هدايا تذكارية وقرارات إفراج.
وتأتي هذه الخطوة لتشابه ما كان حكرا على الاحتلال الإسرائيلي بإصدار شهادات إفراج للأسرى الفلسطينيين بعد عناء طويل ليتعمد إذلالهم بالإجراءات الإدارية أو القضائية طويلة الأمد.
وعن هذا، علق الصحفي الفلسطيني صهيب العصا، قائلا: "لهذه الورقة وقع كبير في نفوس الأسرى الفلسطينيين على مدى سنوات طويلة؛ ينتظر الأسير شهورا وسنوات للحصول على ورقة من بضعة سطور بالعبرية عنوانها قرار إفراج".
"قرار الإفراج"
لهذه الورقة وقع كبير في نفوس الأسرى الفلسطينيين على مدى سنوات طويلة؛ ينتظر الأسير شهورا وسنوات للحصول على ورقة من بضعة سطور بالعبرية عنوانها "قرار إفراج"
تهتم المقاومة بالتفاصيل وتسلم الأسرى الإسرائيليين "قرار الإفراج".. قرار من المقاومة pic.twitter.com/9R9clbUPJo — صُهيب العصا | SUHEIB ALASSA (@SuAlassa) January 19, 2025
وترمز ورقة الإفراج التي أصدرتها المقاومة إلى النهاية القانونية لفترة الأسر والتأكيد على أن مصير الأسرى بيد المقاومة وحدها وهو ما يعزز موقفها في ميدان المفاوضات بعد فشل الاحتلال طوال 15 شهرا من إنهاء ملف الأسرى الإسرائيليين.
وحظيت خطوة كتائب القسام بتفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، فقال حساب باسم طارق: "القسام معطي الأسيرات شهادات تخرّج اللي فكر بالموضوع فنان أقسم بالله".
القسام معطي الأسيرات شهادات تخرّج
اللي فكر بالموضوع فنان اقسم بالله ???????????????? pic.twitter.com/LlLDjeC4Dh — طارق العرموطي (@tareq_alarmouti) January 19, 2025
وقال حساب آخر يحمل اسم محمود: "الأسرى يبدو أنهم منحوهم شهادات بالشرف الذي نالوه وكذلك صورا تذكارية".
الأسرى...
يبدو انهم منحوهم شهادات بالشرف الذي نالوه وكذلك صور تذكارية...
???? وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
اللَّهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرًا رَشدًا… pic.twitter.com/dfow8QxLM8 — مَحْمُودْ سَالِمْ الْجِنْدِي (@DrMahmoudSalemE) January 19, 2025
أبو سمير عوامة: لو سمحتم هدوووء، أسيرات يوم السبت القادم عندهن امتحان فاينل ميداني، علشان يوخذن شهادة التخرج. pic.twitter.com/dlvfZ6KOGy — مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) January 20, 2025
فيما قالت بسمة: "طب وربنا اللي عمل الشهادات دي دماغه عاليه ومتكلفه.. شهادات تخريج الاسيرات حُسن سير وسلوك".
طب وربنا اللي عمل الشهادات دي دماغه عاليه ومتكلفه.. شهادات تخريج الاسيرات
حُسن سير وسلوك ????????✌️????#الاسيرات_الثلاث pic.twitter.com/D9BjBWgMvq — بسمه حمزه (@BsmhHmzh10734) January 19, 2025
وقال حساب يحمل اسم تامر: "صاحب الفكرة مطلوب للعالم، تخيل أنه بفضل تلك الفكرة، استطاع جذب جميع وسائل الإعلام العربية، والغربية، والعبرية إلى مشهد ابتسامة الأسيرات أثناء خروجهن من الأسر واستلامهن شهادات التخرج".
صاحب الفكرة مطلوب للعالم.
تخيل أنه بفضل تلك الفكرة، استطاع جذب جميع وسائل الإعلام العربية، والغربية، والعبرية إلى مشهد ابتسامة الأسيرات أثناء خروجهن من الأسر واستلامهن شهادات التخرج.
أضفى جاذبية جديدة ومثيرة للفيديو، ليكون مثالًا على التفكير خارج الصندوق pic.twitter.com/2dHWvQtwWC — Tamer | تامر (@tamerqdh) January 19, 2025
وتشمل الصفقة في مرحلتها الأولى تحرير 290 أسيرا من المحكومين بالمؤبد؛ وتضم أيضا جميع الأشبال والنساء وعددهم 95 شخصا، بينهم 87 أسيرة.
ويتألف الاتفاق من 3 مراحل، تبلغ مدة كل منها 42 يوما، وتشمل المرحلة الأولى الإفراج عن 33 إسرائيليا محتجزين في قطاع غزة من أصل 98، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، وذلك مقابل الإفراج بالمرحلة الأولى عن مئات الأسرى الفلسطينيين.
وتتضمن المرحلة الثانية من الاتفاق عودة الهدوء وتبادل المزيد من الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين، دون الكشف بالمرحلة الراهنة عن الأعداد من الطرفين، بالإضافة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة.
وتركز المرحلة الثالثة من الاتفاق على إعادة إعمار قطاع غزة على مدى 3 إلى 5 أعوام، وتبادل جثث ورفات الموتى والشهداء، وفتح جميع المعابر أمام حركة الأفراد والبضائع.